عمر عبد العزيز: تحد من المشاهد المبالغ فيها سامح عبد العزيز: أرفض الوصايا على الفن والإبداع أثارت الوثيقة التي وقعت عليها نقابتي "المهن السينمائية" و"التمثيلية" مع وزارة التضامن الإجتماعي وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، جدلا واسعا داخل الوسط الفنى، والتي تلزم صناع الأعمال الفنية بتقليل عرض ظاهرة التدخين وتعاطي المواد المخدرة عبر الشاشات، إذ انقسم المبدعون بين مؤيد ومعارض للوثيقة، ويرى بعضهم أن الوثيقة ضد حرية الإبداع، بينما يشير آخرون إلى أنها خطوة جيدة نحو الإصلاح المجتمعي، مطالبين بأن تكون مناشدة وليس إجبارًا، وتطبيق بنودها على أرض الواقع.. كان قد وقع عمرو عثمان مدير صندوق "مكافحة وعلاج الإدمان"، ممثلا عن الحكومة، والفنان سامح الصريطى، رئيس نقابة المهن التمثيلية، على وثيقة إلزام صناع الدراما بشأن تناول ظاهرة التدخين وتعاطى المواد المخدرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى. جاء ذلك خلال مؤتمر إطلاق الخطة الوطنية لخفض الطلب على المخدرات، بحضور المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وعدد كبير من الوزراء والمسئولين المعنيين. ونصت الوثيقة على التزام كتاب الدراما والمخرجين، وذلك من خلال العمل، على تحقيق التوزان الإيجابي في تناول المشكلة، وتجنب المعالجة الدرامية التي تتضمن مشاهد التدخين والمخدرات، مع السعى نحو إنتاج أعمال درامية تهدف إلى مناهضة انتشار التدخين والمخدرات. وفيما يخص أبطال الأعمال الدرامية، فنصت الوثيقة على تجنب أنماط السلوك الداعمة لعملية التدخين وتعاطي المخدرات، مع المشاركة في تصوير تنويهات تحذيرية تبث قبل وأثناء العمل لما قد يحتويه العمل من مشاهد تدخين ومخدرات. وعن بنود الوثيقة للمنتجين والقنوات الفضائية وشركات التوزيع السينمائي، فطالبت الوثيقة بعرض شريط تحذيري مُصاحب لمشاهد التدخين وتعاطي المواد المخدرة في حالة عرض هذه المشاهد داخل العمل الدرامي، مع بث تنويهات توعية مناهضة للمشكلة، بالإضافة إلى التأكيد على حظر احتواء العمل الدرامي على العروض الترويجية لمنتجات التبغ بإظهار الاسم أو النوع أو أي علامة تجارية، فضلا عن حظر كافة أشكال الإعلانات التي تتضمن صورة المدخن أو المتعاطي، مع التطبيق الفعلي لمنع التدخين تمامًا في دور العرض. وتنطلق وثيقة التزام صناع الدراما بشأن تناول ظاهرة التدخين وتعاطي المواد المخدرة من أطر تشريعية ومجتمعية أهمها التأكيد على حرية الإبداع الفني والأدبي في الدستور المصري ودور النقابات المهنية في تنفيذ مواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية إلى جانب حماية حقوق الطفل الاتصالية في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وانعكاس الحماية الدولية لحقوق الطفل على القانون المصري. وفيما يخص الأجهزة الرقابية على الأعمال الدرامية، تقضي الوثيقة بضرورة إيجاد الآلية المناسبة لحظر أي مشاهد لتعاطي الأطفال دون ال 18 عاما لمواد التبغ أو