ارفع راسك فوق إنت مصري، ظنى أن هذه الجملة هى سبب كل ما نتعرض له من نكبات، وظنى أنها ستكون كلمة السر أيضا فى نهضة مصر. المتربصون بنا مازالوا يعزفون لنا لحن زمان «علشان ما نعلا ونعلا ونعلا، لازم نطاطى نطاطى نطاطى»، وينتظرون أن نردد هذا النشيد الذى يطربهم ويدخل الطمأنينة فى قلوبهم، لكن زمن هذا النشيد راح وانقضى، ولن نردده مرة أخرى، وسنزعجهم دائما وأبدا، «وعلشان مانعلا ونعلا ونعلا.. لازم نعلا كمان وكمان»، و«ارفع راسك فوق إنت مصرى» حتى لو أضرموا النيران فى مبانينا، وفخخوا سياراتنا، وأربكوا سوقنا المصرفية، وأسقطوا طائرتنا أو طائرة غيرنا على أراضينا، أو زيفوا الحقائق فى إعلامهم أو على مواقعهم الإلكترونية، أو دقوا إسفين فى علاقاتنا مع دول أخرى.. لن تثنينا أفعالهم عن استكمال مسيرتنا لبناء بلدنا. أداء القيادة السياسية يعكس الوعى الكامل بما يحاك ضدنا، وتعلم جيدا، أن ما يحدث هو ردود أفعال طبيعية لمشروعات الإسكان، والطرق، والمصانع، والطاقة، واستصلاح الأراضي، والإصرار على محاربة الفساد والمحسوبية. مع كل ضربة فأس فى أرض جديدة، يضربون رصاصة ومع كل صفقة سلاح، تقع عملية إرهابية، ومع كل زرع شجرة، يزرعون لغماً، ومع كل هدير ماكينة فى مصنع جديد يقع دوى انفجار، ومع كل حفر بئر بترول يحفرون كبوة ليقع فيها المصريون.. لن أتكلم كلاماً مرسلاً ولكن يجب أن نعرف ونتعامل مع كل نكباتنا على أنها من فعل أعداء لايستطيعون شن حرب عسكرية علينا، فمصر ليست العراق ولا ليبيا ولا اليمن ولا سوريا ، مع احترامى لهذه الدول الشقيقة ودعائى لها أن تفيق شعوبها وجيوشها. أتحدث صراحة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية فهى المحرك الرئيسى لكل خيوط اللعبة فى المنطقة مستخدمة التمويل القطرى والأداة الإخوانية، والآلة الإعلامية الأمريكية (C.N.N) و(الجزيرة)، وبعض الموتورين من الإعلاميين «القبيضة» الجدد، بعد أن احترق هؤلاء الذين تدربوا فى الخارج وسقطت أقنعتهم بعد ثورة 25 يناير. أمريكا غاضبة من مصر لأنها لم تعد تابعة، ولم تعد أسيرة لسلاحها بعد تنويع مصادر سلاحنا شرقاً وغرباً، ولم تعد أسيرة لمساعدتها المالية، فلقد أيقنت أنها تدفعها مرغمة تنفيذاً لاتفاقية مبرمة، وحتى لو منعتها فعندنا البديل. وإذا كانت أمريكا تستثمر فى مصر فهى الرابحة ولو لم تجن شركاتها أرباحا من السوق المصرية ما بقيت ساعة واحدة فى مصر. الحادثة «الفاجعة» لطائرة مصر للطيران هى التى دفعتنى لكتابة هذه السطور، فلقد تجاوزت شبكة (سي. إن. إن) الإخبارية الأمريكية كل قواعد المهنية وخضعت لأوامر مالكها «سى آى إيه» المخابرات الأمريكية، وحاولت إلصاق تهمة تحطم الطائرة وسقوطها فى البحر بقائد الطائرة، وقالت إنه انتحر بالطائرة، وطبعا لست بصدد تفنيد هذا الادعاء الأمريكي، ولكنى أدلل فقط على محاولة أمريكا ضرب اقتصاد مصر من خلال تخريب سمعة شركة مصر للطيران الوطنية، دون سند ولا دليل.
لن أستبق الأحداث وسألتزم بالمهنية وأنتظر انتهاء التحقيقات، والعثور على الصندوقين الأسودين للطائرة حتى يتبين الخبر الأبيض الصحيح من الخبر الأسود الكاذب ولكنى أشيد هنا بنضج الحكومة التى أصبحت تستوعب الأحداث وتتعامل معها بحرفية ظهرت جلية فى المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الطيران شريف فتحى عقب الحادث الذى لم يُجَّر فيه إلى إقرار تكهنات أو التصريح بمعلومات غير مؤكدة أو غير صحيحة قد تؤدى فيما بعد إلى فقد مصداقية غالبا لا تعود إذا فُقدت.
الرئيس السيسى يعلم أننا نتعرض لمؤامرة، وعرقلة، والحكومة أيضا متنبهة لذلك، وهذا لايوقف عجلة المشروعات، والتفكير فى المستقبل دون أن ينسوا الحذر واتخاذ الاحتياطات اللازمة. ولكن هل هذا يكفي؟.. أعتقد أنه غير كافٍ بالمرة، فنهضة البلد ومحاربة قوى الشر كما يطلق عليها الرئيس - لايمكن أن تواجهها الحكومة والنظام فقط بل يجب أن يدعمها ويساندها الشعب كله، كل على قدر استطاعته، وأنا هنا لا أدعو إلى أن يحمل كل واحد منا سلاحاً نارياً لقتل الإرهابيين، ولكن مع كل واحد منا سلاح أظنه بتاراً يحارب به. الصحفيون بأقلامهم الشريفة، ونشر الأخبار المدققة الصحيحة المحايدة، وعدم نشر أو إذاعة أى معلومة أو خبر إلا إذا كان حقيقيا 100٪ وكما عَلمَنا الراحل عبقرى الصحافة مصطفى أمين «يفوت الخبر ولا ينشر كاذباً أو ناقصاً». العمال بسواعدهم فى البناء والإنتاج الغزير والتفانى فى العمل لإخراج منتج جديد يكون منافسا للإنتاج المماثل فى الخارج، وقادرا على تحقيق الاكتفاء الذاتى والتصدير. الفلاحون بعرقهم وجهدهم فى خدمة الأرض لزيادة إنتاجية الفدان، وزيادة الرقعة الزراعية، وعدم تبويرها والبناء عليها لتحقيق مكسب أكثر وأسرع. الطلاب بالمذاكرة والنجاح والتفوق لأنهم ثمرة المستقبل ووقوده. الآباء والأمهات بحسن تربية الأبناء وبث روح الانتماء والوطنية والولاء فى براعمنا. الفنانون بمزيد من الإبداع النظيف الذى يبعث الطاقة الإيجابية. رجال أعمال يفعلون ما كان يفعله طلعت حرب ولنبدأ جميعاً برفع شعار.. لن نسافر إلا على مصر للطيران. كلنا يجب أن نكون يدا واحدة كما كنا فى 30 يونيو، مراعين الله وضمائرنا فى بلدنا. تحيا مصر.. آخر كلمة الرئيس السيسى أصر على أن يقوم رئيس الوزراء شريف إسماعيل بقص شريط افتتاح مصنع موبكو فى حضوره.. لفتة لا يفعلها إلا الرئيس السيسى