رىيس مجلس الشيوخ يبحث تطوير العلاقات مع مفتي كازاخستان    تخصيص 14 مجزرا لذبح الأضاحي بالمجان طوال أبام العيد بالفيوم (بالأسماء)    جامعة قناة السويس تحافظ على تقدمها في التصنيف العالمي QS 2025    البنك المركزي يستعرض أمام وفد كيني تجربة مصر في إنشاء تطبيق إنستا باي    رد مبالغ جدية الحجز لموسم الحج.. توجيه هام من غرفة السياحة    محافظ الفيوم يتابع إجراءات تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء    وزيرة الثقافة: جهود مكثفة لنشر الوعي البيئي للحفاظ على موارد كوكبنا    «الشراء الموحد والإمداد الطبي» توقع مذكرة تفاهم مع «فوجي فيلم» لتعزيز الرعاية الصحية في مصر    «الغرف التجارية»: وصول الاحتياطي النقدي إلى أعلى مستوى يؤكد تماسك العملة المصرية    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل أخر جلسات الأسبوع    هيئة البث الإسرائيلية: إلغاء اجتماع مجلس الحرب اليوم    البرلمان العربي: مسيرات الأعلام واقتحام المسجد الأقصى اعتداء سافر على الوضع التاريخي لمدينة القدس    إسبانيا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    مستقبل أوروبا يعتمد على ثلاث نساء.. رئيسة المفوضية أبرزهن    المستشار الألماني يؤيد ترحيل المجرمين الخطرين إلى أفغانستان وسوريا    إصابات في قصف مسيرة إسرائيلية دراجة نارية بجنوب لبنان    قائمة المحظورات للجماهير قبل مباراة مصر وبوركينا فاسو    بطلة من ذوى الاحتياجات الخاصة .. «نوسة» بطلة رفع أثقال    شوبير يهاجم «كاف» بعد تضارب الأنباء حول تأجيل كأس أمم أفريقيا    تنفيذ المستوي الثاني من برنامج المعد النفسي الرياضي بسيناء    الأرصاد الجوية: اليوم ذروة الارتفاع في درجات الحرارة    ضبط 16 طن دقيق مدعم خلال حملات على المخابز السياحية    منها «التوتر باعتدال».. نصائح للتخلص من التوتر قبل امتحانات الثانوية العامة    السجن المشدد 5 سنوات لأمين شرطة وشخص آخر بتهمة تزوير محررات رسمية بشبرا الخيمة    تخصيص 159 ساحة ومسجد لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك بمحافظة الفيوم    رئيس شؤون التعليم يتفقد لجان امتحانات الثانوية الأزهرية بالأقصر    «الداخلية»: حملات لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    المتهم بتشويه مطلقته فى منشأة القناطر: خلافات دفعتنى للانتقام منها    بوسترات فردية لأبطال فيلم عصابة الماكس قبل عرضه بموسم عيد الأضحى.. صور    ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة مسلسل خارج السباق الرمضاني    رحلة «أهل الكهف» من التأجيل 4 سنوات للعرض في السينمات    سوسن بدر تكشف كواليس تصوير الفيلم الوثائقي «أم الدنيا» قبل عرضه    هل الحاج يصوم العشر من ذي الحجة؟.. «الإفتاء» تجيب    لو هتضحى.. اعرف آخر يوم تحلق فيه إمتى والحكم الشرعى    أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور.. منظمة الصحة العالمية تؤكد    العلاج بالمجان.. قافلة طبية لأهالي قرية سيدي شبيب بالضبعة شرق مطروح    هشام عبد الرسول: أتمنى تواجد منتخب مصر في مونديال 2026    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المحافظ جاى 000!!؟    