المواد المخدرة، وتطالب بالعمل على وضع قيود على مشاهد تدخين الفتيات والسيدات بالأعمال الدرامية للحد من انتشار تلك الظاهرة السلبية، لاسيما أن نسبة مشاهد تدخين السيدات تفوق نسبتها في الواقع. وتتبنى الوثيقة نظاما لتصنيف الأعمال الدرامية من حيث تناولها لمشكلة التدخين وتعاطي المواد المخدرة بطريق متدرجة، وتقضي بتشكيل لجنة متخصصة من صناع الدراما والخبراء والمتخصصين في علم النفس والاجتماع، تحت إشراف صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، تكون مهمتها تقديم وتقييم المحتوى العلمي الخاص بعملية التدخين والتعاطي داخل العمل الدرامي. وفيما يخص "المؤسسات الثقافية والجهات المعنية بالقضية" طالبت الوثيقة بتخصيص جوائز في المهرجانات الوطنية والإقليمية للأعمال الخالية من مشاهد التدخين والتعاطى ، أو المناهضة للمشكلة وذلك بمشاركة المؤسسات الإقليمية والوطنية المعنية بالقضية. وقيام الجهات المعنية بتنظيم ورش عمل مشتركة بين صناع الدراما والمتخصصين في المجال النفسي والاجتماعي والقانوني بهدف تنمية الوعي بخطورة المشكلة وآليات التناول الدرامي الرشيد للمشكلة بما لا يتعارض مع حرية الإبداع الفني. وأكدت الوثيقة أهمية متابعة المؤسسات المعنية بالقضية لعملية رصد طبيعة التناول الدرامي لمشكلة التدخين وتعاطي المواد المخدرة، كما أكدت ضرورة رصد خروقات شركات التبغ في التعاون مع صناع الدراما في الترويج ورعاية منتجات التبغ المختلفة خلال الأعمال الدرامية وكذلك الإعلانات الداخلية. "مشاهد مفرطة" من جانبه، يقول المخرج عمر عبد العزيز، وكيل نقابة المهن السينمائية: "قررنا التعاون مع كل الجهات المشاركة فى التوقيع على الوثيقة والدعاية لها لعدة أسباب أولها، أن الوثيقة لا تضم فقط التدخين، كما هو شائع، وتمتد الى الإدمان بمختلف أفرعه، ولا نستطيع أن ننكر أن الأعمال الفنية فى السينما والتليفزيون أصبحت تلجأ الى استخدام مشاهد مفرطة تظهر أبطالها وهم يدخنون دون مبرر فنى، وهذا ملحوظ بشكل كبير فى الدراما التليفزيونية عن السينما، ففى رمضان الماضى لاحظت أن مشاهد التدخين والإدمان زادت عن الحد الطبيعى وعلينا أن نتذكر فى النهاية أننا نربى النشئ، وعلينا أن نجعله يسير نحو المسار الصحيح، خاصة أن التليفزيون أصبح المتنفس الوحيد للبعض، فليس من المعقول أن نجد الأبطال يدخنون السجائر فى مشهد ثم يستبدلونه بالشيشة فى المشهد الذى يليه. يضيف "عبد العزيز" قائلا: "نحن لا نطالب بمنع مشاهد التدخين والإدمان فى الأعمال الدرامية على الإطلاق، ولكن الهدف من دعمنا وتوقيعنا على الوثيقة يعود الى ضرورة تقنين تلك المشاهد بشكل درامى، لأن ما يهمنا فى النهاية هو المشاهد المصرى". وعن أليات تنفيذ الوثيقة خاصة أن نقابة المهن السينمائية لا تملك الحق فى منع عمل فنى يضم مشاهد تدخين وإدمان، يوضح "عبد العزيز": "المسألة ليست صراعا أو خناقة حتى تكون هناك آليات ردع أو منع، لذا نحاول أن نصل إلى حل يرضى جميع الأطراف، فشخصيا كمخرج أرفض أن