أول تعليق من رئيس البرلمان على استقالة الحكومة    جامعة كفر الشيخ تتسلم شهادة رخصة مركز تدريب معتمد من المجلس الأعلي للجامعات    محافظ المنوفية: مواصلة جهود التغيير والبناء الشامل في شتى القطاعات الخدمية    وزيرة التخطيط: نقدر القلق من الديون ونجري دراسات جدوى    حزب المصريين: الحكومة السابقة واجهت تحديات خطيرة داخليا وخارجيا    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع مستجدات مشروع كوبري المزلقان على الطريق الزراعي بالواسطى    إسرائيل: إلقاء قنبلة حارقة على سفارتنا في رومانيا    الصين تؤكد دعم جميع الجهود السلمية لحل الأزمة الأوكرانية    عقبة واحدة تمنع الزمالك من استعادة " الفيراري "    شاهد.. مجدي أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. والقاضية ظلمتني    رئيس بعثة الحج: الحالة الصحية للحجاج المصريين جيدة.. ولم تظهر أية أمراض وبائية    إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة بالطريق الصحراوي الغربي بقنا    الليلة.. «المغارة المسحورة» في ختام عروض مسرح الطفل بالإسكندرية    الأربعاء المقبل.. انطلاق مهرجان الأفلام اليابانية بالقاهرة    مي عمر عن علاقتها بمحمد سامي: «مبخافش من الحسد ومبركزش في كلام الناس»    قبل عقد قرانهما.. من هو عريس جميلة عوض؟    محمد الباز ل"إكسترا نيوز": بعض الوزارات الخدمية والاقتصادية تحتاج تغيير    رئيس الوزراء يتفقد المعرض الطبي الأفريقي الثالث    التحفظ على مدير حملة أحمد طنطاوي لتنفيذ حكم حبسه في تزوير توكيلات انتخابات الرئاسة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التمريض    بعد الفوز على الاتحاد السكندري.. أبوقير للأسمدة يجدد الثقة في محمد عطية    نائب: ضيوف مصر يمثلون عبئا على الموازنة العامة    محافظ الشرقية: إزالة 372 إعلانا مخالفا وغير مرخص خلال شهر    مجموعة "إي اف جي" القابضة تعتزم شراء 4.5 مليون سهم خزينة    نقيب البيطريين: حصلنا على وعد بضم أعضاء النقابة إلى تعيينات ال120 ألف فرصة عمل    من الترويج للمثلية الجنسية إلى إشراف «التعليم».. القصة الكاملة لأزمة مدرسة «ران» الألمانية    6 قرارات للمجلس الأعلى للجامعات لشئون الدراسات العليا والبحوث    سلطنة عُمان ترحب بالمبادرة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة    نتنياهو: يمكن بدء تنفيذ خطة التهدئة فى غزة قبل الاتفاق على الشروط بشكل كامل    أحمد ماهر: "بكيت بشدة في مشهد إيذاء أبو لهب للنبي"    أسامة قابيل يوضح حكم تفويض شخص آخر فى ذبح الأضحية؟    مرصد الأزهر: الحفاظ على عقول الأفراد من الانحراف أحد أهم مقاصد الشريعة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات والانهيارات الأرضية في سريلانكا إلى 12 شخصًا    صيادلة الإسكندرية: توزيع 4.8 ألف علبة دواء مجانا في 5 قوافل طبية (صور)    أمانة الشباب ب"حماة الوطن" تنظم ندوة بعنوان "موقفنا ثابت للقضية الفلسطينية"    الرباط الصليبي يبعد مدافع أتالانتا من قائمة إيطاليا في يورو 2024    رئيس أتليتكو مدريد يكشف حقيقة مفاوضات صلاح.. ومونديال الأندية الجديد ومستقبل فيليكس    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني نحو 1.7 ألف جندي خلال يوم    المؤهلات والأوراق المطلوبة للتقديم على وظائف المدارس المصرية اليابانية    عاشور: الجامعة الفرنسية تقدم برامج علمية مُتميزة تتوافق مع أعلى المعايير العالمية    السكة الحديد: تعديل تركيب وامتداد مسير بعض القطارات على خط القاهرة / الإسماعيلية    برلماني يطالب الحكومة بدعم الاستثمار الزراعي والصناعي    تحرير 94 محضر إنتاج خبز غير مطابق للمواصفات بالمنوفية    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    دعاء لأمي المتوفية في عيد الأضحى.. «اللهم انزلها منزلا مباركا»    الحكومة تتقدم باستقالتها.. والرئيس السيسي يكلف مدبولي بتشكيل جديد    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    طريقة التسجيل في مبادرة الأمراض المزمنة.. الكشف والعلاج بالمجان    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    أفشة: ظُلمت بسبب هدفي في نهائي القرن.. و95% لا يفقهون ما يدور داخل الملعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقة وقلم
رسالة إسبانية مفتوحة إلي السيسي
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 01 - 05 - 2015

كلما ابتعدت جغرافياً عن مصر، تعرف قدر بلدك أكثر عبر نظرة الآخرين إليها، وكلما نظرت من بعيد إلي مصر، تري المشهد في مجمله أكثر تعبيراً عن حال البلد، مما لو أمعنت في جانب دون جوانب، أو ركزت علي ظلال في زاوية دون أضواء في زوايا.
