اختتمت مساء السبت 24 أكتوبر، فعاليات المؤتمر الدولي الأول للحضارة والفنون الإسلامية، تحت عنوان "التراث الثقافي والحضاري بين الأصالة والمعاصرة في الفن الإسلامي"، والذي تنظمه الجمعية العربية للفنون والحضارة الإسلامية بالتعاون مع مؤسسة "آل مكتوم الخيرية" و"منظمة الإيسيسكو"، وبرعاية المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء. يهدف المؤتمر إلى المحافظة على تأصيل وترسيخ المفهوم العالمي للحضارة العربية والفنون الإسلامية وتحديد مكانتها بين الحضارات المعاصرة، والتأكيد على العطاء الإنساني العالمي لها ودورها في إثراء المجالات العلمية والفلسفية والفكرية والأدبية والفنية، كما يهدف إلى إتاحة الفرصة للعلماء والفلاسفة والأدباء لإعداد البحوث العلمية التى تكشف عن كنوز هذه الحضارة، إضافة إلى تعزيز القيم الإنسانية التى تتميز بها الحضارة العربية والإسلامية. وأكد المؤتمر في بيانه الختامي على أن المحافظة على التراث الإنساني كل لا يتجزأ وهي ضرورة لازمة للإبقاء على التراث الحضاري وصيانته وديمومته باعتباره يمثل إرثا عالميا للبشرية. ولذلك فإن المؤتمر يستنكر الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الآثار الإسلامية والمقدسات في القدس العربية ومحاولة طمس معالم هويتها العربية الإسلامية والتضييق على المسلمين في أداء شعائرهم الدينية مما يثير حفيظة المقدسيين خاصة والمسلمين عامة ويؤذي المشاعر العربية والإسلامية والإنسانية ويؤدي إلى حالات من ردود الأفعال الشرعية ضد المعتدين الإسرائيليين . ويهيب المؤتمر بالمنظمات العالمية الراعية للسلم الدولي بأداء دورها المنوط بها في حماية الآثار الإسلامية باعتبارها تراثاً عالمياً للبشرية كلها لا في مدينة القدس وحدها بل في سائر الأقطار العربية والإسلامية في العراق وسوريا واليمن ومالي ونيجيريا وأفغانستان والصومال وغيرها من بؤر الصراع الدموي الذي يتعرض فيه الموروث الحضاري والتراث العالمي الذي تملكه الإنسانية كلها للتدمير والتخريب . ويؤكد المؤتمر على عدم الاكتفاء بالتغني بالماضي الزاهر، بل اعتبار منجزات الحضارة العربية الإسلامية، مرتكزاً لبناء دورة حضارية معاصرة لخدمة الأمة والإنسانية كلها امتداداً للعطاء الإنساني للحضارة والفنون الإسلامية واقتداء بالأجداد في عطائهم ويلفت المؤتمر النظر إلى أهمية توظيف الجمعية للوعي بالحضارة العربية والفنون الإسلامية، وبناء ثقة الإنسان العربي المعاصر في نفسه، وأمته، واستعادة أمجاده، وتبيان الإسهامات الحضارية للأمة العربية الاسلامية ، والمشاركة في بناء الحضارة المعاصرة باعتبار الأمة مشاركة لا تابعة. ويؤكد المؤتمر أهمية الحوار الحضاري مع مختلف الثقافات المعاصرة، حرصاً على إشاعة الفهم المتبادل والتعايش السلمي، ودعم أسس السلام بين المجتمعات المعاصرة انطلاقاً من القواسم المشتركة، والقيم الجامعة كالتسامح، والتعاون، والتكافل، والبناء، وتعمير الكون. وتفعيلا لهذه الأهداف يقترح المؤتمر أن تتخذ الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية الخطوات التالية: أولاً: التفاعل مع المنظمات العربية، والدولية، والمؤسسات العلمية العالمية، والإقليمية، والجامعات