يتم منع مشاهد تدخين أو إدمان بشكل كامل، لو كان العمل فى حاجة درامية لها، فلا يجوز أن أستغنى عن مشهد أساسى فى العمل، ولكن على سبيل المثال مسلسل " صديق العمر"، والذى عرض العام الماضى فوجئت بكم مشاهد التدخين الموجود به، حيث أظهر شخصيات تاريخية تقوم بالتدخين ليلا نهار، مثل "زكريا محى الدين" أحد قيادات ثورة 23 يوليو "، وأعرفه بشكل شخصى وفى الحقيقة أنه لا يدخن نهائياً، وهذا خطأ تاريخى". "عبد العزيز" يستكمل: النقابة لا تملك أى وسيلة إجبار للمنتج أو المؤلف لمنع هذه المشاهد، ونملك "بوابة إلكترونية" ننشر عليها كافة القرارات والمنشادات، كما نقوم بإبلاغ كل الأعضاء الذين يحضورون الى مقر النقابة , وقد أعطينا هيئة مكافحة الإدمان كلمة شرف بأن لا تظهر المشاهد المبالغ فيها فى أعمالنا" . "مرأة المجتمع" "أرى أن هذه الوثيقة من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، كما أنها غير ملزمة للمبدع أن يقوم بتنفيذها، ويعتبر ذلك نوع من التدخل فى العمل الفنى وهو الأمر الذى أرفضه"، هذا كان رأى المخرج سامح عبد العزيز، ويضيف: "الفن بشكل عام مرآة المجتمع، وبالتالى لا بد من رصد السلبيات والإيجابيات حتى يمكن معالجة ما هو سلبى ونثنى على ما هو إيجابى، وفى تصورى أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه، إذا وضعنا بعض المعوقات، فأنا مع الأعمال التى تناقش هذه القضايا بحرفية شديدة وبشكل متعمق حتى يمكن أن نتصدى للأزمة ونحاول أن نعالجها من خلال الدور المجتمعى". "مصداقية العمل" المنتج أحمد السبكى، يتفق معه فى الرأى، ويقول: "لا يمكن لأى جهة أن توقف تصوير عمل فنى سوى الرقابة على المصنفات الفنية لأنها الجهة الوحيدة التى تمنح العمل الفنى تصريحا لعرضه، وبالتالى أرى أن هذه الوثيقة غير ملزمة بتطبيقها على الأعمال الفنية، ولكن أتصور أن العمل الفنى له صناع يتولون تنفيذه، وهم الأقدر بما هو يصلح وما لا يصلح أن يشاهده الجمهور، فليس من الطبيعى تقديم عمل به مشاهد خاصة بالإدمان أو التدخين وتعتبر مشاهد ضرورية داخل السياق الدرامى، ويتم حذفها أو التقليل منها فإن العمل الفنى يفقد مصدقيته لدى المشاهد". "رؤية المؤلف" "تقليل مشاهد الإدمان والتدخين من الأعمال الفنية تخضع لفكرة ورؤية كاتب ومخرج العمل"، هكذا قال المنتج طارق الجناينى، ويتابع: "لم يصلنى أى معلومات أو إخطار من نقابة المهن السينمائية أو التمثلية حول الوثيقة التى وقعا عليها بشان تقليص حجم مشاهد التدخين والإدمان فى الأعمال الدرامية , وعلى الرغم من ذلك فشخصياً ضد التدخين إلا أننى لا أملك فرض رؤية على المخرج، فالأمر يخضع للحبكة الدرامية". ويستكمل الجناينى قائلاً: "هناك فرق كبير بين المناشدة والإجبار، فمن المقبول أن يتم مناشدة أبناء المهنة الواحدة لتقليل حجم مشاهد التدخين فى الأعمال الدرامية دون إجبار أحد، وأناً أول الداعمين ولنكرر النموذج الأمريكى لها فمثلا كان التليفزيون الأمريكى فى فترة ما، يقوم ببث إعلانات وأعمال درامية