ليلة بكت فيها سميحة أيوب.. الأوبرا تكرم سيدة المسرح العربي (بالصور)    قبل التغيير الوزاري، سويلم يقدم كشف حساب لوزارة الري على هامش المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    عميد تجارة عين شمس: التعاون الثقافي والعلمي مع الجامعات الفرنسية مهم للجانبين    أكرم القصاص: طلبات المصريين من الحكومة بسيطة والفترة الماضية شهدت انخفاضا فى الأسعار    أحمد الدبيكي: إتفاقية دولية مرتقبة لحماية العاملين في التخصصات الخطرة    اليونيسف: 9 من بين كل 10 أطفال بغزة يفتقرون للغذاء اللازم للنمو السليم    مصر تتعاون مع مدغشقر في مجال الصناعات الدوائية.. و«الصحة»: نسعى لتبادل الخبرات    اعرف المدة المناسبة لتشغيل الثلاجة بعد تنظيفها.. «عشان المحرك ميتحرقش»    وزير الخارجية القبرصي: هناك تنسيق كبير بين مصر وقبرص بشأن الأزمة في غزة    نجم الإسماعيلي: تلقيت عروضًا من الأهلي والزمالك.. وهذا قراري    الأصفر هيجننا.. ارتفاع سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة المصرية    واجبات الحج الأربعة.. معلومات وأحكام شرعية مهمة يوضحها علي جمعة    الأزهر للفتوى: الاجتهاد في السعي على طلب الرزق في الحر الشديد له ثواب عظيم    ملف رياضة مصراوي.. تصريحات صلاح.. مؤتمر حسام حسن.. تشكيل منتخب مصر المتوقع    مصادر: خطة لرفع أسعار الأدوية بنسبة 30%    حظك اليوم برج الأسد الخميس 6-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مهرجان جمعية الفيلم يعرض فيلم «شماريخ» تحت شعار «تحيا المقاومة لتحيا فلسطين» (تفاصيل)    البابا تواضروس يروى كواليس اجتماعه في وزارة الدفاع يوم 3 يوليو    هشام نصر يكشف مفاجأة: الزمالك لم يتم التعاقد مع محترف فريق الطائرة حتى الآن    البابا تواضروس: أخبرت نائب محمد مرسي عن أهمية ثقة المواطن في المسئول فصمت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تنمية سيناء ..حلم المستقبل للأجيال القادمة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 22 - 04 - 2014

تعيش سيناء اليوم في ذكرى تحريرها من أيدي الاحتلال الإسرائيلي الغاصب يوم25 أبريل 1982 وعودتها إلى حضن الوطن الأم بعد أن غابت عنه 15عاما في أعقاب هزيمة 1967 حلم المستقبل في ظل عهد جديد ،حيث أنها ستظل رمزا لقدرة أبناء مصر على مواجهة التحديات في الحرب والسلام .
ومع الاحتفال بذكرى تحريرها ، مازال مشروع التنمية في سيناء هو حلم المستقبل للأجيال القادمة فقد تأخر تنفيذ المشروع القومي لتنمية سيناء الذي كان مقررا من عام 1994 / 2017 / بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 75 مليار جنيه، ويرجع ذلك من وجهة نظر الخبراء لعدة أسباب منها حالة عدم الاستقرار في المنطقة ودخول الدولة في مشروعات أخرى مما ساهم في تفتيت الجهود والاعتمادات وإعطاء الأولويات لمشروعات أخرى ذات عائد سريع .
إن مشروعات التنمية في سيناء يجب أن تنطلق بشكل عام على أساس التسليم بأن البداوة هي أسلوب للحياة ونمط للإنتاج وسكان الصحراء هم أساس التنمية وليسوا مجرد مستفيدين منها وبالتالي فهناك ضرورة لمشاركتهم في رسم وخطط المشروعات كلما أمكن ذلك والأخذ في الاعتبار أيضا الدور الذي تلعبه العوامل المحلية والانتماءات القبلية والعرقية في أي مشروع ، وأخيرا فإن تطوير فلسفة التوطين وتعمير سيناء من خلال الأنشطة السياحية إلى الإنتاجية سواء إقامة صناعات مثل الأسمنت والحديد أو الصناعات الإلكترونية والزراعية .
وبالرغم من معوقات التنمية التي تواجهها سيناء فقد نفذت الدولة عددا من المشروعات مثل مشروعات البنية الأساسية وتتمثل في كوبري السلام ، وخط سكة حديد الإسماعيلية - رفح / وخط غاز عبر سيناء ، تطوير ميناء العريش البحري ، ومطار العريش ، وخطوط الربط الكهربائي عبر الشبكة الموحدة ، وازدواج طريق القنطرة - العريش -رفح ، خطوط نقل مياه النيل ، ونفق الشهيد أحمد حمدي وكوبري الفردان .
