عميد الكلية التكنولوحية بالفيوم يتفقد لجان امتحانات الفصل الدراسي الثاني    الإفراج عن المحبوسين على طاولة الحوار الوطني    «العامة للنواب» توافق على الموازنة التفصيلية للمجلس للسنة المالية 2024/2025    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    محافظ سوهاج: تلقي أكثر من 16 ألف طلب تصالح على مخالفات البناء بالمحافظة    الدورة ال 77 لجمعية الصحة العالمية ترسخ إنجازات COP28 بشأن الصحة وتغير المناخ    «متبقيات المبيدات» ينظم برنامج تدريبي حول طرق سحب العينات الغذائية    أشرف عطية يتابع مشروع محور بديل خزان أسوان الحر    ترامب يحذر من أن عقوبة السجن قد تكون «نقطة تحول» لداعميه    مصر تواصل تحركاتها لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى أهالي غزة    الأهلي يكرم فريق «سيدات اليد»    مفاجأة.. مدرب ليفربول يحسم مستقبل محمد صلاح    خاص رد قاطع من نادي الوكرة على مفاوضات ضم ديانج من الأهلي    مدة الدراسة عام.. تفاصيل البرنامج التدريبي لمدربي المنتخبات الوطنية    المشدد 10 سنوات لسائق لخطفه طفل والتعدى عليه بقليوب    تركي: انتظام أعمال تفويج حُجَّاج السياحة.. والجميع متكاتف لإنجاح الموسم    عاشرها جنسيا بعد موتها.. هكذا تخلص سفاح التجمع من ضحيته المتزوجة    عمر كمال يقرّر تأجيل أغنيته «أنا بطل السوق» بسبب محمود الليثي    سوسن بدر: «بتعلم من الشباب ولو وقفت عند جيلي هابقى قديمة» (فيديو)    الهويّة السرديّة: مقاربة نقدية في رواية موسم الهجرة إلى الشِّمال    قصور الثقافة تختتم مشاركتها بالمهرجان الدولي للطبول    نسرين طافش: كنت فنانة في حياتي السابقة.. وهذه وصيتي    سنن الأضاحي وشروط الأضحية السليمة.. تعرف عليها    موعد وقفة عرفات والأدعية المستحبة.. تعرف عليها    377 حالة.. مركز سموم بنها يعلن التقرير الشهري لحالات التسمم (تفاصيل)    في دقيقة واحدة.. طريقة تحضير كيكة المج في الميكروويف    اليوم العالمى لمواجهة الحر.. كيف تحمى نفسك من النوبات القلبية؟    تأجيل إعادة إجراءات محاكمة متهمين ب "جماعة حازمون الإرهابية" ل 2 سبتمبر    اندلاع حريق بالقرب من مبنى الكنيست في القدس    الاحتلال الإسرائيلي يواصل قصفه قرى وبلدات جنوبي لبنان    كولر يوجه صدمة قوية لنجم الأهلي (خاص)    محمد الشيبي.. هل يصبح عنوانًا لأزمة الرياضة في مصر؟    الأهلي يكرم فريق سيدات اليد    أحمد حلمي بمهرجان روتردام: الفنان يجب أن يتحمل مسؤولية تقديم الحقيقة للعالم    الهيئة الوطنية الصينية للفضاء تعلن هبوط المسبار تشانج آه-6 على القمر    العمل: 3537 فُرصة عمل جديدة في 48 شركة خاصة تنتظر الشباب    4 أعمال مستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. احرص عليها    كيف تحرك مؤشرات البورصة مع بدأ تنفيذ صفة الاستحواذ الإماراتية على أسهم السويدي اليكتريك؟    أول تطبيق لتحذير النائب العام من تجاوز السرعة.. قرار ضد سائقي حافلتين مدرستين    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل مسن في روض الفرج    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    حج 2024| «الأزهر للفتوى» يوضح حكم الحج عن الغير والميت    كوريا الشمالية ترسل 600 بالون إضافي محملين بالقمامة عبر الحدود    وزير المالية: مشكلة الاقتصاد الوطني هي تكلفة التمويل داخل وخارج مصر    تأجيل نظر طعن المتهمين بقتل شهيدة الشرف بالمنصورة    تحرير 139 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    النواب يحيل 3 اتفاقيات للجان النوعية في بداية الجلسة العامة .. اعرف التفاصيل    توريد 125 طن قمح لمطحن الطارق بجنوب سيناء    في زيارة أخوية.. أمير قطر يصل الإمارات    وزير التعليم العالي يوجه بضرورة توفير الدعم للجامعات التكنولوجية    غرفة الرعاية الصحية: القطاع الخاص يشارك في صياغة قانون المنشآت    وزيرة التخطيط ل"النواب": الأزمات المتتالية خلقت وضعًا معقدًا.. ولابد من «توازنات»    رئيس التنمية الصناعية: 40% نموًا بإجمالي مساحات الأراضي المخصصة للقطاع الصناعي    محافظ كفر الشيخ يعلن أوائل الشهادة الإعدادية    تحرير أكثر من 300 محضر لمخالفات في الأسواق والمخابز خلال حملات تموينية في بني سويف    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    عمرو السولية: هدفي الاستمرار في الأهلي حتى الاعتزال    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الاقتصادي يجسد القيم الثقافية الايجابية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 11 - 03 - 2015

يعبر المؤتمر الاقتصادي المرتقب في شرم الشيخ بحضور عمالقة الاقتصاد العالمي عن "ثقافة الإتقان" بقدر ما ينطوي على العديد من القيم الثقافية الايجابية مثل التفكير الابتكاري وإعلاء قيمة الأمل وتحدي اليأس والإحباط وتأكيد الثقة بالذات المصرية المنفتحة على العالم وتوافر إرادة الإصلاح والتحديث.
وإذا كانت ثقافة الإتقان واجب الوقت فمن الأهمية تجنب "جلد الذات" مع قراءة واعية للنماذج الناجحة في ثقافة الإتقان في عالم بات قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات والمعلومات.
وهذا المؤتمر الاقتصادي المرتقب بعد غد "الجمعة" الذي يجسد بحق كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي "إرادة مصر في التنمية" إنما يعني أيضا حضورا لثقافات متعددة ومتنوعة يعبر عنها ممثلو 121 دولة تتوزع على مختلف أنحاء العالم فضلا عن المنظمات الإقليمية والعالمية ومؤسسات التمويل الدولية والبنوك الاستثمارية وصناديق التنمية.
ومن الدال أن يكون مفتاح الحياة الفرعوني رمزا لهذا المؤتمر العالمي الذي تحتضنه مدينة شرم الشيخ فيما يرمز هذا المفتاح إلى الكون ذاته والحضارة المصرية القديمة ونهر النيل الذي يعد شريان الحياة للمصريين فيما كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد قال في سياق الاحتفال بيوم الشهيد :"لاافكر الا في شييء واحد هو بلدي ورفاهية شعبي" مؤكدا على ان المصريين هم صناع الحضارة والانسانية والحياة.
وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ان الدولة المصرية جاهزة لهذا المؤتمر العالمي الذي يستمر حتى الخامس عشر من شهر مارس الجاري ويعد ذراع مصر "بشكل جيد جدا" لافتا الى ان "التنمية ليست فقط ان يأتي احد ليستثمر امواله وينفذ مشروعات في مصر بل ان يعتمد المصريون على انفسهم".