أمثال "كمل" و "مربورا مان " وعندما وجدوا أن هناك تعاطف معها من قبل الشباب نشادوا المنتجين بها، فلا يجوز أن يرتبط التدخين بنموذج جيد أو بطل، ولكن من الممكن أن النموذج السىء أو الشرير هو من يقوم بالتدخين حتى يكون نموذجا سيئًا بالنسبة للأطفال والآن التليفزيون الأمريكى لا يعرض سوى عمل واحد، هو ما يتضمن مشاهد للتدخين". "تحصيل حاصل" "أشك فى تنفيذ الوثيقة"، بهذه العبارة بدأت الناقدة خيرية البشلاوى حديثها قائلة: "إنها وثيقة جيدة ولكن لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، والأمر مجرد "تحصيل حاصل"، فالجمهور وحده المتحكم فى تنفيذها، فعليه أن يرفض مشاهدة هذه الأعمال المؤسفة والمبتذلة بحيث يمكن تقديم أعمال جيدة لا تأخذ الإدمان والتدخين وسيلة لكسب ربح مادى". تستطرد: "رغم صعوبة تنفيذه إلا أن وجودها أمر ضرورى لاننا نعيش حالة من الفوضى العارمة فى الأعمال السينمائية والدرامية فى الفترة الأخيرة , فأصبحنا امام فن يكرس فكرة البلطجة والإدمان و التدخين بسبب ودون سبب درامى، فضلا عن ذلك أننا نعيش فوضى مجتمعية، وعلى الفن بشكل عام مسئولية مجتمعية يجب على المبدع مراعاتها فى كتاباته". "تكثيف الجرعة" من ناحيتها تقول د. منى ياسين، المسئول الإعلامى بمنظمة الصحة العالمية: "مع إرتفاع نسبة التدخين والإدمان فى المجتمع المصرى، نناشد ونحذر صناع الدراما المصرية من الوقوع فى فخ الترويج غير المباشر للتدخين والإدمان، حيث رصدنا من خلال منظمة الصحة العالمية أن الدراما الرمضانية فى الآونة الأخيرة كثفت من جرعة ظهور المدخنين على الشاشة، مما أظهرها وكأنها تروج للتدخين وهذا يتناقض مع الاتفاقية الموقعة عليها مصر لمكافحة التدخين، كما لا بد أن يتحلى صناع الدراما بالمسئولية، فكثير من البلدان التى تكون بها نسبة التدخين والإدمان مرتفعة لا يظهرون ذلك على شاشاتهم". تضيف "منى" قائلا : "لا أحد يستطيع أن ينكر زيادة نسبة المدخنين فى مجتمعنا خلال السنوات السابقة، وأتصور أن أحد أدوار الدراما، محاربة تلك الظواهر التى تسبب أضرارا بالغة للمجتمع، ولكن تكرار عرضنا لها وكأنها شكل طبيعى سيجعل البعض يتخذها بشكل إيجابى". تستكمل "منى": "إذا كان ولابد من وجود المشاهد التى تحتوى على المدخنين ضمن العمل الدرامى، فإننى أناشد بضرورة عودة وضع العبارات الاسترشادية التى كانت توضع أسفل الشاشة للتحذير من أضرار التدخين". "مراقبة الأعمال" أما د. جمال حماد، أستاذ علم الإجتماع بجامعة المنوفية يرى أن المصنفات الفنية وحدها النموط بها تحجيم هذا الأمر، لأنها المسيطرة على العمل الفنى، وبالتالى من الضرورى تواجدها ومراقبتها على العمل الفنى الذى يخالف بنود الوثيقة التى تحاول حماية الأطفال، والنشئ من سلبيات المجتمع التى نعانى منها حتى الآن. يضيف "جمال" قائلا: "كل ما هو سلبى فى المجتمع يؤثر على الأطفال والنشئ، وبالتالى فإن الأعمال الفنية عليها دور كبير فى تقويم وإصلاح العملية المجتمعية بجانب الدور المجتمع الذى تقوم