بكين عامر تمام على مدار 6 أشهر حقق فيروس كورونا مبدأ العدالة المفقود في عالم اليوم، رغم كونها مساواة في الضرر، لكنها فضيلة غائبة، لم يحققها النظام العالمي الحالي، لا خيرا ولا شرا. لم يفرق الفيروس خلال انتشاره في ربوع المعمورة، بين غني وفقير، تنوعت الضحايا، اتسعت رقعة الانتشار، بداية من الدول السبع الكبار الغنية وصولا إلى دول القرن الأفريقي الفقيرة، من العملاق الصيني حتى مخيمات الروهينغا في بنجلاديش. بعد طول انتظار، زفت لنا البشارة؛ نتائج مبهرة للقاحات محتملة، التجارب السريرية وصلت المرحلة الأخيرة، لقاح صيني، سيطرح في الأسواق بنهاية العام الحالي، بالإضافة إلى لقاحات أخرى من أسترا زينيكا وجامعة أكسفورد ومودرنا وفايزر من المقرر أن يتاحوا في نفس التوقيت تقريبا. ما سبق خبر سار سعدنا به، لكن السؤال الحقيقي هنا، هل سيكون هناك ما يكفي من الجرعات لتوزيعها بشكل عادل ومنصف على كل الدول، وكذلك مدى قدرة الدول الفقيرة على توفير تكلفة شراء الجرعات لمواطنيها. لعل، أخطر ما يواجه الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل؛ اتفاقات ثنائية بين الدول الغنية وشركات إنتاج اللقاحات؛ تتعارض مع النهج الأخلاقي لتوزيع الجرعات، وتضفي الطابع القومي على هذه اللقاحات. هذه الاتفاقات الثنائية لا تخدم المصلحة العامة لدول العالم، ولا تحقق العدالة في توزيع اللقاح، هذا ما أكدت عليه تشونغ لي مدير الابتكار الاستراتيجي في مؤسسة جافي وهي شراكة عالمية صحية بين القطاعين العام والخاص أنشأتها مؤسسة بيل ومليندا جيتس، وقالت "إنه إذا سارعت الدول الغنية لعقد اتفاقات ثنائية من أجل الحصول على جرعات من لقاح كورونا، فإن ذلك ذلك سيقود حتما عدم قدرة الدول الفقيرة أو ذات الموارد المحدودة على الحصول على هذا اللقاح على أقل تقدير في وقت مبكر". واستطردت " هذا بالإضافة إلى تحديات أخرى تتمثل في جعل هذه اللقاحات بأسعار معقولة". قالت إن الأمر الأكثر أهمية هو كيفية دمج الاحتياجات الإجمالية لكل دول العالم، ودمج قدرة المنتجين على التنفيذ الكلي والتوزيع، وهو ما يكون أفضل من التعاون الثنائي والأحادي. التزامات دولية قادة كثر من دول العالم تحدثوا عن العدالة في توزيع اللقاح، الرئيس الصيني والمستشارة الألمانية وكذا رئيس الولاياتالمتحدة وغيرهم، أكدوا على ذلك، لكن الواقع يبدو مخيفا، الشكوك بدأت تتزايد، صفقات عدة، في الخفاء والعلن، أبطالها دول غنية بمواردها وشركات ساعية للربح، والهدف: تأمين ملايين الجرعات من لقاح كورونا، لمن يستطيع إليه سبيلا. على الجانب الآخر ثمة جهود لتوفير اللقاح للدول المتوسطة والمنخفضة الدخل، وافقت الإمارات العربية المتحدة وكندا والبرازيل على استضافة المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب السريرية للقاحات طورتها ثلاث شركات صينية، هذا التعاون ربما يمنح هذه الدول أسبقية الحصول على هذه اللقاحات بأسعار معقولة. الصين من جانبها، قدمت مقترحا لتحقيق العدالة في توزيع اللقاح ووصوله إلى البلدان الفقيرة، يتمثل في تقديم قرض بمليار دولار لكل دولة ترغب في شراء اللقاح. وزير الخارجية