وهناك مشروعات كبرى بدأت ولكنها تعثرت لأسباب مختلفة مثل مشروع ترعة السلام الذي يهدف لإقامة مجتمع زراعي باستصلاح واستزراع 620 ألف فدان منها 220 ألف فدان غرب قناة السويس و400 ألف فدان شرق القناة بسيناء ،ومن المشروعات التي تعثرت أيضا مشروع فحم المغارة .
إن سيناء كما يقول المؤرخون تحمل في أحشائها الكنز المدفون من الثروات المعدنية التي حباها الله بها فإنها ليست صندوقا من الرمال وإنما هي بالدرجة الأولى صندوق من الذهب الأسود الذي جعل منها نعمة كبرى لمصر إلى جانب الميزات الأخرى ، فسيناء تزخر بالعديد من الكنوز لو تم استثمارها يمكن أن تغنى مصر عما تتلقاه من معونات خارجية وتمثل محورا أساسيا من محاور الإستراتيجية التنموية طويلة الأمد للدولة المصرية فسيناء تعد المورد الرئيسي للثروة المعدنية حيث يوجد بها أكثر من 13 نوعا من الخامات المعدنية( النحاس ،والفوفسات ،واليورانيوم ،والفحم ،والفيروز في الجنوب ، بالإضافة إلى الرخام والحجر الجيري والطفلة والجبس والرمال الصفراء والكبريت والفحم الحجري ، ويتدفق البترول من الغرب.
كما تمتلك سيناء كنوزا طبيعية نادرة مثل الينابيع والمواقع التعدينية القديمة التي يمكن الاستفادة منها اقتصاديا من خلال تنشيط السياحة الداخلية والخارجية .
من ناحية أخرى ، تعد سيناء مهد الأديان السماوية وملتقاها فعلى جبالها وقف موسى عليه السلام يناجى ربه ويتجلى سبحانه على أحد جبال سيناء ، وهى التي احتضنت رحلة العائلة المقدسة وفتحت ذراعيها لتستقبل الإسلام .
وتتمتع شبه جزيرة سيناء بموقع جغرافي متميز وطبيعة خلابة حباها الله بها من جبال شاهقة تعد الأكثر ارتفاعا في مصر - ووديان وسهول وشواطئ صافية ممتدة بطول 120 كم ، وتحتضن جزرا ذات شعاب مرجانية وأسماكا لا يوجد لها مثيل مما جعل منها مكانا متفردا في طبيعته وعبقه وتاريخه وروحانيته لتصبح مقصدا للسائحين من كل أنحاء العالم .
وتمثل سيناء حوالي ثلث مساحة مصر وتبلغ مساحتها حوالي 61 ألف كيلو متر مربع ويبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب نحو 390 كيلو مترا وعرضها من الشرق إلي الغرب نحو 210 كيلو مترات وتسيطر على الطرق البحرية بين البحرين المتوسط والأحمر وهى الجسر الطبيعي بين قارتي أسيا وأفريقيا وهى بوابة مصر الشرقية ولذلك جاء معظم الغزاة عبر هذه البوابة منذ العصور القديمة .
وتدل أثار سيناء على أقدم طريق حربي وهو طريق حورس الذي يقطع سيناء كلها ، لذا تعتبر سيناء ذات أهمية خاصة في التاريخ المصري، فقد كانت مجالا للهجرات البشرية وممرا ومسرحا لحروب كثيرة.. فقد عبرها الهكسوس في طريقهم إلى غزو مصر كما سلكها تحتمس وجيوشه في طريقه إلى دجله واجتازها الملك رمسيس لمحاربة الحيثيين وعبر من خلالها الملك الفارسي قمبيز عام 552/ قم لاحتلال مصر .