به المؤسسات الحكومية". عمر عبد العزيز: تحد من المشاهد المبالغ فيها سامح عبد العزيز: أرفض الوصايا على الفن والإبداع أثارت الوثيقة التي وقعت عليها نقابتي "المهن السينمائية" و"التمثيلية" مع وزارة التضامن الإجتماعي وصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، جدلا واسعا داخل الوسط الفنى، والتي تلزم صناع الأعمال الفنية بتقليل عرض ظاهرة التدخين وتعاطي المواد المخدرة عبر الشاشات، إذ انقسم المبدعون بين مؤيد ومعارض للوثيقة، ويرى بعضهم أن الوثيقة ضد حرية الإبداع، بينما يشير آخرون إلى أنها خطوة جيدة نحو الإصلاح المجتمعي، مطالبين بأن تكون مناشدة وليس إجبارًا، وتطبيق بنودها على أرض الواقع.. كان قد وقع عمرو عثمان مدير صندوق "مكافحة وعلاج الإدمان"، ممثلا عن الحكومة، والفنان سامح الصريطى، رئيس نقابة المهن التمثيلية، على وثيقة إلزام صناع الدراما بشأن تناول ظاهرة التدخين وتعاطى المواد المخدرة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى. جاء ذلك خلال مؤتمر إطلاق الخطة الوطنية لخفض الطلب على المخدرات، بحضور المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وعدد كبير من الوزراء والمسئولين المعنيين. ونصت الوثيقة على التزام كتاب الدراما والمخرجين، وذلك من خلال العمل، على تحقيق التوزان الإيجابي في تناول المشكلة، وتجنب المعالجة الدرامية التي تتضمن مشاهد التدخين والمخدرات، مع السعى نحو إنتاج أعمال درامية تهدف إلى مناهضة انتشار التدخين والمخدرات. وفيما يخص أبطال الأعمال الدرامية، فنصت الوثيقة على تجنب أنماط السلوك الداعمة لعملية التدخين وتعاطي المخدرات، مع المشاركة في تصوير تنويهات تحذيرية تبث قبل وأثناء العمل لما قد يحتويه العمل من مشاهد تدخين ومخدرات. وعن بنود الوثيقة للمنتجين والقنوات الفضائية وشركات التوزيع السينمائي، فطالبت الوثيقة بعرض شريط تحذيري مُصاحب لمشاهد التدخين وتعاطي المواد المخدرة في حالة عرض هذه المشاهد داخل العمل الدرامي، مع بث تنويهات توعية مناهضة للمشكلة، بالإضافة إلى التأكيد على حظر احتواء العمل الدرامي على العروض الترويجية لمنتجات التبغ بإظهار الاسم أو النوع أو أي علامة تجارية، فضلا عن حظر كافة أشكال الإعلانات التي تتضمن صورة المدخن أو المتعاطي، مع التطبيق الفعلي لمنع التدخين تمامًا في دور العرض. وتنطلق وثيقة التزام صناع الدراما بشأن تناول ظاهرة التدخين وتعاطي المواد المخدرة من أطر تشريعية ومجتمعية أهمها التأكيد على حرية الإبداع الفني والأدبي في الدستور المصري ودور النقابات المهنية في تنفيذ مواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية إلى جانب حماية حقوق الطفل الاتصالية في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وانعكاس الحماية الدولية لحقوق الطفل على القانون المصري. وفيما يخص الأجهزة الرقابية على الأعمال الدرامية، تقضي الوثيقة بضرورة إيجاد الآلية المناسبة لحظر أي مشاهد لتعاطي الأطفال دون