هذا تقريباً، شعوري كلما سافرت خلال الشهور الستة الأخيرة، وهذه مشاعري وأنا هنا في اسبانيا، حيث جئت من بلد أطبق علي حلم حين كاد ينهار الواقع، واستمسك بأمل في خضم هموم ثقال، لا يقدر علي حملها إلا شعب متساند، وأتيت إلي بلد يرمز في الذاكرة العربية والإسلامية إلي معني سقوط الأوطان بفعل صراعات مصالح ضيقة ومغانم من سراب!
من قبرص إلي مدريد حطت طائرة الرئيس عبدالفتاح السيسي وأقلعت 4 مرات، في جولة أوروبية محدودة استغرقت 36 ساعة فقط، لكنها عمرت بلقاءات واجتماعات ومباحثات، ما كان لها أن تنجح، لولا إعداد جيد مسبق، ورؤي واضحة مطروحة، وصدق وإخلاص رجل قدر له أن يقود وطن في أزمة، وسط منطقة علي شفا هاوية!
إلي العاصمة الاسبانية وصل السيسي ليل الأربعاء، تسبقه عبارة ذات مغزي قالها ألكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني الجديد للرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في ختام القمة الثلاثية التي جمعتهما والرئيس السيسي أمس الأول في نيوقسيا: »‬أشكر للرئيس القبرصي أنه أتاح لي الفرصة للالتقاء بشخصية عظيمة هي عبدالفتاح السيسي».
وعلّق مسئول مصري رفيع المستوي وهو يحدثني عن مجريات القمة الثلاثية قائلاً: كان اللقاء ناجحاً في تعميق مصلحة مشتركة بين الدول الثلاث، وهذا هو مفتاح نجاح أي علاقة أو شراكة. فقد اتفقت مصر مع اليونان علي تشكيل لجنة لترسيم الحدود البحرية بينهما، بعد أن انتهت من ذلك مع قبرص، واتفقت الدول الثلاث علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية، سعياً لإقرار السلام والاستقرار والأمن وتحقيق الازدهار في هذه المنطقة المضطربة. لكن أكثر ما أشعرني بالفخر كمواطن مصري يقول المسئول رفيع المستوي »‬إنني وجدت نظرات إعجاب وتقدير واحترام في عيون الزعيمين القبرصي واليوناني، لرؤي رئيس مصر ومواقفه الشجاعة».
فور وصوله إلي مدريد ليل أمس الأول، توجه الرئيس السيسي من المطار إلي مقر الحكومة الاسبانية، وكان في استقباله بمطار مدريد مانويل سوريا وزير الصناعة والطاقة والسياحة، والشخصية البارزة في الحكومة الاسبانية، الذي استحوذ علي مشاعر المصريين في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، بالكلمة المرتجلة التي ألقاها، وقال فيها: »‬إننا معاً في معركة واحدة ضد الظلام وسوف ننتصر».
في مقر الحكومة.. أقام ماريانو راخوي رئيس الوزراء الاسباني عشاء خاصاً تكريماً للرئيس السيسي، في سابقة بروتوكولية. أثناء العشاء، استمع راخوي إلي السيسي وهو يبحر في قضايا البحر المتوسط وما حوله، من ليبيا إلي سوريا إلي العراق إلي اليمن، مركزاً علي خطورة التهديد الإرهابي للشرق الأوسط وأوروبا علي السواء.
