محافظ مطروح يهنئ الإعلاميين بعيدهم ال90    نائب رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير الامتحانات بكلية التربية الرياضية بنات    وزير التعليم العالي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للتعليم التكنولوجي    أسعار الحديد في الأسواق اليوم الأحد 2-6-2024.. انخفضت 1703 جنيهات    محافظ القاهرة: لم نتلق أي شكاوى بشأن صرف الخبز المدعم للمواطنين    محافظ المنيا: توريد 340 ألف طن قمح للشون والصوامع منذ بداية الموسم    خطة النواب: استيفاء النسب الدستورية للصحة والتعليم في الموازنة العامة للدولة    مسئولو " الإسكان " يتابعون موقف تنفيذ مشروعات المرافق بالمناطق المضافة لمدينة العبور الجديدة    تداول 15 ألف طن و736 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    «العربي لحقوق الإنسان»: تصنيف إسرائيل ل«أونروا» كمنظمة إرهابية جريمة بحق فلسطين    انتقادات أيرلندية وأمريكية لاذعة لنتنياهو.. «يستحق أن يحترق في الجحيم»    كوريا الجنوبية: سول سترد بهدوء على سلسلة التحركات العدائية الأخيرة للشمال    الكويت.. أمر بتعيين الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    وزير الخارجية يتوجه إلى إسبانيا للتشاور حول مستجدات القضية الفلسطينية    حزب الله يشن هجوما جويا بسرب من المسيرات الانقضاضية على مقر كتيبة إسرائيلية في الجولان    بعد دعوته للحديث.. كم مرة تكلم نتنياهو أمام الكونجرس؟ وماذا قال؟    بعد الفوز بدوري أبطال أوروبا.. هل يلعب ريال مدريد ضد الأهلي في كأس إنتركونتيننتال؟    الوديات تجهز الزمالك لعودة الدوري    عاجل بالأسماء.. شلبي يكشف رحيل 5 لاعبين من الأهلي    الزمالك: لم نطالب بتعليق صورة شيكابالا في منازلكم.. ولماذا السكوت عن الهارب؟    محامي الشيبي: عقوبة اتحاد الكرة استفزت موكلي.. وتم إخفاء قرار الانضباط    حسن عبدالمقصود: لا تأخيرات في امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 محافظة المنوفية    مذكرة كلمات اللغة الفرنسية للثانوية العامة نظام جديد 2024    ضبط عدد من الأسلحة النارية والذخائر دون ترخيص في منزل عنصر إجرامي بالقاهرة    10 يونيو.. معارضة بطل مسلسل "حضرة المتهم أبي" على حكم حبسه    التحقيق في واقعة العثور على رضيع داخل كيس بلاستيك ببولاق الدكرور    «الصحفيين» تنظم ندوة لمناقشة رواية «صيد الذئاب» الأربعاء المقبل    البابا تواضروس يستقبل قيادات الشركة المتحدة تزامنا مع عرض فيلم أم الدنيا في الكاتدرائية    ل برج الجوزاء والعقرب والسرطان.. من أكثرهم تعاسة في الزواج 2024؟    دعاء دخول مكة المكرمة.. اللهم أَمِّني من عذابك يوم تبعث عبادك    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر بل هو مستحب    قبل عيد الأضحى 2024.. أيهما أفضل الأضحية أم الصدقة؟ (الإفتاء توضح)    غرفة الرعاية الصحية باتحاد الصناعات: نتعاون مع القطاع الخاص لصياغة قانون المنشآت الجديدة    "صحة الإسماعيلية": بدء تشغيل قسم الحضانات بمستشفى حميات التل الكبير    تحرير 139 محضرا للمحلات المخالفة لقرار الغلق خلال 24 ساعة    احمد مجاهد يكشف حقيقة ترشحه لرئاسة اتحاد الكرة    جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفذ غارات على أهداف في لبنان    العليا للحج والعمرة: انتظام أعمال تفويج حجاج السياحة وتكاتف لإنجاح الموسم    مى عز الدين تطلب من جمهورها الدعاء لوالدتها بالشفاء العاجل    هربا من مشاجرة.. التحقيق في واقعة قفز شاب من الطابق الرابع بأكتوبر    طريقة عمل الكيكة الباردة بدون فرن في خطوات سريعة.. «أفضل حل بالصيف»    مواعيد قطارات عيد الأضحى المقرر تشغيلها لتخفيف الزحام    لتحسين أداء الطلاب.. ماذا قال وزير التعليم عن الثانوية العامة الجديدة؟    