وفى عهد البطالمة، مثلت سيناء القاعدة والممر للجيوش من مصر إلى فلسطين ومر بها الإسكندر المقدوني في زحفه نحو مصر وهى البوابة التي دخل منها المسلمون في طريقهم لفتح مصر وعندما أراد الصليبيون في عام 1117 إخضاع مصر كانت سيناء طريق صلاح الدين لمواجهتهم وهزيمتهم ، كما خرج القائد قطز عبر سيناء لمواجهة التتار .
وفى عام 1517 زحف السلطان العثماني سليم الأول فاتحا مصر عبر سيناء كما عبرها نابليون قاصدا عكا ، كما اجتازها إبراهيم باشا بجيوشه عام 1831 نحو الشام وواصل السير إلى الأناضول والأستانة ، كل هذه الأحداث أكدت الأهمية العسكرية لسيناء .
واختلف المؤرخون حول أصل اسم /سيناء / فرأى البعض أنه جاء لكثرة جبالها ، وأن معناها / الحجر / ورأى البعض أن الاسم الهيروغليفى / توشريت / أي ارض الجدب والعراء ، ولكن البعض الأخر يرى أن الاسم مشتق من الإله سين أله القمر الذي انتشرت عبادته في بابل وأسيا .، وهناك تسمية أخرى هي / بياوو/ بمعنى المناجم وأحيانا / خاست / .
وفى يوم تحرير سيناء تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء ، وعلى مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء وتم بذلك استكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد نصر أكتوبر 1973 وبعد سلسلة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة ، وسيظل علم مصر خفاقا بسواعد الرجال الذين صنعوا النصر وحققوا السلام وبفكرهم الذي خطط لمعارك القتال ومعارك الدبلوماسية التي فرضت الاستقرار.
وفى هذه الذكرى، نتذكر الشهداء والمقاتلين فمصر لاتنسى أبدا شهداءها ولا أن قواتها المسلحة التي حققت النصر في 6 أكتوبر 1973 وحمت ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 ستظل الدرع الواقية لمصر ولشعبها الصابر الصامد ، أن ذكرى تحرير سيناء الذي تحتفل به مصر كل عام إنما يعبر عن رغبة أمة وارادة جيل .
وتأتى ذكرى تحرير سيناء في ظل حرب معلنة تخوضها القوات المسلحة والشرطة للقضاء على الإرهاب في سيناء خط الدفاع الأول والأهم والمنطقة الأكثر سخونة في مصر وساحة العمليات الكبرى ضد الجماعات المتطرفة والإرهاب الأسود وقد حققت هذه الحملات نجاحا كبيرا بتوجيه ضربات قاسية إلى أوكار وعناصر الإرهاب وهذه المؤشرات تعنى أن الإرهاب في سيناء دخل مرحلة الاحتضار برغم استمرار محاولات العنف التي يدفع ثمنها رجال القوات المسلحة والشرطة من أرواحهم ودمائهم .
ومع كل شهيد يسقط في سيناء أو خارجها يثبت بالأدلة القاطعة أن الإرهابيين الجبناء يقتربون من مرحلة النهاية مما يدفعهم للقيام بأعمال تتسم بالخسة والوضاعة لمجرد إثبات وجودهم ورغم ما يعتصر الوطن من ألم وأسى على فقد ابن من أبنائه النبلاء من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين ، فأن الحقيقة الأكيدة أن الإرهاب لن يقدر على هزيمة الأوطان مهما أرتكب من جرائم وبشائع يندى لها الجبين ، فالأوطان لاتهتز أبدا تحت وقع الضربات الموجعة المؤلمة بل أنها تزيدها صلابة وتماسكا .
وتتعزز قيمة السلام في ذكرى تحرير سيناء الذي قدم شعب مصر التضحيات من أجله ويزداد الإصرار على مواصلة الجهد كي يعم كل ربوع المنطقة ، لقد كان الطريق شاقا والظروف أكثر صعوبة تحمل ميراثا طويلا من الصراع العربي الإسرائيلي بكل تعقيداته ولكن مصر كانت عند مستوى التحدي فاتخذت قرار الحرب لاستعادة الأرض وحققت النصر في أكتوبر العظيم كما اتخذت قرار السلام لتبنى عهدا جديدا من الاستقرار والأمن لكل شعوب المنطقة ويهيئ لها الرخاء والنهوض .