وبعد أن انتهي الرئيس من عرض رؤاه لأزمات المنطقة، نظر إلي رئيس الوزراء الاسباني مبتسماً وهو يشير إلي أوراق مكتوبة أمامه تحمل رءوس موضوعات أعدها مساعدوه، وقال: »‬هذا ما كتبه المعاونون. لكن دعني أتحدث مباشرة وأقول إنني متفق معك فيما طرحت، وأؤكد أن أمن واستقرار مصر وازدهارها، يحقق مصلحة الشرق الأوسط والمتوسط وأوروبا، ونحن علي أتم استعداد للتعاون مع مصر بلا حدود».
انتهي لقاء العشاء مع رئيس وزراء اسبانيا قرب منتصف الليل، وفي الصباح الباكر التقي في مقر إقامته بفندق »‬بالاس» مع لويس دي جيندوس وزير الاقتصاد والتنافسية بحضور أعضاء الوفد المرافق للرئيس الذي ضم: سامح شكري وزير الخارجية، د. أشرف سالمان وزير الاستثمار، شريف اسماعيل وزير البترول، المهندس هاني ضاحي وزير النقل، الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة. جري اللقاء علي مأدبة إفطار وعرض خلاله الرئيس التشريعات الجديدة المحفزة للاستثمار وأهمها قانون الاستثمار الجديد وحرص الحكومة علي تذليل العقبات أمام الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وخطتها لإجراء التحديث الشامل في البلاد. وتحدث الوزير الإسباني عن الطفرة التي حققها اقتصاد بلاده بالوصول بمعدل النمو إلي 9٪، وأشار إلي الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر ومكانتها كمنصة إقليمية للدخول إلي شمال افريقيا والشرق الأوسط والبلدان العربية.
ثم التقي الرئيس مع عدد من رؤساء الشركات الإسبانية ومجلس الأعمال المصري الإسباني.. واستمع إلي تساؤلات وآراء الحضور، وكان من أبرز المتحدثين رئيس شركة نيتكاس ريوندس وهي خامس أكبر شركات العالم في انتاج البترول والغاز، الذي أشاد بالاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تمت في مصر خلال الشهور الأخيرة، وقال للرئيس: إن رئاستكم لمصر صمام أمان للمنطقة وضمان لاستقرار أوروبا، ونحن نعتزم زيادة استثماراتنا في مصر.
وأنهي الرئيس اللقاء قائلا للمستثمرين الاسبان: »‬انتظر أن تطرقوا الباب، وسوف تجدونني واقفا أرحب بكم».
يوم أمس.. التقي الرئيس السيسي بالملك فيليبي السادس ملك أسبانيا مرتين. الأولي في مقره بقصر »‬ثارثويلا»، حيث كان الملك في استقبال الرئيس عند وصوله بسيارته إلي باب القصر، والثاني في القصر الملكي »‬أوريينتي» حيث أقام ملك اسبانيا مأدبة غداء تكريما للرئيس تبادلا خلالها الكلمات. بين اللقاءين، جرت مباحثات السيسي مع رئيس وزراء اسبانيا في قصر »‬مونكلوا» وسبقتها مراسم توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة و3 مذكرات تفاهم للتعاون في مجال السياحة ومجال النقل والبني التحتية، ومجال حماية الممتلكات الثقافية والأثرية المسروقة أو المصدرة بشكل غير شرعي. وفي الصباح.. كان الرئيس قد شهد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مشروع القطار السريع بين الغردقة والأقصر. والخطين الخامس والسادس لمترو الأنفاق.
سبق أن التقي السيسي مرتين قبل ذلك مع الملك فيليبي، أثناء حضورهما اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، وأثناء حضورهما اجتماعات القمة الافريقية بأديس أبابا، وفي لقاء أثيوبيا، جدد ملك اسبانيا الدعوة للرئيس لزيارة مدريد.
