سيارات رينج روفر.. الرفاهية والأداء في أعلى درجاتها    فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية    القيادة المركزية للجيش الأمريكي تنشر الصور الأولى للرصيف البحري على سواحل قطاع غزة    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي في الدوري الممتاز    "هاتريك" ليفاندوفسكي يقود برشلونة لفوز ثمين على فالنسيا 4-2 في الدوري الإسباني    طقس اليوم مائل للحرارة نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 30    حقيقة نشوب حريق بالحديقة الدولية بمدينة الفيوم    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    مباراة من العيار الثقيل| هل يفعلها ريال مدريد بإقصاء بايرن ميونخ الجريح؟.. الموعد والقنوات الناقلة    موعد صرف مرتبات شهر مايو 2024.. اعرف مرتبك بالزيادات الجديدة    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منه    السيطرة على حريق هائل داخل مطعم مأكولات شهير بالمعادي    حبس 4 مسجلين خطر بحوزتهم 16 كيلو هيروين بالقاهرة    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    ثروت الزيني: نصيب الفرد من البروتين 100 بيضة و 12 كيلو دواجن و 17 كيلو سمك سنوياً    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    لتلوثها ببكتيريا برازية، إتلاف مليوني عبوة مياه معدنية في فرنسا    تراجع أسعار النفط مع تكثيف جهود الوصول إلى هدنة في غزة    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    بين تقديم بلاغ للنائب العام ودفاعٌ عبر الفيسبوك.. إلي أين تتجه أزمة ميار الببلاوي والشيح محمَّد أبو بكر؟    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"امرأة غير قابلة للكسر"..رواية تكشف زواج البيزنس والسلطة والفضائيات
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 26 - 12 - 2013

تشدنا هذه الرواية بعنوانها المميز لقراءتها وفك أغوار كاتب استطاع بتميزه أن يشدنا لقراءة هذه القصة المميزة التي كتبت بحرفية ، أري فيها الرمزية علي أعلي مستوي من الكتابة ظللت أبحث فيها وأفكر لفك رموز هذه الرواية ... شدني العنوان الذي أبدأ به " امرأة غير قابلة للكسر " فجاء تعبير غير قابلة للكسر وكأنه شيء خارجي به نوع من الإجبار لظروف خارجية ضد هذه المرأة التي قد تبدو قوية لا تنهزم وليست كما جاء بالرواية " ولية " مهضومة الجناح اختارت أن يقال عنها أنها قوية عن أن يقال عنها هذا التعبير ، وكأن الكاتب يريد أن يقول لنا أنه لا يزال هناك نوع من النساء لا تكسره ولا تهزمه الظروف ، هي امرأة من أسرة عريقة والدها شوكت الذي كان حكمدارا سليل الحسب والنسب ، تلك المرأة التي تزوجت من رجل أحبته عندما وجدت فيه الرومانسية والرقة وأشياء كثيرة صدمت عندما تزوجته وأنجبت منه ثلاث زهرات ، قد يظلم القارئ " شاهيناز شوكت " لقوتها وظلمها ولكن الكاتب بحرفية شديدة وقف موقف الحياد من شخصية الزوج والزوجة وترك لنا نحن حرية التفكير ومعرفة من الظالم ومن المظلوم .
جاءت أول جملة فى الرواية من الدقة وحسن الاختيار بما جعلها مفتاح الرواية أو ما يطلق عليه " Master key " " ثلاث زهرات فى حديقة بلا بستاني .. " ..وكأن بناتها الثلاث فعلا ثلاث زهرات فى حديقة غناء أو بستان لم يجدن الأب الذي يعتني بهن ويخاف عليهن ويحميهن هن وأمهن، إلا أن تلك الزهرات الثلاث كن بأفضل حال مع أمهن القوية التي ساعدتهن ليكن حديث المجتمع بجمالهن وقوتهن وخلقهن والكاتب هنا يعمل مقارنة خفية مع سارة التي أنجبها الأب من زوجته الأجنبية.
أخذت الرواية ثلاث جوانب الجانب الأول وهو الشخصيات الرئيسية بطلة الرواية شاهيناز ، والزوج طليق البطلة والبنات أو الثلاث زهرات هناء وداليا وأمنية ، جاء اسم البطلة مناسبا لها شاهيناز اسم تركي يتناسب مع شخصية البطلة وأصولها تلك المرأة التي أحبت رجلا وجدت فيه كل بغيتها إلا أنه بضعفه خذلها فطلقت منه لتربي بناتها وتعكف على تربيتهن ولا تتناول سيرة والدهن الذي لا يعرفه الناس تركت الناس تظن أنها ظالمة قوية الشخصية ذهبت بزوجها إلى المحكمة لتأخذ بناتها منه لم تهزها الشدائد ولم يكسرها رجل ، لكن أهي حقا هكذا ؟؟
ببساطة يأخذنا الكاتب لشهيناز شوكت الأم التي انكسرت مرتين الأولي عندما فوجئت البنات بأم أخرى غير تلك التي يعرفنها، أمهن التى كانت تظل تبكي بالساعات وهي تحكي " لهن قصتها مع والدهن وكيف باعها وهي في أشد الحاجة إليه " ، والمرة الثانية عندما قالت لها ابنتها أن صديقها يلوك فى سيرتها ويتهمها فى شرفها ، فى حين أنها هي متزوجة من رجل الأعمال النعيمي ، قد تبدو شاهيناز أنانية وصولية ولكن الكاتب ببساطة أيضا يقدم لنا نظرة المجتمع للمرأة ، فكيف تستطيع امرأة ما أن تكون سيدة أعمال وتحتفظ بنفسها شريفة وسط غابة من الرجال يطمعون فيها بدون رجل يحميها كان الحل الزواج من شخصية قوية لها ثقلها فى المجتمع هو الحل ، وهو ما تراه البطلة حلا مناسبا للوقوف فى وجه أي إنسان يلوك فى سيرتها وشرفها ، هنا استخدم المؤلف العقل فى التفكير وليس العاطفة كما استخدمته شاهيناز من قبل بزواجها من أبو البنات ، هنا المؤلف فى الموقفين يقدم لنا جانبا إنسانيا هاما وهو أن الإنسان مهما بدا عليه من قوة فإنه يأتي عليه لحظات انكسار وضعف لا يستطيع أن يقف أمامها .