ما هي محظورات الحج المتعلقة بالنساء والرجال؟.. أبرزها «ارتداء النقاب»    «الإفتاء» توضح حكم التصوير أثناء الحج والعمرة.. مشروط    وزير الري يؤكد عمق العلاقات المصرية التنزانية على الأصعدة كافة    «أوقاف شمال سيناء» تنظم ندوة «أسئلة مفتوحة عن مناسك الحج والعمرة» بالعريش    إضافة 3 مواد جدد.. كيف سيتم تطوير المرحلة الإعدادية؟    ورشة حكي «رحلة العائلة المقدسة» ومحطات الأنبياء في مصر بالمتحف القومي للحضارة.. الثلاثاء    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 2 يونيو 2024    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    قصواء الخلالى ترد على تصريحات وزير التموين: "محدش بقى عنده بط ووز يأكله عيش"    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقة بين الثقافة والغذاء والعولمة تتجلى في شهر رمضان
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 14 - 07 - 2014

تتجلى العلاقة بين الثقافة والغذاء والعولمة في شهر رمضان الفضيل الذي عرف في مصر وغيرها من أمصار العالم الإسلامي جرعات ثقافية حافلة بالتشويق على موائد الإفطار التي تفنن في إعدادها لفيف من "الآباء الثقافيين" مثل العلامة المصري الراحل محمد محمود شاكر.
وكثير من كبار المثقفين المصريين والعرب أطلقوا على الإفطار الرمضاني الذي كانوا يتناولونه في بيت العلامة محمد محمود شاكر اسما دالا وطريفا وهو "طعام أهل الجنة" لما كانت هذه المائدة تتضمنه من ألوان الطعام الشهي.
واليوم تدور معركة ثقافية طريفة حول الإفطار الشهي الذي تحاول ثقافات غذائية ان تدلى فيه بدلوها بقدر ما تعبر عن حقيقة العلاقة بين الثقافة والغذاء ..وبين الخصوصية الثقافية الغذائية والغذاء المعولم.
وفي الولايات المتحدة التي باتت تضم كتلة سكانية كبيرة من المسلمين يتسع نطاق تطبيقات ثورة الاتصالات والعصر الرقمي لتشمل المأكولات الرمضانية و"متاجر اللحم الحلال" وقد تحرص بعض السفارات الأمريكية على إبراز ثقافة المطبخ الأمريكي في حفلات الإفطار التي تنظمها وتتضمن المأكولات الوطنية في الدول التي تقام بها هذه الحفلات.
و تحفل الصحافة الثقافية الغربية بعروض لكتب جديدة تتناول بجدية وطرافة معا جوانب متعددة لثقافة الغذاء، وهو شيء مختلف إلى حد بعيد عن كتب المطبخ التي تصدر بالعربية وتحقق مبيعات عالية قد تثير لوعة كبار الكتاب أو الطرق المبتكرة والوصفات المتعددة للمأكولات التي قلما تخلو منها صحيفة أو مجلة عامة أو قناة تلفزيونية.
وفى كتابه "الجغرافيا الثقافية" يؤكد مايك كرانج الأستاذ في جامعة "دورهايم" البريطانية على "المعنى الثقافي" للطعام، موضحا أن المأكولات علامات واضحة على الثقافات المختلفة حول الكرة الأرضية.
ويضيف انه كثيرا ما يطلب من طلابه ان يتأملوا من أين جاءتهم أخر وجبة لأن اقتفاء اثر كل المواد المستعملة في إنتاج تلك الوجبة يكشف عن علاقة اعتماد على عالم بأسره من العلاقات وشروط الإنتاج.
لكن كتاب البروفيسور كرانج لم يتطرق لقصة "البط الدمياطي" في رمضان حيث يندر ان تخلو أي مائدة إفطار في أول أيام الشهر الفضيل بهذه المحافظة المصرية من البط وبما يشكل بامتياز "ثقافة غذائية مميزة لأبناء دمياط" حتى ان النظرة الشعبية لعدم تناول البط في اليوم الأول من رمضان تعني ان هناك شيئا جوهريا مفقودا.
والطريف ان ثورة الاتصالات لم تكن بعيدة عن "البط الدمياطي في رمضان" فهاهي بعض المحال المتخصصة في هذه الوجبة الرمضانية تعلن عن منتجاتها على مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة.
