طقوس كثيرة ومختلفة تشهدها محافظات الصعيد ويمارسها أبناؤها خلال احتفالهم بعيد شم النسيم، الذي يجمع أفراد المجتمع بكافة طوائفهم وأعمارهم. ففي أسيوط التي تتميز بالعديد من الطقوس الاحتفالية التي مازلت تمارس منذ مئات السنين، أهمها تجهيز ولائم الملوحة "الأسماك المملحة" التي تشتهر بها مع وجود الملانة "الحمص الأخضر"، ويكون الحلو ثمار النبق. وتجتمع العائلات والأسر حول موائد الأكلة الرسمية لشم النسيم المكونة من الملوحة والملانة والنبق في شكل حلقات في المنازل وخارجها، حيث تفترش الأسر الحدائق والمتنزهات، وهم يحملون الأكلة الرسمية معهم يأكلونها في وسط اليوم في جو من السعادة والمرح. وتشهد محافظة أسيوط أحد الطقوس الغريبة ضمن احتفالات شم النسيم في الصباح الباكر مع بداية اليوم، حيث تقطع ربات المنازل كمية من البصل وتضعه أمام المنزل وتسكب عليه كمية من المياه ليكون هذا إعلانًا عن بدء احتفالات الأسرة بشم النسيم، اعتقادًا منهم أن هذه الأشياء تبعد الأرواح الشريرة، وهي من العادات التي توارثتها الأجيال. وكعادتهم كل عام يتجه أهالي قرى بنى سويف في شم النسيم إلى الحقول، فهي الملاذ الوحيد لهم للتنزه بعيدًا عن الزحام وتقليلا لنفقات الذهاب للحدائق والمتنزهات العامة، حيث تقوم الأمهات في الصباح بكسر كمية من البصل ووضعها على أنوف الأطفال أثناء نومهم للاستيقاظ على رائحته ليكون هذا إعلانًا ببدء الاحتفالات بشم النسيم، ثم يتم إعداد المخبوزات صباحًا ليتم تناولها في الصباح الباكر مع البيض الذي يتم تلوينه بواسطة الصبغة التي يتم شراؤها من العطارين. وينطلق الأهالي للحقول حاملين «الملوحة والفسيخ والبصل» الذي يعتبر الوجبة المفضلة في هذا اليوم ليفترشوا الأرض وسط الأشجار والنباتات لتناول طعامهم والمشروبات والمسليات التي أعدوها خصيصًا في هذه المناسبة مثل الترمس والحمص وغيرها. أما في المدن فالأمر لا يختلف كثيرًا عن باقي مدن المحافظات، تختلف طرق وعادات الاحتفال بعيد شم النسيم بين أبناء القرى والمدن بمحافظة المنيا، ففي القرى تقوم ربات البيوت بخبز وإعداد الفطير بالإضافة إلى الحمام المحمر المحشي بالأرز، وبعض المشروبات مثل التمر هندي والعرقسوس من ليلة شم النسيم، وفي الصباح الباكر تخرج الأسر إلى الحقول والمزارع، لقضاء العيد وسط جو من الفرح والبهجة احتفالا بهذه المناسبة حتى انتهاء اليوم. ولا تختلف عادات وطقوس أبناء المدن للاحتفال بالعيد كثيرًا عن أبناء المدن الأخرى حيث يخرجون في الصباح الباكر للاحتفال بشم النسيم وسط الحدائق والمتنزهات وعلى ضفاف النيل حاملين معهم الأكلات المكونة من الرنجة، والفسيخ، والبصل الأخضر، والبيض الملون، إضافة إلى الترمس والملانة، وهي نفس الأكلات التي يقبل عليها أبناء المحافظات الأخرى. ويتسابق المواطنون بمحافظة الفيوم إلى القيام ببعض الطقوس التي اعتادوا عليها منذ سنوات عديدة وأهمها الاحتفال بتلوين البيض المسلوق بكافة الألوان المبهجة والجلوس في الحدائق والمتنزهات لأكل الفسيخ والرنجة والبصل، ولا يكاد يخلو منزل في المحافظة من هذه الطقوس التي اعتادوا عليها منذ قديم الأزل. أما في الوادي الجديد فيحرص الأهالي خلال احتفالهم بعيد شم النسيم على الخروج إلى مزارع النخيل برفقة ذويهم من الكبار والصغار وتناول محشي ورق العنب إلى جانب الفسيخ المملح والبيض الملون ويقوم الشباب والأطفال تحديدا في مدينة الخارجة بعمل الزيارات إلى منطقة البجوات الأثرية. كما يحرص الأطفال على الاستحمام بعين النزهة وهي إحدى الآبار الجوفية المتدفقة بالمنطقة الأثرية، ويقول الأثري منصور عثمان، إن عيد شم النسيم كان رمزًا عند المصري القديم لأنه موعد انطلاق الحياة وحصاد محصول القمح وزيادة الخير في ربوع مصر، وهو أيضًا موعد رسمي لبدء فصل الربيع وتخفيف الملابس الثقيلة.