شاهيناز أيضا كان لها صحوة ضمير فى علاقتها مع زوجها الأول فقد استرجعت فى حديثها مع ابنة زوجها سارة " ذكرى معاناة زوجها الراحل الشريف مع الفساد والبيروقراطية ومحاولاته اليائسة للوقوف فى وجه من يريدون نهب تراث وتاريخ وآثار هذا الوطن ليحققوا من وراء بيعها وتهريبها الثروات المحرمة " و"أحست بشئ من الخجل لأن ذلك كله لم يكن أبدا يعنيها أو يمثل عائقا فى طريق تحقيق طموحاتها الشخصية ، واعترفت لنفسها بأنها كانت هى الأخرى ضعيفة، وأنانية، وأنها كان يجب عليها أن تقف إلى جانب زوجها لتسانده وتعضد موقفه وتساعده على الثبات فى وجه خصومه ، بدلا من أن تمثل عبئا وضغطا إضافيا عليه وعلى أعصابه " إلا أن صحوة الضمير هذه سرعان ما خفتت لتعود إلى سابق عهدها كسيدة أعمال قوية وهي الآن هانم زوجة واحد من أكبر الاقتصاديين فى المجتمع .
الزوج فخري الريس أو طليق شاهيناز أبو بناتها الذي أخد يقنع نفسه أنه مظلوما ظلمته زوجته وجرجرته إلى المحاكم وأخذت بناته وهو مسكين أمام هذه الزوجة ! وهو ما ظل يردده أمام ابنته سارة التي أنجبها من زوجته الثانية الأجنبية عندما سافر من مصر .. وعلى الرغم من أن الكاتب لم يقل صراحة أن هذا الزوج هرب إلا أنه من الواضح أنه هرب هروبا سافرا بكل المقاييس من كل مسئولياته ، موظف الآثار المستكين الذي يعمل فى المخازن يملك كل التراث وكل التاريخ ليحافظ عليه إلا أنه كان من الضعف أن لا يستطيع أن يقف أمام الفساد اختار الكاتب الآثار ليوضح لنا أن التراث والآثار لا تحتاج لشخصية ضعيفة مستكينة لا تستطيع الحفاظ عليها تنسحب أمام الفساد ببساطة مهما كانت درجة الفساد فى إشارة قوية لضياع تراث وتاريخ وأثار مصر أمام طغيان هذا الفساد ، انسحب الزوج مخمورا ضعيفا ذليلا هاربا حتى محاولات زوجته لرفعه وجعله يقف أمام الصعاب لم تأت معه بنتيجة .
وقف كاتب الرواية موقف المحايد من شخصية الزوج قدمها لنا بكل ما فيها ولم يوضح مدي ضعفه وترك لنا الحكم على هذا الزوج الذي ترك زوجته الجميلة ذات الحسب والنسب وبناته الزهرات الثلاث وحدهن ، هرب بعد طلاقه من شاهيناز واختار زوجة أخري أجنبية تري هل استفاد من أخطائه !! أنجب فتاة أخري هي سارة الإبنة الرابعة له فتاة نصفها غربي متحرر ونصفها الآخر مجهول الهوية وليس شرقيا بحكم الوراثة للأب هي مصرية أو شرقية مسلمة وإنما فى الواقع هي شيء أخر ، استطاع الكاتب من خلال سارة بمنتهي الروعة أن يكشف لنا حقيقة ذلك الأب والمجتمع من خلالها إنها تشرب الخمر !! ولما لا ؟؟ فكثير من المسلمين يفعلون ذلك مع أنهم تربوا فى أوطانهم ويستغربونها عندما تفعل ذلك !!!
براعة من الكاتب أن يقدم لنا نظرة المجتمع للدين وكيف يكون التناقض بين الفكر والتصرفات فكأنه يريد أن يقول لنا أن الإسلام ليس دين وراثة وإنما هو دين حياة وتعاليم ، سارة علمها أبوها حب مصر من خلال عبد الحليم وأم كلثوم ونجاة ... إلخ أراد المؤلف يريد أن يقول لنا أن أبوها علمها أن الوطنية أصبحت أغاني نسمعها ونحفظها مع شخصيات ماتت منذ زمن وليس وطن نعيشه ونحبه ولا يسعنا إلا الإعجاب بهذه الرمزية الواضحة ، وببساطة سارة تعيش كالغرب " أسفة أنا أحب مايكل وأعيش معه الآن " فلم ينفعها إسلامها بالوراثة فى أن يغير منها شيء ، ونتساءل بدورنا هل نجح فعلا فخري الريس فى تربيتها ؟؟ وماذا كان سيفعل مع بناته الأخريات لو كان معهن ؟؟
اكتفي الأب فى تربيتها بأن يقول لها عند الأخطاء التي لا تتناسب مع تربيته الشرقية بكلمة " نو سارة " حتي عندما كانت تريد أن تدعو صديق لها فى البيت فإن الرد ببساطة " نو سارة أي هاف نو هورنز " أي ليس لدي قرون فى إسقاط لطيف دارج فى مصر وكأنني أري محجوب عبد الدايم فى رائعة نجيب محفوظ القاهرة 30 وهو يقف وزوجته مع عشيقها فى غرفة النوم وخلفه قرون وعل ، يظهر لنا الكاتب فى هذه اللحظة مدي ضعف شخصية الأب أو الزوج ونتساءل معه تري لو كان لا يزال فى مصر ومع بناته كيف سيكون حالهن ؟!! وكيف سيكون حال زوجته مع ضعفه وخنوعه وعدم مقاومته لأي شيء ..!!
الجانب الثاني فى الرواية وهو الشخصيات الثانوية فى الرواية والتي على الرغم من أنها قد تبدو ثانوية إلا أنها محورية تتحرك من خلالها ومعها الشخصيات الرئيسية ، فهناك المحامي علي الجرايحي وزوجته وابنه سامح ضابط الشرطة وعلى مراد صاحب الجريدة ، والزوج الثاني النعيمي رجل الأعمال الذي تزوجته شاهيناز .