ولا جدال أن موجة الغلاء التي أفضت لارتفاع أسعار البط الدمياطي أثرت على هذا النوع من الثقافة الغذائية الرمضانية بمشتملاتها من "زبيب وخضار وزيت طعام" فيما تتفنن بعض الصحف ووسائل الإعلام العربية في عرض الوصفات الرمضانية حتى ان بعضها ينشر طرق مبتكرة لتقديم "شوربات رمضانية متنوعة" من المطابخ الأوروبية مع الشرح الكامل لسبل أعدادها .
فإذا كانت المائدة الرمضانية تحوى أنواعا تقليدية من الحساء مثل "شوربة الدجاج " و"شوربة الخضار" و"شوربة العدس" فان المطابخ الأوروبية لا تخلو من أنواع حساء ملائمة لشهر رمضان مثل "شوربة الكوسة" من المطبخ الفرنسي و"شوربة مينسترونى" من المطبخ الايطالي و"شوربة الملفوف" من المطبخ الروسي فضلا عن "شوربة الجزر والكرفس" من المطبخ الأسباني .
ومن القواعد الرمضانية المتوارثة لدى الكثير من الصائمين بدء الإفطار بتناول الحساء بعد التمر والماء فيما تعتبر الطريقة الأمثل لأمعاء الصائم الخاوية لأن البدء بسوائل يريح المعدة بعد ساعات طويلة من الصيام ويجهزها للأطباق الرئيسة.
وفى ظل العولمة أضحت كل نكهات العالم في شوارع المدن الكبرى وتنتشر المطاعم القادمة بمطابخ ما وراء البحار فيما يتأمل مايك كرانج مؤلف كتاب الجغرافيا الثقافية فيما يسميه "بتسويق تداعيات معاني المكان".
ويرى مايك كريج ان مطاعم مدينة مثل نيويورك تشكل مكانا للتدفقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية مضيفا :"المطعم كمكان تحدث فيه المنتجات الثقافية وتتكاثر وتتخطى الحدود القومية" فيما يتوقف مليا أمام سلاسل مطاعم المأكولات السريعة التي تعبر عن الثقافة الأمريكية.
وفى المقابل فان بعض العقول التي تعمل في ثقافة الغذاء بالمعنى الواسع في مصر والعالم العربي عمدت للتركيز على الأكلات المصرية والشرقية في مطاعم بدت وكأنها نوع من الاستجابة لتحدى انتشار ثقافة المأكولات السريعة.
وتنزع هذه المطاعم التي ترفع شعار الأصالة و"أكل زمان" لاختيار مسميات مصرية وشرقية خالصة بل ان بعضها يستعير أسماء أماكن وشخصيات وردت في أعمال لكبار الكتاب المصريين والعرب وخاصة أديب نوبل نجيب محفوظ دون ان تتنازل عن الاستفادة بمنجزات الحداثة مثل التواصل الالكتروني عبر شبكة الانترنت مع الزبائن الذين تهفو بطونهم "لطاجن عكاوي أو بطاطس باللحمة أو بط محشو ناهيك عن الأرز المعمر".
وإذا كان الصينيون لم يغفلوا حتى عن صناعة "فانوس رمضان" وتصديره للدول العربية فلن يكون من المثير للدهشة ان ثقافة الغذاء الصيني باتت طرفا في الإفطار الرمضاني حيث تتنافس المطاعم الصينية في جذب الزبائن من الصائمين للإفطار على موائدها في كثير من المدن العربية.
وهكذا تدور معركة محتدمة وطريفة ودالة بين "المحاشى المصرية" و"الفتة الشامية" و"الكسكسى المغربي" و"المنسف الأردني" و"المقلوب الفلسطيني" و"الجريش السعودي" و"الدولما العراقية" و"الحريرة التونسية" من جانب وبين المأكولات الصينية مثل "لفائف الديم سوم" أو "الديم سوم سوشى" و"العجائن بالجمبري".
وبالذكاء التجاري والتسويقى الصيني-لم تنس المطاعم الصينية المنتشرة في العالم العربي التمور في شهر الصيام جنبا إلى جنب مع المقبلات المتعددة و"لفائف سبرينج رول" ناهيك عن الشاي الصيني بنكهات عديدة من الأعشاب والزهور البرية و"حلوى كانتون" وحتى "النارجيلة" للمدخنين.