واوضح في سياق هذا الاحتفال الذي شهد افتتاح 19 مشروعا جديدا ان "الأمن القومي بمعناه الشامل لايقتصر على الاستعداد العسكري للدفاع عن الدولة بل يشمل التنمية في كل المجالات وزيادة معدلات النمو".
وتتلقى الجماعة الثقافية المصرية بارتياح بالغ الاشارات التي يطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في اتجاه "التفكير الابتكاري ومايعرف بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن حلول غير تقليدية سواء للمشاكل الاقتصادية او غيرها".
ويرى الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة ان المؤتمر الاقتصادي المرتقب في شرم الشيخ يمهد لمرحلة جديدة في ظل واقع اقتصادي جديد معيدا للأذهان ان الكثير من احلام التحديث والتطوير في مراحل سابقة "ضاعت في دوامة البيروقراطية العريقة".
ولئن تناول فاروق جويدة بمنظور نقدي تجربة الانفتاح الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي بمصر وعدم التركيز على المشروعات الانتاجية حينئذ فان الكثير من المثقفين المصريين يؤكدون الآن على اهمية الدروس المستفادة من تجارب ناجحة في دول اخرى.
فبلد فى حجم الصين سعى ويسعى لتعلم الدروس المستفادة من تجربة سنغافورا الناجحة فى النمو التى اسسها لى كوان يو وهى تجربة ترتكز على ثقافة الاتقان ونهج العمل المنضبط والقضاء على الفساد بكل اشكاله والنظام القائم على الجدارة وهذا ماادركه مبكرا الزعيم الصينى دينج شياو بينج وهو يطلق سياسات الانفتاح ويقارن بين التجارب التنموية الناجحة والانسب لظروف بلاده.
والحق ان التجربة السنغافورية وجذورها التاريخية تثير حتى اهتمام الثقافة الغربية وهاهو كتاب جديد بالانجليزية صدر بعنوان :" رافلز والفرصة الذهبية" تتناول فيه المؤلفة فيكتوريا جليندينج تاريخ هذا البلد الأسيوى منذ بدايات القرن التاسع عشر ومرحلة السير ستامفورد رافلز ممثل شركة الهند الشرقية الاستعمارية.
لكن الكتاب مفيد فى التعرف على منابع النجاح الذى حققته سنغافورا حتى باتت دولة فى حجم الصين تستلهم دروس النجاح من هذه "الدولة التى قد لاتزيد عن حجم مدينة صينية" وهى فى الحقيقة نموذج لما يسمى "بالدولة المدينة او المدينة الدولة" والأهم انها نموذج مضيىء لثقافة الاتقان.
واذا كانت "المنطقة الحرة " فى مدينة بورسعيد قد أثارت منذ سنوات طويلة فى سبعينيات القرن المنصرم آمالا بأن تكون "سنغافورا الشرق الأوسط" فان ثمة حاجة للتعمق في الثقافة التي أنتجت تجربة سنغافورا وارتكزت على الإتقان والجدية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أشار إلى تخصيص مناطق واعدة للاستثمار تشجع المستثمرين من كافة أنحاء العالم على المجيء الى مصر والاستثمار بها لاسيما وان مصر تقع في قلب منطقة الشرق الأوسط والعالم مما يجعلها نقطة انطلاق كبرى لمنطقة الخليج وافريقيا والقارة الأوروبية.
كما لفت الرئيس عبد الفتاح السيسي الى ان مكافحة الارهاب تتطلب تكاتف المجتمع الدولي لضمان امن واستقرار الانسانية "وذلك لن يتأتى من خلال المواجهة الأمنية والعسكرية فقط وانما من خلال معالجة التحديات الاقتصادية والثقافية التي تواجه الأقطار المختلفة".
وفى الآونة الأخيرة توالت تحذيرات من خطورة استشراء الاهمال وغياب ثقافة الاتقان فيما بدا ان البعض فهم او قرأ بعوار الفهم الثورة باعتبارها تعفى من اى مساءلة عن الاهمال وعدم اتقان اى عمل وغياب معايير مثل الكفاءة والاقتدار والجدارة المهنية لتصبح قيمة العمل فى حد ذاتها موضع تساؤل.
ويري مثقف وكاتب مصري بارز مثل الدكتور اسامة الغزالي حرب ان "الاهمال مشكلة ثقافية واجتماعية عويصة ينبغي ان نواجهها بشجاعة وجدية" بينما يقول الشاعر والكاتب فاروق جويدة: لاشك ان مظاهر التقدم التى وصلت اليها دول كثيرة فى العالم شرقا وغربا تطرح علينا اكثر من سؤال :كيف حققت هذه الدول كل هذه الانجازات بحيث ان انتاج شركة واحدة يعادل ميزانية عدد من الدول.
واعاد للأذهان انه فى اربعينيات القرن العشرين كانت مصر متقدمة على دولة مثل الصين بل ان مصر كانت ملجأ للهاربين من الحرب العالمية الثانية فى دول اوروبا كما قارن بين مصر والهند حينئذ فى تجربة الديمقراطية الوليدة مضيفا :"وبقيت تجربة الهند مع الديمقراطية وتراجعت فى مصر".
وواصل جويدة طرح تساؤلاته حول اسباب التراجع فى مصر ليقول:"هل السبب فى هذا التراجع اساليب الحكم ام الادارة..ان الهند الآن قوة اقتصادية صاعدة رغم عدد سكانها الرهيب وكذلك الصين فى حين جلسنا نحن نبكى على الزيادة السكانية وارتفاع نسبة الفقر".
كما اشار الى ان كوريا الشمالية منذ 20 عاما لم تكن اكثر منا تقدما ولم تكن كوريا الجنوبية اكثر علما "والدولة الأولى اصبحت دولة نووية والدولة الثانية تملك شركة واحدة مبيعاتها اكبر من ميزانية مصر".
وقال فاروق جويدة :"فى تقديرى ان هناك خطأ ما فى اساليب حياتنا عملا وانتاجا وسياسة واننا فى حاجة الى ثورة اقتصادية واجتماعية تخرج بنا من حالة الفوضى والركود..اننا لم نصل بعد الى درجة التقدم التى تجعلنا قادرين على ان ننافس الآخرين فى العلم والانتاج والادارة".
ولايعنى ذلك ابدا ان اى مجتمع او دولة مثل الدول التى استشهد بها الشاعر والكاتب فاروق جويدة قد باتت خلوا من المشاكل والتحديات فالهند على سبيل المثال وكما اوضح طرح لآن ابلباوم فى جريدة واشنطن بوست الأمريكية بعنوان:"هل يمكن للهند التخلص من عاداتها السيئة؟" تعانى بشدة من مشكلة الفساد حتى ان الناشط آنا هازار يرى ان الفساد يدمر اوصال الهند كلها والمشكلة ذاتها تتكرر على نحو او اخر فى الصين .