المصرية والعربية والإسلامية في تنظيم مؤتمرات دورية حول مجالات الحضارة العربية الإسلامية المتعددة (علمية وفكرية وفنية)، قديما وحديثاً، ومواجهة التحديات الحضارية المعاصرة بجهود علمية مشتركة. ثانياً: تشجيع البحوث العلمية حول الإسهام الحضاري العربي الإسلامي في الحضارة الغربية والحضارة الإنسانية المعاصرة، ودراسة عوامل نهوض الحضارة العربية الإسلامية وسرعة انتشارها وعوامل انكسارها وانحسارها وسبل تجديدها، وإحيائها، والبناء عليها، وان يكون هذا هو موضوع الدورة القادمة. ثالثاً: تعزيز روح الانتماء للتراث الحضاري العربي الاسلامي من خلال التعرف على العناصر المشاركة فيه، ومجالاته العلمية والفكرية والإبداعية، ودوره الأصيل في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة، وخلق روح التنافس بين الشباب، ورصد المكافآت التشجيعية، وتبني مشاريع الشباب في مجال الاختراعات، لتأسيس حضارة عربية إسلامية معاصرة تقوم على عطاء شباب الأمة وتنمية طاقاتها الإبداعية. رابعا: إبراز وتفعيل دور المجتمع المدني في صنع الحضارة من خلال دعم الصناعات التراثية والحرف والفنون اليدوية علمياً وعملياً وتوجيه الشباب إلى الإقبال على هذه الصناعات التراثية تدريباً وتعلماً وممارسة للحفاظ عليها وتطويرها، وتجنباً لاندثارها، ومطالبة الجمعية ان تقيم معارض في عواصم العالم للصناعات التراثية الإسلامية والعربية والزخرفية والخشبية وإقامة معاهد تعليمية في العالم الاسلامي لتربية الأُطر الشبابية الموهوبة في هذا المجال. خامسا: تبني الدعوة إلى تأصيل طراز عربي اسلامي مميز للعمارة الإسلامية المعاصرة من خلال علماء العمارة الإسلامية في مختلف الجامعات والمؤسسات بهدف الحفاظ على تراثها، وطرزها العريقة مع التطوير الذي يتناسب مع متطلبات ومستجدات العصر، واشاعة هذا المفهوم الحديث للعمارة الإسلامية في واجهات المباني الحكومية وفي المدن الجديدة، والمنشآت التعليمية، والثقافية الحديثة، على مستوى الوطن العربي، والعالم الإسلامي وعلى سبيل المثال العاصمة المصرية الجديدة والجامعة القاسمية الجديدة التي يجري انشاؤها في إمارة الشارقة وغيرها. سادسا : إعادة النظر في سبل الاهتمام بالخط العربي – كفن إسلامي عريق – من حيث تأثيره الحضاري وباعتباره أحد مكونات الحضارة العربية الإسلامية وكونه يحظى بتقدير وإعجاب علماء الفن في العالم، وذلك بإلقاء الضوء على تشكيلاته النوعية المتعددة، وتنوعه الفني، وذلك بإضافة ترجمة لمعاني المأثورات الخطية، بلغات شتى تفيد إيضاح معاني هذه التحف الفنية الخطية وتزيدها جمالاً وبهاء ومعرفة بمعانيها الجميلة، ونشر ودعم المعاهد المهتمة بالخط العربي في أرجاء العالم الإسلامي ورصد أنواعه وفنونه الجميلة في العالم، وإقامة معارض دورية عالمية للخط العربي. سابعا : الاهتمام بالاحتفاء الدائم بعلماء الحضارة العربية الإسلامية وروادها، وبيان تأثيرهم العلمي والفني في الفكر والعلوم والفنون الإسلامية والغربية ، فقد خصصت منظمة اليونيسكو عام 2015 للاحتفال بالعالم العربي المسلم الحسن بن الهيثم ، وعلى الجمعية المشاركة في الاحتفاء بهذا العالم الرائد وغيره من الرواد القدامى والمعاصرين