سميحة شتا يُمثل المسلحون الأجانب فى صفوف تنظيم «داعش» والجماعات الإرهابية مصدر قلق متزايد، ولا يزال التعامل مع مقاتلى «داعش» المعتقلين يمثل خلافا بين أمريكا وحلفائها، فى ظل تنامى المُطالبات الدولية بعودة المُقاتلين إلى بلادهم حيث طالبت الولايات المُتحدة دول أوروبا باستعادة مواطنيها الذين انضموا لتنظيم داعش وأسرهم. ورفضت عدد من الدول الأوروبية استعادة مواطنيها من داعش أو مُحاكمتهم على أراضيها، خوفًا من عدم وجود وسيلة موثوقة لمقاضاتهم، وأن تطلب المحاكم منح مقاتلى داعش السابقين حريتهم، وبالتالى تفرض عبئًا كبيرًا على أجهزة المخابرات، ومن أن يعود هؤلاء للقيام بعمليات إرهابية بعد عودتهم، فى ظل الأجواء المتوترة التى تعيشها الدول الأوروبية بعد تعرضها لعدد من الهجمات الإرهابية، كما أن الدول الأوروبية لديها تجارب سلبية مع عودة المُقالتين، فالعديد منهم بعد عودتهم أعلنوا توبتهم، لكنهم عادوا لتنفيذ العمليات الإرهابية لصالح التنظيم مرة أُخرى، فحتى الآن مُعظم الدول التى تواجه خطر عودة مُقاتليها الأجانب فى صفوف داعش غير قادرة على وضع استراتيجية مُحددة ومُتماسكة لمواجهة هذا التحدى. وكان وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن قد صرح خلال حضوره قمة التحالف الدولى ضد داعش، التى عُقدت فى روما الأسبوع الماضى، بأن استمرار احتجاز مقاتلى داعش السابقين فى المعسكرات العراقية والسورية أمر لا يمكن الدفاع عنه، ويجب إعادة المزيد منهم إلى بلدانهم الأصلية. رسالة بلينكن كانت موجهة فى المقام الأول إلى الفرنسيين والبريطانيين الذين يرفضون عودة هؤلاء المقاتلين حيث أشاد بلينكن بإيطاليا، كواحدة من دول أوروبا القليلة التى أعادت مواطنيها، وأشاد أيضًا بجهود دول آسيا الوسطى مثل كازاخستان، التى قال إنها أعادت 600 مقاتل وأفراد أسرهم ووضعتهم فى برامج إعادة التأهيل. وقد أكّد التحالف اعتقاده بأن هذا الجهد الشامل ضرورى لتحقيق هزيمة كاملة ودائمة لداعش فى جميع أنحاء العالم.. كما أكّد الوزراء عزمهم على عقد الاجتماع الوزارى الكامل القادم للتحالف الدولى فى إيطاليا بمجرد أن تسمح الظروف بذلك. يذكر أن قوات سوريا الديموقراطية تحتجز أكثر من 63 ألف امرأة وطفل من أفراد عائلات مقاتلين يشتبه بأنهم كانوا مع تنظيم «داعش» من أكثر من 60 بلدا فى مخيمين محاطين بأسلاك شائكة. وتم هزيمة التنظيم عسكريا فى 2017 لكنه مازال يتواجد منذ ذلك الحين فى أجزاء من شمال العراق ومنطقة حدودية مع سوريا. كان انقسام التحالف المكون من 83 دولة ضد داعش فى ظل رئاسة دونالد ترامب جزئياً بسبب قراره الأحادى الجانب بسحب القوات الأمريكية من سوريا، مما أضعف موقف الأكراد السوريين، وهو القرار الذى ألغاه جزئياً لاحقاً تحت ضغط من الحلفاء وجيش الولاياتالمتحدة. وكان لدى الولاياتالمتحدة عدد قليل نسبيًا من المواطنين الذين يسافرون إلى سوريا، لكنها تقول إنها أعادت 28 أمريكيًا تمت محاكمة عشرة منهم بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية.. وقد حذر وزير خارجية المملكة المتحدة، دومينيك راب، من أن داعش تعيد وضع نفسها فى إفريقيا فى أعقاب هزائمها العسكرية فى العراقوسوريا. وأعلن راب عن 12.6 مليون جنيه إسترلينى للمساعدة فى محاربة داعش فى حوض بحيرة تشاد، وسيتم استخدام الأموال لدعم العمليات العسكرية ضد داعش، وبرامج تشجيع المقاتلين على ترك الجماعة الإرهابية. ويقول التحالف إنه حرر 8 ملايين شخص من سيطرة داعش فى العراقوسوريا، لكن وزراء الخارجية تعرضوا لضغوط للاعتراف بأن التهديد الجهادى لا يزال قائماً بالشرق الأوسط،، ولذلك فإن استئناف داعش نشاطاته واستطاعته إعادة بناء شبكاته وقدراته لاستهداف قوات الأمن والمدنيين فى مناطق فى العراقوسوريا حيث لا ينشط التحالف، تتطلّب يقظة وتنسيقاً أقوى. ويشمل ذلك تخصيص الموارد الكافية لدعم جهود التحالف والقوى الشريكة الشرعية ضد داعش فى العراقوسوريا، بما فى ذلك دعم الاستقرار فى المناطق المحررة. ستبقى قضية المعتقلين الأجانب قائمة ومؤرقة للدول الأوربية، ومثيرة للتوتر فى علاقتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، وستضطر هذه الدول راضية أم مكرهة، للبحث عن حلول، لضمان عدم توتر العلاقة مع واشنطن وضمان عدم عودة «داعش» من جديد. فقضية عودة المُقاتلين الأجانب تُمثل تحدياً كبيراً، وقنبلة موقوتة للعديد من الدول الأوروبية، التى ترى فى عودتهم تهديداً صارخاً لأمنها، وفرصة لنشر الفكر المُتطرف أو تنفيذ العمليات الإرهابية الإجرامية. ومع هذه التحديات تمتلك الدول الأوروبية عدة خيارات: الخيار الأول يتمثل فى ترك هؤلاء المُقاتلين للمحاكمة فى الدول التى تحتجزهم، «الخيار الثانى» يتمثل فى منع عودة المقاتلين إلى بلدانهم الأصلية إما عن طريق سحب جنسيتهم أو الطعن فى وجود جنسيتهم الأولية، «الخيار الثالث» وهو أن تعترف الدول بحق هؤلاء المقاتلين فى العودة، مع تجنب الجهود الدولية التى تسهل من عملية العودة، «الخيار الرابع» يتمثل فى قبول عودة هؤلاء المُقاتلين إلى أوطانهم، وتقديمهم للمحاكمة، وتعزيز جهود مراقبة ومتابعة أنشطتهم، والعمل على برامج لتأهيلهم وإعادة دمجهم فى مجتمعاتهم.