ال 18 عاما لمواد التبغ أو المواد المخدرة، وتطالب بالعمل على وضع قيود على مشاهد تدخين الفتيات والسيدات بالأعمال الدرامية للحد من انتشار تلك الظاهرة السلبية، لاسيما أن نسبة مشاهد تدخين السيدات تفوق نسبتها في الواقع. وتتبنى الوثيقة نظاما لتصنيف الأعمال الدرامية من حيث تناولها لمشكلة التدخين وتعاطي المواد المخدرة بطريق متدرجة، وتقضي بتشكيل لجنة متخصصة من صناع الدراما والخبراء والمتخصصين في علم النفس والاجتماع، تحت إشراف صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، تكون مهمتها تقديم وتقييم المحتوى العلمي الخاص بعملية التدخين والتعاطي داخل العمل الدرامي. وفيما يخص "المؤسسات الثقافية والجهات المعنية بالقضية" طالبت الوثيقة بتخصيص جوائز في المهرجانات الوطنية والإقليمية للأعمال الخالية من مشاهد التدخين والتعاطى ، أو المناهضة للمشكلة وذلك بمشاركة المؤسسات الإقليمية والوطنية المعنية بالقضية. وقيام الجهات المعنية بتنظيم ورش عمل مشتركة بين صناع الدراما والمتخصصين في المجال النفسي والاجتماعي والقانوني بهدف تنمية الوعي بخطورة المشكلة وآليات التناول الدرامي الرشيد للمشكلة بما لا يتعارض مع حرية الإبداع الفني. وأكدت الوثيقة أهمية متابعة المؤسسات المعنية بالقضية لعملية رصد طبيعة التناول الدرامي لمشكلة التدخين وتعاطي المواد المخدرة، كما أكدت ضرورة رصد خروقات شركات التبغ في التعاون مع صناع الدراما في الترويج ورعاية منتجات التبغ المختلفة خلال الأعمال الدرامية وكذلك الإعلانات الداخلية. "مشاهد مفرطة" من جانبه، يقول المخرج عمر عبد العزيز، وكيل نقابة المهن السينمائية: "قررنا التعاون مع كل الجهات المشاركة فى التوقيع على الوثيقة والدعاية لها لعدة أسباب أولها، أن الوثيقة لا تضم فقط التدخين، كما هو شائع، وتمتد الى الإدمان بمختلف أفرعه، ولا نستطيع أن ننكر أن الأعمال الفنية فى السينما والتليفزيون أصبحت تلجأ الى استخدام مشاهد مفرطة تظهر أبطالها وهم يدخنون دون مبرر فنى، وهذا ملحوظ بشكل كبير فى الدراما التليفزيونية عن السينما، ففى رمضان الماضى لاحظت أن مشاهد التدخين والإدمان زادت عن الحد الطبيعى وعلينا أن نتذكر فى النهاية أننا نربى النشئ، وعلينا أن نجعله يسير نحو المسار الصحيح، خاصة أن التليفزيون أصبح المتنفس الوحيد للبعض، فليس من المعقول أن نجد الأبطال يدخنون السجائر فى مشهد ثم يستبدلونه بالشيشة فى المشهد الذى يليه. يضيف "عبد العزيز" قائلا: "نحن لا نطالب بمنع مشاهد التدخين والإدمان فى الأعمال الدرامية على الإطلاق، ولكن الهدف من دعمنا وتوقيعنا على الوثيقة يعود الى ضرورة تقنين تلك المشاهد بشكل درامى، لأن ما يهمنا فى النهاية هو المشاهد المصرى". وعن أليات تنفيذ الوثيقة خاصة أن نقابة المهن السينمائية لا تملك الحق فى منع عمل فنى يضم مشاهد تدخين وإدمان، يوضح "عبد العزيز": "المسألة ليست صراعا أو خناقة حتى تكون هناك آليات ردع أو منع، لذا نحاول أن نصل إلى حل يرضى جميع