سيطر القلق والشك على قلب الأب، وأخذ يرمق ابنه الشاب بنظرات تحمل القسوة بينما تخفي ورائها مشاعر أبوه دفينة، تكاد تنذرف الدموع من عينيه كلما حاول معاتبه أو الإصرار على معاقبته بالضرب، لكن تمنعه مشاعر الأبوة في العدول عن هذه الأفكار أو الإقبال على فعل ذلك حفاظاً على مشاعر فلذة كبده أصبح شاباً ورجلاً. وفي أحد الأيام عاد الإبن في ساعة متأخرة من الليل، انتفض الأب واتخذ القرار بطرده من المنزل، وما وقعت عيناه عليه انسابت الدموع فوق وجنتيه وهرول مسرعاً يحتضنه بعد أن اكتشف اصفرار وجهه وإصابته بحالة هذيان شديدة، ارتجفت أنامل الأب وانطلقت منه صرخات معتقداً بأن الإبن تناول جرعة مخدرات كادت أن تقضي عليه، ووقعت المفاجأة على رأسه كالصاعقة عندما أبلغه بالحقيقة المؤلمة. انهار الأب فوق أقرب مقعد ومر العمر أمامه في لحظة، وغلى الدم في عروقه وتمنى الموت وتبدلت معالم وجهه وتملكتها تشنجات من هول المفاجأة عندما اكتشف بأن شقيقه وابنته الحسناء قاما باستدراج ابنه الشاب ونجحا في استقطابه مستغلين ظروفهما المالية وضيق اليد، وأقنعاه ببيع كُليته لأحد الأثرياء مقابل 60 ألف جنيه. أصبح الأب قاب قوسين أو أدنى، فالمجني عليه فلذة كبده والمتهم شقيقه وابنته، وبعد تفكير عميق اتخذ الأب القرار، بعد أن تسلل الشك بداخله خاصة عندما أخبره الإبن بأنه لم يحصل سوى على 13 ألف جنيه فقط، وبعدها أخذ العم وابنته في مماطلته. اتخذ الأب القرار، وتوجه إلى محاميه عادل عبد الرازق الذي علت وجهه الابتسامة، قائلًا: "شقيقي باع لحم ابني"، ولكنه رفض تقديم شكوى وبلاغ إلى النائب العام، حيث ذهاب الابن الشاب بكامل رغبته وموافقته على إجراء الجراحة، وما أن طلب الأب منه المساعدة لتقديم بلاغ يتهم فيه ابنه وفلذة كبده بالاشتراك مع شقيقه وابنته الحسناء لقيامهم بالاتجار في الأعضاء البشرية بمساعدة أطباء وذكرهم بالاسم واتهامهم جميعا بأنهم أعضاء مساعدين لمافيا تجارة الأعضاء البشرية الذين يستغلون الفقراء واستدراجهم وإقناعهم ببيع أجزاء من جسدهم. وأضاف الأب أنه يتم ارتكاب تلك الجرائم تحت مسمى إجراء جراحة عادية وعلى أيد أطباء متخصصين، وقدم الأوراق التي تثبت صحة بلاغه إلى نيابة الأربعين بمحافظة السويس والتي تولت التحقيقات.