المحامي الجرايحي هو الصديق المخلص لشاهيناز وبناتها والذي يعطينا الكاتب نبذة عنه من خلال فلاش باك لحياة هذا المحامي الذي عمل مع صاحب العمل وتزوج ابنته " بحكم المصلحة " نجوان صاحبة المرض النفسي حافظ عليها وتحملها وأنجب منها ابنه الوحيد سامح الذي دخل كلية الشرطة وبالواسطة أصبح ضابطا فى شرطة السياحة والآثار ليس فقط لأنه ذو حسب ونسب ومقتدر ماديا إنما " طول بعرض بارتفاع " وسيم مثقف لعبت الصدفة المقدرة دورا فى معرفته بسارة أخت خطيبته الغير شقيقة وكأن الدنيا أضيق من حلقة خاتم ، يظل الجرايحي مخلصا دائما لشهيناز حتى بعد مقتل زوجها الثاني النعيمي ، ويكتمل بتسريبه الأخبار والصفقات لعلي مراد الصحفي الذي بدوره يرفع من شأن ابنة شاهيناز هي صفقات بين الكل حتي عندما قتل النعيمي زوج شاهيناز الثاني وقف معها فى أخذ مكانه فى شركاته.
النعيمي هو رجل الأعمال الشهير الخفي فى عالم البيزنس والتجارة الذي تزوج شاهيناز ليكملا هما الاثنين دائرة المصالح هي سيدة أعمال متطلعة تعلو بسرعة الصاروخ وهو النفوذ والمال والجاه الذي ليس له حدود ، النعيمي الذي يريد شراء جريدة من هنا وقناة فضائية من هنا ليكون المسيطر على الإعلام الذي سيكون موجها لخدمته وخدمة زوجته شاهيناز ، هو المال المسيطر على كل شيء البورصة وسوق العقارات والإعلام والصحافة ... إلخ ، النعيمي الذي جري وراء أميرة عربية تنتمي لأحدي الأسر الحاكمة الخليجية تهوي إذلال الرجال !!!
ألا تذكرنا هذه الأميرة العربية الجميلة بأميرة فى الحقيقة بلغت من الشهرة مبلغا كبيرا ومن النفوذ فى مصر مبلغا عظيما ؟؟؟ فجأة مات النعيمي مقتولا بإنجلترا هذه الجريمة التي لم تحرك ساكنا بشاهيناز واعتبرتها فرصه للخروج من دائرته بعد معرفتها بغراميته فى انجلترا بدلا من الطلاق وفى نفس الوقت السيطرة على إمبراطوريته الواسعة ، مقتل النعيمي بهذه الطريقة يذكرنا بمقتل رجل الأعمال والسلاح الشهير " أشرف مروان " بإنجلترا ، هذه الجريمة التي لم يحلها كالعادة شرطة سكوتلاند يارد طالما تداخل فيها النفوذ والجاه وافشاء الأسرار وتضارب المصالح ، أعتقد أن المؤلف يريد أن يقدم لنا صورة واضحة عن هؤلاء الذين يملكون الدنيا بما فيها من جاه وسلطان ومال وتتضارب المصالح مع آخرين فلا يكون هناك إلا قتلهم والتخلص منهم والفاعل دائما مجهول ، فسرعان ما تنهار البورصة والشركات قبل أن تستفيق سريعا من هذه الكبوة والبحث عن بديل سريع يرفع سوق المال والبديل هنا كان شاهيناز التي سرعان ما علت بالشركات ، وكأن المؤلف يريد أن يقول أن البديل دائما متواجد فى عالم البيزنس بلا رحمة .
أما الجانب الثالث بالرواية فهو نظرة الكاتب نفسه للمجتمع نفسه الذي نعيشه واعتمد فيها الكاتب على إظهار عورات وفساد وتناقض هذا المجتمع وعواره بمنتهي اليسر والبساطة والحرفية الشديدة حتى أننا فى كثير من الأحيان نبتسم لهذه الدقة والربط وأحيانا أخري نجدنا نلهث وراء الشخصيات التي نحاول أن نستشف منها ما يريد الكاتب أن يقوله ، فالمؤلف لم ينسي مهنته الرئيسية وعمله فى مجال الصحافة فجريدة " المستقبل " فى الرواية التي يعمل بها ذلك الصحفي الشهير هي بمثابة ضوء أحمر يقدمه لنا الكاتب يوضح لنا فيه كيف سيكون المستقبل مع انتشار الصحف الصفراء التي تعيش فقط على الإعلانات وأخبار المجتمع والفضائح والكذب والبيزنس وكأن الصحافة لم تعد هي تلك المهنة النبيلة التي تقدم الأخبار بمصداقية ولكنها فقط عرض لعورات الناس وكشفهم والصفقات التي تدار فى الخفاء لصعود أو هبوط أشخاص أو انتقام من أشخاص لتضارب المصالح .
الفساد فى نهب ثروات هذا البلد وتاريخه وتراثه بمختلف الطرق بعثات أجنبية للحفائر والمصريون يتفرجون على تاريخهم ينهب ويوزع فى الميادين العامة فى الخارج وفى متاحفهم ، مخازن تسرق من اللصوص الكبار !! والذين نعرفهم تمام المعرفة ، مافيا أخطبوطية واسعة كبيرة لنهب الآثار ولا أحد يحرك ساكنا ، ترميم مشوه بدون علم والطريف يوجد قسم للترميم فى مصلحة الآثار ، ، مخازن تسرق سرقة ممنهجة وتعد عقاب لم يفتح فمه بأن ينقل إليها ليموت طموحه وأمله فى الإصلاح .
جاءت فقرة هامة فى الرواية يوضح لنا فيها الكاتب جزء من الفساد الكبير الذي نعيشه وهي عن حصر القطع الآثرية بأنه " لم ولن يتم لأنه من مصلحة كثيرين ألا يتم ومن مصلحتهم أن نظل منهوبين ومستباحين وأن نقاتل لاسترجاع عشرات القطع المعروضة فى بعض متاحف أوروبا، فى الوقت الذى يتم فيه اليوم وغدا وبعد غد سرقة مئات بل وآلاف القطع الأثرية النادرة من المتاحف، وتستمر فيه عمليات التنقيب غير المشروعة عن الآثار فى مناطق ومحافظات كثيرة " ، فاستخدم المؤلف جملتين غاية في الدقة في الفقرة السابقة من الرواية الأولي وهي " منهوبين ومستباحين " وهذه الكلمة تطلق على العرض والشرف وكأن تاريخنا هو عرضنا وشرفنا ، والجملة الثانية " أن نقاتل لاسترجاع عشرات القطع ... " عبارة تهكمية على قتال بلا معني فاسد .
كبار المسئولين " عملوا ودن من طين وودن من عجين " كما يقول المثل الشعبي لم يقابلوا فخري الريس لبحث شكواه .. شيء طبيعي لأنها موافقة ضمنية على أن ما يحدث من سرقة ممنهجة معروفة للجميع ومشترك فيها جميع المسئولين .