وكانت المرحلة الرئيسية الأولى من الانسحاب الإسرائيلي قد انتهت في 25 يناير 1980 وهى تغطى حوالي 65% من مساحة سيناء أي ثلثها أما باقي المساحة وقد نفذ الانسحاب منها بأسلوب التخفيف واستكملت ال3 سنوات المحددة لإتمام الانسحاب والتي انتهت في 25 أبريل 1982 .
ومن هذا المنطلق فأن يوم 25 أبريل 1982 يعتبر يوما مشهودا في تاريخ مصر والأمة العربية بما يحمله من دلالات وما حققه من نتائج أنه يمثل انتصارا لإرادة السلام وسيادة الحق ، ويؤكد في نفس الوقت حرص مصر الشديد على كل ذرة من ترابها ولعل المثال الحي في هذا الشأن رفض مصر القاطع لبقاء أية بقعة من أرض سيناء في حوزة إسرائيل مهما صغرت .
وتصدت مصر بكل قوة وعزم لإسرائيل حين اختلقت عدة مشكلات بشأن تحديد نقاط الحدود الدولية خاصة نقطة طابا ذات الأهمية الخاصة ولكن بفضل دبلوماسية مصر الهادئة الواثقة سقطت خطة إسرائيل وعادت طابا إلى مصر بعد جهد كبيردام 7 سنوات كاملة فلقد كان انسحاب إسرائيل من طابا في مارس 1989 بمثابة شهادة مهمة ودلالة عميقة على جدارة الإستراتيجية المصرية ومهارة سياستها ودبلوماسيتها في حل المنازعات واسترداد الحقوق .
ويرى المراقبون أن ما حدث على أرض سيناء يعد بالفعل من التحولات الكبرى في الأوضاع السياسية بالنسبة لمصر ولمنطقة الشرق الأوسط ككل فقد كان من الضروري أن يستعيد شعب مصر ثقته بنفسه بعد سنوات حزينة مرت طويلا في أعقاب حرب 67 وتحقق له هذا على أرض سيناء في 1973 كما كان من الضروري أن يتأكد لكل من كانت تراودهم الأوهام والأطماع أن مصر لاتساوم مطلقا على سيادتها الوطنية مهما زادت الصعاب أو طال الزمن وتحققت هذه الرسالة المهمة من خلال المعركة السياسية التي قادتها مصر باقتدار انطلاقا من انتصار أكتوبر العظيم .
إن إتمام الانسحاب الإسرائيلي في موعده أكد للعالم عامة أن إستراتيجية مصر كانت هي الأقوى والأبعد نظرا وأنها قد نجحت في تحقيق أهدافها القومية .. لقد طوى تحرير سيناء صفحة مريرة من الحروب واستنزاف الموارد ، وأصبحت سيناء رمزا لإصرار الشعب المصري على بلوغ أهدافه فسيناء تحررت وعادت إلى الوطن الأم عن طريق الحرب والسلام .
تعيش سيناء اليوم في ذكرى تحريرها من أيدي الاحتلال الإسرائيلي الغاصب يوم25 أبريل 1982 وعودتها إلى حضن الوطن الأم بعد أن غابت عنه 15عاما في أعقاب هزيمة 1967 حلم المستقبل في ظل عهد جديد ،حيث أنها ستظل رمزا لقدرة أبناء مصر على مواجهة التحديات في الحرب والسلام .
ومع الاحتفال بذكرى تحريرها ، مازال مشروع التنمية في سيناء هو حلم المستقبل للأجيال القادمة فقد تأخر تنفيذ المشروع القومي لتنمية سيناء الذي كان مقررا من عام 1994 / 2017 / بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 75 مليار جنيه، ويرجع ذلك من وجهة نظر الخبراء لعدة أسباب منها حالة عدم الاستقرار في المنطقة ودخول الدولة في مشروعات أخرى مما ساهم في تفتيت الجهود والاعتمادات وإعطاء الأولويات لمشروعات أخرى ذات عائد سريع .
