إذا استدرج الصراع في اليمن السعودية وإيران فأنه قد يشعل حربا بالوكالة للسيطرة على شبه الجزيرة العربية التي يوجد بها أكبر حقول النفط في العالم ويسكب مزيدا من الوقود على حريق طائفي يفجر عدة حروب في أنحاء الشرق الأوسط. ويواجه خبراء الاستراتيجية الغربيون الذين يتعاملون مع صراعات معقدة في العراقوسوريا مزيدا من الارتباك نتيجة لحالة عدم الاستقرار الجديدة في توقيت حساس قبل اتفاق نووي محتمل الأسبوع المقبل بين القوى العالمية وطهران. وصعود الحوثيين- حلفاء إيران- المفاجئ للسلطة في اليمن يعني ان أكبر دولتين تعدادا للسكان بجوار السعودية وهما اليمن والعراق تهيمن عليهما طهران الشيعية أكبر منافس في المنطقة للمملكة السنية. وهذه الحقيقة تثير مخاوف في الرياض التي ترى في الحكومة الدينية الشيعية في طهران مصدرا للمتاعب في المنطقة. وأسوأ تسلسل للأحداث- يتمثل في اندلاع حرب طائفية مع قوى أجنبية تدعم أطرافا متنافسة- سيعمق المعاناة الإنسانية الجسيمة الموجودة بالفعل في البلد الفقير ويعرض للخطر الممرات الملاحية الاستراتيجية. فقد وصل الحوثيون الذين تدعمهم قوات موالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح- الذي يتمتع بنفوذ- الى مشارف عدن، الأربعاء 25 مارس، ويتجهون فيما يبدو إلى إلحاق هزيمة بالرئيس عبد ربه منصور هادي حليف الرياض والغرب. ويتحصن هادي في عدن منذ فراره من صنعاء في فبراير، وهو لواء سابق يرى الحوثيون الشيعة انه لعبة في يد واشنطن ومجلس التعاون الخليجي. وقال جون الترمان الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إن "الانهيار التام في اليمن يضع منطقة الخليج بالكامل على المحك." وقال "سيجعل إدارة العلاقات بين مجلس التعاون الخليجي وإيران أكثر صعوبة بكثير ومن المرجح أن ينتج هجمات إرهابية ضد عدد من حلفاء الولاياتالمتحدة". وتشير حكومات عربية خليجية مدعومة من الغرب وحلفاء من رجال الدين السنة إلى أن صعود الحوثيين - وهي جماعة همشت طويلا من شمال البلاد - دليل على دعم إيران للطوائف الشيعية في أنحاء المنطقة. ويقول محللون ان اليمن الذي ترى الرياض انه الفناء الخلفي لها لا يمثل أولوية استراتيجية لإيران على الأقل مقارنة مع الدولتين العربيتين الرئيسيتين العراقوسوريا حيث طهران الداعم الرئيسي للحكومتين اللتين تواجهان قوات معارضة مسلحة. لكن الترمان أشار إلى انه إذا "تم انتهاج مسار الحرب بالوكالة فان الصراع سيستعر على الأرجح لعدة سنوات." وفيما يلي قائمة بالمخاطر: الطائفية تهدد الأزمة السياسية بتأليب الطائفتين المسلمتين في اليمن على بعضهما البعض. ويهيمن الزيديون على المناطق المرتفعة في الشمال بينما يمثل السنة مدرسة الغالبية في الجنوب والشرق. وعلى عكس الوضع في سورياوالعراق فان أتباع المدرستين كانوا يصلون معا في المساجد وتعايشوا سلميا على مدى قرون عديدة. ويقول الحوثيون إنهم ليس لديهم أجندة طائفية ويصفون استيلاءهم على معظم البلاد بأنه ثورة من اجل كل اليمنيين وترفض الأحزاب والقبائل السنية هذا الوصف. ومما يثير مخاطر اندلاع حرب طائفية قيام متشددي القاعدة السنة المتطرفين بتوحيد صفوفهم مع بعض القبائل المناهضة للحوثيين على مدى عدة أشهر من القتال بالإضافة إلى التفجيرات الانتحارية التي شهدتها مساجد حوثيين يوم الجمعة وأعلنت الدولة الإسلامية المسؤولية عنها. الملاحة البحرية يثير خطر الحرب مخاوف بشأن أمن إمدادات النفط عبر ممر مضيق باب المندب الملاحي وهو بوابة الطاقة الحيوية لاوروبا واسيا والولاياتالمتحدة. وإغلاق المضيق الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب يمكن أن يمنع الناقلات من الخليج من الوصول إلى قناة السويس وخط أنابيب سوميد ويحولها للإبحار حول افريقيا، وقالت