النشيد الوطني.. أو السلام الجمهوري لكل دولة يعبر عن تاريخها أو مرحلة هامة ومفصلية فيه، ولكن هناك بعض الأناشيد الوطنية لها تاريخ وقصة مرتبطة بثورات مواطنيها أو المقاومة ضد المحتل الأجنبي. وفي منطقتنا العربية السلام الوطني لمصر وتونس والجزائر، دليلاً على كفاح الشعوب ضد الاستعمار والعدوان، ويعد النشيد الوطني الفرنسي سجلاً للثورة التي وحدت الفرنسيين ضد الظلم، وكان أيضاً الشعار في مواجهة ألمانيا النازية أثناء احتلالها لشمال فرنسا. ومن أبرز تلك الأناشيد: النشيد الجزائري.. لا ينسى مذابح فرنسا هو "قسماً" بدأ استعماله عام 1963 بعد استقلال الجزائر عن فرنسا، كتب كلماته مفدي زكريا، يوم 25 أبريل 1956، بعد أن طلب أحد قادة الثورة من الشاعر "مفدي زكريا" كتابة نشيد وطني يعبر عن الثورة الجزائرية، وخلال يومين فقط جهز شاعر الثورة "قسماً بالنازلات الماحقات"؛ وهو من أقوى الأناشيد الوطنية في العالم. وفي العاصمة التونسية قام موسيقار تونسي بتلحينه، إلا أن اللحن لم يلق رضا الشاعر، وهو ما دفع بمفدي زكريا؛ بنقله إلى القاهرة لإعادة تلحينه من جديد، وقد تبرّع الموسيقار محمد فوزي بتلحين النشيد "هدية للشعب الجزائري". ويشمل النشيد مقطعاً يتوعد فيه الجزائريينفرنسا بالعقاب، لما فعلوه من مجازر دموية بالشعب الجزائري. وطالبت فرنسا بحذف مقطع توعد فرنسا، لكن المجاهدين الجزائريين رفضوا لأنها لم تعترف بجرائمها المرتكبة في الجزائر وهو لا يزال مقطعا من النشيد الوطني الرسمي. ويقول : يا فرنسا قد مضى وقت العتاب.. و طويناه كما يطوى الكتاب يا فرنسا إن ذا يوم الحساب .. فاستعدي وخذي منا الجواب ان في ثورتنا فصل الخطاب .. و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر النشيد التونسي.. الرافعي كتبه والشابي أضاف هو "حماة الحمى" كتب أغلب كلماته مصطفى صادق الرافعي، وتم إضافة بيتين للشاعر أبو القاسم الشابي، ولحنه أحمد خير الدين. بعد أن اتخذ نشيدا رسميا فكرت الحكومة التونسية في تكليف محمد عبد الوهاب بإعادة توزيعه لكن الفكرة لم تتحقق. كان الوطنيون التونسيون يرددون النشيد خلال مرحلة النضال الوطني، واستمر إنشاده حتى بعد اعتماد نشيد "ألا خلدي" السلام وطني السابق، واعتمد رسمياً كنشيد وطني يوم 12 نوفمبر 1987 عوضا عنه في فترة حكم زين العابدين بن علي، لأن الأول كان يحوي بعض الكلمات التي تمجد الحبيب بورقيبة. النشيد الفرنسي.. في ذكرى أم الثورات لامارسييز تم كتابته خلال الثورة الفرنسية، واعتمدته فرنسا نشيدا بموجب اتفاقية لمدة تسع سنوات، من 14 يوليو 1795 حتى عهد الإمبراطورية الفرنسية سنة 1804، وفي زمن الجمهورية الفرنسية الثالثة تم ترسيمه بشكل دائم. كتب السطور الستة الأولى «روجيه دي ليسلي» عام 1792 من أجل جيش الراين في ستراسبورغ، بعد إعلان فرنسا الحرب في النمسا. النشيد الوطني الفرنسي لامارسييز تم اعتماده أو ترسيخه بشكل مطلق في عهد الجمهورية الفرنسية الثالثة وخصوصا عند تخليد الذكرى المئوية للثورة الفرنسية. قامت ألمانيا النازية باحتلال الجزء الشمالي لفرنسا وتقع به العاصمة الفرنسية باريس، بقي النشيد الوطني كما هو ولم يتم تغييره، لكن القيادة العسكرية الألمانية منعت المواطنين الفرنسيين من غناء وتلحين النشيد يوم 17 يوليو1941. لكن النشيد الوطني الفرنسي يبقى واحد من الألحان والكلمات التي تخلد ذكرى واحدة من أعظم الثورات في العالم. النشيد المصري.. «درويش» يخلد كلمات «كامل» "بلادي.. بلادي" كتبه الشاعر محمد يونس القاضي ولحنه خالد الذكر سيد درويش، والذي كان يرتبط بعلاقة قوية مع قادة الحركة الوطنية وعلى رأسهم مصطفى كامل، واشتق النشيد المصري الحالي من كلمات ألقاها مصطفى كامل في إحدى أشهر خطبه عام 1907. وكانت كلمات الخطبة تقول: " بلادي بلادي لك حبي وفؤادي.. لك حياتي ووجودي، لك دمي، لك عقلي ولساني، لك لُبي وجناني، فأنت أنت الحياة.. ولا حياة إلا بك يا مصر". تم اعتماد النشيد في مصر عام 1979، وأدخل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بعض التعديلات عليه بتوجيه من الرئيس محمد أنور السادات. النشيد الأمريكي.. الراية الموشحة بالنجوم هو "الراية الموشحة بالنجوم"، كلماته مستمدة من استبسال الجنود في الدفاع عن قلعة ماك هنري، أثناء الهجوم البريطاني في حرب عام 1812 بين بريطانيا وأمريكا، وهي قصيدة ألفها محام وشاعر هاوٍ هو فرانسيس سكوت عام 1814. بعد أن رأى الشاعر قصف حصن ماك هنري من قبل سفن البحرية الملكية البريطانية في مدينة بالتيمور عام 1812. لحنت القصيدة على نغم أغنية بريطانية مشهورة، كتبها جون ستافورد سميس ل"أناكريونتيك سوسيتس" و هو ناد للرجال قي لندنبريطانيا. اللحن كان مشهوراً أصلاً في الولاياتالمتحدة فنظمت عليه قصيدة الراية الموشحة بالنجوم. وأصبحت النشيد الوطني في 31 آذار، 1931.