تناول الكاتب أيضا الفساد المستشري في المجتمع من خلال مراد الصحفي والجرايحي المحامي والذي ظهر الفساد من حوارهم فالهدف الأخلاقي الذي يدعيه الصحفي من خلال حملة صحفية لكشف المستور عن المبيدات المروية بمياه الصرف الصحي ما هي إلا حملة وهمية تجر ورائها المصالح من ضرب المنتجات المحلية وتوجيه ضربة انتقامية من أحد رجال الأعمال وكأن مصلحة هذا الشعب لا تهم ولا صحته ولكن كل ما يهم هو المال والمصالح الشخصية قمة الفساد الذي استشري في العقود الأخيرة في مصر .
فساد أخر في المجتمع وهو استخدام الأجانب في الوظائف العليا بدلا من المصريين فسارة فخري الابنة الرابعة لطليق شاهيناز جاءت مصر لتعمل في أحد الفنادق الكبيرة مع شركة متعددة الجنسيات !!! على الرغم من سنها الصغيرة فهي لم تتجاوز الثالثة والعشرين وحداثة تعيينها ومع ذلك تبوأت هذه الوظيفة المميزة وبالطبع السبب هو أنها خليط بين كونها مصرية وأجنبية ، مع أن هناك من المصريين ذوي خبرة كبيرة ، ونتساءل تري أي وفد سياحي هام هو الذي يحظي برفقة شرطة السياحة والآثار وهذا الاهتمام من الشرطة ؟؟ لا يجيبنا المؤلف ولكنه يترك لمخيلتنا معرفة هذا الوفد الهام .
فساد المسئول بوزارة الاسكان الكبير ألا نعرفه جميعنا ؟؟ ألم يبيع ويشتري في تراب مصر بسهولة ويسر ألم تباع العقارات لأجانب وعرب ألم يكن محصنا ضد أي مسائلة في نظام بائد فاسد ساعده ببساطة ؟؟ ألم يخرج براءة حاليا ؟؟
ذلك المسئول الكبير الذي وصفه المؤلف بقوله " وقال إن هذه التجاوزات غير المسبوقة في الوزارة دفعت بعض الأجهزة الرقابية للتفتيش وراء المسؤول الكبير الذى أصبح يمتلك أكثر من قصر فى الساحل الشمالى والقاهرة الجديدة، وأضاع على الدولة مليارات الجنيهات فى بيع أراضى المدن الجديدة لأبنائه وأصحابه وأقربائه وبعض المسئولين الكبار، وأعضاء مجلس الشعب حتى يضمن سكوتهم عن ممارساته، ويحمونه من الاستجوابات الكثيرة التى بدأت تقدم ضده، والتحقيقات الصحفية المنشورة عن تلاعبه بأموال الشعب" .
برلمان فاسد بنواب مرتشين ، وحكومة ومسئولين فاسدين أموال بالمليارات تضيع من هذا الشعب الذي يدفع ضرائب ويعيش على الكفاف لتصرف على قصور وفلل وعقارات وملاعب الجولف لمسئولين فاسدين وحكام أكثر فاسدا وأميرات وأمراء عرب يشترون أراضي مصر بالبخس بالوسائط طالما كان الجمال الباهر !! والمال الجاهز دائما موجودين .
ونتساءل بدورنا مع الكاتب تري ماذا فعلت الأجهزة الرقابية التي فتشت على المسئول ؟؟ هل تمت محاسبته حقا على ما اقترفه في حق هذا الوطن وهذا الشعب ؟ أم أن هذه الأجهزة ظهرت فقط عندما فاحت رائحة المسئول أكثر من اللازم ؟؟؟ وطوي التحقيق في الأدراج لأن الموضوع ببساطة كما أثير في الصحافة سينسي في الصحافة وفى عقول الناس المشغولة بلقمة العيش وأولادها ؟؟
استخدام عرض الفلاش باك وإلقاء الضوء على تكوين كل شخصية أعطانا خلفية عن تكوينها وحياتها ، واستطاع مؤلف الرواية أن يمسك بخيوط كل شخصية دون إخلال بأحداث القصة مع العودة السريعة لواقع الشخصية والرواية فكان من السرعة حتى أننا لا نحس معها بأننا تائهين بل بالعكس أعطي لنا بوضوح الجانب النفسي لكل شخصية من شخصيات الرواية وترك لنا حرية الحكم على كل شخص دون تدخل من المؤلف .
تناول الكاتب أيضا سريعا بعض القضايا الهامة فى المجتمع مثل التحرش الجنسي للنساء من خلال فيلم مثلته أمنية التي أرادت أن تكون مخرجة ، الصحفي على مراد الذي ساق بقلمه الرشيق السبق الصحفي للصحفية المعجزة لداليا فخري وتنازلها الفساد فى وزارة الإسكان !! تحت عنوان "مسؤول الإسكان الكبير يمنح شركة محظوظة أعمالا حكومية بسبعة مليارات جنيه" وهي سلسلة المقالات التي فتحت أبواب جهنم على المسئول الكبير وصهره صاحب الشركة المنافسة لشركات النعيمي.
عن الصحافة وعالم بلاط صاحبة الجلالة يقدم لنا الكاتب نموذجا فجا من الشهرة الوهمية التي يتخللها صفقات واختباء خلف نجوم يتم صنعهم لأهداف خبيثة وخفية فيقول عن نجومية داليا في الصحافة : " وهكذا تحولت الصحفية الشابة إلى نجمة صعدت بسرعة الصاروخ فى عالم الشهرة والمكانة المميزة، فى بلاط صاحبة الجلالة رغم أنها لم تبذل جهدا فى الحصول على الوثائق والمستندات الأخيرة التى سربها لها ولرئيس تحريرها زوج أمها امبراطور العقارات صاحب المليارات، ولم تخط حرفا واحدا مما كتب باسمها بقلمها الخاص، وإنما صاغ الحملة الصحفية كلها كاتب الفضائح والإثارة المعروف علاء مراد"
ليتخفي علاء مراد خلف اسم هذه الصحفية الشابة ليكون بعيدا عن الشبهات ، فساد ما بعده فساد ، حتى عضو البرلمان الموقر تناول هذه التحقيقات وأخذ يتولوها على زملائه بالمجلس نقلا عن الصحيفة ، فأي فبركة وأي برلمان هذا ؟ قمة البراعة من الكاتب فى الحقيقة .
