شكل الدعم القطري للمقاتلين السوريين الذين يعتقد على نطاق واسع أنهم جهاديون متشددون عبئا دبلوماسيا في وقت يشتد فيه القلق الدولي بخصوص اتساع نشاط القاعدة. لكن الأمور لا ينظر إليها بهذه الطريقة في قطر التي تفخر بما تقول إنه حملة لدعم ثورات الربيع العربي على الحكام المستبدين التي بدأت في 2011. وتتعرض الدولة الصغيرة التي أثرت من صادرات الغاز لضغوط شديدة من بعض دول الخليج العربية الأخرى كي تحد من دعمها للإسلاميين من كل الأطياف ولاسيما الإخوان المسلمين في مصر والجماعات الأكثر تشددا ذات العلاقات مع القاعدة في سوريا. وتشعر السعودية والإمارات العربية المتحدة بالغضب لاستضافة قطر الشيخ يوسف القرضاوي الداعية الإسلامي المؤيد للإخوان المسلمين والذي تعتبرانه خطرا سياسيا محدقا، كما يغضبها استخدام قطر لقناة الجزيرة في الدعاية لآراء الإخوان المسلمين التي تنتقد دولا عربية خليجية أخرى. وفي وقت يشهد طفرة في نشاط المتشددين السنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ويحارب فيه آلاف الأجانب ضمن الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا يرى كثير من المسؤولين الخليجيين استمرار دعم قطر للإسلاميين تهورا، لكن قطر أعلنت التحدي. وقال وزير الخارجية القطري خالد العطية في كلمة في باريس هذا الشهر إن استقلال السياسة الخارجية لدولة قطر هو ببساطة غير قابل للتفاوض، مضيفا أن قطر تتخذ قراراتها وتتبع مسارا خاصا بها. وفيما يخص سوريا يقول دبلوماسيون ومصادر قريبة من الحكومة القطرية إن من غير المرجح أن تتخلى قطر عن جماعات من بين أشد الفصائل بأسا في محاربة قوات الرئيس بشار الأسد مهما تعرضت سياستها للانتقاد من حلفائها وأعدائها على السواء. وسياسة قطر في سوريا مهمة لا لأنها ما زالت داعما سخيا للمعارضة فحسب بل وكذلك لأن خلافها مع الداعمين الآخرين ولاسيما السعودية والدول الغربية بخصوص الجماعات التي ينبغي دعمها يعرقل تسوية النزاعات العنيفة بين جماعات المعارضة. لكن قطر تعتبر أصدقاءها في سوريا مقاتلين من أجل الحرية لا متشددين، وموقفها الرسمي هو أنها لا تدعم إلا الجماعات المسلحة المعتدلة التي تدعمها أيضا السعودية والغرب. وترفض قطر كذلك أي ادعاءات تزعم أنها تقدم مساعدة للقاعدة، ومع ذلك يقول مقاتلون داخل سوريا ودبلوماسيون ومحللون في المنطقة إنها قدمت مساعدة لجماعات تنسق تكتيكيا في الميدان مع المجموعات المرتبطة بالقاعدة وتشاطرها طموحها إلى إقامة دولة إسلامية خالصة. وقال مصدر دبلوماسي عربي إن قطر تعرف أنها تلعب بالنار لكن هذا هو ما تفعله قطر، إنهم يكسبون ثقة الجماعات المتطرفة القوية التي يعتقدون أنها تمنحهم ميزة دبلوماسية على أي دولة أخرى. ومن بين المنظمات المسلحة التي تدعمها قطر جماعة أحرار الشام وهي تنظيم سلفي له آلاف المقاتلين ومن بين الفصائل المنضمة إلى تحالف الجبهة الإسلامية الذي يضم ست جماعات إسلامية. وصرح أحد قادة الجبهة الإسلامية أن قطر تدعم الجبهة الإسلامية وأحرار الشام جزء منها، ومؤكداً على أنها جزء مهم من الجبهة، فيما قال دبلوماسيون إن المملكة العربية السعودية تساند الجماعات الوطنية والإسلامية التي لا تربطها صلات بالقاعدة. ومع تكثيف السعودية لجهودها لحماية نفسها من تأثير الجهاديين في الداخل وتصديها علنا لسياسات قطر قد تزيد حدة الخلافات الآن بين جماعات المعارضة في سوريا. واستدعت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة قائلة إن قطر تدخلت في شؤونها الداخلية في إشارة لدعمها لجماعات إسلامية تعارض الدول الثلاث. وتعد قطر حليف استراتيجي هام للولايات المتحدةالأمريكية بشبه الجزيرة العربية، فهي تستضيف أهم قواعدها العسكرية في المنطقة ولها معها علاقات تجارية وثيقة وعملت مع واشنطن لسنوات في الوساطة في صراعات في شتى أنحاء المنطقة.