من المعروف أن الأمن سياسة وليس منظومة تصادمية خاصة في الظروف التي تمر بها مصر الآن فإننا نحتاج إلي قمة السياسة في الأمن دون إثارة أو افتعال مشكلات تؤدي إلي صدامات فكرية عنيفة أو تجييش الرأي العام إلي جبهات متصارعة كما حدث في الأزمة الأخيرة بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية وقد أثبتت الأحداث أن وزير الداخلية يفتقد للحكمة وللرؤية السياسية للأمن ليس فقط في الأزمة الأخيرة ولكن إدارة أزمة مقتل الشباب الإيطالي ريجيني وتعامل وزارة الداخلية معها كان بعيدا تماما عن التعامل بما فيه مصلحة مصر ولم تقنع بيانات وزارة الداخلية الرأي العام العالمي حول هذه القضية ويبدو أن الوزير لا يتواصل مع الأجهزة المسئولة في الدولة عن مثل هذه المواقف الكبيرة والخطيرة ولا يمكن أن يعقل أن أي جهة مسئولة في مصر وافقت علي الخطوات التي اتبعها وزير الداخلية في أزمته مع نقابة الصحفيين ولو امتلك الوزير بعض الحكمة والرؤية السياسية لاتبع أساليب كثيرة لإدارة الأزمة منذ بدايتها دون أن نصل إلي حالة الصدام والاحتقان العنيف الواقع الآن والذي ستمتد آثاره لفترة طويلة في العلاقة بين الصحافة والشرطة أو الشرطة والرأي العام حتي لو تم التصالح بشكل فوري وكان يمكن للوزير اتخاذ تدابير أكثر احترافية في طلب تسليم المطلوبين من الصحفيين بناء علي قرار النيابة ولكن ما حدث يؤكد ضرورة أن تقوم الأجهزة المسئولة بتحجيم دور وزير الداخلية تماما في التعامل مع القضايا التي تتعلق بالرأي العام في مصر فالأوضاع لا تحتمل مزيدا من الاحتقان أو العودة إلي سياسة التصادم بين الشرطة والشعب مرة أخري وإذا لم يلتزم الوزير فإن الحل الوحيد هو رحيله فأمن واستقرار مصر أهم من وزير الداخلية.