لكن الديمقراطية الهندية بما تعنيه من حرية التعبير وحرية وسائل الاعلام ومهنيتها فى التقارير التى تفضح الفساد ورموزه هى الرهان فى مواجهة مشكلة بهذا الحجم والأمل ان تكون الديمقراطية المصرية بعد ثورة يناير-يونيو الشعبية راسخة مثل الديمقراطية الهندية وان تعزز ثقافة الاتقان لاالعكس!.
والا فانه سيكون من المبرر التساؤل :هل المطلوب خلق" حالة تكاره" بين رجل الشارع والثورة بعد تفريغها من مفاهيمها الحقيقية ومن بينها ثقافة الاتقان مقابل استشراء الاهمال فى مشهد لايخلو من سيريالية بقدر مايكشف عن الفشل فى استلهام تجارب ناجحة عبر العالم شرقا وغربا بما فيها تجارب ثورية والتحول من الهدم للبناء ومن الأقوال للأفعال؟!.
ان هذه التجارب بدروسها وعبرها ليست مجرد جمل اعتراضية فى تاريخ الثورات او سياقات الخبرة الانسانية والبحث عن الترجمة الحقيقية والصادقة لشعارات مثل :"عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة انسانية".
فغياب ثقافة الاتقان يعنى عدم الوعى بالتاريخ ودون هذا النوع من الثقافة تبقى اى دولة اقرب لسلحفاة قد تحلم كما يحلو لها بالتحليق عاليا فى السماء لكنها فى حركتها على الأرض تبقى سلحفاه وخطى الواقع لن تكون اسرع ابدا من حركة السلحفاه!.
واذا كان البعض يبحث جاهدا عن اخبار سارة فى مصر ذات ال92 مليون نسمة فلتكن البداية هى ثقافة الاتقان كما يجسدها المؤتمر الاقتصادي المرتقب في شرم الشيخ بعيدا عن ظاهرة "جلد الذات" !.
والمؤتمر الاقتصادي العملاق بشرم الشيخ يأتي وسط عالم يمر بتحولات جوهرية حقا ويواجه اسئلة كبرى فيما تتوالى الاجتهادات والطروحات والمراجعات لبناء عالم افضل يقوم على ثقافة الحق التي يأمل المصريون ان تكون عماد مجتمعهم بعد ثورتين شعبيتين ضد الظلم بكل الوانه وصنوفه ومراوغاته.
وفي بلد مثل بريطانيا تجرى الآن مراجعات عميقة وعلى حد قول دافيد ماركواند في كتابه الجديد :"مملكة عبادة المال..اطروحة حول بريطانيا الآن " فان الأمور في الواقع البريطاني ليست على مايرام فالجشع استشرى وعدم المساواة تتفشى والسؤال :"كيف نصنع مجتمعا لايتحول فيه المال الى وثن نعبده ويتزلف له الجميع؟!..كيف نبني مجتمعا يكون فيه البشر اكثر تقديرا ومراعاة لبعضهم البعض؟!".
ومع ان شعار "لاتكن شريرا" كان منذ 16 عاما من الشعارات التأسيسية لكيان رقمي معرفي عملاق مثل "جوجل" فان الواقع الغربي ينتج شروره فاذا بهذه الشرور قد طالت حتى هذا الكيان بشعاره المناويء للشر واذا بالجدل يحتدم حول قضايا تتعلق به مثل التهرب من الضرائب او انتهاك خصوصية البشر.
فالرأسمالية تمر بأزمة في عصر الاقتصاد المعرفي كما يقول مؤلف هذا الكتاب الجديد وهي ازمة اخلاقية في المقام الأول ثم انها ازمة لها تجلياتها المادية الصادمة على نحو ماتبدى فيما سمي بالأزمة المالية العالمية التي انفجرت عام 2008.
وفي الحقيقة والجوهر فان تلك الأزمة المالية كانت وليدة الأزمة الاخلاقية وغض النظر في الولايات المتحدة والغرب عموما عن شرور وجشع القائمين على الكيانات المصرفية والمؤسسات المالية العملاقة فيما راحت الشروخ في بنية المجتمعات الغربية تتحول الى فجوات مخيفة ومضى كثير من البشر هناك يتحسسون اوجاعهم وآلامهم وهم يجترون التساؤلات حول معنى العالم ومغزى وجودهم.
وهكذا عاد السؤال القديم :"ماالعمل"؟! ليعبر عن حيرة الانسان في عالم مأزوم وصدرت كتب مثل الكتاب الجديد لدافيد ماركواند في محاولة للاجابة على السؤال القلق والكبير فيما يرى ماركواند ان الحل لايكمن في تبني سياسات التقشف او "المحفزات الكينزية" كما انه بالتأكيد ليس في الرأسمالية الطليقة من كل قيد او ضابط انساني والتي لاتكترث بدموع الضعفاء وآلام المحتاجين في سوق تسحق الكثير من القيم الانسانية.
الحل كما يراه مؤلف كتاب "مملكة عبادة المال" هو الحفر عميقا عند الجذور ليس فقط لاعادة صنع اقتصاد جديد اكثر انسانية وانما ايضا وربما الأهم اعادة صنع المجتمع القائم على هذا الاقتصاد وهذا الحل في جوهره هو حل ثقافي يرنو نحو عالم اكثر انسانية ويسلم بأن "الرأسمالية الطيبة بحاجة لأناس طيبين وثقافة لاتتمحور حول طغيان الانانية الفردانية وتسلط الشخص على المجوع وهي ثقافة مضادة لكهنة معبد الرأسمالية المتوحشة بقدر ما تعزز الحرية والاختيار" وهذا المجتمع الجديد كما يتصوره جدليا سيكون بمقدور الاقتصاد ان ينمو دوما.
انها "ثقافة الحق" المؤسسة "للمجتمع المحترم او الخلوق وحسبما يقول دافيد ماركواند فالقضية لاتتعلق فحسب بمجتمع يحترم حقوق الانسان وانما بمجتمع لايسمح باستغلال افراده دون وجه حق في عملهم او التغاضي عن المشردين او الحط من قيمة واعتبار الفقراء والمحتاجين وشيطنة من القت بهم مقاديرهم في عرض الطريق او الاستسلام المتواطيء لمقولة ان آليات السوق بمقدورها تضميد كل الجراح!.
فالعالم يتغير ويشهد تحولات للاجابة عن اسئلة كبرى واستجابة لتحديات باتت تضرب الوجود الانساني في الصميم وهناك من يرى ان ثورة 30 يونيو وتداعياتها تسهم بقوة في صياغة عالم جديد تغرب فيه شمس قوى هيمنت طويلا على مقادير هذا العالم فيما تصعد قوى جديدة لصدارة المشهد الدولي بصورة قد تعيد للأذهان على نحو ما ومع الأخذ في الاعتبار اختلاف التفاصيل والمعطيات ماحدث بعد "حرب السويس" عام 1956 من تراجع قوى الهيمنة القديمة وصعود قوى جديدة.
وفيما تتعاظم الآمال في "سطوع ثقافة الحق بالجمهورية الجديدة في مصر" تتوالى التنظيرات والطروحات في الغرب بحثا عن حلول للواقع المأزوم ويتحدث كريس اندرسون في كتابه "صانعون: الثورة الصناعية الجديدة" عن مفهوم "الانسان المشروع" اي ذلك الذي يحمل مشروعا هو في الحقيقة جزء من المشروع الكبير او الحلم الجمعي لبلده و"يوتوبيا واقعية لامكان فيها لعاطل".
