قبل أن تمزقنا ظلماً أظافر الحياة نشفق على الذين يموتون ونحسبهم محرومين من جمال الكون وهناء العمر وبعدئذ – بعدئذ يوم تقسو الحياة على شبابنا وقلوبنا وأفكارنا وآمالنا نغبط الذين مضوا ونعلم أنهم من المختارين المحبوبين تلك هي فلسفة مي زيادة عن الحياة والموت. استطاعت مي زيادة أن تجوب العالم بمعرفتها الواسعة وإدراكها للعديد من اللغات، وموهبتها الشعرية التي دفعت هدى شعراوي أن تكتب في تأبينها "كانت مي زيادة المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة". ولدت مي زيادة في الناصرة، وهي ابنة وحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية أرثوذكسية. تلقت دراستها الابتدائية في الناصرة، والثانوية في "عينطورة"بلبنان عام 1907. انتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة. ودرست في كلية الآداب وأتقنت اللغة الفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية، والألمانية ولكن معرفتها بالفرنسية كانت عميقة جداً ولها بها العديد من الأشعار. عملت في القاهرة كمدرسة اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته، عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها، وفيما بعد، تابعت دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة. نشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية منذ صباها فلفتت الأنظار إليها، كانت تعقد مجلسها الأدبي كل ثلاثاء من كل أسبوع وقد امتازت بسعة الأفق ودقة الشعور وجمال اللغة. نشرت مقالات وأبحاثاً في كبريات الصحف والمجلات المصرية، مثل للمقطم، والأهرام، والزهور، والمحروسة، والهلال، والمقتطف. وكان "باكورة" إنتاجها في عام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية وأول أعمالها بالفرنسية كانت بعنوان "أزاهير حلم"، كما صدر لها "باحثة البادية" عام 1920، و"كلمات وإشارات" عام 1922، و"المساواة" عام 1923، و "ظلمات وأشعة" عام 1923، و"بين الجزر والمد" عام 1924، و "الصحائف" عام 1924. وكانت تميل مي زيادة إلى فني التصوير والموسيقى، وكانت إذا وضعت قصة تجعل ذكرى قديمة تثيرها رؤية لون أو منظر من المناظر، أو حادثة من الحوادث، وقد يكون إيحاءَ بما تشعر به وتراه في حياتها، فتدفعها هذه الذكرى ويستنفرها هذا الإيحاء إلى كتابة القصة، وقد تستيقظ في الفجر لتؤلف القصة، ومن عادتها أن تضع تصميماً أولياً للموضوع، ثم تعود فتصوغ القصة وتتم بناءها، وان الوقت الذي تستغرقه في كتابة القصة قد يكون ساعة أو أسابيع أو شهور حسب الظروف، وهي ترى أنه ليس هناك قصص خيالية مما يكتبه القصصيون وكل ما ألفته هذه النابغة، هو واقعي كسائر ما تسمع به وتراه من حوادث الحياة، فالمؤلف القصصي لا يبدع من خياله ما ليس موجوداً، بل هو يستمد من الحياة وحوادثها، ويصور بقالبه الفني الحوادث التي وقعت للأفراد، وكل ما تكتب هو تصوير لبعض جوانب الحياة، لا وهمٌ من الأوهام لا نصيب لها من حقيقة الحياة. كان جبران خليل جبران حبها الأبدي، والذي كان بعيدًا عن مقر إقامتها، فتعذر اللقاء بينهما طوال حياتهما، ولكن الرؤية لم تكن لتمنعهم من انجراف عواطفهم وتبادل أحاديث الهوى عبر الرسائل البريدية، التي كانت بمقاييس عصرهم تأخذ وقتاً طويلاً. عانت الكثير بعد وفاة والدها عام 1929 ووالدتها عام 1932، وقضت بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية وذلك بعد وفاة الشاعر جبران خليل جبران فأرسلها أصحابها إلى لبنان حيث يسكن أقاربها فأساءوا إليها وأدخلوها إلى "مستشفى الأمراض العقلية" مدة تسعة أشهر وحجروا عليها فاحتجّت الصحف اللبنانية وبعض الكتاب والصحفيون بعنف على السلوك السيئ لأقاربها، فنقلت إلى مستشفى خاص في بيروت ثم خرجت إلى بيت مستأجر حتى عادت لها عافيتها وأقامت عند الأديب أمين الريحاني عدة أشهر ثم عادت إلى مصر. توفيت مي زيادة، الأحد 19 أكتوبر عام 1941، في مستشفى المعادي بالقاهرة عن عمر 55 عاماً، وقالت هدى شعراوي في تأبينها "كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة". وكُتبت في رثائها مقالات كثيرة بينها مقالة لأمين الريحاني نشرت في "جريدة المكشوف" اللبنانية عنوانها "انطفأت مي". قبل أن تمزقنا ظلماً أظافر الحياة نشفق على الذين يموتون ونحسبهم محرومين من جمال الكون وهناء العمر وبعدئذ – بعدئذ يوم تقسو الحياة على شبابنا وقلوبنا وأفكارنا وآمالنا نغبط الذين مضوا ونعلم أنهم من المختارين المحبوبين تلك هي فلسفة مي زيادة عن الحياة والموت. استطاعت مي زيادة أن تجوب العالم بمعرفتها الواسعة وإدراكها للعديد من اللغات، وموهبتها الشعرية التي دفعت هدى شعراوي أن تكتب في تأبينها "كانت مي زيادة المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة". ولدت مي زيادة في الناصرة، وهي ابنة وحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية أرثوذكسية. تلقت دراستها الابتدائية في الناصرة، والثانوية في "عينطورة"بلبنان عام 1907. انتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة. ودرست في كلية الآداب وأتقنت اللغة الفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية، والألمانية ولكن معرفتها بالفرنسية كانت عميقة جداً ولها بها العديد من الأشعار. عملت في القاهرة كمدرسة اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية. وفي الوقت ذاته، عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها، وفيما بعد، تابعت دراسات في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة. نشرت مقالات أدبية ونقدية واجتماعية منذ صباها فلفتت الأنظار إليها، كانت تعقد مجلسها الأدبي كل ثلاثاء من كل أسبوع وقد امتازت بسعة الأفق ودقة الشعور وجمال اللغة. نشرت مقالات وأبحاثاً في كبريات الصحف والمجلات المصرية، مثل للمقطم، والأهرام، والزهور، والمحروسة، والهلال، والمقتطف. وكان "باكورة" إنتاجها في عام 1911 ديوان شعر كتبته باللغة الفرنسية وأول أعمالها بالفرنسية كانت بعنوان "أزاهير حلم"، كما صدر لها "باحثة البادية" عام 1920، و"كلمات وإشارات" عام 1922، و"المساواة" عام 1923، و "ظلمات وأشعة" عام 1923، و"بين الجزر والمد" عام 1924، و "الصحائف" عام 1924. وكانت تميل مي زيادة إلى فني التصوير والموسيقى، وكانت إذا وضعت قصة تجعل ذكرى قديمة تثيرها رؤية لون أو منظر من المناظر، أو حادثة من الحوادث، وقد يكون إيحاءَ بما تشعر به وتراه في حياتها، فتدفعها هذه الذكرى ويستنفرها هذا الإيحاء إلى كتابة القصة، وقد تستيقظ في الفجر لتؤلف القصة، ومن عادتها أن تضع تصميماً أولياً للموضوع، ثم تعود فتصوغ القصة وتتم بناءها، وان الوقت الذي تستغرقه في كتابة القصة قد يكون ساعة أو أسابيع أو شهور حسب الظروف، وهي ترى أنه ليس هناك قصص خيالية مما يكتبه القصصيون وكل ما ألفته هذه النابغة، هو واقعي كسائر ما تسمع به وتراه من حوادث الحياة، فالمؤلف القصصي لا يبدع من خياله ما ليس موجوداً، بل هو يستمد من الحياة وحوادثها، ويصور بقالبه الفني الحوادث التي وقعت للأفراد، وكل ما تكتب هو تصوير لبعض جوانب الحياة، لا وهمٌ من الأوهام لا نصيب لها من حقيقة الحياة. كان جبران خليل جبران حبها الأبدي، والذي كان بعيدًا عن مقر إقامتها، فتعذر اللقاء بينهما طوال حياتهما، ولكن الرؤية لم تكن لتمنعهم من انجراف عواطفهم وتبادل أحاديث الهوى عبر الرسائل البريدية، التي كانت بمقاييس عصرهم تأخذ وقتاً طويلاً. عانت الكثير بعد وفاة والدها عام 1929 ووالدتها عام 1932، وقضت بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية وذلك بعد وفاة الشاعر جبران خليل جبران فأرسلها أصحابها إلى لبنان حيث يسكن أقاربها فأساءوا إليها وأدخلوها إلى "مستشفى الأمراض العقلية" مدة تسعة أشهر وحجروا عليها فاحتجّت الصحف اللبنانية وبعض الكتاب والصحفيون بعنف على السلوك السيئ لأقاربها، فنقلت إلى مستشفى خاص في بيروت ثم خرجت إلى بيت مستأجر حتى عادت لها عافيتها وأقامت عند الأديب أمين الريحاني عدة أشهر ثم عادت إلى مصر. توفيت مي زيادة، الأحد 19 أكتوبر عام 1941، في مستشفى المعادي بالقاهرة عن عمر 55 عاماً، وقالت هدى شعراوي في تأبينها "كانت مي المثل الأعلى للفتاة الشرقية الراقية المثقفة". وكُتبت في رثائها مقالات كثيرة بينها مقالة لأمين الريحاني نشرت في "جريدة المكشوف" اللبنانية عنوانها "انطفأت مي".