إن مشروعات التنمية في سيناء يجب أن تنطلق بشكل عام على أساس التسليم بأن البداوة هي أسلوب للحياة ونمط للإنتاج وسكان الصحراء هم أساس التنمية وليسوا مجرد مستفيدين منها وبالتالي فهناك ضرورة لمشاركتهم في رسم وخطط المشروعات كلما أمكن ذلك والأخذ في الاعتبار أيضا الدور الذي تلعبه العوامل المحلية والانتماءات القبلية والعرقية في أي مشروع ، وأخيرا فإن تطوير فلسفة التوطين وتعمير سيناء من خلال الأنشطة السياحية إلى الإنتاجية سواء إقامة صناعات مثل الأسمنت والحديد أو الصناعات الإلكترونية والزراعية .
وبالرغم من معوقات التنمية التي تواجهها سيناء فقد نفذت الدولة عددا من المشروعات مثل مشروعات البنية الأساسية وتتمثل في كوبري السلام ، وخط سكة حديد الإسماعيلية - رفح / وخط غاز عبر سيناء ، تطوير ميناء العريش البحري ، ومطار العريش ، وخطوط الربط الكهربائي عبر الشبكة الموحدة ، وازدواج طريق القنطرة - العريش -رفح ، خطوط نقل مياه النيل ، ونفق الشهيد أحمد حمدي وكوبري الفردان .
وهناك مشروعات كبرى بدأت ولكنها تعثرت لأسباب مختلفة مثل مشروع ترعة السلام الذي يهدف لإقامة مجتمع زراعي باستصلاح واستزراع 620 ألف فدان منها 220 ألف فدان غرب قناة السويس و400 ألف فدان شرق القناة بسيناء ،ومن المشروعات التي تعثرت أيضا مشروع فحم المغارة .
إن سيناء كما يقول المؤرخون تحمل في أحشائها الكنز المدفون من الثروات المعدنية التي حباها الله بها فإنها ليست صندوقا من الرمال وإنما هي بالدرجة الأولى صندوق من الذهب الأسود الذي جعل منها نعمة كبرى لمصر إلى جانب الميزات الأخرى ، فسيناء تزخر بالعديد من الكنوز لو تم استثمارها يمكن أن تغنى مصر عما تتلقاه من معونات خارجية وتمثل محورا أساسيا من محاور الإستراتيجية التنموية طويلة الأمد للدولة المصرية فسيناء تعد المورد الرئيسي للثروة المعدنية حيث يوجد بها أكثر من 13 نوعا من الخامات المعدنية( النحاس ،والفوفسات ،واليورانيوم ،والفحم ،والفيروز في الجنوب ، بالإضافة إلى الرخام والحجر الجيري والطفلة والجبس والرمال الصفراء والكبريت والفحم الحجري ، ويتدفق البترول من الغرب.
كما تمتلك سيناء كنوزا طبيعية نادرة مثل الينابيع والمواقع التعدينية القديمة التي يمكن الاستفادة منها اقتصاديا من خلال تنشيط السياحة الداخلية والخارجية .
من ناحية أخرى ، تعد سيناء مهد الأديان السماوية وملتقاها فعلى جبالها وقف موسى عليه السلام يناجى ربه ويتجلى سبحانه على أحد جبال سيناء ، وهى التي احتضنت رحلة العائلة المقدسة وفتحت ذراعيها لتستقبل الإسلام .
وتتمتع شبه جزيرة سيناء بموقع جغرافي متميز وطبيعة خلابة حباها الله بها من جبال شاهقة تعد الأكثر ارتفاعا في مصر - ووديان وسهول وشواطئ صافية ممتدة بطول 120 كم ، وتحتضن جزرا ذات شعاب مرجانية وأسماكا لا يوجد لها مثيل مما جعل منها مكانا متفردا في طبيعته وعبقه وتاريخه وروحانيته لتصبح مقصدا للسائحين من كل أنحاء العالم .
وتمثل سيناء حوالي ثلث مساحة مصر وتبلغ مساحتها حوالي 61 ألف كيلو متر مربع ويبلغ طولها من الشمال إلى الجنوب نحو 390 كيلو مترا وعرضها من الشرق إلي الغرب نحو 210 كيلو مترات وتسيطر على الطرق البحرية بين البحرين المتوسط والأحمر وهى الجسر الطبيعي بين قارتي أسيا وأفريقيا وهى بوابة مصر الشرقية ولذلك جاء معظم الغزاة عبر هذه البوابة منذ العصور القديمة .
