يقدم كتاب "صناعة الطاغية: سقوط النخب وبذور الاستبداد" للكاتب الصحفي الدكتور ياسر ثابت دراسة رصينة لآفات سياسية واجتماعية واقتصادية تسببت في المأزق السياسي الذي تعيشه مصر باستمرار، خاصة فيما يتعلق بالخضوع الشديد للحاكم، أيًا كان اسمه وأيًا كانت انتماءاته. في مقدمة الكتاب الصادر عن دار اكتب، يقول د. ياسر ثابت إن الكتاب يتناول الطغيان، لا الطاغية؛ لأنه يتحدث عن الطغيان ابتداءً، وكيف تتورط النخب الكسيحة في صناعته. ويري الكتاب أنه في مختلف مواقع المسؤولية وصنع القرار، هناك مكانٌ لتلك النخب الزائفة التي تتضافر وتتضامن لحماية مصالحها وضمان استمرار نفوذها وسطوتها، وتساوم على القيم والإجراءات الديمقراطية، وتزين للطاغية ومسوخه المستنسخة عنه سوء عملهم، وتدفع الوطن باتجاه تكرار إخفاقات الماضي، وكل ذلك من أسباب نكبتنا في مصر المحروسة. تحت عنوان "بلد العائلات"، يحدثنا المؤلف عن مصطلح مجتمع "النصف في المئة" الذي أطلقه الرئيس جمال عبدالناصر، في سياق وصفه لمجتمع ما قبل ثورة 1952، وكان يقصد بذلك تلك المجموعة الضئيلة التي تضع يدها على ثروات مصر وتملك النفوذ السياسي فيها. بل إن ناصر قال في حديث صحفي عام 1965 إن 16 عائلة فقط في مصر كانت تملك السلطة السياسية قبل الثورة، ومن هذه العائلات خرج معظم رؤساء الوزارات والوزراء والكبراء في العهد الملكي. وقد يكون هذا صحيحًا إلى حد كبير، خاصة أن مصر شهدت في النصف الأول من القرن العشرين توطيد علاقات النسب والمصاهرة بين عددٍ كبير من عناصر الرأسمالية المصرية. بل يذهب باحثون إلى أنه منذ أول انتخابات نيابية عقب ثورة 1919، فإن هناك حوالي 500 عائلة، من أعيان الريف ووجهاء المُدن، تطفو على السطح السياسي في كل العهود، إن لم تكن بشيوخها، فمن خلال الأبناء، والأحفاد، وأولاد العموم. في فصل بعنوان "إعادة تدوير الوزير"، يقول المؤلف: مع كل تغيير وزاري أو سياسي، تحدث حالة استياء في صفوف المواطنين، بسبب تقليدية الوجوه التي تحتل المناصب الرفيعة أو تحمل الحقائب الوزارية، فهي إما كانت موجودة في الحكومة من قبل، أو تأتي من بين المحافظين، أو رؤساء الجامعات، أو القوات المسلحة والشرطة، فضلاً عمن يهبطون من السماء بلا رصيد من إنجازات أو موهبة يشفع لهم في الاختيار.. هذه هي الدائرة الضيقة التي يختار منها النظام وزراءه، وكأن مصر خلت من الكفاءات المؤهلة لتولي المنصب الوزاري، كل في تخصصه. ظاهرة إعادة تدوير النخبة الوزارية هي نتاج عصر قام كله على تقديس المتوسط؛ إذ لا ترضى التوافقات والمواءمات بأهل الكفاءة والموهبة، ويحاول أصحاب الحل والعقد فرض حصار على هؤلاء ليظلوا أسرى السياق الضيق، الذي يستوعب جيوشًا من المنافقين ولا يقدر على تحمُّل موهبة واحدة خارج النمط، تفتح سياقًا آخَر. تحت مظلة فكرة صناعة الطاغية، تتنوع فصول الكتاب وموضوعاته، التي تتحدث عن مشهد عام يبدو بكل عمومياته وتفصيلاته، طاردًا للأمل، في ظل هيمنة نخب وقوى سياسية واقتصادية ودينية عاشت وتربت في كنف أنظمة مستبدة، خضعت لها طويلاً واستكانت لها كثيرًا، حتى باتت مؤمنة بأدواتها في الحُكم وأساليبها في الطغيان. هكذا يتناول المؤلف بالرصد والتحليل موضوعات عن المثقفين "في حظيرة السلطة"، وموت "التوك شو"، والحرب على العدالة متمثلة في السلطة القضائية من "مذبحة القضاء" في عهد عبدالناصر إلى الحملة الشرسة على القضاة في عهد محمد مرسي. ويفرد الكاتب فصلاً للحديث عن "جمهور الشرفاء"، والعلاقة المتأرجحة بين الشعب المصري وحكامه منذ ثورة 1952 حتى اللحظة، كما يتطرق بالتفصيل إلى قضية العنف الأمني وخطيئة تغليب الشق السياسي على الجنائي في عمل أجهزة الأمن منذ عقود طويلة، في فصل بعنوان "جرائم الباشا". يذكر أن د. ياسر ثابت له عدة مؤلفات، منها "قصة الثروة في مصر"، و"زمن العائلة: صفقات الإخوان والمال والسلطة"، و"شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي"، و"حروب العشيرة: مرسي في شهور الريبة"، و"فيلم مصري طويل"، و"قبل الطوفان"، و"جمهورية