ولم لا ؟!..أليس الطعام- كما يقول مؤلف كتاب الجغرافيا الثقافية-يعتبر دون شك البضاعة المستهلكة الجوهرية إلى ابعد حد والجزء الأساسي والضروري من حياتنا إلى أقصى حد؟!..لكن هل تحول العالم حقا إلى "عصير من الثقافات أم ان هناك من يستأثر بصنع النسبة الغالبة في هذا العصير الثقافي"؟!..صوما مقبولا وإفطارا شهيا!.
تتجلى العلاقة بين الثقافة والغذاء والعولمة في شهر رمضان الفضيل الذي عرف في مصر وغيرها من أمصار العالم الإسلامي جرعات ثقافية حافلة بالتشويق على موائد الإفطار التي تفنن في إعدادها لفيف من "الآباء الثقافيين" مثل العلامة المصري الراحل محمد محمود شاكر.
وكثير من كبار المثقفين المصريين والعرب أطلقوا على الإفطار الرمضاني الذي كانوا يتناولونه في بيت العلامة محمد محمود شاكر اسما دالا وطريفا وهو "طعام أهل الجنة" لما كانت هذه المائدة تتضمنه من ألوان الطعام الشهي.
واليوم تدور معركة ثقافية طريفة حول الإفطار الشهي الذي تحاول ثقافات غذائية ان تدلى فيه بدلوها بقدر ما تعبر عن حقيقة العلاقة بين الثقافة والغذاء ..وبين الخصوصية الثقافية الغذائية والغذاء المعولم.
وفي الولايات المتحدة التي باتت تضم كتلة سكانية كبيرة من المسلمين يتسع نطاق تطبيقات ثورة الاتصالات والعصر الرقمي لتشمل المأكولات الرمضانية و"متاجر اللحم الحلال" وقد تحرص بعض السفارات الأمريكية على إبراز ثقافة المطبخ الأمريكي في حفلات الإفطار التي تنظمها وتتضمن المأكولات الوطنية في الدول التي تقام بها هذه الحفلات.
و تحفل الصحافة الثقافية الغربية بعروض لكتب جديدة تتناول بجدية وطرافة معا جوانب متعددة لثقافة الغذاء، وهو شيء مختلف إلى حد بعيد عن كتب المطبخ التي تصدر بالعربية وتحقق مبيعات عالية قد تثير لوعة كبار الكتاب أو الطرق المبتكرة والوصفات المتعددة للمأكولات التي قلما تخلو منها صحيفة أو مجلة عامة أو قناة تلفزيونية.
وفى كتابه "الجغرافيا الثقافية" يؤكد مايك كرانج الأستاذ في جامعة "دورهايم" البريطانية على "المعنى الثقافي" للطعام، موضحا أن المأكولات علامات واضحة على الثقافات المختلفة حول الكرة الأرضية.
ويضيف انه كثيرا ما يطلب من طلابه ان يتأملوا من أين جاءتهم أخر وجبة لأن اقتفاء اثر كل المواد المستعملة في إنتاج تلك الوجبة يكشف عن علاقة اعتماد على عالم بأسره من العلاقات وشروط الإنتاج.
لكن كتاب البروفيسور كرانج لم يتطرق لقصة "البط الدمياطي" في رمضان حيث يندر ان تخلو أي مائدة إفطار في أول أيام الشهر الفضيل بهذه المحافظة المصرية من البط وبما يشكل بامتياز "ثقافة غذائية مميزة لأبناء دمياط" حتى ان النظرة الشعبية لعدم تناول البط في اليوم الأول من رمضان تعني ان هناك شيئا جوهريا مفقودا.
والطريف ان ثورة الاتصالات لم تكن بعيدة عن "البط الدمياطي في رمضان" فهاهي بعض المحال المتخصصة في هذه الوجبة الرمضانية تعلن عن منتجاتها على مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف المحمولة.
ولا جدال أن موجة الغلاء التي أفضت لارتفاع أسعار البط الدمياطي أثرت على هذا النوع من الثقافة الغذائية الرمضانية بمشتملاتها من "زبيب وخضار وزيت طعام" فيما تتفنن بعض الصحف ووسائل الإعلام العربية في عرض الوصفات الرمضانية حتى ان بعضها ينشر طرق مبتكرة لتقديم "شوربات رمضانية متنوعة" من المطابخ الأوروبية مع الشرح الكامل لسبل أعدادها .