وتدل أثار سيناء على أقدم طريق حربي وهو طريق حورس الذي يقطع سيناء كلها ، لذا تعتبر سيناء ذات أهمية خاصة في التاريخ المصري، فقد كانت مجالا للهجرات البشرية وممرا ومسرحا لحروب كثيرة.. فقد عبرها الهكسوس في طريقهم إلى غزو مصر كما سلكها تحتمس وجيوشه في طريقه إلى دجله واجتازها الملك رمسيس لمحاربة الحيثيين وعبر من خلالها الملك الفارسي قمبيز عام 552/ قم لاحتلال مصر .
وفى عهد البطالمة، مثلت سيناء القاعدة والممر للجيوش من مصر إلى فلسطين ومر بها الإسكندر المقدوني في زحفه نحو مصر وهى البوابة التي دخل منها المسلمون في طريقهم لفتح مصر وعندما أراد الصليبيون في عام 1117 إخضاع مصر كانت سيناء طريق صلاح الدين لمواجهتهم وهزيمتهم ، كما خرج القائد قطز عبر سيناء لمواجهة التتار .
وفى عام 1517 زحف السلطان العثماني سليم الأول فاتحا مصر عبر سيناء كما عبرها نابليون قاصدا عكا ، كما اجتازها إبراهيم باشا بجيوشه عام 1831 نحو الشام وواصل السير إلى الأناضول والأستانة ، كل هذه الأحداث أكدت الأهمية العسكرية لسيناء .
واختلف المؤرخون حول أصل اسم /سيناء / فرأى البعض أنه جاء لكثرة جبالها ، وأن معناها / الحجر / ورأى البعض أن الاسم الهيروغليفى / توشريت / أي ارض الجدب والعراء ، ولكن البعض الأخر يرى أن الاسم مشتق من الإله سين أله القمر الذي انتشرت عبادته في بابل وأسيا .، وهناك تسمية أخرى هي / بياوو/ بمعنى المناجم وأحيانا / خاست / .
وفى يوم تحرير سيناء تم رفع العلم المصري على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء ، وعلى مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء وتم بذلك استكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد نصر أكتوبر 1973 وبعد سلسلة طويلة من الصراع المصري الإسرائيلي انتهى باستعادة الأراضي المصرية كاملة ، وسيظل علم مصر خفاقا بسواعد الرجال الذين صنعوا النصر وحققوا السلام وبفكرهم الذي خطط لمعارك القتال ومعارك الدبلوماسية التي فرضت الاستقرار.
وفى هذه الذكرى، نتذكر الشهداء والمقاتلين فمصر لاتنسى أبدا شهداءها ولا أن قواتها المسلحة التي حققت النصر في 6 أكتوبر 1973 وحمت ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 ستظل الدرع الواقية لمصر ولشعبها الصابر الصامد ، أن ذكرى تحرير سيناء الذي تحتفل به مصر كل عام إنما يعبر عن رغبة أمة وارادة جيل .
وتأتى ذكرى تحرير سيناء في ظل حرب معلنة تخوضها القوات المسلحة والشرطة للقضاء على الإرهاب في سيناء خط الدفاع الأول والأهم والمنطقة الأكثر سخونة في مصر وساحة العمليات الكبرى ضد الجماعات المتطرفة والإرهاب الأسود وقد حققت هذه الحملات نجاحا كبيرا بتوجيه ضربات قاسية إلى أوكار وعناصر الإرهاب وهذه المؤشرات تعنى أن الإرهاب في سيناء دخل مرحلة الاحتضار برغم استمرار محاولات العنف التي يدفع ثمنها رجال القوات المسلحة والشرطة من أرواحهم ودمائهم .
