تدهورت البنية التحتية، وباتت الطرق أشبه بالمدقات بعد أن دمرتها السيول، وتوقف مطار طابا، وانتشرت تحذيرات الدول الأجنبية لرعاياها من زيارة أرض الفيروز، معتبرة أنها تُمثل خطرًا على حياتهم. وباتت الفنادق التي كلفت المستثمرون مليارات الجنيهات، عبارة عن جُدران تبحث عن سائح، واتجهت بعض الشركات لعمل رحلات إلى القدس لتعويض خسائرها خوفًا من شبح الإفلاس. "بوابة أخبار اليوم" عايشت الواقع المؤلم بمدينتي طابا ونويبع بجنوب سيناء، ورصدن استغاثات المستثمرين وأبناء قبائل سيناء. 12 ساعة قضيناها داخل الحافلة، في الطريق من القاهرة إلى طابا ونوبيع، انطلقنا من العاصمة في الحادية عشر مساءً وكان مقررًا أن نصل إلى مقصدنا في السادسة من صباح اليوم التالي، لكن توقفت المسيرة بعد عبورنا نفق الشهيد أحمد حمدي بقرابة الساعة، واستوقفنا كمين تابع للجيش في حوالي الثالثة صباحًا، وأشاروا إلى أن السير ليلًا نحو طابا يُمثل خطرًا علينا، في إشارة إلى العمليات الإرهابية التي شهدتها سيناء الفترة الماضية، وشاهدنا المزيد من السيارات تنتظر فتح الطريق بعد عمل قول من السيارات "زيادة عدد السيارات لتسير قريبة من بعضها" خشية من استهدافها. في الخامسة صباحًا، كان قد اكتمل القول المطلوب، وتم فتح الطريق، إلا أن الهواتف المحمولة لم تكن تُجدي في حال حدوث أي طارئ، وباتت عبارة عن خردة لعدم تغطية شبكة المحمول لمعظم الطريق، الذي كان مهدمًا نتيجة السيول، وتحول إلى مدقات وسط جبال وعرة، وشاهدنا مطار طابا، لا حركة فيه، سوى ثلاث طائرات متوقفة. طوال الطريق، مررنا على عدد من التمركزات الأمنية التابعة للجيش والشرطة، وكانت تفحص الركاب فحصًا دقيقًا، وتم تفتيش الحافلة بواسطة كلب بوليسي فور وصولنا مدخل مدينة طابا. طُرق مهدمة.. في مدخل مدينة نويبع، اضطر قائد الحافلة لتغيير مساره نحو أحد المدقات، بعد أن تدمر جزء من الطريق الدولي بسبب السيول، وعدم وجود مخرات سيول لتسريب مياه الأمطار الساقطة من الجبال التي يقع الطريق أسفلها إلى البحر الأحمر الذي يبعد مسافة قريبة من الطريق الدولي. مزارع الورد والفاكهة.. في الطريق لنويبع، مررنا على أشهر مزارع المدينة، وقد أصبحت مهجورة بسبب الإهمال، وفقا لما ذكره الأهالي، الذين أكدوا أن اليهود زرعوها أثناء فترة احتلال سيناء، وأنها كانت تُصدر الفواكه والورد بكميات كبيرة إلى أوروبا، حيث أن أرضها خصبة وتُنتج محاصيل جيدة. طوابير أمام ميناء نويبع.. وفور هبوطنا من القافلة، رأينا مئات الأشخاص متكدسين على معبر نويبع البحري، في انتظار انتهاء إجراءات عبورهم إلى خارج البلاد، وكانت هناك أسر تجلس جانبًا، بمتعلقاتهم منتظرين أن يأتي الدور عليهم في هذا الميناء الذي تم تجديده منذ شهرين بملايين الجنيهات. لم تقتصر مشاكل نويبع في ذلك، فكانت هناك فنادق كبيرة مجهزة على مستويات عالية، ومُنفق فيها مليارات الجنيهات، وقد خلت من السياح الأجانب والمصريين. التقينا عددًا من أصحاب الفنادق وشركات السياحة، حيث قال المهندس سامي سليمان رئيس جمعية مستثمري طابا ونويبع إن طابا ونويبع ودهب تعاني من عزلة كاملة عن العالم من غلق للطرق، وتوقف أعمال المطارات، الأمر الذي يعزل تلك المدن عن العالم، مطالباً بضرورة إعادة تعمير بناء مطار نويبع الدولي عقب تدميره من السيول، وطرح مشروع لإعادة تعمير مطار نويبع ضمن مشروعات القمة الاقتصادية المقرر انعقادها في مارس المقبل، إلى جانب طرح مشروعات خدمية تعمل على تنشيط السياحة العالمية إلى تلك المدن، وإعادة إنشاء الطرق