تحت أسقف من الخشب والصفيح والجدران المتهالكة في «تل العقارب»، وجدت مئات الأسر ما يشبه الكهوف تؤويها من قسوة الشتاء وشمس الصيف الحارقة، حتى وإن عاشوا محاصرين بتلال من القمامة ومياه وكهرباء لا تعرف لمساكنهم سبيلا. قبل أيام، استيقظ سكان « تل العقارب » بحي السيدة زينب على أصوات مسئولي محافظة القاهرة تعدهم ب«جنة» من الوحدات السكنية في مدينة السادس من أكتوبر لكن لن تتحقق الأحلام قبل مغادرة الموقع تمهيدًا لتطويره.. فرح الأهالي لكن فرحتهم لم تكتمل عندما وجدوا أن كل ثلاث أو أربع أسر مخصص لها شقة واحدة لا غير. حينها، تفقد جلال مصطفى سعيد، محافظ القاهرة، أعمال إخلاء وإزالة المنازل بمنطقة تل العقارب بحي السيدة زينب، والتي تعد من المناطق العشوائية غير الآمنة بخطورة من الدرجة الثانية، حيث تم حصر سكانها فعليًا، يقدر عددهم ب530 أسرة تضم 4 آلاف مواطن يقيمون في 230 منزلا تم إزالة 17 منزلا منهم حتى الآن. عدد من أبناء «تل العقارب» تحدثوا ل«بوابة أخبار اليوم» عن معاناتهم، حيث اشتكى «محمد - أحد سكان منطقة تل العقارب» من معاملة رجال الداخلية معهم أثناء إخلاء العشش وتعنت المحافظة تجاههم. وبمرارة واصل «محمد» حديثه، قائلا: «عندنا في الحارة 3 بيوت فيهم 17 أسرة والمحافظة عايزه تديهم 5 شقق بس!!.. طب إزاي ؟!.. طلبت من مأمور القسم يشوف البيت فيه كام شقة وحاسبني عليهم واللي ما يستحقش خرجه لكن اللي يتكلم ياخدوه على القسم.. قالوا لنا هانهد عليكم البيت لو مخرجتوش.. قولنا لهم إحنا جوا البيت هده علينا». أما «الحاجة فاطمة» فعبرت عن غضبها من تهديدات مسئولي محافظة القاهرة، قائلة: «مش عايزين يدونا حقنا.. كل أسرة في شقة هنا وهم عايزين يدوا كل أسرتين شقة.. ولادنا يعملوا ايه.. يصيعوا في الشوارع ولا يناموا فين طيب؟» وأكدت «بطة» أن المحافظ قال في لقاء تلفزيوني «من كام يوم إن اللي معه عشة فراخ بورق يثبت دا هايكون له حق في الشقق الجديدة.. وإحنا كلنا موجودين لحد ما ناخد حقنا.. وجم شتمونا وبهدلونا». ولم تجد «شادية» أمامها سوى إرسال استغاثة للرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلة: «يشوفنا أو يكلف حد مسئول يشوف لنا حل.. إحنا اتبهدلنا يا ريس وعايزين يطلعونا من بيوتنا وما يدوناش حاجة.. هاطلعونا من العشوائيات عشان نعيش في عشوائيات تانية!». مأساة «أم إبراهيم» كانت الأكثر ألمًا، إذ تحدثت السيدة قائلة: «أنا بعاني من ظلم كبير ما حدش حاسس بيه غير ربي عشان ولادي.. أنا خايفة على ولادي معايا 3 رجالة وما حدش بيشتغل ولا معانا حاجة وجوزي على باب الله.. ولا عندي حمام وباستخدم جردل.. والسرير مكسور وسنداه بالطوب عشان أعرف أنام.. بقالي هنا 36 سنة ومغيره محل إقامتي من سوهاج لهنا وعداد النور باسم جوزي وولادي مولدين هنا». وأضافت أم إبراهيم: «أناشد السيد الرئيس وكل مسئول شريف في الدولة يقف معايا لأني عاجزة ومش لاقيه حتى العلاج.. وقالوا هيودونا أكتوبر وادينا قاعدين مستنيين وبيقولوا هيحطوا كل أسرتين في أوضة ده مع بعض.. إزاي يا ناس؟». وقال عم محمد: «الناس هنا كلها غلابة.. ما ينفعش تحط كل الابن متجوز وأحطه مع أبوه وأمه في شقة.. أنا مولود هنا في بيت جدي.. وكل واحد ليه عين يا تديله يا تسيبه هنا.. لكن لو هديت بيته هيروح فين!» وذكرت صفاء: «هيطلعونا من بيوتنا عشان يهدوا بيوتنا.. لا يسبونا قاعدين بناكل وبنشرب وبنسيب عيالنا ومطمنين عليهم .. في اي مكان تاني مش عارفين حتى هنطمن على عيالنا إزاي».