والثورة الصناعية الجديدة في تنظير كريس اندرسون تقوم على شبكة الانترنت وتعتمد تماما على مفاهيم العصر الرقمي و"معامل الابتكار" و"جسارة الخيال" مع توظيف التقنية الرقمية بما يتناسب مع مواهب كل فرد وميوله وقدراته.
والمهم في هذا السياق انها تتيح للفرد الواحد او حسب تعبيره "الكائن المنتج" ان يتحول بالفعل الى مؤسسة بمفردها او مشروع اقتصادي وبالتالي توسع من نطاق حريته ضمن علاقات شبكية مع بقية افراد المجتمع المنتج .
وفي خضم قضايا مثل مآلات القيمة الاقتصادية ومساراتها في عصر المعلومات فان السؤال الطبيعي :"ونحن!..اين نحن من هذه المتغيرات الخطرة في العالم والاقتصاد الرقمي؟!.
واذا كانت الأماني قد غرت القوى المعادية لمصر وامتها العربية والبعض بدا راغبا في تحويل ماعرف بالربيع العربي الى فجيعة جديدة تضاف لتاريخ فجائعي عربي فان مصر مدعوة بالحاح لثقافة الحق و الأمل والعمل واستشراف المستقبل بعين بصيرتها التاريخية .
ومصر ثورتها في الأصل مهمومة بالمستقبل والعالم الآن بمثقفيه الكبار مهموم باسئلة كبيرة وتساؤلات قلقة لكن ثمة حاجة واضحة لمستويات جديدة من النضج والانضباط والمسؤولية الجماعية لبناء مستقبل مصري مشرق .
وكما يقول الكاتب والأديب جمال الغيطاني مبديا تفاؤلا كبيرا بالمستقبل المصري "اشعر ان مصر تتوضأ وتتهيأ للمستقبل..اشعر بوجود روح جديدة في مصر كونتها مكتسبات ثورتي يناير ويونيو" .
واوضح الغيطاني ان هذا التفاؤل نابع من قراءته للتاريخ المصري ومعرفته للشخصية المصرية معيدا للأذهان ان ثورة يناير كانت نتيجة طبيعية للركود والبلادة واستشراء الفساد والبقاء الطويل في السلطة بما يشكله من مفسدة فضلا عن جهل الحاكم بالشخصية المصرية واستهانته بالشعب.
اما ثورة يونيو فكان الخروج الشعبي فيها نقيا وافرزت زعيمها الشعبي كظاهرة طبيعية لايخترعها احد فيما يلاحظ جمال الغيطاني ظاهرة في الموروث المصري تتمثل في ان " الدولة المصرية في لحظة معينة تقدم الشخص المناسب لقيادة المرحلة".
وهذا المؤتمر الاقتصادي الكبير يأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات مستمرة بل "وينقلب رأسا على عقب" كما يعبر عنوان كتاب جديد صدر بالانجليزية لتشارلز كيني الذي يتبنى نظرية متفائلة فحواها ان تحقيق دولة ما لمكاسب قد لايعني حتما خسارة دولة اخرى.
وهذا الكتاب يحمل رؤية متفائلة لمؤلفه وهو عالم اقتصاد بريطاني الأصل للاقتصاد العالمي في ظل صعود القوى الاقتصادية الجديدة ممثلة في الصين والهند والبرازيل دون ان يعني ذلك بالضرورة انهيار القوى الاقتصادية الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة .
والرؤية المتفائلة او ثقافة الأمل كما تتجلى في هذا الكتاب تقوم على شرط العمل والابتكار وهاهو المؤلف يضرب مثلا بمقارنة موحية فحواها أن معدل انتاج الغلال في العقد الأول من هذا القرن بلغ اكثر من ضعف معدل الزيادة في عدد السكان بالعالم النامي او "الجنوب".
كتاب ينتمي لاتجاه عالمي عنوانه "كيف نكون افضل؟" ويتسق مع رؤى حول الحرية في الفلسفة المعاصرة تعلي من الفعل الحر وتحذر من حبس الحرية في نطاق القول او الكلمات وحدها دون الأفعال حتى ان هناك من يرى ان مقولة :"انا افكر فأنا اذن موجود" لاتكتمل ولاتتخذ بعدها الفعلي الا ان تجسدت في "انا افعل فأنا اذن موجود".
ولعل هذه النزعة الفلسفية العملية المتفائلة في الثقافة العالمية تقدم نوعا من الاجابات لأسئلة المستقبل في مصر وتعلي من ثقافة الأمل والعمل في زمن اثبت ان الحرية ذاتها كقيمة سامية لم تعد مسألة نظرية وانما تستلزم الفعل الحر الذي يدور في الزمان والمكان وفي محيط انساني بعينه بقدر ماتعيد النظر في السؤال الكبير :"هل التاريخ هو الذي يصنع الانسان ام ان الانسان هو الذي يصنع التاريخ"؟!.
وتكشف تصريحات رئيس الوزراء المصري ابراهيم محلب عن اعلاء لقيمة العمل والفعل والممارسة من اجل التغيير الايجابي وادراك جلي لحقيقة تغيب عن اذهان البعض وهي ان "المسؤول خادم للشعب وموقع المسؤولية لايعني الوجاهة او الفوز بامتيازات وانما خدمة الوطن والمواطن" .
وهناك ضرورة لسياسات المصارحة والمكاشفة مع البدء دون اهدار مزيد من الوقت نحو بناء نظام اقتصادي-اجتماعي جديد يستجيب لتحديات الاقتصاد المعرفي ولاينكر او يتنكر لمتطلبات "الصابرين" بقدر مايتفاعل مع المتغيرات العالمية السريعة ويحقق التناغم بين مسؤوليات الدولة وآليات السوق ويميز بين دور لاغنى عنه لرجال الأعمال والمستثمرين وبين الجشع والتغول وزواج الثروة والسلطة.
وللانصاف وللحقيقة وحدها فان ثمة حاجة لتبديد تصورات ذهنية سلبية سادت لدى بعض القطاعات والشرائح الاجتماعية حول رجال الأعمال فيما الواقع يؤكد على ان الكثير منهم يسهمون بايجابية في مسيرة التقدم وتوفير فرص عمل للشباب ومن ثم تعزيز القوة الشاملة للدولة.
كما ان الخبرة التاريخية حتى في مرحلة المد الناصري والأفكار الاشتراكية وتبني القطاع العام في ستينيات القرن العشرين تشهد بأن دور "الرأسمالية الوطنية" لم يمس بسوء بل انها كانت مكونا رئيسا ضمن "صيغة التحالف" التي دشنت ايامئذ الأمر الذي يعيد للأذهان اهمية التحلي بالموضوعية والانصاف وعدم الانسياق في ممارسات من شأنها اقصاء اصحاب الكفاءات والقدرات والخبرات المستحقة والأرصدة الوفيرة من النزاهة .
