وقبل أن أتمني التوفيق لمحافظنا الجديد مني الشاذلي.. رن جرس الهاتف لأصحو من حلمي الجميل علي صوت شاب غاضب يحدثني من سوهاج صارخاً «....أين التغيير الذي بشرتمونا به»؟ شعور جارف بالصدمة والغضب يجتاح أبناء سوهاج بعد الإبقاء علي محافظ فاشل وبلا رؤية أو إنجاز يُذكر.. بل شهد عهده من الكوارث وتدهور الخدمات الأساسية ما يرشحه للقب المحافظ الأسوأ دون منافس!!.. تقاعس عن حماية 500 فدان من الأراضي الزراعية في قرية الكولا من التدمير بعد أن إستصلحها الأهالي بالعرق والدم !!..وأخفق في تحسين الخدمات المتدهورة وخاصة الطرق ومياه الشرب إذ نشرت الصحف أن المواطنين بأولاد يحيي وأولاد خليفة بمركز دار السلام فوجئوا بمياه الشرب تتدفق بلون ورائحة البترول!!..أما إنهيار الخدمات الصحية في عهد المحافظ «الطبيب» فحدث ولا حرج.. عشرات الوحدات الصحية بالمحافظة بلا أطباء أو أدوية..والمستشفي المركزي بدار السلام لا يزال ينقصه الكثير من التأهيل والأجهزة رغم الجهود الحثيثة والمشكورة لمدير المستشفي..ولا معني، والحال كذلك، للحديث عن رؤية للتنمية والاستثمار ومواجهة البطالة والإرهاب.. الصعيد عموماً مازال يئن من سياسة تبدو ممنهجة للإهمال والتهميش ولا مُجيب. نام أبناء سوهاج ليل الجمعة الماضي وهم موقنون أن رياح التغيير ستذهب بالمحافظ صباحاً إلي مقاهي المعاشات.. ونمتُ مثلهم محتضناً ذاتَ الأمل ولكن بعد أن طالعتُ في المواقع الإخبارية تصريحاً لوزير التنمية المحلية الأسبق بأنه عرض منصب المحافظ علي الإعلامية المتألقة مني الشاذلي.. وما أن داعب النومُ جفوني حتي رأيتُ فيما يري النائم أن التغيير المنشود حصل وتقرر تعيين مني الشاذلي محافظاً لسوهاج.. وبالطبع قوبل القرار بترحيب واسع من أبناء المحافظة الذين تمنوا أن تكون حظوظهم مع المرأة أفضل وخاصة أنهم لم يروا خيراً من المحافظين الرجال بإستثناء الراحل الكبير اللواء محمد حسن طنطاوي الذي بني مدينة الكوثر في سفح الجبل الشرقي ووضع اللبنة الأولي للإنفتاح علي الصحراء الممتدة بلا نهاية..هاتفتُ مني الشاذلي مهنئاً ومُشفقاً فبهرني كمال إستعدادها للمهمة..أبلغتني بأنها فور إبلاغها بالتكليف عكفت علي قراءة كل ما يتصل بسوهاج وسعت للإستئناس بآراء خبراء التنمية من داخل المحافظة وخارجها..وفاجأتني بتقديم رؤية تنموية متكاملة من شأنها تحويل محافظتنا إلي عاصمة لمصر الجديدة وليس للصعيد فقط..ولكنها وجهت اتهاماً واضحاً بالتقصير لكل أبناء سوهاج الذين سكتوا طويلاً علي هذا الإفقار المتعمد لإقليمهم والسماح بسقوطه في بئر التخلف والنسيان رغم الإمكانات البشرية والمادية الهائلة..أضافت أن « للمحافظة أكبر عدد من النواب من داخلها وخارجها ونحو ربع الصحفيين والإعلاميين البارزين فضلاً عن نحو نصف مليارديرات مصر مثل آل ساويرس وغيرهم ممن يسيطرون علي النشاط الإقتصادي في القاهرة والاسكندرية والمحافظات الأخري..لديكم كنوز من الآثار والإمكانات السياحية تضاهي ما تمتلكه الأقصر ولكنها مهملة ومجهولة..أخميم بلد الحرير تعوم علي بحيرة آثار ولكنها تتعرض للسرقة، وفيها أجمل وأكبر تمثال لإمرأة بالعالم وهو تمثال «ميريت آمون»..وعندكم «أبيدوس» المعبد الأهم الذي شيده سيتي الأول وكذلك معبد أتريبيس الذي يعادل الكرنك..ويمكن تحقيق طفرة سياحية بتنظيم رحلات اليوم الواحد بين سوهاجوالأقصر والغردقة..ولديكم الظهير الصحراوي في الغرب والشرق..وعلي إمتداد طريق سوهاج/ البحر الأحمر يمكن إقامة مدن وقلاع صناعية بلا حصر لإنتاج الأسمنت والأسمدة والرخام..سوهاج التي توصف بأنها الأفقر يا سيدي هي الأغني ويمكن بالرؤية والتخطيط العلمي وحسن إختيار القيادات أن تصبح قاطرة التنمية في الصعيد بأسره». وقبل أن أتمني التوفيق لمحافظنا الجديد مني الشاذلي وأهنئها علي هذه الرؤية والثقافة والمعرفة الواسعة التي يحتاجها الصعيد ويفتقدها بشدة معظم المحافظين الذين يُرسلون اليه، رن جرس الهاتف لأصحو من حلمي الجميل علي صوت شاب غاضب يحدثني من سوهاج صارخاً «المصائب مستمرة..أين التغيير الذي بشرتمونا به»؟.