فإذا كانت المائدة الرمضانية تحوى أنواعا تقليدية من الحساء مثل "شوربة الدجاج " و"شوربة الخضار" و"شوربة العدس" فان المطابخ الأوروبية لا تخلو من أنواع حساء ملائمة لشهر رمضان مثل "شوربة الكوسة" من المطبخ الفرنسي و"شوربة مينسترونى" من المطبخ الايطالي و"شوربة الملفوف" من المطبخ الروسي فضلا عن "شوربة الجزر والكرفس" من المطبخ الأسباني .
ومن القواعد الرمضانية المتوارثة لدى الكثير من الصائمين بدء الإفطار بتناول الحساء بعد التمر والماء فيما تعتبر الطريقة الأمثل لأمعاء الصائم الخاوية لأن البدء بسوائل يريح المعدة بعد ساعات طويلة من الصيام ويجهزها للأطباق الرئيسة.
وفى ظل العولمة أضحت كل نكهات العالم في شوارع المدن الكبرى وتنتشر المطاعم القادمة بمطابخ ما وراء البحار فيما يتأمل مايك كرانج مؤلف كتاب الجغرافيا الثقافية فيما يسميه "بتسويق تداعيات معاني المكان".
ويرى مايك كريج ان مطاعم مدينة مثل نيويورك تشكل مكانا للتدفقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية مضيفا :"المطعم كمكان تحدث فيه المنتجات الثقافية وتتكاثر وتتخطى الحدود القومية" فيما يتوقف مليا أمام سلاسل مطاعم المأكولات السريعة التي تعبر عن الثقافة الأمريكية.
وفى المقابل فان بعض العقول التي تعمل في ثقافة الغذاء بالمعنى الواسع في مصر والعالم العربي عمدت للتركيز على الأكلات المصرية والشرقية في مطاعم بدت وكأنها نوع من الاستجابة لتحدى انتشار ثقافة المأكولات السريعة.
وتنزع هذه المطاعم التي ترفع شعار الأصالة و"أكل زمان" لاختيار مسميات مصرية وشرقية خالصة بل ان بعضها يستعير أسماء أماكن وشخصيات وردت في أعمال لكبار الكتاب المصريين والعرب وخاصة أديب نوبل نجيب محفوظ دون ان تتنازل عن الاستفادة بمنجزات الحداثة مثل التواصل الالكتروني عبر شبكة الانترنت مع الزبائن الذين تهفو بطونهم "لطاجن عكاوي أو بطاطس باللحمة أو بط محشو ناهيك عن الأرز المعمر".
وإذا كان الصينيون لم يغفلوا حتى عن صناعة "فانوس رمضان" وتصديره للدول العربية فلن يكون من المثير للدهشة ان ثقافة الغذاء الصيني باتت طرفا في الإفطار الرمضاني حيث تتنافس المطاعم الصينية في جذب الزبائن من الصائمين للإفطار على موائدها في كثير من المدن العربية.
وهكذا تدور معركة محتدمة وطريفة ودالة بين "المحاشى المصرية" و"الفتة الشامية" و"الكسكسى المغربي" و"المنسف الأردني" و"المقلوب الفلسطيني" و"الجريش السعودي" و"الدولما العراقية" و"الحريرة التونسية" من جانب وبين المأكولات الصينية مثل "لفائف الديم سوم" أو "الديم سوم سوشى" و"العجائن بالجمبري".
وبالذكاء التجاري والتسويقى الصيني-لم تنس المطاعم الصينية المنتشرة في العالم العربي التمور في شهر الصيام جنبا إلى جنب مع المقبلات المتعددة و"لفائف سبرينج رول" ناهيك عن الشاي الصيني بنكهات عديدة من الأعشاب والزهور البرية و"حلوى كانتون" وحتى "النارجيلة" للمدخنين.
ولم لا ؟!..أليس الطعام- كما يقول مؤلف كتاب الجغرافيا الثقافية-يعتبر دون شك البضاعة المستهلكة الجوهرية إلى ابعد حد والجزء الأساسي والضروري من حياتنا إلى أقصى حد؟!..لكن هل تحول العالم حقا إلى "عصير من الثقافات أم ان هناك من يستأثر بصنع النسبة الغالبة في هذا العصير الثقافي"؟!..صوما مقبولا وإفطارا شهيا!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.