انما القصد التمييز بين ادوار مطلوبة لرجال الأعمال واغلبهم من الوطنيين الشرفاء لتعظيم الاستثمارات وفهم معنى التنافسية في سياقات العولمة وبين "الرأسمالية المتوحشة" وممارسات مرفوضة للفساد والجشع والانفلات والتحلل من اي ضوابط مجتمعية او اخلاقية ناهيك عن التأثير بقوة المال في القرار السياسي والافتئات على حقوق واحتياجات "كتلة الصابرين".
وكما قيل بحق عبر طروحات متعددة ولأصحاب اتجاهات مختلفة فان هناك حاجة للاستجابة لمطالب "الصابرين" او الغالبية الشعبية.
فمد جسور الثقة بين السلطة وهذه الأغلبية شرط لاغنى عنه للاستقرار والتقدم وتحقيق اهداف الثورة وقبول "الكتلة الصابرة" لأعباء واستحقاقات المرحلة الانتقالية وصولا "لمجتمع العيش والحرية والعدالة الاجتماعية".
وجسور الثقة المطلوبة لابد وان تقام على دعائم الشفافية والاستقامة والكفاءة والجدارة والمحاسبة والمساءلة واعلاء المصلحة الوطنية مع امتلاك رؤية شاملة للمستقبل وضرورة السعي الحثيث لاقتلاع جذور الفكر المولد للفقر والارهاب معا .
فالمطلوب ليس اعادة توزيع الفقر وانما اجتثاث الفقر بتعظيم الانتاجية وزيادة الربحية وتبني مفاهيم الجودة وثقافة الاتقان وتشجيع الاستثمارات في قطاعات الانتاج والاقتصاد المعرفي بما يحقق الأحلام المؤجلة للكتلة الصابرة ويستجيب لتوقعاتهم .
واذا صح مانسب للعالم الشهير اينشتاين من ان "الغباء هو فعل الشييء ذاته مرتين بالأسلوب ذاته مع انتظار او توقع نتائج مختلفة " فثمة حاجة لتحديث علاقات العمل واطلاق الأنشطة الاقتصادية للنمو وتبني مقاربات تنطلق من منظور شامل وعادل بعيدا عن المعالجات الجزئية او التلفيقية في عالم يمضي بالفعل موغلا بعيدا بعيدا في مدهشات الابتكار واستعارة المفاهيم وتفاعلها بين مجالات قد تبدو متباعدة للغاية لكنها في الواقع امست قريبة بشدة من بعضها البعض في ظل العلاقات الشبكية ومنجزات شبكة الانترنت.
تلك ساعة للعمل والأمل والالتزام بثقافة الاتقان ....ساعة تحدد شكل ايامنا القادمات وموضع الرايات..يد تبني ويد تعلي راية الحرية..هذا قدرك ياوطن.
يعبر المؤتمر الاقتصادي المرتقب في شرم الشيخ بحضور عمالقة الاقتصاد العالمي عن "ثقافة الإتقان" بقدر ما ينطوي على العديد من القيم الثقافية الايجابية مثل التفكير الابتكاري وإعلاء قيمة الأمل وتحدي اليأس والإحباط وتأكيد الثقة بالذات المصرية المنفتحة على العالم وتوافر إرادة الإصلاح والتحديث.
وإذا كانت ثقافة الإتقان واجب الوقت فمن الأهمية تجنب "جلد الذات" مع قراءة واعية للنماذج الناجحة في ثقافة الإتقان في عالم بات قرية صغيرة بفضل ثورة الاتصالات والمعلومات.
وهذا المؤتمر الاقتصادي المرتقب بعد غد "الجمعة" الذي يجسد بحق كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي "إرادة مصر في التنمية" إنما يعني أيضا حضورا لثقافات متعددة ومتنوعة يعبر عنها ممثلو 121 دولة تتوزع على مختلف أنحاء العالم فضلا عن المنظمات الإقليمية والعالمية ومؤسسات التمويل الدولية والبنوك الاستثمارية وصناديق التنمية.
ومن الدال أن يكون مفتاح الحياة الفرعوني رمزا لهذا المؤتمر العالمي الذي تحتضنه مدينة شرم الشيخ فيما يرمز هذا المفتاح إلى الكون ذاته والحضارة المصرية القديمة ونهر النيل الذي يعد شريان الحياة للمصريين فيما كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد قال في سياق الاحتفال بيوم الشهيد :"لاافكر الا في شييء واحد هو بلدي ورفاهية شعبي" مؤكدا على ان المصريين هم صناع الحضارة والانسانية والحياة.
وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي على ان الدولة المصرية جاهزة لهذا المؤتمر العالمي الذي يستمر حتى الخامس عشر من شهر مارس الجاري ويعد ذراع مصر "بشكل جيد جدا" لافتا الى ان "التنمية ليست فقط ان يأتي احد ليستثمر امواله وينفذ مشروعات في مصر بل ان يعتمد المصريون على انفسهم".
واوضح في سياق هذا الاحتفال الذي شهد افتتاح 19 مشروعا جديدا ان "الأمن القومي بمعناه الشامل لايقتصر على الاستعداد العسكري للدفاع عن الدولة بل يشمل التنمية في كل المجالات وزيادة معدلات النمو".
وتتلقى الجماعة الثقافية المصرية بارتياح بالغ الاشارات التي يطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في اتجاه "التفكير الابتكاري ومايعرف بالتفكير خارج الصندوق والبحث عن حلول غير تقليدية سواء للمشاكل الاقتصادية او غيرها".
ويرى الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة ان المؤتمر الاقتصادي المرتقب في شرم الشيخ يمهد لمرحلة جديدة في ظل واقع اقتصادي جديد معيدا للأذهان ان الكثير من احلام التحديث والتطوير في مراحل سابقة "ضاعت في دوامة البيروقراطية العريقة".
ولئن تناول فاروق جويدة بمنظور نقدي تجربة الانفتاح الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي بمصر وعدم التركيز على المشروعات الانتاجية حينئذ فان الكثير من المثقفين المصريين يؤكدون الآن على اهمية الدروس المستفادة من تجارب ناجحة في دول اخرى.
فبلد فى حجم الصين سعى ويسعى لتعلم الدروس المستفادة من تجربة سنغافورا الناجحة فى النمو التى اسسها لى كوان يو وهى تجربة ترتكز على ثقافة الاتقان ونهج العمل المنضبط والقضاء على الفساد بكل اشكاله والنظام القائم على الجدارة وهذا ماادركه مبكرا الزعيم الصينى دينج شياو بينج وهو يطلق سياسات الانفتاح ويقارن بين التجارب التنموية الناجحة والانسب لظروف بلاده.
والحق ان التجربة السنغافورية وجذورها التاريخية تثير حتى اهتمام الثقافة الغربية وهاهو كتاب جديد بالانجليزية صدر بعنوان :" رافلز والفرصة الذهبية" تتناول فيه المؤلفة فيكتوريا جليندينج تاريخ هذا البلد الأسيوى منذ بدايات القرن التاسع عشر ومرحلة السير ستامفورد رافلز ممثل شركة الهند الشرقية الاستعمارية.
لكن الكتاب مفيد فى التعرف على منابع النجاح الذى حققته سنغافورا حتى باتت دولة فى حجم الصين تستلهم دروس النجاح من هذه "الدولة التى قد لاتزيد عن حجم مدينة صينية" وهى فى الحقيقة نموذج لما يسمى "بالدولة المدينة او المدينة الدولة" والأهم انها نموذج مضيىء لثقافة الاتقان.