لتصدق الصحفية الشابة هذه الكذبة السريعة الانتشار وتأتي لها عروض من دور نشر كبري لتحويل تحقيقاتها إلى كتب مضمونة التوزيع وبالتالي الإيرادات تحولت معها داليا فخري إلى : " قديسة وأيقونة أخري من أيقونات النضال والمعارضة " تعبير رائع من كاتب مبدع يوضح لنا طريقة صناعة الأوهام والنجوم المصطنعة من الكذب والغش ، فأي كذب ووهم نعيشه فى هذا المجتمع بجملة الجمهور عاوز كده وكأنها سينما ترسو ؟ وسريعا أصبحت مديرة إدارة قناة فضائية يملكها زوج أمها !! ليسلط لنا المؤلف الأضواء عن الكذب الإعلامي والفرقعات الفضائية الجوفاء .
أظهر لنا الكاتب براعته ليست فقط فى كتابة الرواية أو القصة ولكن أيضا فى الشعر ، فالقصيدتين اللتين استخدمهما فى الرواية كانتا ممتعتين الأولي القصيدة الأولي كتبها الضابط سامح وهي " البنت الحلم البنوتة " قصيدة غزلية ناعمة هادئة مزج فيها المؤلف بين القديم والجديد بين تيتي الفرعونية وستوتة الفلاحة المصرية الأصيلة هي بهية هي ناعسة هي الحلم لكل باحث عن الحلم ، فى هدوء وتناغم قصيدة مصرية خالصة ترجع بنا لصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم والأبنودي وكأننا فى مركب وقت الآصال فى الثلاثينيات من القرن الماضي وقت أن كان الزمن جميلا .
القصيدة الثانية فكانت عرضا لحال المجتمع فى زمنه كتبها فخري الريس عندما كان يعمل فى مصلحة الآثار يشكو فيها زمن الفساد فى شبابه وغلبة الدولار اسمها " ثلاثية الفقر والمرض والجوع " وعلي الرغم من استخدام اللغة العامية بها إلا إن إيقاعها كان رائعا ويتناسب مع روح العصر ، حتى أننا نجدها كأغنية بلا لحن مسموع على إيقاع موسيقي الراب ، تطور جديد للشعر العامي يوضح لنا براعة المؤلف ، ويجعلنا المؤلف نتساءل أيضا تري هل انتهي عهد هذه الثلاثية أم لا يزال قائما ؟؟
قدم لنا الكاتب نموذجا فجا فى الفن وهو كيف سيطر البلطجية والقتلة وأرباب السوابق والجزارين الذين يعرضون اللحم على الناس على السينما والفن فى مصر فلم يعد الفن هادفا ولكنه تجارة وقحة لمن يملك المال يؤلفون ويخرجون وينتجون ويتحكمون فى عنصر كان فى يوم من الأيام شيئا عظيما لم يعد هناك هؤلاء الذين بنوا استديو مصر ولا أنتجوا وأحبوا ما يقدمون واعتبروه رسالة هادفة .
يقدم لنا الكاتب أمنية فخري وهي تتجه إلى مكتب المنتج " تامر الشوبكي " فى شارع التوفيقية المملوء بمحلات قطع غيار السيارات وإكسسوراتها ومحلات البيزنس الجديد فى التجارة من كل شيء تقريبا القريب من منطقة الفجالة التي أصبحت بدلا من شارع للكتب والثقافة لعالم الحمامات والسيراميك وتندهش من الديكور الغريب .
يقول الكاتب على لسان بطلته : " ولفت نظرها الديكور الغريب للمكتب المكون من وحدات تشكيلية من قواقع البحر وأصدافه ، وتذكرت على الفور ما سمعته من أنه بدأ حياته تاجرا ً للأسماك ، ولا يزال يمتلك محلا ً لبيعها فى سوق التوفيقية " تاجر الأسماك وغيره تاجر اللحوم أصبحا المتحكمين في صناعة الفن والمواهب الشابة التي تجلس منتظرة في البهو من أجل الشهرة !!! استخدم المؤلف اسم الشوبكي السماك بدلا من الاسم الحقيقي المعروف للجميع للتاجر الأخر الذي يتحكم في سوق الفن في مصر ومن تاجر أسماك لتاجر لحوم ولا عزاء للفن في مصر فى إسقاط واضح على من يدير خطوط الإنتاج الآن فى مصر ويقدمون كل ما هو بذيء وفج وهابط وبلا أخلاق .
ولتكتمل الفجيعة نجد المؤلف والكاتب " المعلم شحاتة " تري هل جاء اسم المعلم " شحاتة " اعتباطا من مؤلف الرواية ؟؟ شحاتة الذي يرتدي ساعة رولكس ذهبية سويسرية فاخرة وموبايل حديث جدا وولاعة ذهبية ؟؟ شحاتة الذي يخرج لنا كراسة مثل تلك التي يستخدمها التلاميذ في المدارس ليكتب فيها قصته الغير قابلة للنقاش ليأتي الحوار الفج من شحاتة بقوله :
" هى دى ، ولامؤاخذة ، قصة الفيلم .. كتبتها بالتفصيل ، والباقى ، لامؤاخذة ، إنك تقريها وتتوكلى على الله ونصورها على طول "..
الحوار يدل على صاحبه وعلى مأساة الفن في مصر وكيف تكون كتابة القصص من هؤلاء الذين يظنون أنفسهم مؤلفين حقا ويجدون من ينتج لهم ويخرج لهم ببساطة ، شحاتة ذلك " الرجل الضامر الجسد العنيف الطباع كان فى الماضى واحدا ً من أشهر المسجلين خطر ، قبل أن يقضى بالسجن ربع قرن كامل " .
وعندما اعتقدت أمنية أنه تاجر مخدرات يجيبها بوقاحة " تأبيدة المخدرات موضة جديدة " ليضيف بنوع من الزهو الغريب : محسوبك –لامؤاخذة – طول عمره يكره المخدرات ، لاعمرى تعاطيتها ، ولا قعدت فى غرزة ، واحتقر اللى بيتاجروا فيها " ليجيب ببساطة أنه دخل السجن لأنه قتل خمس مرات .. هكذا ببساطة .