وانغ يي أعلن ذلك خلال اجتماع جمعه بنظرائه من دول أمريكا اللاتينية، وأكد وانغ يي على ما قاله الرئيس شي غير مرة، من أن بلاده ملتزمة بأن يكون اللقاح الصيني منفعة عامة. أسعار اللقاحات مع قرب طرح اللقاحات في الأسواق، أعلن العديد من الشركات عن أسعار لقاحتها، قال ليون جينغ تشن رئيس شركة سينوفارم أن سعر لقاح كورونا الذي من المقرر أن يطرح في الأسوق في ديسمبر المقبل سيبلغ حوالي 144 دولارا للجرعتين. في المقابل، أعلنت شركة أسترا زينيكا أن سعر الجرعة سيبلغ حوالي 4 دولارات عند بيعها للحكومات. وقال معهد الأمصال في الهند أن سعر الجرعة من هذا اللقاح سيباع في الهند بحوالي 13 دولارا. وأعلنت شركة جونسون آند جونسون الأمريكية أنها ستبيع اللقاح الخاص بها بحوالي 10 دولارات للجرعة، واتفقت مع الحكومة الأمريكية على بيع 100 مليون جرعة بهذا السعر. وقال الرئيس التنفيذي لشركة فايزر الأمريكية ألبرت بورلا أن الشركة ستبيع اللقاح الذي تطوره بحوالي 20 دولارا للجرعة. وتعاقدت الحكومة الأمريكية أيضا على شراء هذا اللقاح الذي تطوره فايزر مع شركة بيونتيك الألمانية لشراء 100 مليون جرعة بتكلفة حوالي 1.95 مليار دولار. وقال بورلا أن سعر بيع هذا اللقاح للدول الفقيرة سيكون أقل. وتوصلت شركة مودرنا إلى اتفاق على بيع اللقاح الخاص بها بسعر يتراوح ما بين 33 إلى 37 دولارا. لقاح ل300 مليون طفل حول العالم جمعت القمة التي دعا إليه الاتحاد الأوروبي وعقدت في بريطانيا منذ قرابة 3 أشهر حوالي 8.8 مليار دولار من 31 حكومة مانحة و8 شركات ومؤسسات ومنظمات لتوفير اللقاح لحوالي 300 مليون طفل حول العالم، بحسب منظمة جافي. وقالت لي بينوو مدير مكتب مؤسسة بيل وميلندا غيتس في الصين إن التكنولوجيا ستكون بمثابة المفتاح لحل معضلة المصالح المتضاربة الخاصة بلتبية الطلب المحلي وجعل اللقاح ميسورا ومتاحا للجميع. وأضافت أنه ليس من الضروري أن يحصل الجميع على التطعيم في يوم واحد، ومن الممكن تحقيق البرامج على مراحل وفقا للاحتياجات، بدءا بأولئك الأكثر عرضة للخطر مثل المسنين والعاملين في المنظومات الصحية. أوضحت بينوو أنه يجب الاعتماد على التكنولوجيا للتغلب على هذا التحدي، هناك بعض التقنيات التي قد تساعد على الوصول لقدرة إنتاجية عالية في غضون فترة يمكن التحكم فيها نسبيا. قال الدكتور سيث بيركلي المدير التنفيذي ل التحالف العالمي للقاحات والتحصين "جافي": عن تحالف يضم جافي و مؤسسة ملياندا وبيل جيتس و معهد سريوم لانتاج اللقاحات في الهند لانتاج حوالي 100 مليون جرعة من لقاحات كورونا من شركة أسترا زينيكا وشركة نوفا فاكس الأمريكية في مطلع النصف الأول من العام القادم. من الممكن توفير جرعات إضافية من اللقاحات في حالة الحاجة إلى ذلك. حدد معهد سريوم الهندي لانتاج اللقاحات سعر الجرعة ب3 دولارات. ويسعى التحالف للحصول على 2 مليار دولار تمويلا أوليا لتغطية جزءا من تكلفة انتاج هذه اللقاحات. إنه في حالة حصول لقاح أسترا زينيكا على الموافقة للانتاج فإنه سيكون متاحا لحوالي 57 دولة وإذا حصل لقاح نوفافاكس على الموافقة سيكون متاحا لحوالي 92 دولة، بحسب التحالف.