الكثير مما يجري في السوق المصرية يؤكد الحاجة إلي وجود مسئول واحد عن السياسات المالية والاقتصادية، وقد سبق أن اقترحت أن يكون هناك نائب لرئيس الوزراء يختص بهذه الشئون، وتتبعه كل الوزارات ذات الصلة.. حتي لا نري التضارب بين سياسات بعض الوزارات، خاصة في هذا المجال الخطير الذي يؤدي فيه تصرف من إحدي الوزارات أو تصريح من مسئول فيها إلي الاضرار باقتصاد الدولة أو إثارة مشاكل نحن في غني عنها. أكرر الحديث عن ذلك، مع ما نراه من اضطراب في السوق، ومن تواصل ارتفاع الأسعار الذي اضطر الرئيس السيسي أن يتدخل في الأمر وأن يعقد اجتماعات لهذا الشأن، وأن تصدر عن الرئاسة تصريحات تؤكد ضرورة عدم استغلال «البعض» للموقف لخلق موجة من ارتفاع الأسعار. وهنا ينبغي ان يكون هناك تواصل مع الناس لشرح الأمر، وحزم مع المتلاعبين لايقاف تلاعبهم.. فليس معقولا أن يصدر قرار برفع الجمارك علي سلعة ترفيهية من 30٪ إلي 40٪ ، فيتحول الأمر إلي رفع أسعار سلع أساسية في الأسواق بنسبة 40٪ رغم أن معظمها لم تزد الجمارك عليه، ورغم ان السلع الترفيهية أو غير الضرورية لاتمثل نسبة تأثرها بارتفاع الجمارك أكثر من 4 أو 5٪!! من المسئول؟ ومن الذي يراقب؟ ومن الذي يسمح باستمرار التلاعب من جانب سماسرة الاستيراد؟ ومن الذي يترك بعض الفاسدين يستغلون الموقف ويرفعون ثمن الانتاج المحلي البديل بلا مبرر، بدلا من أن يقدموا القدوة، ويتيحوا للمواطن البديل المصنوع في بلاده بالثمن الذي يناسبه ؟! ثم.. من الذي يتآمر لضرب الانتاج المحلي في مقتل، حين لايوفر النقد الأجنبي المطلوب لتوفير مستلزمات الانتاج؟ وماذا يعني إن يقال ان مصانع كبيرة مثل توكيل «جنرال موتورز» أو غيرها قد توقفت، لانها لاتستطيع توفير الخامات المستوردة ؟ نعرف أن هناك ظروفاً صعبة بالنسبة لتوفير النقد الاجنبي، لكن الاولوية لابد أن تبقي لتوفير السلع الأساسية من الغذاء ومعها مستلزمات الانتاج. وهو ما يقتضي السيطرة الكاملة علي موارد الدولة من النقد الاجنبي والرشد الكامل في انفاقها، ووضع أولويات أولها وأهمها النهوض بالصناعة الوطنية، واعتبار ايقاف الانتاج في مصنع أو اغلاقه جريمة لابد أن يحاسب عليها، وفي نفس الوقت اعتبار كل مصنع مصري جديد اضافة يحتفي بها . المطلوب بلا لف ولا دوران أن تكون لدينا سياسة للتنمية المستقلة والنهضة التي نملك كل امكانياتها. والمطلوب ألا يكون هناك تضارب بين الوزارات المختلفة في تنفيذ هذه السياسة كما يحدث الآن. والمطلوب قبل ذلك وبعده أن ندرك جميعا أن المعركة هي بين من يريدون مصر الناهضة الصانعة المبتكرة، وبين من يريدون أن يكونوا مجرد وكلاء يحققون الثروات علي حساب جيش من العاطلين أو الذين يبيعون شباشب زنوبة المستوردة أحيانا، أو المهربة في أغلب الأحيان!!