لينتهي المطاف بأمنية بأن تتجه للتمويل الأجنبي من خلال منحة من منظمة أجنبية ما زالت تؤمن أن للفن هدف ورسالة سامية ، ليؤكد لنا الكاتب أنه لا يزال هناك من لم يضعف أمام إغراءات الشهرة الوهمية مثل أمنية التي لم تتنازل عن طموحاتها الحقيقية وتضعف أمام اغراءات الشوبكي وشحاتة لتنتظر منحة تخرج فيها قصتها المقتبسة عن سارة أختها .
كان استخدام اللغة من المؤلف مميزا استخدم الكاتب اللغة العربية الفصحي فى تأليف الرواية ما عدا بعض المواقف التي يتطلب فيها استخدام اللغة العامية دون إخلال بنسيج الرواية ، فحوار شاهيناز مع بناتها استخدم فيه المؤلف اللغة العامية لأنه حوار بين أم وبناتها لا يحتاج للغة العربية الفصحي ليعبر عن مشاعر دفينة سواء بالسلب أو الإيجاب ، كما استخدم أيضا الحوار العامي فى حوار المنتج الشوبكي وشحاتة خريج السجون مع أمنية ، ليوضح لنا المؤلف كيف أن أمثال هؤلاء لا فائدة منهم ولا طائل فهم لا يتغيرون مهما كان معهم من المال .
وقف المؤلف أيضا أمام الإعلام فى مصر الذي لن يكون بمنأى عن سلسلة الفساد المستمرة منذ عقود ، هو إعلام المال أيضا من يملك المال يفتح محطة فضائية ويجلب من يشاء من المذيعين والمذيعات سيطرة برامج التوك شو على الإعلام بلا مهنية واضحة وإنما هو حديث المال والتجارة المتحدث فيها الإعلانات .
أظهر لنا المؤلف أيضا نظرته الشخصية للمرأة فهي ليست سلعة يتحدث عنها بلا هوية لا تصلح إلا فقط لمتعة الرجل بل هي ند للرجال فى الرواية فبطلات الرواية لم يستسلمن للظروف التي يمر بها المجتمع بل كن صلبات الشكيمة لم يستسلمن ببساطة لقهر المجتمع لم تستسلم أمنية للمنتج الشوبكي تاجر الأسماك ولا لشحاتة ربيب السجون ولكنها بحثت عن ممول أخر بمنحة لتنتج قصتها المأخوذة عن قصة حياة أختها سارة وظهورها ويعقد المؤلف مقارنة بين مخرجات من أجيال ماضية وأجيال معاصرة ، لم تستلم داليا للقناة الفضائية والشامتين فيها ، استمرت هناء فى حلمها وتزوجت من سامح وأثثت شقتها التي أبدع المؤلف فى وصف قطع الأثاث والديكور بها ليبتعد بنا عن العشوائيات والفوضي المنتشرة فى عالم الديكور، شاهيناز كانت من القوة لتقف بدلا عن زوجها سريعا سواء مع فخري الريس زوجها الأول الذي أصبحت بدلا عنه فى تربية بناتها أو مع مقتل زوجها الثاني الذي أصبحت بدلا عنه في عالم التجارة والمال والبيزنس لتقول داخل نفسها فى حديثها عن النعيمي زوجها قبل أن يقتل عندما عرفت بلياليه الحمراء وغرامياته وشهوته للنساء وأخرهن الأميرة العربية إذ يقول الكاتب عن الحوار الداخلي فى عقل شاهيناز " فكفاها إحساسا بالذل والمهانة وكفاه كذبا عليها ولعبا بمشاعرها.. وليذهب ماله ونفوذه وسلطانه إلى الجحيم ، ولتحتفظ ابنة الأصول بكرامتها وعزتها ..ولتظل دائما المرأة المصونة التى لم يجرؤ أحد على النيل من شرفها أو شراءها أو إذلالها مهما كان الثمن " .
حتى سارة فعلى الرغم من أن المؤلف قدم لنا حياتها النصف أجنبية فى تصرفاتها الحرة إلا أن جذورها الشرقية غلبت عليها فى التمسك بالعائلة والوقوف بجانب أختها وزوجة أبيها .
وختاما هذا جزء يسير فى تحليل هذه الرواية الممتعة التي أجدني استمتعت بقراءتها وتحليلها وإن كان هناك لا يزال الكثير بها يحتاج إلى تحليل ونقد ، فهي ليست فقط رواية وإنما هي بمثابة تأريخ هام لحقبة من تاريخ مصر معاصر بكل صوره من فساد فى كل شيء تحدث فيها المؤلف الأستاذ محمد رفعت بعمق عن أحداث كثيرة جدا فى المجتمع ببساطة ويسر فى بعض المواقف وبغموض يحسد عليه فى بعض المواقف الأخري ليترك لنا التساؤل والتفكير فى أحداث هذه الرواية المهمة ، ولا يسعني إلا تقديم التحية للمؤلف على هذه السلاسة فى الكتابة والعمق الكبير فى آن واحد لرواية قوية ملهمة تمتع من يقرأها بأحداثها وشخصياتها وتحليلها للمجتمع ولما يحدث فى مصر .
تشدنا هذه الرواية بعنوانها المميز لقراءتها وفك أغوار كاتب استطاع بتميزه أن يشدنا لقراءة هذه القصة المميزة التي كتبت بحرفية ، أري فيها الرمزية علي أعلي مستوي من الكتابة ظللت أبحث فيها وأفكر لفك رموز هذه الرواية ... شدني العنوان الذي أبدأ به " امرأة غير قابلة للكسر " فجاء تعبير غير قابلة للكسر وكأنه شيء خارجي به نوع من الإجبار لظروف خارجية ضد هذه المرأة التي قد تبدو قوية لا تنهزم وليست كما جاء بالرواية " ولية " مهضومة الجناح اختارت أن يقال عنها أنها قوية عن أن يقال عنها هذا التعبير ، وكأن الكاتب يريد أن يقول لنا أنه لا يزال هناك نوع من النساء لا تكسره ولا تهزمه الظروف ، هي امرأة من أسرة عريقة والدها شوكت الذي كان حكمدارا سليل الحسب والنسب ، تلك المرأة التي تزوجت من رجل أحبته عندما وجدت فيه الرومانسية والرقة وأشياء كثيرة صدمت عندما تزوجته وأنجبت منه ثلاث زهرات ، قد يظلم القارئ " شاهيناز شوكت " لقوتها وظلمها ولكن الكاتب بحرفية شديدة وقف موقف الحياد من شخصية الزوج والزوجة وترك لنا نحن حرية التفكير ومعرفة من الظالم ومن المظلوم .