وسط حضور لافت وغير معتاد للملكة ليتيسيا، ومشاركة كبيرة من الفنانين والمثقفين الاسبان أصدقاء مصر، تحدث ملك أسبانيا في مأدبة الغداء بكلمة بليغة تناول فيها تاريخ مصر ووصفها بأنها احدي حواضن الحضارة الإنسانية، وحاضر مصر ووصفها بأنها بلد يحقق النمو ويراهن علي المستقبل، وعلاقات البلدين، ووصفها بأنها علاقة شراكة استراتيجية شاملة. وقال للرئيس: إننا ندعم رؤيتكم لمصر وبإمكانكم أن تعولوا علينا مثلما نحن نعول عليكم ونؤكد التزامنا الراسخ تجاه مصر».
أما الرئيس السيسي فقد ركز في كلمته علي تطلع مصر للتعاون الوثيق مع اسبانيا، مشيرا إلي أنه بحث مع رئيس الحكومة الاسبانية سبل تدشين مجالات جديدة للتعاون.
وقال إن مصر تخطو بثبات لاجراء الانتخابات التشريعية لإكمال بناء مؤسسات الدولة، مؤكداً حرصه علي تحقيق الحرية والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية لكل المصريين.
وأنهي كلمته قائلا: إن العالم في حاجة أكثر من أي وقت مضي لتحالف الحضارات في مواجهة الإرهاب والتطرف وما يمثلانه من تهديد للحضارة الانسانية.
اختتم السيسي لقاءاته مساء أمس بزيارة البرلمان الاسباني والاجتماع برئيس مجلس النواب ونوابه الأربعة الذين يمثلون الكتل السياسية في المجلس.
وفي الطريق من مبني الفندق إلي مقر البرلمان ولمسافة حوالي مائتي متر، قوبل الرئيس بمظاهرة حب من أبناء الجالية المصرية تهتف له: أرفع رأسك فوق أنت مصري».
وأمام مشاعر المودة، تجاوز الرئيس اجراءات الأمن المصرية والاسبانية ونزل من سيارته لتحية مستقبليه الذين امتدت أياديهم لمصافحته، وصافحهم، محاطاً بمشاعر محبة غَلَّابة، مُحَمَّلاً بمسئوليات وتحديات ندعو الله أن يوفقنا معه لنغلبها.
غادر الرئيس مدريد، وقد تسلم رسالة اسبانية واضحة تقول: نحن معكم، لأن تنمية مصر تحقق لها الاستقرار، واستقرارها يضمن لنا الأمن ولكل المنطقة.
كلما ابتعدت جغرافياً عن مصر، تعرف قدر بلدك أكثر عبر نظرة الآخرين إليها، وكلما نظرت من بعيد إلي مصر، تري المشهد في مجمله أكثر تعبيراً عن حال البلد، مما لو أمعنت في جانب دون جوانب، أو ركزت علي ظلال في زاوية دون أضواء في زوايا.
هذا تقريباً، شعوري كلما سافرت خلال الشهور الستة الأخيرة، وهذه مشاعري وأنا هنا في اسبانيا، حيث جئت من بلد أطبق علي حلم حين كاد ينهار الواقع، واستمسك بأمل في خضم هموم ثقال، لا يقدر علي حملها إلا شعب متساند، وأتيت إلي بلد يرمز في الذاكرة العربية والإسلامية إلي معني سقوط الأوطان بفعل صراعات مصالح ضيقة ومغانم من سراب!
من قبرص إلي مدريد حطت طائرة الرئيس عبدالفتاح السيسي وأقلعت 4 مرات، في جولة أوروبية محدودة استغرقت 36 ساعة فقط، لكنها عمرت بلقاءات واجتماعات ومباحثات، ما كان لها أن تنجح، لولا إعداد جيد مسبق، ورؤي واضحة مطروحة، وصدق وإخلاص رجل قدر له أن يقود وطن في أزمة، وسط منطقة علي شفا هاوية!
إلي العاصمة الاسبانية وصل السيسي ليل الأربعاء، تسبقه عبارة ذات مغزي قالها ألكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني الجديد للرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس في ختام القمة الثلاثية التي جمعتهما والرئيس السيسي أمس الأول في نيوقسيا: »‬أشكر للرئيس القبرصي أنه أتاح لي الفرصة للالتقاء بشخصية عظيمة هي عبدالفتاح السيسي».