داخل العالم الاسلامي وخارجه . ثامنا : تأكيد الصلات الثقافية والحضارية مع جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والايسيسكو ووزارات الثقافة والسياحة، والآثار، في عالمنا العربي الاسلامي وكذا المنظمات الإسلامية والعربية والدولية المختصة . تاسعا : دعم المجلة العلمية المحكمة لنشر البحوث العلمية في المجالات الحضارية كافة للباحثين والعلماء وإصدارها بصفة دورية منتظمة. عاشرا : دعوة وسائل الإعلام في دول العالم الاسلامي إلى تبني إعداد برامج إعلامية إذاعية وتليفزيونية حول الحضارة العربية الاسلامية وإبداعاتها للتعريف بها عالمياً، وبآثارها الحضارية ماضياً ومستقبلاً، وحث وزارات الإعلام والثقافة على انتاج الأفلام التسجيلية حول الحضارة العربية الاسلامية وروادها بلغات ونشرات متعددة بالتعاون مع الجمعية. حادي عشر: يدعو المؤتمر الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية إلى التنسيق مع وزارات التعليم العالي والتربية والتعليم لوضع برامج تعليمية تتناسب مع كل مرحلة دراسية ومع تخصص كل كلية، وكذا إصدار المؤلفات التي تبرز مجالات الحضارة العربية والفنون الإسلامية، وتحقيق التواصل بين الأجيال، ووضع آلية التنسيق والاتصال بعلماء العرب المعاصرين في العالم ورصد جهودهم العلمية وعطائهم الحضاري المعاصر، وتتبع جهود علماء الغرب والشرق من المنصفين للحضارة العربية الاسلامية، وحصر مؤلفاتهم وكذا رصد المعادين لها، وتفنيد آرائهم ومواقفهم، لتحقيق التواصل بين الأجيال المعاصرة والتراث الحضاري العربي الاسلامي على أسس علمية وموضوعية. ثاني عشر: دعوة الجمعية للتفكير في تنظيم برامج سياحية علمية للعلماء وأساتذة الجامعات والمعاهد العلمية والدارسين داخل العالم العربي الاسلامي وخارجه لتمكينهم من زيارة الأماكن الحضارية والتعرف على التراث الحضاري الإسلامي واللقاء مع الشخصيات العلمية الحضارية في العالم الإسلامي. ثالث عشر: توجيه الجامعات والمعاهد العلمية في مصر والخارج إلى إجراء بحوث الماجستير والدكتوراه حول الحضارة العربية الإسلامية بكل جوانبها وفنونها وتراثها الحضاري. رابع عشر: يناشد المؤتمر المنظمات العالمية والمؤسسات والجامعات في العالم الإسلامي والعالم كله لدعم الجمعية العربية للحضارة والفنون الإسلامية مادياً وعلمياً حتى تباشر مسئولياتها المتعاظمة على النحو الذي يحقق اهداف وآمال الجمعية وذلك أسوة بالمبادرة الكريمة من المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة - ايسيسكو - وهيئة آل مكتوم الخيرية مع تقديم المؤتمر وافر الشكر لهما على الدعم والمساندة والتشجيع للمؤتمر، وكذا بعض الهيئات الأخرى. خامس عشر : يدعو المؤتمر إلى وضع آلية لتنفيذ هذه التوصيات وتفعيلها وعرض نتائج جهودها على المؤتمر القادم للجمعية وتشكيل لجنة مشتركة من الجمعية ومنظمة الإيسيسكو وهيئة آل مكتوم الخيرية للمتابعة. سادس عشر: يدعو المؤتمر إلى أهمية إقامة هذا المؤتمر سنوياً مع الاتصال بالمنظمات الدولية والجامعات الإسلامية من الآن لرعايته ودعمه لتحقيق أهدافه ويقترح أن يكون موضوع المؤتمر القادم هو :الحضارة العربية الاسلامية بين عوامل الازدهار وعوامل الانكسار.