واذا كانت "المنطقة الحرة " فى مدينة بورسعيد قد أثارت منذ سنوات طويلة فى سبعينيات القرن المنصرم آمالا بأن تكون "سنغافورا الشرق الأوسط" فان ثمة حاجة للتعمق في الثقافة التي أنتجت تجربة سنغافورا وارتكزت على الإتقان والجدية.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أشار إلى تخصيص مناطق واعدة للاستثمار تشجع المستثمرين من كافة أنحاء العالم على المجيء الى مصر والاستثمار بها لاسيما وان مصر تقع في قلب منطقة الشرق الأوسط والعالم مما يجعلها نقطة انطلاق كبرى لمنطقة الخليج وافريقيا والقارة الأوروبية.
كما لفت الرئيس عبد الفتاح السيسي الى ان مكافحة الارهاب تتطلب تكاتف المجتمع الدولي لضمان امن واستقرار الانسانية "وذلك لن يتأتى من خلال المواجهة الأمنية والعسكرية فقط وانما من خلال معالجة التحديات الاقتصادية والثقافية التي تواجه الأقطار المختلفة".
وفى الآونة الأخيرة توالت تحذيرات من خطورة استشراء الاهمال وغياب ثقافة الاتقان فيما بدا ان البعض فهم او قرأ بعوار الفهم الثورة باعتبارها تعفى من اى مساءلة عن الاهمال وعدم اتقان اى عمل وغياب معايير مثل الكفاءة والاقتدار والجدارة المهنية لتصبح قيمة العمل فى حد ذاتها موضع تساؤل.
ويري مثقف وكاتب مصري بارز مثل الدكتور اسامة الغزالي حرب ان "الاهمال مشكلة ثقافية واجتماعية عويصة ينبغي ان نواجهها بشجاعة وجدية" بينما يقول الشاعر والكاتب فاروق جويدة: لاشك ان مظاهر التقدم التى وصلت اليها دول كثيرة فى العالم شرقا وغربا تطرح علينا اكثر من سؤال :كيف حققت هذه الدول كل هذه الانجازات بحيث ان انتاج شركة واحدة يعادل ميزانية عدد من الدول.
واعاد للأذهان انه فى اربعينيات القرن العشرين كانت مصر متقدمة على دولة مثل الصين بل ان مصر كانت ملجأ للهاربين من الحرب العالمية الثانية فى دول اوروبا كما قارن بين مصر والهند حينئذ فى تجربة الديمقراطية الوليدة مضيفا :"وبقيت تجربة الهند مع الديمقراطية وتراجعت فى مصر".
وواصل جويدة طرح تساؤلاته حول اسباب التراجع فى مصر ليقول:"هل السبب فى هذا التراجع اساليب الحكم ام الادارة..ان الهند الآن قوة اقتصادية صاعدة رغم عدد سكانها الرهيب وكذلك الصين فى حين جلسنا نحن نبكى على الزيادة السكانية وارتفاع نسبة الفقر".
كما اشار الى ان كوريا الشمالية منذ 20 عاما لم تكن اكثر منا تقدما ولم تكن كوريا الجنوبية اكثر علما "والدولة الأولى اصبحت دولة نووية والدولة الثانية تملك شركة واحدة مبيعاتها اكبر من ميزانية مصر".
وقال فاروق جويدة :"فى تقديرى ان هناك خطأ ما فى اساليب حياتنا عملا وانتاجا وسياسة واننا فى حاجة الى ثورة اقتصادية واجتماعية تخرج بنا من حالة الفوضى والركود..اننا لم نصل بعد الى درجة التقدم التى تجعلنا قادرين على ان ننافس الآخرين فى العلم والانتاج والادارة".
ولايعنى ذلك ابدا ان اى مجتمع او دولة مثل الدول التى استشهد بها الشاعر والكاتب فاروق جويدة قد باتت خلوا من المشاكل والتحديات فالهند على سبيل المثال وكما اوضح طرح لآن ابلباوم فى جريدة واشنطن بوست الأمريكية بعنوان:"هل يمكن للهند التخلص من عاداتها السيئة؟" تعانى بشدة من مشكلة الفساد حتى ان الناشط آنا هازار يرى ان الفساد يدمر اوصال الهند كلها والمشكلة ذاتها تتكرر على نحو او اخر فى الصين .
لكن الديمقراطية الهندية بما تعنيه من حرية التعبير وحرية وسائل الاعلام ومهنيتها فى التقارير التى تفضح الفساد ورموزه هى الرهان فى مواجهة مشكلة بهذا الحجم والأمل ان تكون الديمقراطية المصرية بعد ثورة يناير-يونيو الشعبية راسخة مثل الديمقراطية الهندية وان تعزز ثقافة الاتقان لاالعكس!.
والا فانه سيكون من المبرر التساؤل :هل المطلوب خلق" حالة تكاره" بين رجل الشارع والثورة بعد تفريغها من مفاهيمها الحقيقية ومن بينها ثقافة الاتقان مقابل استشراء الاهمال فى مشهد لايخلو من سيريالية بقدر مايكشف عن الفشل فى استلهام تجارب ناجحة عبر العالم شرقا وغربا بما فيها تجارب ثورية والتحول من الهدم للبناء ومن الأقوال للأفعال؟!.
ان هذه التجارب بدروسها وعبرها ليست مجرد جمل اعتراضية فى تاريخ الثورات او سياقات الخبرة الانسانية والبحث عن الترجمة الحقيقية والصادقة لشعارات مثل :"عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة انسانية".
فغياب ثقافة الاتقان يعنى عدم الوعى بالتاريخ ودون هذا النوع من الثقافة تبقى اى دولة اقرب لسلحفاة قد تحلم كما يحلو لها بالتحليق عاليا فى السماء لكنها فى حركتها على الأرض تبقى سلحفاه وخطى الواقع لن تكون اسرع ابدا من حركة السلحفاه!.
واذا كان البعض يبحث جاهدا عن اخبار سارة فى مصر ذات ال92 مليون نسمة فلتكن البداية هى ثقافة الاتقان كما يجسدها المؤتمر الاقتصادي المرتقب في شرم الشيخ بعيدا عن ظاهرة "جلد الذات" !.
والمؤتمر الاقتصادي العملاق بشرم الشيخ يأتي وسط عالم يمر بتحولات جوهرية حقا ويواجه اسئلة كبرى فيما تتوالى الاجتهادات والطروحات والمراجعات لبناء عالم افضل يقوم على ثقافة الحق التي يأمل المصريون ان تكون عماد مجتمعهم بعد ثورتين شعبيتين ضد الظلم بكل الوانه وصنوفه ومراوغاته.
وفي بلد مثل بريطانيا تجرى الآن مراجعات عميقة وعلى حد قول دافيد ماركواند في كتابه الجديد :"مملكة عبادة المال..اطروحة حول بريطانيا الآن " فان الأمور في الواقع البريطاني ليست على مايرام فالجشع استشرى وعدم المساواة تتفشى والسؤال :"كيف نصنع مجتمعا لايتحول فيه المال الى وثن نعبده ويتزلف له الجميع؟!..كيف نبني مجتمعا يكون فيه البشر اكثر تقديرا ومراعاة لبعضهم البعض؟!".