الأطراف، فشخصيا كمخرج أرفض أن يتم منع مشاهد تدخين أو إدمان بشكل كامل، لو كان العمل فى حاجة درامية لها، فلا يجوز أن أستغنى عن مشهد أساسى فى العمل، ولكن على سبيل المثال مسلسل " صديق العمر"، والذى عرض العام الماضى فوجئت بكم مشاهد التدخين الموجود به، حيث أظهر شخصيات تاريخية تقوم بالتدخين ليلا نهار، مثل "زكريا محى الدين" أحد قيادات ثورة 23 يوليو "، وأعرفه بشكل شخصى وفى الحقيقة أنه لا يدخن نهائياً، وهذا خطأ تاريخى". "عبد العزيز" يستكمل: النقابة لا تملك أى وسيلة إجبار للمنتج أو المؤلف لمنع هذه المشاهد، ونملك "بوابة إلكترونية" ننشر عليها كافة القرارات والمنشادات، كما نقوم بإبلاغ كل الأعضاء الذين يحضورون الى مقر النقابة , وقد أعطينا هيئة مكافحة الإدمان كلمة شرف بأن لا تظهر المشاهد المبالغ فيها فى أعمالنا" . "مرأة المجتمع" "أرى أن هذه الوثيقة من الصعب تطبيقها على أرض الواقع، كما أنها غير ملزمة للمبدع أن يقوم بتنفيذها، ويعتبر ذلك نوع من التدخل فى العمل الفنى وهو الأمر الذى أرفضه"، هذا كان رأى المخرج سامح عبد العزيز، ويضيف: "الفن بشكل عام مرآة المجتمع، وبالتالى لا بد من رصد السلبيات والإيجابيات حتى يمكن معالجة ما هو سلبى ونثنى على ما هو إيجابى، وفى تصورى أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه، إذا وضعنا بعض المعوقات، فأنا مع الأعمال التى تناقش هذه القضايا بحرفية شديدة وبشكل متعمق حتى يمكن أن نتصدى للأزمة ونحاول أن نعالجها من خلال الدور المجتمعى". "مصداقية العمل" المنتج أحمد السبكى، يتفق معه فى الرأى، ويقول: "لا يمكن لأى جهة أن توقف تصوير عمل فنى سوى الرقابة على المصنفات الفنية لأنها الجهة الوحيدة التى تمنح العمل الفنى تصريحا لعرضه، وبالتالى أرى أن هذه الوثيقة غير ملزمة بتطبيقها على الأعمال الفنية، ولكن أتصور أن العمل الفنى له صناع يتولون تنفيذه، وهم الأقدر بما هو يصلح وما لا يصلح أن يشاهده الجمهور، فليس من الطبيعى تقديم عمل به مشاهد خاصة بالإدمان أو التدخين وتعتبر مشاهد ضرورية داخل السياق الدرامى، ويتم حذفها أو التقليل منها فإن العمل الفنى يفقد مصدقيته لدى المشاهد". "رؤية المؤلف" "تقليل مشاهد الإدمان والتدخين من الأعمال الفنية تخضع لفكرة ورؤية كاتب ومخرج العمل"، هكذا قال المنتج طارق الجناينى، ويتابع: "لم يصلنى أى معلومات أو إخطار من نقابة المهن السينمائية أو التمثلية حول الوثيقة التى وقعا عليها بشان تقليص حجم مشاهد التدخين والإدمان فى الأعمال الدرامية , وعلى الرغم من ذلك فشخصياً ضد التدخين إلا أننى لا أملك فرض رؤية على المخرج، فالأمر يخضع للحبكة الدرامية". ويستكمل الجناينى قائلاً: "هناك فرق كبير بين المناشدة والإجبار، فمن المقبول أن يتم مناشدة أبناء المهنة الواحدة لتقليل حجم مشاهد التدخين فى الأعمال الدرامية دون إجبار أحد، وأناً أول الداعمين ولنكرر النموذج الأمريكى لها فمثلا كان التليفزيون الأمريكى فى فترة ما، يقوم ببث إعلانات وأعمال درامية