جاءت أول جملة فى الرواية من الدقة وحسن الاختيار بما جعلها مفتاح الرواية أو ما يطلق عليه " Master key " " ثلاث زهرات فى حديقة بلا بستاني .. " ..وكأن بناتها الثلاث فعلا ثلاث زهرات فى حديقة غناء أو بستان لم يجدن الأب الذي يعتني بهن ويخاف عليهن ويحميهن هن وأمهن، إلا أن تلك الزهرات الثلاث كن بأفضل حال مع أمهن القوية التي ساعدتهن ليكن حديث المجتمع بجمالهن وقوتهن وخلقهن والكاتب هنا يعمل مقارنة خفية مع سارة التي أنجبها الأب من زوجته الأجنبية.
أخذت الرواية ثلاث جوانب الجانب الأول وهو الشخصيات الرئيسية بطلة الرواية شاهيناز ، والزوج طليق البطلة والبنات أو الثلاث زهرات هناء وداليا وأمنية ، جاء اسم البطلة مناسبا لها شاهيناز اسم تركي يتناسب مع شخصية البطلة وأصولها تلك المرأة التي أحبت رجلا وجدت فيه كل بغيتها إلا أنه بضعفه خذلها فطلقت منه لتربي بناتها وتعكف على تربيتهن ولا تتناول سيرة والدهن الذي لا يعرفه الناس تركت الناس تظن أنها ظالمة قوية الشخصية ذهبت بزوجها إلى المحكمة لتأخذ بناتها منه لم تهزها الشدائد ولم يكسرها رجل ، لكن أهي حقا هكذا ؟؟
ببساطة يأخذنا الكاتب لشهيناز شوكت الأم التي انكسرت مرتين الأولي عندما فوجئت البنات بأم أخرى غير تلك التي يعرفنها، أمهن التى كانت تظل تبكي بالساعات وهي تحكي " لهن قصتها مع والدهن وكيف باعها وهي في أشد الحاجة إليه " ، والمرة الثانية عندما قالت لها ابنتها أن صديقها يلوك فى سيرتها ويتهمها فى شرفها ، فى حين أنها هي متزوجة من رجل الأعمال النعيمي ، قد تبدو شاهيناز أنانية وصولية ولكن الكاتب ببساطة أيضا يقدم لنا نظرة المجتمع للمرأة ، فكيف تستطيع امرأة ما أن تكون سيدة أعمال وتحتفظ بنفسها شريفة وسط غابة من الرجال يطمعون فيها بدون رجل يحميها كان الحل الزواج من شخصية قوية لها ثقلها فى المجتمع هو الحل ، وهو ما تراه البطلة حلا مناسبا للوقوف فى وجه أي إنسان يلوك فى سيرتها وشرفها ، هنا استخدم المؤلف العقل فى التفكير وليس العاطفة كما استخدمته شاهيناز من قبل بزواجها من أبو البنات ، هنا المؤلف فى الموقفين يقدم لنا جانبا إنسانيا هاما وهو أن الإنسان مهما بدا عليه من قوة فإنه يأتي عليه لحظات انكسار وضعف لا يستطيع أن يقف أمامها .
شاهيناز أيضا كان لها صحوة ضمير فى علاقتها مع زوجها الأول فقد استرجعت فى حديثها مع ابنة زوجها سارة " ذكرى معاناة زوجها الراحل الشريف مع الفساد والبيروقراطية ومحاولاته اليائسة للوقوف فى وجه من يريدون نهب تراث وتاريخ وآثار هذا الوطن ليحققوا من وراء بيعها وتهريبها الثروات المحرمة " و"أحست بشئ من الخجل لأن ذلك كله لم يكن أبدا يعنيها أو يمثل عائقا فى طريق تحقيق طموحاتها الشخصية ، واعترفت لنفسها بأنها كانت هى الأخرى ضعيفة، وأنانية، وأنها كان يجب عليها أن تقف إلى جانب زوجها لتسانده وتعضد موقفه وتساعده على الثبات فى وجه خصومه ، بدلا من أن تمثل عبئا وضغطا إضافيا عليه وعلى أعصابه " إلا أن صحوة الضمير هذه سرعان ما خفتت لتعود إلى سابق عهدها كسيدة أعمال قوية وهي الآن هانم زوجة واحد من أكبر الاقتصاديين فى المجتمع .
الزوج فخري الريس أو طليق شاهيناز أبو بناتها الذي أخد يقنع نفسه أنه مظلوما ظلمته زوجته وجرجرته إلى المحاكم وأخذت بناته وهو مسكين أمام هذه الزوجة ! وهو ما ظل يردده أمام ابنته سارة التي أنجبها من زوجته الثانية الأجنبية عندما سافر من مصر .. وعلى الرغم من أن الكاتب لم يقل صراحة أن هذا الزوج هرب إلا أنه من الواضح أنه هرب هروبا سافرا بكل المقاييس من كل مسئولياته ، موظف الآثار المستكين الذي يعمل فى المخازن يملك كل التراث وكل التاريخ ليحافظ عليه إلا أنه كان من الضعف أن لا يستطيع أن يقف أمام الفساد اختار الكاتب الآثار ليوضح لنا أن التراث والآثار لا تحتاج لشخصية ضعيفة مستكينة لا تستطيع الحفاظ عليها تنسحب أمام الفساد ببساطة مهما كانت درجة الفساد فى إشارة قوية لضياع تراث وتاريخ وأثار مصر أمام طغيان هذا الفساد ، انسحب الزوج مخمورا ضعيفا ذليلا هاربا حتى محاولات زوجته لرفعه وجعله يقف أمام الصعاب لم تأت معه بنتيجة .
وقف كاتب الرواية موقف المحايد من شخصية الزوج قدمها لنا بكل ما فيها ولم يوضح مدي ضعفه وترك لنا الحكم على هذا الزوج الذي ترك زوجته الجميلة ذات الحسب والنسب وبناته الزهرات الثلاث وحدهن ، هرب بعد طلاقه من شاهيناز واختار زوجة أخري أجنبية تري هل استفاد من أخطائه !! أنجب فتاة أخري هي سارة الإبنة الرابعة له فتاة نصفها غربي متحرر ونصفها الآخر مجهول الهوية وليس شرقيا بحكم الوراثة للأب هي مصرية أو شرقية مسلمة وإنما فى الواقع هي شيء أخر ، استطاع الكاتب من خلال سارة بمنتهي الروعة أن يكشف لنا حقيقة ذلك الأب والمجتمع من خلالها إنها تشرب الخمر !! ولما لا ؟؟ فكثير من المسلمين يفعلون ذلك مع أنهم تربوا فى أوطانهم ويستغربونها عندما تفعل ذلك !!!