وعلّق مسئول مصري رفيع المستوي وهو يحدثني عن مجريات القمة الثلاثية قائلاً: كان اللقاء ناجحاً في تعميق مصلحة مشتركة بين الدول الثلاث، وهذا هو مفتاح نجاح أي علاقة أو شراكة. فقد اتفقت مصر مع اليونان علي تشكيل لجنة لترسيم الحدود البحرية بينهما، بعد أن انتهت من ذلك مع قبرص، واتفقت الدول الثلاث علي تعزيز علاقاتها الاقتصادية، سعياً لإقرار السلام والاستقرار والأمن وتحقيق الازدهار في هذه المنطقة المضطربة. لكن أكثر ما أشعرني بالفخر كمواطن مصري يقول المسئول رفيع المستوي »‬إنني وجدت نظرات إعجاب وتقدير واحترام في عيون الزعيمين القبرصي واليوناني، لرؤي رئيس مصر ومواقفه الشجاعة».
فور وصوله إلي مدريد ليل أمس الأول، توجه الرئيس السيسي من المطار إلي مقر الحكومة الاسبانية، وكان في استقباله بمطار مدريد مانويل سوريا وزير الصناعة والطاقة والسياحة، والشخصية البارزة في الحكومة الاسبانية، الذي استحوذ علي مشاعر المصريين في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، بالكلمة المرتجلة التي ألقاها، وقال فيها: »‬إننا معاً في معركة واحدة ضد الظلام وسوف ننتصر».
في مقر الحكومة.. أقام ماريانو راخوي رئيس الوزراء الاسباني عشاء خاصاً تكريماً للرئيس السيسي، في سابقة بروتوكولية. أثناء العشاء، استمع راخوي إلي السيسي وهو يبحر في قضايا البحر المتوسط وما حوله، من ليبيا إلي سوريا إلي العراق إلي اليمن، مركزاً علي خطورة التهديد الإرهابي للشرق الأوسط وأوروبا علي السواء.
وبعد أن انتهي الرئيس من عرض رؤاه لأزمات المنطقة، نظر إلي رئيس الوزراء الاسباني مبتسماً وهو يشير إلي أوراق مكتوبة أمامه تحمل رءوس موضوعات أعدها مساعدوه، وقال: »‬هذا ما كتبه المعاونون. لكن دعني أتحدث مباشرة وأقول إنني متفق معك فيما طرحت، وأؤكد أن أمن واستقرار مصر وازدهارها، يحقق مصلحة الشرق الأوسط والمتوسط وأوروبا، ونحن علي أتم استعداد للتعاون مع مصر بلا حدود».
انتهي لقاء العشاء مع رئيس وزراء اسبانيا قرب منتصف الليل، وفي الصباح الباكر التقي في مقر إقامته بفندق »‬بالاس» مع لويس دي جيندوس وزير الاقتصاد والتنافسية بحضور أعضاء الوفد المرافق للرئيس الذي ضم: سامح شكري وزير الخارجية، د. أشرف سالمان وزير الاستثمار، شريف اسماعيل وزير البترول، المهندس هاني ضاحي وزير النقل، الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس، السفير علاء يوسف المتحدث باسم الرئاسة. جري اللقاء علي مأدبة إفطار وعرض خلاله الرئيس التشريعات الجديدة المحفزة للاستثمار وأهمها قانون الاستثمار الجديد وحرص الحكومة علي تذليل العقبات أمام الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وخطتها لإجراء التحديث الشامل في البلاد. وتحدث الوزير الإسباني عن الطفرة التي حققها اقتصاد بلاده بالوصول بمعدل النمو إلي 9٪، وأشار إلي الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر ومكانتها كمنصة إقليمية للدخول إلي شمال افريقيا والشرق الأوسط والبلدان العربية.
ثم التقي الرئيس مع عدد من رؤساء الشركات الإسبانية ومجلس الأعمال المصري الإسباني.. واستمع إلي تساؤلات وآراء الحضور، وكان من أبرز المتحدثين رئيس شركة نيتكاس ريوندس وهي خامس أكبر شركات العالم في انتاج البترول والغاز، الذي أشاد بالاصلاحات السياسية والاقتصادية التي تمت في مصر خلال الشهور الأخيرة، وقال للرئيس: إن رئاستكم لمصر صمام أمان للمنطقة وضمان لاستقرار أوروبا، ونحن نعتزم زيادة استثماراتنا في مصر.