ومع كل شهيد يسقط في سيناء أو خارجها يثبت بالأدلة القاطعة أن الإرهابيين الجبناء يقتربون من مرحلة النهاية مما يدفعهم للقيام بأعمال تتسم بالخسة والوضاعة لمجرد إثبات وجودهم ورغم ما يعتصر الوطن من ألم وأسى على فقد ابن من أبنائه النبلاء من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين ، فأن الحقيقة الأكيدة أن الإرهاب لن يقدر على هزيمة الأوطان مهما أرتكب من جرائم وبشائع يندى لها الجبين ، فالأوطان لاتهتز أبدا تحت وقع الضربات الموجعة المؤلمة بل أنها تزيدها صلابة وتماسكا .
وتتعزز قيمة السلام في ذكرى تحرير سيناء الذي قدم شعب مصر التضحيات من أجله ويزداد الإصرار على مواصلة الجهد كي يعم كل ربوع المنطقة ، لقد كان الطريق شاقا والظروف أكثر صعوبة تحمل ميراثا طويلا من الصراع العربي الإسرائيلي بكل تعقيداته ولكن مصر كانت عند مستوى التحدي فاتخذت قرار الحرب لاستعادة الأرض وحققت النصر في أكتوبر العظيم كما اتخذت قرار السلام لتبنى عهدا جديدا من الاستقرار والأمن لكل شعوب المنطقة ويهيئ لها الرخاء والنهوض .
وكانت المرحلة الرئيسية الأولى من الانسحاب الإسرائيلي قد انتهت في 25 يناير 1980 وهى تغطى حوالي 65% من مساحة سيناء أي ثلثها أما باقي المساحة وقد نفذ الانسحاب منها بأسلوب التخفيف واستكملت ال3 سنوات المحددة لإتمام الانسحاب والتي انتهت في 25 أبريل 1982 .
ومن هذا المنطلق فأن يوم 25 أبريل 1982 يعتبر يوما مشهودا في تاريخ مصر والأمة العربية بما يحمله من دلالات وما حققه من نتائج أنه يمثل انتصارا لإرادة السلام وسيادة الحق ، ويؤكد في نفس الوقت حرص مصر الشديد على كل ذرة من ترابها ولعل المثال الحي في هذا الشأن رفض مصر القاطع لبقاء أية بقعة من أرض سيناء في حوزة إسرائيل مهما صغرت .
وتصدت مصر بكل قوة وعزم لإسرائيل حين اختلقت عدة مشكلات بشأن تحديد نقاط الحدود الدولية خاصة نقطة طابا ذات الأهمية الخاصة ولكن بفضل دبلوماسية مصر الهادئة الواثقة سقطت خطة إسرائيل وعادت طابا إلى مصر بعد جهد كبيردام 7 سنوات كاملة فلقد كان انسحاب إسرائيل من طابا في مارس 1989 بمثابة شهادة مهمة ودلالة عميقة على جدارة الإستراتيجية المصرية ومهارة سياستها ودبلوماسيتها في حل المنازعات واسترداد الحقوق .
ويرى المراقبون أن ما حدث على أرض سيناء يعد بالفعل من التحولات الكبرى في الأوضاع السياسية بالنسبة لمصر ولمنطقة الشرق الأوسط ككل فقد كان من الضروري أن يستعيد شعب مصر ثقته بنفسه بعد سنوات حزينة مرت طويلا في أعقاب حرب 67 وتحقق له هذا على أرض سيناء في 1973 كما كان من الضروري أن يتأكد لكل من كانت تراودهم الأوهام والأطماع أن مصر لاتساوم مطلقا على سيادتها الوطنية مهما زادت الصعاب أو طال الزمن وتحققت هذه الرسالة المهمة من خلال المعركة السياسية التي قادتها مصر باقتدار انطلاقا من انتصار أكتوبر العظيم .
إن إتمام الانسحاب الإسرائيلي في موعده أكد للعالم عامة أن إستراتيجية مصر كانت هي الأقوى والأبعد نظرا وأنها قد نجحت في تحقيق أهدافها القومية .. لقد طوى تحرير سيناء صفحة مريرة من الحروب واستنزاف الموارد ، وأصبحت سيناء رمزا لإصرار الشعب المصري على بلوغ أهدافه فسيناء تحررت وعادت إلى الوطن الأم عن طريق الحرب والسلام .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.