مصر إنها لا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى أن مصالحها عرضة للخطر. انفصال الجنوب يقول الانفصاليون الجنوبيون إن الشماليين في العاصمة صنعاء انتهجوا سياسة التمييز ضدهم منذ توحيد شمال وجنوب اليمن عام 1990 . ورغم تزعمه جهود حرب الشمال في الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب عام 1994 لقي هادي ترحيبا في عدن منذ فراره من العاصمة الشهر الماضي. وكافح الحراك الجنوبي للترويج لقضيته وتعهدت بعض فصائله المسلحة بالولاء لهادي - وهو جنوبي بالمولد - على امل ان يشجع حلمهم باستقلال الجنوب. التشدد الإسلامي والقاعدة في الجنوب اليمن معقل لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو من أنشط أجنحتها. ونفذ هجمات بالقنابل والأسلحة على مدى سنوات ضد الدولة اليمنية وتآمر على تفجير طائرات ركاب متجهة للولايات المتحدة وأعلن المسؤولية عن هجوم على صحيفة في باريس في يناير كانون الثاني قتل فيه 12 شخصا. واستولى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على أجزاء نائية في الجنوب والشرق ويتجه لتحقيق مكاسب اذا استمر الجيش اليمني في الانقسام والتواني في حملته العسكرية ضد هذا التنظيم. التدخل الأجنبي كان اليمن الذي يعاني الضعف والانقسام بين زعماء القبائل على مدى عقود عرضة للنفوذ الخارجي. وحاولت السعودية عملاق صادرات النفط التي تقع إلى الشمال الاحتفاظ بالهدوء وتمويل إسلاميين وشيوخ قبائل متحالفين معها. ويقول مسؤولون يمنيون وإيرانيون إن إيران لاعب جديد دربت الحوثيين وزودتهم بالسلاح ومولتهم. وينفي الحوثيون تلقي أي تدريب عسكري من إيران. وتشعر الولاياتالمتحدة بالقلق من أن عدم الاستقرار السياسي في اليمن سيشجع القاعدة ودربت جيش اليمن على القتال ضد هذا التنظيم بينما واصلت حملتها باستخدام طائرات بدون طيار ضد المتشددين. لكن سحب الدبلوماسيين الأمريكيين والأفراد العسكريين من اليمن وسط فوضى أمنية متزايدة أثار التساؤلات بشأن استراتيجيتهم لمكافحة الإرهاب. أمن الحدود تشعر السعودية بالقلق لوجود الحوثيين على حدودها الجنوبية الجبلية. وأجرى الحوثيون تدريبات على الحدود باستخدام الأسلحة الثقيلة التي حصلوا عليها من الجيش اليمني هذا الشهر، وحذر مسؤولون عرب خليجيون هذا الأسبوع من أن أمن اليمن وأمن الخليج "كل لا يتجزأ" مما أثار احتمال تدخل عسكري. أزمة إنسانية تفكك الحكومة المركزية سيفاقم من الفقر المزمن بالفعل وغياب التنمية في اليمن. وتقول مصادر يمنية وغربية ان السعودية علقت معظم المساعدات المالية لليمن بدافع القلق من أن يستحوذ الحوثيون عليها. وتسبب القتال في النزوح المؤقت لنحو 100 ألف شخص في العام الماضي وفقا للأمم المتحدة لكنها قالت في فبراير شباط إن غياب الأمن في الآونة الأخيرة لم يمنع بعد عمليات المساعدات. ومازال الجوع والفساد ونقص الخدمات الأساسية والمياه والبنية التحتية يمثل بالنسبة لليمنيين أكبر مشاكل ويكافح أكثر من ربع مليون لاجئ سابق معظمهم صوماليون من أجل البقاء في هذا البلد. مخاطر تواجه إنتاج النفط قال البنك المركزي إن انخفاض أسعار النفط تسبب في تقليص دخل الدولة من الطاقة وتراجعت صادرات النفط الى 1.67 مليار دولار في العام الماضي من 2.66 مليار دولار في عام 2013 . ويتدفق النفط اليمني عبر خط أنابيب مأرب مسار التصدير الرئيسي بمعدل يتراوح حول 70 ألف برميل يوميا، وقبل سلسلة من الهجمات من جانب رجال قبائل بدأت قبل ثلاث سنوات كان خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 435 كيلومترا ينقل 110000 برميل يوميا إلى رأس عيسى ميناء التصدير على البحر الأحمر. وتعرقل الصراعات القبلية وتمرد القاعدة صادرات النفط والغاز في أجزاء أخرى من الاقتصاد.