وأنهي الرئيس اللقاء قائلا للمستثمرين الاسبان: »‬انتظر أن تطرقوا الباب، وسوف تجدونني واقفا أرحب بكم».
يوم أمس.. التقي الرئيس السيسي بالملك فيليبي السادس ملك أسبانيا مرتين. الأولي في مقره بقصر »‬ثارثويلا»، حيث كان الملك في استقبال الرئيس عند وصوله بسيارته إلي باب القصر، والثاني في القصر الملكي »‬أوريينتي» حيث أقام ملك اسبانيا مأدبة غداء تكريما للرئيس تبادلا خلالها الكلمات. بين اللقاءين، جرت مباحثات السيسي مع رئيس وزراء اسبانيا في قصر »‬مونكلوا» وسبقتها مراسم توقيع اتفاقية للتعاون في مجال الأمن ومكافحة الجريمة و3 مذكرات تفاهم للتعاون في مجال السياحة ومجال النقل والبني التحتية، ومجال حماية الممتلكات الثقافية والأثرية المسروقة أو المصدرة بشكل غير شرعي. وفي الصباح.. كان الرئيس قد شهد توقيع مذكرة تفاهم للتعاون في مشروع القطار السريع بين الغردقة والأقصر. والخطين الخامس والسادس لمترو الأنفاق.
سبق أن التقي السيسي مرتين قبل ذلك مع الملك فيليبي، أثناء حضورهما اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، وأثناء حضورهما اجتماعات القمة الافريقية بأديس أبابا، وفي لقاء أثيوبيا، جدد ملك اسبانيا الدعوة للرئيس لزيارة مدريد.
وسط حضور لافت وغير معتاد للملكة ليتيسيا، ومشاركة كبيرة من الفنانين والمثقفين الاسبان أصدقاء مصر، تحدث ملك أسبانيا في مأدبة الغداء بكلمة بليغة تناول فيها تاريخ مصر ووصفها بأنها احدي حواضن الحضارة الإنسانية، وحاضر مصر ووصفها بأنها بلد يحقق النمو ويراهن علي المستقبل، وعلاقات البلدين، ووصفها بأنها علاقة شراكة استراتيجية شاملة. وقال للرئيس: إننا ندعم رؤيتكم لمصر وبإمكانكم أن تعولوا علينا مثلما نحن نعول عليكم ونؤكد التزامنا الراسخ تجاه مصر».
أما الرئيس السيسي فقد ركز في كلمته علي تطلع مصر للتعاون الوثيق مع اسبانيا، مشيرا إلي أنه بحث مع رئيس الحكومة الاسبانية سبل تدشين مجالات جديدة للتعاون.
وقال إن مصر تخطو بثبات لاجراء الانتخابات التشريعية لإكمال بناء مؤسسات الدولة، مؤكداً حرصه علي تحقيق الحرية والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية لكل المصريين.
وأنهي كلمته قائلا: إن العالم في حاجة أكثر من أي وقت مضي لتحالف الحضارات في مواجهة الإرهاب والتطرف وما يمثلانه من تهديد للحضارة الانسانية.
اختتم السيسي لقاءاته مساء أمس بزيارة البرلمان الاسباني والاجتماع برئيس مجلس النواب ونوابه الأربعة الذين يمثلون الكتل السياسية في المجلس.
وفي الطريق من مبني الفندق إلي مقر البرلمان ولمسافة حوالي مائتي متر، قوبل الرئيس بمظاهرة حب من أبناء الجالية المصرية تهتف له: أرفع رأسك فوق أنت مصري».
وأمام مشاعر المودة، تجاوز الرئيس اجراءات الأمن المصرية والاسبانية ونزل من سيارته لتحية مستقبليه الذين امتدت أياديهم لمصافحته، وصافحهم، محاطاً بمشاعر محبة غَلَّابة، مُحَمَّلاً بمسئوليات وتحديات ندعو الله أن يوفقنا معه لنغلبها.
غادر الرئيس مدريد، وقد تسلم رسالة اسبانية واضحة تقول: نحن معكم، لأن تنمية مصر تحقق لها الاستقرار، واستقرارها يضمن لنا الأمن ولكل المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.