انطلقت مباحثات السلام السورية "جنيف 3"، الجمعة 29 يناير، من مدينة جنيف السويسرية، دون مشاركة من جانب المعارضة السورية، ولكن موازين المفاوضات تغيرت عندما أعلنت المعارضة مشاركتها في المباحثات. وفشلت الدبلوماسية الدولية في وضع حد للحرب متعددة الأطراف في سوريا المشتعلة منذ 5 أعوام والتي قتلت وشردت الملايين، ونتج عنها تدخل قوى إقليمية ودولية في الداخل السوري. المحاولة الثالثة وتعتبر مباحثات السلام السورية "جنيف 3"، هي المحاولة الثالثة لحل الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم، ومنذ انهيار آخر محادثات في 2014 "جنيف 2"، استولى تنظيم داعش في سوريا والعراق على الاهتمام الدولي بسبب إعلانه الخلافة وتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية على نطاق دولي. مطالب المعارضة الهيئة العليا للمفاوضات، والتي نتجت عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، طالبت بتحقيق 3 أهداف للمشاركة، وهم إيصال مساعدات للمحاصرين والإفراج عن المعتقلين ووقف قصف المعارضة المعتدلة. وقدمت شرط الحل السياسي المستند على مبادئ إعلان "جنيف1" الذي تضمنه قرار مجلس الأمن رقم "2254"، بتشكيل هيئة انتقالية للحكم تتولى إدارة شئون البلاد، وصياغة دستور جديد لسوريا ، والإشراف على الانتخابات ، وصولا إلى سوريا جديدة. وطالبت المجموعة الاستشارية النسائية بهيئة المفاوضات بالإفراج عن النساء والأطفال المعتقلين من النظام السوري، وأيدت بريطانيا مطالبهم عبر موقع وزارة الخارجية على تويتر. دي ميستورا يرد من جانبه، قال المبعوث الخاص للأزمة السورية ستافان دى ميستورا، إن مطالب المعارضة السورية ومنها إطلاق سراح المعتقلين في سوريا هي من وجهة نظرنا ليست شيئا للتفاوض لأنها موجودة في الفقرتين 12 و 13 من قرار مجلس الأمن 2254. وأشار ميستورا، في مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماعه مع وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف برئاسة السفير بشار الجعفري، إلى أنه أبلغ المعارضة أن أفضل وسيلة لمناقشة البنود التي وردت في قرار مجلس الأمن هي الحضور إلى جنيف ومناقشتها. وحول اجتماعه مع وفد الحكومة وما طرحه، أوضح ميستورا، أنه طرح بالفعل مسألة قوائم ما يسمى بالمجموعات الإرهابية، وأنه أكد للوفد أن الأولويات هي ما حدده مجلس الأمن في قراره والخاص بالحوكمة والدستور والانتخابات أما قضية الإرهاب فمناقشتها في مجلس الأمن. وذكر المبعوث الأممي الخاص للأزمة السورية - في رد على سؤال حول ما إذا كان المطروح مناقشته هو حكومة توافق وطني - إن الحديث عن بند الحوكمة فهذا يعني وفقا لقرار مجلس الأمن مناقشة نوع الحكومة وطبيعتها وأيضا الدستور والانتخابات وهو كله ما سيطرح في المباحثات التقريبية التي ستجرى مع كل وفد على حده. وفيما يتعلق بالدعوات - التي أثارت التباسا كبيرًا - لشخصيات معارضة منها هيثم مناع رئيس هيئة التنسيق الوطنية، وقدري جميل، وراندا قسيس، وغيرهم، وما إذا كانت تمت دعوتهم كوفد معارضة، أكد ميستورا، أن الدعوات التي وجهت إليهم هي خطابات إلى شخصيات يعتقد أن صوتهم هام للاستماع إليه ولكي يقوم بالاسترشاد بآرائهم في المناقشات أما عدا ذلك فقد وجهت دعوة إلى الحكومة ودعوة إلى المعارضة في الرياض. أما وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، قال إنه لا يمكن للعمل الإنساني في سوريا أن يكون بديلا عن مسار السياسة والحل هو الحوار. مشاركة الأكراد وبدوره، أعرب مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين، عن أمل موسكو في حدوث تقدم خلال الاتفاق على القوائم الإرهابية ضمن لقاء فيينا الجديد. ولفت تشوركين، في تصريحات نشرها موقع «روسيا اليوم»، الجمعة 29 يناير، إلى أن مجموعة المعارضة التي تم تشكيلها في موسكو والقاهرة تصر على مشاركة الأكراد السوريين في المحادثات السورية، مؤكدا أن روسيا تؤيد ذلك. وذكر أن عدة دول مشاركة في محادثات جنيف ضد إشراك الأكراد في المحادثات حول سوريا، واصفا ذلك ب"الابتزاز"، مؤكدا أن موسكو لن توافق على ذلك. مشاركة المعارضة الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية، أعلنت أنها قررت المشاركة في مباحثات جنيف. وأكدت المعارضة - في بيان الجمعة 29 يناير- أنها تشارك في مفاوضات جنيف من أجل بحث القضايا الإنسانية، وليس بحث العملية السياسية مع وفد الحكومة السورية. وقالت الهيئة العليا للمفاوضات أنها غيرت رأيها بالمشاركة في المفاوضات بعد أن حصلت على ضمانات أمريكية ودولية بأن تتم المفاوضات وفقا ل"جنيف 1". الناشطة المستقلة فرح الأتاسي، متحدثة نيابة عن الهيئة، قالت إن المعارضة ستحضر لجنيف لإجراء مناقشات مع دي ميستورا والأممالمتحدة لكنها لن تشارك في أي مفاوضات مباشرة من أجل عملية سياسية مع الحكومة السورية. إشارات إيجابية ونوه دي ميستورا بأن هناك إشارات إيجابية من وفد المعارضة في الرياض، متوقعًا أن يصلوا جنيف وأن يعقد اجتماعه التمهيدي معهم بعد غد الأحد أو مساء غد السبت إن أمكن ذلك، مشددًا في الوقت ذاته على أن المعارضة قد قبلت بما طرحه وأن هذا هو في صالح الشعب السوري. وكان مبعوث الأممالمتحدة ستافان دي ميستورا، وجه الدعوة للحكومة السورية وللهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل المعارضة للاجتماع في جنيف لإجراء محادثات غير مباشرة حيث يجلس ممثلو الجانبين في غرف منفصلة. كيف سيؤثر مشاركة وفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف 3 ؟ وهل بذلك تسير سوريا نحو الوصول إلى تسوية للأزمة القائمة منذ 5 سنوات؟ وهل جنيف 3 تضع كلمة النهائية للأزمة؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة المقبلة؟