ومع ان شعار "لاتكن شريرا" كان منذ 16 عاما من الشعارات التأسيسية لكيان رقمي معرفي عملاق مثل "جوجل" فان الواقع الغربي ينتج شروره فاذا بهذه الشرور قد طالت حتى هذا الكيان بشعاره المناويء للشر واذا بالجدل يحتدم حول قضايا تتعلق به مثل التهرب من الضرائب او انتهاك خصوصية البشر.
فالرأسمالية تمر بأزمة في عصر الاقتصاد المعرفي كما يقول مؤلف هذا الكتاب الجديد وهي ازمة اخلاقية في المقام الأول ثم انها ازمة لها تجلياتها المادية الصادمة على نحو ماتبدى فيما سمي بالأزمة المالية العالمية التي انفجرت عام 2008.
وفي الحقيقة والجوهر فان تلك الأزمة المالية كانت وليدة الأزمة الاخلاقية وغض النظر في الولايات المتحدة والغرب عموما عن شرور وجشع القائمين على الكيانات المصرفية والمؤسسات المالية العملاقة فيما راحت الشروخ في بنية المجتمعات الغربية تتحول الى فجوات مخيفة ومضى كثير من البشر هناك يتحسسون اوجاعهم وآلامهم وهم يجترون التساؤلات حول معنى العالم ومغزى وجودهم.
وهكذا عاد السؤال القديم :"ماالعمل"؟! ليعبر عن حيرة الانسان في عالم مأزوم وصدرت كتب مثل الكتاب الجديد لدافيد ماركواند في محاولة للاجابة على السؤال القلق والكبير فيما يرى ماركواند ان الحل لايكمن في تبني سياسات التقشف او "المحفزات الكينزية" كما انه بالتأكيد ليس في الرأسمالية الطليقة من كل قيد او ضابط انساني والتي لاتكترث بدموع الضعفاء وآلام المحتاجين في سوق تسحق الكثير من القيم الانسانية.
الحل كما يراه مؤلف كتاب "مملكة عبادة المال" هو الحفر عميقا عند الجذور ليس فقط لاعادة صنع اقتصاد جديد اكثر انسانية وانما ايضا وربما الأهم اعادة صنع المجتمع القائم على هذا الاقتصاد وهذا الحل في جوهره هو حل ثقافي يرنو نحو عالم اكثر انسانية ويسلم بأن "الرأسمالية الطيبة بحاجة لأناس طيبين وثقافة لاتتمحور حول طغيان الانانية الفردانية وتسلط الشخص على المجوع وهي ثقافة مضادة لكهنة معبد الرأسمالية المتوحشة بقدر ما تعزز الحرية والاختيار" وهذا المجتمع الجديد كما يتصوره جدليا سيكون بمقدور الاقتصاد ان ينمو دوما.
انها "ثقافة الحق" المؤسسة "للمجتمع المحترم او الخلوق وحسبما يقول دافيد ماركواند فالقضية لاتتعلق فحسب بمجتمع يحترم حقوق الانسان وانما بمجتمع لايسمح باستغلال افراده دون وجه حق في عملهم او التغاضي عن المشردين او الحط من قيمة واعتبار الفقراء والمحتاجين وشيطنة من القت بهم مقاديرهم في عرض الطريق او الاستسلام المتواطيء لمقولة ان آليات السوق بمقدورها تضميد كل الجراح!.
فالعالم يتغير ويشهد تحولات للاجابة عن اسئلة كبرى واستجابة لتحديات باتت تضرب الوجود الانساني في الصميم وهناك من يرى ان ثورة 30 يونيو وتداعياتها تسهم بقوة في صياغة عالم جديد تغرب فيه شمس قوى هيمنت طويلا على مقادير هذا العالم فيما تصعد قوى جديدة لصدارة المشهد الدولي بصورة قد تعيد للأذهان على نحو ما ومع الأخذ في الاعتبار اختلاف التفاصيل والمعطيات ماحدث بعد "حرب السويس" عام 1956 من تراجع قوى الهيمنة القديمة وصعود قوى جديدة.
وفيما تتعاظم الآمال في "سطوع ثقافة الحق بالجمهورية الجديدة في مصر" تتوالى التنظيرات والطروحات في الغرب بحثا عن حلول للواقع المأزوم ويتحدث كريس اندرسون في كتابه "صانعون: الثورة الصناعية الجديدة" عن مفهوم "الانسان المشروع" اي ذلك الذي يحمل مشروعا هو في الحقيقة جزء من المشروع الكبير او الحلم الجمعي لبلده و"يوتوبيا واقعية لامكان فيها لعاطل".
والثورة الصناعية الجديدة في تنظير كريس اندرسون تقوم على شبكة الانترنت وتعتمد تماما على مفاهيم العصر الرقمي و"معامل الابتكار" و"جسارة الخيال" مع توظيف التقنية الرقمية بما يتناسب مع مواهب كل فرد وميوله وقدراته.
والمهم في هذا السياق انها تتيح للفرد الواحد او حسب تعبيره "الكائن المنتج" ان يتحول بالفعل الى مؤسسة بمفردها او مشروع اقتصادي وبالتالي توسع من نطاق حريته ضمن علاقات شبكية مع بقية افراد المجتمع المنتج .
وفي خضم قضايا مثل مآلات القيمة الاقتصادية ومساراتها في عصر المعلومات فان السؤال الطبيعي :"ونحن!..اين نحن من هذه المتغيرات الخطرة في العالم والاقتصاد الرقمي؟!.
واذا كانت الأماني قد غرت القوى المعادية لمصر وامتها العربية والبعض بدا راغبا في تحويل ماعرف بالربيع العربي الى فجيعة جديدة تضاف لتاريخ فجائعي عربي فان مصر مدعوة بالحاح لثقافة الحق و الأمل والعمل واستشراف المستقبل بعين بصيرتها التاريخية .
ومصر ثورتها في الأصل مهمومة بالمستقبل والعالم الآن بمثقفيه الكبار مهموم باسئلة كبيرة وتساؤلات قلقة لكن ثمة حاجة واضحة لمستويات جديدة من النضج والانضباط والمسؤولية الجماعية لبناء مستقبل مصري مشرق .
وكما يقول الكاتب والأديب جمال الغيطاني مبديا تفاؤلا كبيرا بالمستقبل المصري "اشعر ان مصر تتوضأ وتتهيأ للمستقبل..اشعر بوجود روح جديدة في مصر كونتها مكتسبات ثورتي يناير ويونيو" .
واوضح الغيطاني ان هذا التفاؤل نابع من قراءته للتاريخ المصري ومعرفته للشخصية المصرية معيدا للأذهان ان ثورة يناير كانت نتيجة طبيعية للركود والبلادة واستشراء الفساد والبقاء الطويل في السلطة بما يشكله من مفسدة فضلا عن جهل الحاكم بالشخصية المصرية واستهانته بالشعب.