التي تم تدميرها بسبب السيول. وأكد إن السبب في ذلك يعود إلى عام 2001 وهو عام انتفاضة الفلسطينيين، وتعويم الجنيه، والأمن وتغير القيادات المستمر وعدم إدراج مشاكل المنطقة لحلها. وأضاف سليمان: "مشاكلنا تعتبر إدارية، فالنسبة للبوابة، لا يُمكننا أن نُدخل السياح من خلالها خاصة بعد غلق مطار طابا هذا العام 5 أشهر متواصلين، ووسط وجود طرق دمرتها السيول، منتقدا التصريحات حول عدم إمكانية عمل مطار بالمنطقة لعدم صلاحية التربة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن إسرائيل كانت تمتلك مطار في نويبع فترة احتلالها لسيناء. وأكد أنه في حال عمل مطار ستكون طابا ونويبع منطقة حرة تجذب الزوار من مختلف العام، خاصة من الدول المجاورة. ونوه إلى أن نسبة الإشغال بفنادق إيلات الإسرائيلية والعقبة الأردنية تصل إلى 100%، بينما تكون أفضل نسبة بطابا ونويبع تكون من صفر إلى 20 %. وأشار إلى أن ميناء نويبع يعتبر المنفذ الوحيد لمدن طابا ونويبع ودهب، إلى جانب إغلاق الثلاث منافذ البرية الرئيسية لتلك المدن المتمثّلة في طرق الصاعدة ووادي وتير وشق الثعبان، يمثل عزلة للمدن سياحية بشكل كامل عن أرض مصر. ودعا إلى ضرورة تفعيل مشروع المنطقة التجارية الحرة في نوبيع وطابا والتي تصل مساحتها إلى نحو 2 مليون متر مربع، إلى جانب تفعيل مشروع تطوير ميناء نويبع ليشمل مارينا لسياحة اليخوت لخدمة المحافظة. وأضاف سليمان أن الكثير من المشروعات السياحية بتلك المدن تتهاوى واحدا تلو الأخر، إلى جانب توقف شركات الكهرباء عن إمداد تلك المشروعات السياحية بالكهرباء كنتيجة لعدم قدرتها على سداد مستحقات تلك الشركات. في السياق ذاته استنكر كبير قبية الترابين الشيخ عشيش التسويق المصري للسياحة بالخارج، مؤكدًا أنه على الرغم من أن مصر الدولة السياحية الأفضل على مستوى العالم، إلا أنها الأقل تسويقًا لآثارها. وأبدى استغرابه من عدم وضع نويبع وطابا في برنامج السياحة الداخلية الذي وضعته وزارة السياحة، مشيرا إلى أن التفتيش الدقيق الذي يتعرض له المصريون القادمون إلى طابا يُعد من أسباب عزوفهم السياح عن القدوم. وقال إنه منذ 15 عاما، كانت طابا تُحقق 15 مليون دولار كرسوم دخول للمنافذ، بواقع 105 جنيه لكل سائح داخل إلى طابا، لافتًا إلى أن هذه الأموال لا تذهب للدولة، ولكن يتم تقسيمها بين إدارة المنافذ، ولا تستفيد المحافظة منها. من جانبه قال مدير شركة أبانوب للسياحة الدكتور ربيع توفيق، إن الوضع الحالي وتوقف الحال وعزوف السائحين عن القدوم لطابا ونويبع، دفعهم لتنظيم رحلات من شرم الشيخ إلى القدس. وأشار إلى أنه لو تم فتح رحلات السفاري مرة أخرى بعد أن أوقفتها الأجهزة الأمنية.. وأكد أن المنطقتين "نويبع وطابا" كانتا مزار هام للأمريكيين، لكنه ضاع ذلك بعد ثورة يناير، كما أن المنظومة الأمنية بها مشكلة، فلكي يأتي الأمريكي ويقف في النقاط الأمنية وقد يُطلب منه العودة مرة أخرى، فهذه مشكلة، وكل ذلك بحجة الظروف الأمنية، وهو أمر غير صحيح، فالأمور هنا هادئة ولا توجد أي مشاكل. وطالب الشيخ نصار عيد، شيخ قبيلة بإصلاح الطرق، مؤكدًا على أن السياحة ستعود بالنفع على الدولة، كما شدد على ضرورة توصيل الكهرباء للمناطق المحرومة منها، لافتًا في الوقت ذاته إلى الأضرار التي لحقت ببعض المستثمرين ممن شيدوا فنادق منذ سنوات، وتوقفت، وتكبدوا خسائر كبيرة. البوم الصور طابا نوبيع /images/images/small/ 1. طابا نويبع 2. طابا نويبع 3. طابا نويبع 4. طابا نويبع 5. طابا نويبع 6. ميناء نويبع البحري