الفوضى". يقدم كتاب "صناعة الطاغية: سقوط النخب وبذور الاستبداد" للكاتب الصحفي الدكتور ياسر ثابت دراسة رصينة لآفات سياسية واجتماعية واقتصادية تسببت في المأزق السياسي الذي تعيشه مصر باستمرار، خاصة فيما يتعلق بالخضوع الشديد للحاكم، أيًا كان اسمه وأيًا كانت انتماءاته. في مقدمة الكتاب الصادر عن دار اكتب، يقول د. ياسر ثابت إن الكتاب يتناول الطغيان، لا الطاغية؛ لأنه يتحدث عن الطغيان ابتداءً، وكيف تتورط النخب الكسيحة في صناعته. ويري الكتاب أنه في مختلف مواقع المسؤولية وصنع القرار، هناك مكانٌ لتلك النخب الزائفة التي تتضافر وتتضامن لحماية مصالحها وضمان استمرار نفوذها وسطوتها، وتساوم على القيم والإجراءات الديمقراطية، وتزين للطاغية ومسوخه المستنسخة عنه سوء عملهم، وتدفع الوطن باتجاه تكرار إخفاقات الماضي، وكل ذلك من أسباب نكبتنا في مصر المحروسة. تحت عنوان "بلد العائلات"، يحدثنا المؤلف عن مصطلح مجتمع "النصف في المئة" الذي أطلقه الرئيس جمال عبدالناصر، في سياق وصفه لمجتمع ما قبل ثورة 1952، وكان يقصد بذلك تلك المجموعة الضئيلة التي تضع يدها على ثروات مصر وتملك النفوذ السياسي فيها. بل إن ناصر قال في حديث صحفي عام 1965 إن 16 عائلة فقط في مصر كانت تملك السلطة السياسية قبل الثورة، ومن هذه العائلات خرج معظم رؤساء الوزارات والوزراء والكبراء في العهد الملكي. وقد يكون هذا صحيحًا إلى حد كبير، خاصة أن مصر شهدت في النصف الأول من القرن العشرين توطيد علاقات النسب والمصاهرة بين عددٍ كبير من عناصر الرأسمالية المصرية. بل يذهب باحثون إلى أنه منذ أول انتخابات نيابية عقب ثورة 1919، فإن هناك حوالي 500 عائلة، من أعيان الريف ووجهاء المُدن، تطفو على السطح السياسي في كل العهود، إن لم تكن بشيوخها، فمن خلال الأبناء، والأحفاد، وأولاد العموم. في فصل بعنوان "إعادة تدوير الوزير"، يقول المؤلف: مع كل تغيير وزاري أو سياسي، تحدث حالة استياء في صفوف المواطنين، بسبب تقليدية الوجوه التي تحتل المناصب الرفيعة أو تحمل الحقائب الوزارية، فهي إما كانت موجودة في الحكومة من قبل، أو تأتي من بين المحافظين، أو رؤساء الجامعات، أو القوات المسلحة والشرطة، فضلاً عمن يهبطون من السماء بلا رصيد من إنجازات أو موهبة يشفع لهم في الاختيار.. هذه هي الدائرة الضيقة التي يختار منها النظام وزراءه، وكأن مصر خلت من الكفاءات المؤهلة لتولي المنصب الوزاري، كل في تخصصه. ظاهرة إعادة تدوير النخبة الوزارية هي نتاج عصر قام كله على تقديس المتوسط؛ إذ لا ترضى التوافقات والمواءمات بأهل الكفاءة والموهبة، ويحاول أصحاب الحل والعقد فرض حصار على هؤلاء ليظلوا أسرى السياق الضيق، الذي يستوعب جيوشًا من المنافقين ولا يقدر على تحمُّل موهبة واحدة خارج النمط، تفتح سياقًا آخَر. تحت مظلة فكرة صناعة الطاغية، تتنوع فصول الكتاب وموضوعاته، التي تتحدث عن مشهد عام يبدو بكل عمومياته وتفصيلاته، طاردًا للأمل، في ظل هيمنة نخب وقوى سياسية واقتصادية ودينية عاشت وتربت في كنف أنظمة مستبدة، خضعت لها طويلاً واستكانت لها كثيرًا، حتى باتت مؤمنة بأدواتها في الحُكم وأساليبها في الطغيان. هكذا يتناول المؤلف بالرصد والتحليل موضوعات عن المثقفين "في حظيرة السلطة"، وموت "التوك شو"، والحرب على العدالة متمثلة في السلطة القضائية من "مذبحة القضاء" في عهد عبدالناصر إلى الحملة الشرسة على القضاة في عهد محمد مرسي. ويفرد الكاتب فصلاً للحديث عن "جمهور الشرفاء"، والعلاقة المتأرجحة بين الشعب المصري وحكامه منذ ثورة 1952 حتى اللحظة، كما يتطرق بالتفصيل إلى قضية العنف الأمني وخطيئة تغليب الشق السياسي على الجنائي في عمل أجهزة الأمن منذ عقود طويلة، في فصل بعنوان "جرائم الباشا". يذكر أن د. ياسر ثابت له عدة مؤلفات، منها "قصة الثروة في مصر"، و"زمن العائلة: صفقات الإخوان والمال والسلطة"، و"شهقة اليائسين: الانتحار في العالم العربي"، و"حروب العشيرة: مرسي في شهور الريبة"، و"فيلم مصري طويل"، و"قبل الطوفان"، و"جمهورية الفوضى".