اما ثورة يونيو فكان الخروج الشعبي فيها نقيا وافرزت زعيمها الشعبي كظاهرة طبيعية لايخترعها احد فيما يلاحظ جمال الغيطاني ظاهرة في الموروث المصري تتمثل في ان " الدولة المصرية في لحظة معينة تقدم الشخص المناسب لقيادة المرحلة".
وهذا المؤتمر الاقتصادي الكبير يأتي في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحولات مستمرة بل "وينقلب رأسا على عقب" كما يعبر عنوان كتاب جديد صدر بالانجليزية لتشارلز كيني الذي يتبنى نظرية متفائلة فحواها ان تحقيق دولة ما لمكاسب قد لايعني حتما خسارة دولة اخرى.
وهذا الكتاب يحمل رؤية متفائلة لمؤلفه وهو عالم اقتصاد بريطاني الأصل للاقتصاد العالمي في ظل صعود القوى الاقتصادية الجديدة ممثلة في الصين والهند والبرازيل دون ان يعني ذلك بالضرورة انهيار القوى الاقتصادية الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة .
والرؤية المتفائلة او ثقافة الأمل كما تتجلى في هذا الكتاب تقوم على شرط العمل والابتكار وهاهو المؤلف يضرب مثلا بمقارنة موحية فحواها أن معدل انتاج الغلال في العقد الأول من هذا القرن بلغ اكثر من ضعف معدل الزيادة في عدد السكان بالعالم النامي او "الجنوب".
كتاب ينتمي لاتجاه عالمي عنوانه "كيف نكون افضل؟" ويتسق مع رؤى حول الحرية في الفلسفة المعاصرة تعلي من الفعل الحر وتحذر من حبس الحرية في نطاق القول او الكلمات وحدها دون الأفعال حتى ان هناك من يرى ان مقولة :"انا افكر فأنا اذن موجود" لاتكتمل ولاتتخذ بعدها الفعلي الا ان تجسدت في "انا افعل فأنا اذن موجود".
ولعل هذه النزعة الفلسفية العملية المتفائلة في الثقافة العالمية تقدم نوعا من الاجابات لأسئلة المستقبل في مصر وتعلي من ثقافة الأمل والعمل في زمن اثبت ان الحرية ذاتها كقيمة سامية لم تعد مسألة نظرية وانما تستلزم الفعل الحر الذي يدور في الزمان والمكان وفي محيط انساني بعينه بقدر ماتعيد النظر في السؤال الكبير :"هل التاريخ هو الذي يصنع الانسان ام ان الانسان هو الذي يصنع التاريخ"؟!.
وتكشف تصريحات رئيس الوزراء المصري ابراهيم محلب عن اعلاء لقيمة العمل والفعل والممارسة من اجل التغيير الايجابي وادراك جلي لحقيقة تغيب عن اذهان البعض وهي ان "المسؤول خادم للشعب وموقع المسؤولية لايعني الوجاهة او الفوز بامتيازات وانما خدمة الوطن والمواطن" .
وهناك ضرورة لسياسات المصارحة والمكاشفة مع البدء دون اهدار مزيد من الوقت نحو بناء نظام اقتصادي-اجتماعي جديد يستجيب لتحديات الاقتصاد المعرفي ولاينكر او يتنكر لمتطلبات "الصابرين" بقدر مايتفاعل مع المتغيرات العالمية السريعة ويحقق التناغم بين مسؤوليات الدولة وآليات السوق ويميز بين دور لاغنى عنه لرجال الأعمال والمستثمرين وبين الجشع والتغول وزواج الثروة والسلطة.
وللانصاف وللحقيقة وحدها فان ثمة حاجة لتبديد تصورات ذهنية سلبية سادت لدى بعض القطاعات والشرائح الاجتماعية حول رجال الأعمال فيما الواقع يؤكد على ان الكثير منهم يسهمون بايجابية في مسيرة التقدم وتوفير فرص عمل للشباب ومن ثم تعزيز القوة الشاملة للدولة.
كما ان الخبرة التاريخية حتى في مرحلة المد الناصري والأفكار الاشتراكية وتبني القطاع العام في ستينيات القرن العشرين تشهد بأن دور "الرأسمالية الوطنية" لم يمس بسوء بل انها كانت مكونا رئيسا ضمن "صيغة التحالف" التي دشنت ايامئذ الأمر الذي يعيد للأذهان اهمية التحلي بالموضوعية والانصاف وعدم الانسياق في ممارسات من شأنها اقصاء اصحاب الكفاءات والقدرات والخبرات المستحقة والأرصدة الوفيرة من النزاهة .
انما القصد التمييز بين ادوار مطلوبة لرجال الأعمال واغلبهم من الوطنيين الشرفاء لتعظيم الاستثمارات وفهم معنى التنافسية في سياقات العولمة وبين "الرأسمالية المتوحشة" وممارسات مرفوضة للفساد والجشع والانفلات والتحلل من اي ضوابط مجتمعية او اخلاقية ناهيك عن التأثير بقوة المال في القرار السياسي والافتئات على حقوق واحتياجات "كتلة الصابرين".
وكما قيل بحق عبر طروحات متعددة ولأصحاب اتجاهات مختلفة فان هناك حاجة للاستجابة لمطالب "الصابرين" او الغالبية الشعبية.
فمد جسور الثقة بين السلطة وهذه الأغلبية شرط لاغنى عنه للاستقرار والتقدم وتحقيق اهداف الثورة وقبول "الكتلة الصابرة" لأعباء واستحقاقات المرحلة الانتقالية وصولا "لمجتمع العيش والحرية والعدالة الاجتماعية".
وجسور الثقة المطلوبة لابد وان تقام على دعائم الشفافية والاستقامة والكفاءة والجدارة والمحاسبة والمساءلة واعلاء المصلحة الوطنية مع امتلاك رؤية شاملة للمستقبل وضرورة السعي الحثيث لاقتلاع جذور الفكر المولد للفقر والارهاب معا .
فالمطلوب ليس اعادة توزيع الفقر وانما اجتثاث الفقر بتعظيم الانتاجية وزيادة الربحية وتبني مفاهيم الجودة وثقافة الاتقان وتشجيع الاستثمارات في قطاعات الانتاج والاقتصاد المعرفي بما يحقق الأحلام المؤجلة للكتلة الصابرة ويستجيب لتوقعاتهم .
واذا صح مانسب للعالم الشهير اينشتاين من ان "الغباء هو فعل الشييء ذاته مرتين بالأسلوب ذاته مع انتظار او توقع نتائج مختلفة " فثمة حاجة لتحديث علاقات العمل واطلاق الأنشطة الاقتصادية للنمو وتبني مقاربات تنطلق من منظور شامل وعادل بعيدا عن المعالجات الجزئية او التلفيقية في عالم يمضي بالفعل موغلا بعيدا بعيدا في مدهشات الابتكار واستعارة المفاهيم وتفاعلها بين مجالات قد تبدو متباعدة للغاية لكنها في الواقع امست قريبة بشدة من بعضها البعض في ظل العلاقات الشبكية ومنجزات شبكة الانترنت.
تلك ساعة للعمل والأمل والالتزام بثقافة الاتقان ....ساعة تحدد شكل ايامنا القادمات وموضع الرايات..يد تبني ويد تعلي راية الحرية..هذا قدرك ياوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.