تبدأ، الأربعاء 11 نوفمبر، فعاليات القمة الأوروبية الأفريقية في مدينة فاليتا عاصمة مالطا، والتي تستمر لمدة يومين وتتمحور حول مناقشة سبل معالجة الأسباب الجذریة للهجرة غير الشرعية من دول أفریقیا إلى الاتحاد الأوروبي. ويشارك في القمة أكثر من ستين رئيس دولة وحكومة أوروبية وأفريقية إضافة إلى ممثلي عدد من المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بقضية الهجرة غير الشرعية. ومن المقرر -بعد الانتهاء من فعاليات القمة- أن يجتمع قادة الدول والحكومات الأوروبية في قمة أخرى غير رسمية لتقييم الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن من قبل الاتحاد الأوروبي لمجابهة أزمة الهجرة غير الشرعية والتصدي لها. ويتوقع أن تخرج قمة فاليتا بخطة عمل يفترض أن تنفذ بحلول نهاية 2016 وتهدف إلى معالجة جذور مشكلة الهجرة غير الشرعية من خلال المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية للدول الأفريقية وتقديم مساعدات لها بمبلغ 1,8 مليار يورو لإقامة مشروعات تساهم في خلق فرص عمل جديدة في محاولة لردع السكان عن التفكير في الهجرة إلى أوروبا فضلا عن حث الدول الأفريقية إلى إعادة قبول المزيد من رعاياها على أراضيها للمساهمة في خطط لإعادة الاندماج في أرض الوطن. وتشمل الخطة أيضا تكثيف التعاون الأمني بين الاتحاد الأوروبي والدول الأفريقية للمساعدة في ضبط الحدود وتفكيك شبكات المتاجرين بالبشر. وقد تنامت ظاهرة الهجرة غير الشرعية بشكل سريع خلال السنوات القليلة الماضية وأصبحت تمثل مشكلة حقيقية للعديد من الدول الأوروبية. ويوضح مرصد الأورومتوسطي، وهو مؤسسة حقوقية أوروبية، أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين فى تزايد مستمر وأنه خلال العشرة أشهر الماضية غرق نحو 3500 مهاجر ولاجئ في البحر المتوسط عقب فرارهم من النزاعات المسلحة في محاولة بائسة للوصول إلى أوروبا. كما يوضح المرصد أنه خلال عام 2014 فقط غرق نحو 3279 لاجئا في حين وصل أكثر من 430.000 لاجئ إلى دول الاتحاد الأوروبي وذلك حتى منتصف سبتمبر 2015. في الوقت الذي يعود فيه فقط أقل من 20% من هؤلاء اللاجئين إلى موطنهم مما يشكل عبئا ثقيلا على الدول الأوروبية. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة ، ومنذ 12 يونيو 2015، لقي ما يُقدر ب 1865 شخصا حتفهم أثناء عبورهم البحر المتوسط باتجاه أوروبا، بينما تم إنقاذ حوالي 50,000 مهاجر حتى الآن في عام 2015 في المياه الإقليمية ما بين ليبيا وإيطاليا، وهو الأمر الذي يعكس خطورة هذه الظاهرة. وتختلف الأسباب المؤدية إلى تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية ما بين عدم الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي ، غير أن غالبية المراقبين يعتقدون أن البطالة تمثل المحرك الرئيسي لهذه الظاهرة فهي تمس عددا كبيرا من السكان وخاصة فئة الشباب والحاصلين على مؤهلات جامعية وبالتالي تمثل الهجرة الطريق الوحيد للحصول على فرص عمل جيدة وبدائل أفضل في دول أكثر تقدما. ويأتي عدم الاستقرار السياسي الذي ساد في عدد من الدول ، سواء العربية أو الأفريقية ، ليضيف عنصرا آخر مهما وراء تزايد ظاهرة الهجرة غير الشرعية ، حيث تفر أعداد كبيرة من المواطنين من بلادهم بحثا عن الاستقرار وحياة أفضل قد تتحقق لهم في الدول الأوروبية. ومنذ عام 2014، فر نحو 50 مليون شخص من بلادهم، بما في ذلك الأفارقة والشرق أوسطيين إلى أوروبا، ومن بينهم الروهينجا المسلمين الذين فروا من بورما ، إلى أجانب فرار أفراد من أمريكا الوسطى يتم تهريبهم إلى الولاياتالمتحدة، والمدنيين الفارين من العنف في أفغانستان، والعراق، والباكستان، وفلسطين، وسوريا، والصومال، واليمن. ونظرا للخطورة القصوى التي باتت تشكلها الهجرة غير الشرعية، يسلط المراقبون الضوء على أهمية التصدي لهذه الظاهرة سواء من قبل الدولة الأم أو الدولة المستقبلة مؤكدين أن أفضل طرق لوقف هذه الظاهرة تتمثل فى مكافحة المهربين الذين يقومون بعرض خدماتهم ويشجعون الهجرة غير الشرعية، هذا بالتزامن مع تحقيق التنمية المستدامة في الدول التي تشكل مصدرا للهجرة وذلك من خلال مشروعات إنتاجية يتم توطينها في هذه المناطق لتغني مواطنيها عن السعي إلى الهجرة. كما يؤكد هؤلاء المراقبون أهمية مواجهة هذه الظاهرة بإجراءات جماعية والتنسيق بين مختلف الأطراف لضمان نجاح التصدي لهذا التدفق الهائل من المهاجرين واللاجئين نحو القارة الأوروبية.