أمثال "كمل" و "مربورا مان " وعندما وجدوا أن هناك تعاطف معها من قبل الشباب نشادوا المنتجين بها، فلا يجوز أن يرتبط التدخين بنموذج جيد أو بطل، ولكن من الممكن أن النموذج السىء أو الشرير هو من يقوم بالتدخين حتى يكون نموذجا سيئًا بالنسبة للأطفال والآن التليفزيون الأمريكى لا يعرض سوى عمل واحد، هو ما يتضمن مشاهد للتدخين". "تحصيل حاصل" "أشك فى تنفيذ الوثيقة"، بهذه العبارة بدأت الناقدة خيرية البشلاوى حديثها قائلة: "إنها وثيقة جيدة ولكن لا يمكن تنفيذها على أرض الواقع، والأمر مجرد "تحصيل حاصل"، فالجمهور وحده المتحكم فى تنفيذها، فعليه أن يرفض مشاهدة هذه الأعمال المؤسفة والمبتذلة بحيث يمكن تقديم أعمال جيدة لا تأخذ الإدمان والتدخين وسيلة لكسب ربح مادى". تستطرد: "رغم صعوبة تنفيذه إلا أن وجودها أمر ضرورى لاننا نعيش حالة من الفوضى العارمة فى الأعمال السينمائية والدرامية فى الفترة الأخيرة , فأصبحنا امام فن يكرس فكرة البلطجة والإدمان و التدخين بسبب ودون سبب درامى، فضلا عن ذلك أننا نعيش فوضى مجتمعية، وعلى الفن بشكل عام مسئولية مجتمعية يجب على المبدع مراعاتها فى كتاباته". "تكثيف الجرعة" من ناحيتها تقول د. منى ياسين، المسئول الإعلامى بمنظمة الصحة العالمية: "مع إرتفاع نسبة التدخين والإدمان فى المجتمع المصرى، نناشد ونحذر صناع الدراما المصرية من الوقوع فى فخ الترويج غير المباشر للتدخين والإدمان، حيث رصدنا من خلال منظمة الصحة العالمية أن الدراما الرمضانية فى الآونة الأخيرة كثفت من جرعة ظهور المدخنين على الشاشة، مما أظهرها وكأنها تروج للتدخين وهذا يتناقض مع الاتفاقية الموقعة عليها مصر لمكافحة التدخين، كما لا بد أن يتحلى صناع الدراما بالمسئولية، فكثير من البلدان التى تكون بها نسبة التدخين والإدمان مرتفعة لا يظهرون ذلك على شاشاتهم". تضيف "منى" قائلا : "لا أحد يستطيع أن ينكر زيادة نسبة المدخنين فى مجتمعنا خلال السنوات السابقة، وأتصور أن أحد أدوار الدراما، محاربة تلك الظواهر التى تسبب أضرارا بالغة للمجتمع، ولكن تكرار عرضنا لها وكأنها شكل طبيعى سيجعل البعض يتخذها بشكل إيجابى". تستكمل "منى": "إذا كان ولابد من وجود المشاهد التى تحتوى على المدخنين ضمن العمل الدرامى، فإننى أناشد بضرورة عودة وضع العبارات الاسترشادية التى كانت توضع أسفل الشاشة للتحذير من أضرار التدخين". "مراقبة الأعمال" أما د. جمال حماد، أستاذ علم الإجتماع بجامعة المنوفية يرى أن المصنفات الفنية وحدها النموط بها تحجيم هذا الأمر، لأنها المسيطرة على العمل الفنى، وبالتالى من الضرورى تواجدها ومراقبتها على العمل الفنى الذى يخالف بنود الوثيقة التى تحاول حماية الأطفال، والنشئ من سلبيات المجتمع التى نعانى منها حتى الآن. يضيف "جمال" قائلا: "كل ما هو سلبى فى المجتمع يؤثر على الأطفال والنشئ، وبالتالى فإن الأعمال الفنية عليها دور كبير فى تقويم وإصلاح العملية المجتمعية بجانب الدور المجتمع الذى تقوم به المؤسسات الحكومية".