"لم تستقبلني أمي في المنزل بعد النكسة وقالت لي:"خسرت البطن اللي جابتك".. بهذه العبارة تحدث العميد نبيل أبو النجا - أحد رجال الصاعقة- مؤكدا أن هذه الكلمات من والدته كان لها أكبر الأثر عليه، فأخذ عهدا على نفسه باستعادة سيناء مرة أخرى والأخذ بالثأر من العدو. لم تكن هذه الروح التي ولدت لدى العميد نبيل أبو النجا خاصة به فقط ولكن كان هذا حال كل مقاتلي الجيش بأكمله وتعاهدوا جميعا على رفع رأس مصر عاليا أمام العالم. ويقول العميد نبيل أبو النجا:" البطولات المصرية التي تجلت في الحرب شاهد على الابتكار والعبقرية المصرية.. لقد قمت بمهمة أقل ما توصف بأنها "رحلة إلى جهنم " فبعد أن حملت روحي على يدي قمت بالمهمة المستحيلة وهى الوصول لرجال الصاعقة خلف خطوط العدو لإمدادهم بالمؤن". ويستعيد العميد أبو النجا شريط ذكرياته عن حرب أكتوبر، فيقول بعد أن تخرجت بالكلية الحربية والتحقت بإحدى الكتائب بأنشاص والتي كانت أول وحدة مصرية تقوم بعمليات خاصة ضد قوات العدو شرق القناة بعد النكسة.. ويضيف:" خلال حرب أكتوبر كنت مكلفا بمهمة عمل خلف خطوط العدو في الأراضي الجبلية..فقد تلقت أحد كتائب الصاعقة مهمة قتالية لتنفيذ كمائن في المضايق الجبلية ضد قوات العدو المدرعة..واستمروا في التدريب على العمل ليلا ونهارا في ظروف شاقة باستخدام الذخيرة الحية وعلي أهداف مشابهة تماما للمعركة المستقبلية". وتابع:"تم نقل الكتيبة بعدد من طائرات الهيلكوبتر إلى مضيق رأس سدر شرق القناة وبعمق من 50 إلى 70 كيلو مترا تحت ستر مظلة جوية ..وقامت الكتيبة بمجرد وصولها للمنطقة الجبلية بتنظيم الكمائن من مدخل المضيق لمنطقة صدر الحيطان وذلك لتدمير لواء مدرع الإسرائيلي ومنعه من التقدم وكان من المخطط أيضا بقاء الكتيبة في مواقعها على المضيق عقب تنفيذ المهمة وتدمير عناصر اللواء المدرع المعادي حتى يتم الوصول إليها عن طريق عناصر من أحد ألوية المشاة بالجيش الثالث الميداني وبالفعل وصلت قوات الصاعقة في المكان والتوقيت المحددين ..وصدرت لي التعليمات بضرورة تحقيق الاتصال برجال الكتيبة الذين وصلوا بنجاح لمضيق سدر والعمل على إمدادهم بالمؤن والذخيرة وذلك عن طريق طائرتي هيلكوبتر جهزتا لهذا الغرض وكل طائرة تحمل عشرة رجال وطبيبا". وقال:"كان الموعد المحدد لإقلاع الطائرتين السابع من أكتوبر .. كانت عملية انتحارية لأنها تتم في عمق العدو .. واقترح القادة بدفع دورية بالجمال يتراوح عددها بين 15 إلى 20 جملا محملة بالمؤن والذخيرة بعد تعثر استخدام طائرات الهيلكوبتر.. وتتوغل الجمال في عمق العدو لمسافة سبعين كيلو مترا للوصول إلي مواقع الرجال ..وكان كلنا ثقة تامة بنجاح العملية على الرغم من أننا نعلم إننا في طريقنا للاستشهاد". ويضيف العميد ابو النجا:"بدأت المهمة ومعي أربعة رجال من سلاح الحدود وبعض الهجانة من قبائل منطقة سدر من أجل توصيل المؤن والذخيرة إلى أبطال الصاعقة الموجودين خلف خطوط العدو..وتم تجهيز 20 جملا لهذه المهمة وتحميلها بالمؤن بمساعدة بعض أفراد الهجانة والبدو أصحاب الخبرة في الدروب الصحراوية وتم التنسيق مع عناصر الاستطلاع المصرية بخصوص النقاط التي يمكن التسلل منها بالجمال والتوغل في العمق بحذر شديد على أن يكون التحرك ليلا فقط والاختفاء نهارا حتى الوصول لمنطقة مضيق سدر والاتصال برجال الصاعقة". عبر الضابط " أبو النجا" ورفاقه وجماله على المعديات وأتموا العبور في الثالثة والنصف فجر الأربعاء العاشر من أكتوبر بعد معاناة شديدة.. واندفعت "دورية الجمال" كما هو مخطط لها بمحاذاة شاطئ القناة وبعد ساعات قليلة رأي الرجال بالقرب منهم معركة شرسة بين وحدات مدرعة إسرائيلية تحاول الدخول للنقطة القوية في لسان بورتوفيق لفك حصارها وتصدت لها عناصر الجيش المصري مدعمة بأطقم الدبابات من الفرقة التاسعة عشر مشاة إحدى تشكيلات الجيش الثالث الميداني التي نجحت في تدمير بعض الدبابات وأجهزت قوات الصاعقة علي البقية من قوات العدو. ويقول أبو النجا إنه حرص على التحصن نهارا في الحفر الناجمة عن القصف الصاروخي الجوي والمدفعي وفقدوا 14 جمل في الطريق إلى أن شاهدوا سيارة مياه تقوم بإمداد عناصر مصرية وهنا تذكر الجميع أنهم لم يذوقوا طعم النوم أو الطعام أو الشراب منذ الرابعة عصر الثلاثاء التاسع من أكتوبر، ولكنهم رفضوا أن يشربوا مياها من الإمدادات واستعانوا بعصارة نبات السيال الموجود على امتداد خط السير وفضلوا العطش علي أخذ المؤن التي كان الفرقة المصرية في انتظارها .. ويشير إلى أنهم استطاعوا الحصول على المعلومات اللازمة لمواصلة الرحلة إلى الهدف وكان الخطر الأكبر هو عدم وجود خريطة محدد للألغام في المنطقة خاصة أن العدو كان ينشر الألغام بكثافة. وفي تمام العاشرة مساء الأربعاء العاشر من أكتوبر وصلت الدورية إلي بداية الطريق الإسفلتي المؤدي لرأس سدر وجنوب سيناء وتقدمت بمنتهي الحذر وبعد دقائق معدودة كان هناك اشتباك بين قوات العدو وعناصر أحد الأولوية المصرية وحاصرت النيران الرجال من كل جانب ورغم ذلك تقدموا في خط سيرهم وواجهتهم عربة إسرائيلية بطلقات الهاون نتج عنه فرار الجمال لمنطقة وعرة وفقدت الدورية جملا آخر ليصبح العدد المتبقي خمسة جمال فقط ولم يجدوا هناك مفرا من التحرك علي الجانب الأيسر وكانت مخاطرة غير مأمونة العواقب وبالفعل وجدت الدورية نفسها في مواجهة سرية دبابات إسرائيلية ولكنها تحركت بعيدا عنها وبسرعة فائقة وكفاءة في التخفي. ومع أول ضوء ليوم الخميس الحادي عشر من أكتوبر وفي تمام السادسة صباحا سمع رجال الدورية أثناء اختبائهم صوت طائرات استطلاع العدو الجوي، وعلى الفور هرولوا جميعا إلى مكان يستطيعون منه المراقبة ووجد أحد الجنود يطلق النيران من الطائرة علي المناطق التي مروا منها ومن خلفها طائرة أخرى تقوم بإحراق الأراضي بالنابلم ويركزون علي خط سير الدورية فأعطي أبوالنجا أوامره للرجال بمغادرة الأماكن المختبئين فيها ولبس فروة خروف في الأقدام حتى لا تترك أثًرا ولم تمض سوي 15 دقيقة على مغادرة المكان حتى قامت طائرات فانتوم بتدميره .. وبحلول آخر ضوء يوم الخميس الحادي عشر من أكتوبر أصدر أبوالنجا أوامره للدورية بالاستعداد للتحرك وكان يتبقي علي الوصول للمضيق 23 كيلو مترا. واستمر أبو النجا طوال يوم الجمعة الثاني عشر من أكتوبر يتابع الموقف ويرصد نشاط العدو في المنطقة ويحاول تحديد ثغرة يمكن للدورية العبور منها نحو الرجال وعاد إلى الدورية ليجد عددا كبيرا من الإبل ووجد أمامه أحد شيوخ البدو واتفق أبو النجا مع الشيخ على الذهاب للمضيق لاستطلاع الموقف مرة أخرى، وقرر الانتقال لمكان آخر على بعد نحو خمسة كيلو مترات في منطقة كثيفة بالأعشاب حتى أول ضوء في اليوم التالي. وعاد الشيخ البدوي وطمأن أبو النجا بأن كل شيء علي ما يرام فتم تقسيم القافلة نصفين يسلك كل منهما طريقا منفصلا وذلك لتوزيع المخاطر، وقبل فجر الأحد الرابع عشر من أكتوبر وصلت الجمال التي كان يقود أحدهما الشيخ السيناوي والأخرى ابنه إلى رجال الصاعقة وأوصلا المؤن والسلاح إلى الرجال . "لم تستقبلني أمي في المنزل بعد النكسة وقالت لي:"خسرت البطن اللي جابتك".. بهذه العبارة تحدث العميد نبيل أبو النجا - أحد رجال الصاعقة- مؤكدا أن هذه الكلمات من والدته كان لها أكبر الأثر عليه، فأخذ عهدا على نفسه باستعادة سيناء مرة أخرى والأخذ بالثأر من العدو. لم تكن هذه الروح التي ولدت لدى العميد نبيل أبو النجا خاصة به فقط ولكن كان هذا حال كل مقاتلي الجيش بأكمله وتعاهدوا جميعا على رفع رأس مصر عاليا أمام العالم. ويقول العميد نبيل أبو النجا:" البطولات المصرية التي تجلت في الحرب شاهد على الابتكار والعبقرية المصرية.. لقد قمت بمهمة أقل ما توصف بأنها "رحلة إلى جهنم " فبعد أن حملت روحي على يدي قمت بالمهمة المستحيلة وهى الوصول لرجال الصاعقة خلف خطوط العدو لإمدادهم بالمؤن". ويستعيد العميد أبو النجا شريط ذكرياته عن حرب أكتوبر، فيقول بعد أن تخرجت بالكلية الحربية والتحقت بإحدى الكتائب بأنشاص والتي كانت أول وحدة مصرية تقوم بعمليات خاصة ضد قوات العدو شرق القناة بعد النكسة.. ويضيف:" خلال حرب أكتوبر كنت مكلفا بمهمة عمل خلف خطوط العدو في الأراضي الجبلية..فقد تلقت أحد كتائب الصاعقة مهمة قتالية لتنفيذ كمائن في المضايق الجبلية ضد قوات العدو المدرعة..واستمروا في التدريب على العمل ليلا ونهارا في ظروف شاقة باستخدام الذخيرة الحية وعلي أهداف مشابهة تماما للمعركة المستقبلية". وتابع:"تم نقل الكتيبة بعدد من طائرات الهيلكوبتر إلى مضيق رأس سدر شرق القناة وبعمق من 50 إلى 70 كيلو مترا تحت ستر مظلة جوية ..وقامت الكتيبة بمجرد وصولها للمنطقة الجبلية بتنظيم الكمائن من مدخل المضيق لمنطقة صدر الحيطان وذلك لتدمير لواء مدرع الإسرائيلي ومنعه من التقدم وكان من المخطط أيضا بقاء الكتيبة في مواقعها على المضيق عقب تنفيذ المهمة وتدمير عناصر اللواء المدرع المعادي حتى يتم الوصول إليها عن طريق عناصر من أحد ألوية المشاة بالجيش الثالث الميداني وبالفعل وصلت قوات الصاعقة في المكان والتوقيت المحددين ..وصدرت لي التعليمات بضرورة تحقيق الاتصال برجال الكتيبة الذين وصلوا بنجاح لمضيق سدر والعمل على إمدادهم بالمؤن والذخيرة وذلك عن طريق طائرتي هيلكوبتر جهزتا لهذا الغرض وكل طائرة تحمل عشرة رجال وطبيبا". وقال:"كان الموعد المحدد لإقلاع الطائرتين السابع من أكتوبر .. كانت عملية انتحارية لأنها تتم في عمق العدو .. واقترح القادة بدفع دورية بالجمال يتراوح عددها بين 15 إلى 20 جملا محملة بالمؤن والذخيرة بعد تعثر استخدام طائرات الهيلكوبتر.. وتتوغل الجمال في عمق العدو لمسافة سبعين كيلو مترا للوصول إلي مواقع الرجال ..وكان كلنا ثقة تامة بنجاح العملية على الرغم من أننا نعلم إننا في طريقنا للاستشهاد". ويضيف العميد ابو النجا:"بدأت المهمة ومعي أربعة رجال من سلاح الحدود وبعض الهجانة من قبائل منطقة سدر من أجل توصيل المؤن والذخيرة إلى أبطال الصاعقة الموجودين خلف خطوط العدو..وتم تجهيز 20 جملا لهذه المهمة وتحميلها بالمؤن بمساعدة بعض أفراد الهجانة والبدو أصحاب الخبرة في الدروب الصحراوية وتم التنسيق مع عناصر الاستطلاع المصرية بخصوص النقاط التي يمكن التسلل منها بالجمال والتوغل في العمق بحذر شديد على أن يكون التحرك ليلا فقط والاختفاء نهارا حتى الوصول لمنطقة مضيق سدر والاتصال برجال الصاعقة". عبر الضابط " أبو النجا" ورفاقه وجماله على المعديات وأتموا العبور في الثالثة والنصف فجر الأربعاء العاشر من أكتوبر بعد معاناة شديدة.. واندفعت "دورية الجمال" كما هو مخطط لها بمحاذاة شاطئ القناة وبعد ساعات قليلة رأي الرجال بالقرب منهم معركة شرسة بين وحدات مدرعة إسرائيلية تحاول الدخول للنقطة القوية في لسان بورتوفيق لفك حصارها وتصدت لها عناصر الجيش المصري مدعمة بأطقم الدبابات من الفرقة التاسعة عشر مشاة إحدى تشكيلات الجيش الثالث الميداني التي نجحت في تدمير بعض الدبابات وأجهزت قوات الصاعقة علي البقية من قوات العدو. ويقول أبو النجا إنه حرص على التحصن نهارا في الحفر الناجمة عن القصف الصاروخي الجوي والمدفعي وفقدوا 14 جمل في الطريق إلى أن شاهدوا سيارة مياه تقوم بإمداد عناصر مصرية وهنا تذكر الجميع أنهم لم يذوقوا طعم النوم أو الطعام أو الشراب منذ الرابعة عصر الثلاثاء التاسع من أكتوبر، ولكنهم رفضوا أن يشربوا مياها من الإمدادات واستعانوا بعصارة نبات السيال الموجود على امتداد خط السير وفضلوا العطش علي أخذ المؤن التي كان الفرقة المصرية في انتظارها .. ويشير إلى أنهم استطاعوا الحصول على المعلومات اللازمة لمواصلة الرحلة إلى الهدف وكان الخطر الأكبر هو عدم وجود خريطة محدد للألغام في المنطقة خاصة أن العدو كان ينشر الألغام بكثافة. وفي تمام العاشرة مساء الأربعاء العاشر من أكتوبر وصلت الدورية إلي بداية الطريق الإسفلتي المؤدي لرأس سدر وجنوب سيناء وتقدمت بمنتهي الحذر وبعد دقائق معدودة كان هناك اشتباك بين قوات العدو وعناصر أحد الأولوية المصرية وحاصرت النيران الرجال من كل جانب ورغم ذلك تقدموا في خط سيرهم وواجهتهم عربة إسرائيلية بطلقات الهاون نتج عنه فرار الجمال لمنطقة وعرة وفقدت الدورية جملا آخر ليصبح العدد المتبقي خمسة جمال فقط ولم يجدوا هناك مفرا من التحرك علي الجانب الأيسر وكانت مخاطرة غير مأمونة العواقب وبالفعل وجدت الدورية نفسها في مواجهة سرية دبابات إسرائيلية ولكنها تحركت بعيدا عنها وبسرعة فائقة وكفاءة في التخفي. ومع أول ضوء ليوم الخميس الحادي عشر من أكتوبر وفي تمام السادسة صباحا سمع رجال الدورية أثناء اختبائهم صوت طائرات استطلاع العدو الجوي، وعلى الفور هرولوا جميعا إلى مكان يستطيعون منه المراقبة ووجد أحد الجنود يطلق النيران من الطائرة علي المناطق التي مروا منها ومن خلفها طائرة أخرى تقوم بإحراق الأراضي بالنابلم ويركزون علي خط سير الدورية فأعطي أبوالنجا أوامره للرجال بمغادرة الأماكن المختبئين فيها ولبس فروة خروف في الأقدام حتى لا تترك أثًرا ولم تمض سوي 15 دقيقة على مغادرة المكان حتى قامت طائرات فانتوم بتدميره .. وبحلول آخر ضوء يوم الخميس الحادي عشر من أكتوبر أصدر أبوالنجا أوامره للدورية بالاستعداد للتحرك وكان يتبقي علي الوصول للمضيق 23 كيلو مترا. واستمر أبو النجا طوال يوم الجمعة الثاني عشر من أكتوبر يتابع الموقف ويرصد نشاط العدو في المنطقة ويحاول تحديد ثغرة يمكن للدورية العبور منها نحو الرجال وعاد إلى الدورية ليجد عددا كبيرا من الإبل ووجد أمامه أحد شيوخ البدو واتفق أبو النجا مع الشيخ على الذهاب للمضيق لاستطلاع الموقف مرة أخرى، وقرر الانتقال لمكان آخر على بعد نحو خمسة كيلو مترات في منطقة كثيفة بالأعشاب حتى أول ضوء في اليوم التالي. وعاد الشيخ البدوي وطمأن أبو النجا بأن كل شيء علي ما يرام فتم تقسيم القافلة نصفين يسلك كل منهما طريقا منفصلا وذلك لتوزيع المخاطر، وقبل فجر الأحد الرابع عشر من أكتوبر وصلت الجمال التي كان يقود أحدهما الشيخ السيناوي والأخرى ابنه إلى رجال الصاعقة وأوصلا المؤن والسلاح إلى الرجال .