هي إذن دائرة الإنتاج المصرية غير المكتملة والعجيبة.. وهي الدائرة التي يدور فيها المصريون وآلاتهم الإنتاجية في مسار لا يعرف جدية الهدف ولا أولوياته.. ولا يعتمد تخطيطا استراتيجيا كان أو بهلوانيا! إذا كان الحديث يدور حول معظم أو غالبية المصريين فالحديث هو حديث مؤلم.. إذ ينحصر الإنتاج الأبرز علي الساحة المصرية في زيادة أعداد المواليد خاصة في الريف وفي المناطق الشعبية والعشوائية.. حيث تنتهي مهمة المواطن من وجهة نظره من حيث أنجب بغض النظر عن مستوي الحياة التي سيوفرها لفلذات كبده أو جودة حياتهم أو حسن تعليمهم.. أما مهمة الآخرين أو القائمين علي المجتمع فهو تربيتهم وتنشئتهم وتعليمهم وتوظيفهم.. أما هو فدوره الإنجابي يكفيه شرفا! والمشكلة أن الحكومات المصرية المتعاقبة تعاملت مع موقف المواطن علي اختلاف موقعه، علي اعتبار أن إنتاجه موقف اختياري لا جبري، يأتي من خلال الصدفة، وأنه يمكن أن يتم بطريقة عشوائية لا تعتمد لا علي رؤية ولا تخطيط وطني استراتيجي! ولأن الحصول علي وظيفة في الحكومة أو الوزارات أو المؤسسات أو الهيئات أو المصانع التابعة للدولة.. أصبح يتم (دون شرط العمل، أو التناسب والكفاءة مع نوعية العمل)، أصبح هو معركة المواطن الأولي، كي يتقي شر المحاسبة العادلة علي خُلاصة إسهامه في الإنتاج.. فقد أصبحت المعادلة الصعبة هي البعد عن الكلمة ( البعبع) وهي الإصلاح الإداري.. فالغالبية تلتحق بالعمل وتتزاحم وتجري إليه صباحا، وتتنازع لقمة العيش.. رغم أن إنتاجها مهزوم وغير ذي جودة ولا يصب في خانة بناء تنمية المجتمع ولا تقدمه الاقتصادي! هذا.. وقد تم استحسان مبدأ هذا الإنتاج المهترئ علي مستوي الأجيال المصرية المتعاقبة، فلم يعد من المهم أن ينتج العامل أو يزرع الفلاح أو يعالج الطبيب أو يعلم المعلم، أو يحارب السياسي من أجل تقدم وطنه، أو يقاتل الوزير دفاعا عن رؤيته.. وهكذا حتي وصلنا إلي ما وصلنا إليه من ترهل وتراجع.. فلا هدف يجمعنا.. ولا رؤية تقودنا.. ولا حكومات تُقيِّم وتُقوِّم آداءنا.. ولا مرجعية وطنية تقيس معايير خططنا القومية.. فزاد الفساد.. وظهرت فئات من رجال الأعمال المستغلة.. وانتشر الفساد.. وضاعت قيم العمل.. وغابت الضمائر.. وتنحي الشرفاء من ميادين العمل والشرف.. وسقط ضعفاء الذمم في غواية الرشاوي.. وحلل البعض المال الحرام.. وفقدنا مصداقيتنا وتفوقنا علي مستوي العالم. أما الغالبية من المسئولين في المواقع (اللهم إلا الشرفاء منهم).. فقد استحسنوا المناصب.. وتدافعوا علي المكاسب والمزايا.. وعظموا قيمة النفاق.. ولم يعد يشغل بالهم امتياز وجودة بيئة العمل.. بل إنهم جعلوا من يعملون بإخلاص هم في الدرك الأسفل وفي زوايا الاضطهاد والنسيان والتناسي الجبري! مسك الكلام.. الحكومات الوطنية الناجزة.. لاتتبني مقولة «من شاء فلينتجْ ومن شاء فلينَمْ».!