براعة من الكاتب أن يقدم لنا نظرة المجتمع للدين وكيف يكون التناقض بين الفكر والتصرفات فكأنه يريد أن يقول لنا أن الإسلام ليس دين وراثة وإنما هو دين حياة وتعاليم ، سارة علمها أبوها حب مصر من خلال عبد الحليم وأم كلثوم ونجاة ... إلخ أراد المؤلف يريد أن يقول لنا أن أبوها علمها أن الوطنية أصبحت أغاني نسمعها ونحفظها مع شخصيات ماتت منذ زمن وليس وطن نعيشه ونحبه ولا يسعنا إلا الإعجاب بهذه الرمزية الواضحة ، وببساطة سارة تعيش كالغرب " أسفة أنا أحب مايكل وأعيش معه الآن " فلم ينفعها إسلامها بالوراثة فى أن يغير منها شيء ، ونتساءل بدورنا هل نجح فعلا فخري الريس فى تربيتها ؟؟ وماذا كان سيفعل مع بناته الأخريات لو كان معهن ؟؟
اكتفي الأب فى تربيتها بأن يقول لها عند الأخطاء التي لا تتناسب مع تربيته الشرقية بكلمة " نو سارة " حتي عندما كانت تريد أن تدعو صديق لها فى البيت فإن الرد ببساطة " نو سارة أي هاف نو هورنز " أي ليس لدي قرون فى إسقاط لطيف دارج فى مصر وكأنني أري محجوب عبد الدايم فى رائعة نجيب محفوظ القاهرة 30 وهو يقف وزوجته مع عشيقها فى غرفة النوم وخلفه قرون وعل ، يظهر لنا الكاتب فى هذه اللحظة مدي ضعف شخصية الأب أو الزوج ونتساءل معه تري لو كان لا يزال فى مصر ومع بناته كيف سيكون حالهن ؟!! وكيف سيكون حال زوجته مع ضعفه وخنوعه وعدم مقاومته لأي شيء ..!!
الجانب الثاني فى الرواية وهو الشخصيات الثانوية فى الرواية والتي على الرغم من أنها قد تبدو ثانوية إلا أنها محورية تتحرك من خلالها ومعها الشخصيات الرئيسية ، فهناك المحامي علي الجرايحي وزوجته وابنه سامح ضابط الشرطة وعلى مراد صاحب الجريدة ، والزوج الثاني النعيمي رجل الأعمال الذي تزوجته شاهيناز .
المحامي الجرايحي هو الصديق المخلص لشاهيناز وبناتها والذي يعطينا الكاتب نبذة عنه من خلال فلاش باك لحياة هذا المحامي الذي عمل مع صاحب العمل وتزوج ابنته " بحكم المصلحة " نجوان صاحبة المرض النفسي حافظ عليها وتحملها وأنجب منها ابنه الوحيد سامح الذي دخل كلية الشرطة وبالواسطة أصبح ضابطا فى شرطة السياحة والآثار ليس فقط لأنه ذو حسب ونسب ومقتدر ماديا إنما " طول بعرض بارتفاع " وسيم مثقف لعبت الصدفة المقدرة دورا فى معرفته بسارة أخت خطيبته الغير شقيقة وكأن الدنيا أضيق من حلقة خاتم ، يظل الجرايحي مخلصا دائما لشهيناز حتى بعد مقتل زوجها الثاني النعيمي ، ويكتمل بتسريبه الأخبار والصفقات لعلي مراد الصحفي الذي بدوره يرفع من شأن ابنة شاهيناز هي صفقات بين الكل حتي عندما قتل النعيمي زوج شاهيناز الثاني وقف معها فى أخذ مكانه فى شركاته.
النعيمي هو رجل الأعمال الشهير الخفي فى عالم البيزنس والتجارة الذي تزوج شاهيناز ليكملا هما الاثنين دائرة المصالح هي سيدة أعمال متطلعة تعلو بسرعة الصاروخ وهو النفوذ والمال والجاه الذي ليس له حدود ، النعيمي الذي يريد شراء جريدة من هنا وقناة فضائية من هنا ليكون المسيطر على الإعلام الذي سيكون موجها لخدمته وخدمة زوجته شاهيناز ، هو المال المسيطر على كل شيء البورصة وسوق العقارات والإعلام والصحافة ... إلخ ، النعيمي الذي جري وراء أميرة عربية تنتمي لأحدي الأسر الحاكمة الخليجية تهوي إذلال الرجال !!!
ألا تذكرنا هذه الأميرة العربية الجميلة بأميرة فى الحقيقة بلغت من الشهرة مبلغا كبيرا ومن النفوذ فى مصر مبلغا عظيما ؟؟؟ فجأة مات النعيمي مقتولا بإنجلترا هذه الجريمة التي لم تحرك ساكنا بشاهيناز واعتبرتها فرصه للخروج من دائرته بعد معرفتها بغراميته فى انجلترا بدلا من الطلاق وفى نفس الوقت السيطرة على إمبراطوريته الواسعة ، مقتل النعيمي بهذه الطريقة يذكرنا بمقتل رجل الأعمال والسلاح الشهير " أشرف مروان " بإنجلترا ، هذه الجريمة التي لم يحلها كالعادة شرطة سكوتلاند يارد طالما تداخل فيها النفوذ والجاه وافشاء الأسرار وتضارب المصالح ، أعتقد أن المؤلف يريد أن يقدم لنا صورة واضحة عن هؤلاء الذين يملكون الدنيا بما فيها من جاه وسلطان ومال وتتضارب المصالح مع آخرين فلا يكون هناك إلا قتلهم والتخلص منهم والفاعل دائما مجهول ، فسرعان ما تنهار البورصة والشركات قبل أن تستفيق سريعا من هذه الكبوة والبحث عن بديل سريع يرفع سوق المال والبديل هنا كان شاهيناز التي سرعان ما علت بالشركات ، وكأن المؤلف يريد أن يقول أن البديل دائما متواجد فى عالم البيزنس بلا رحمة .
أما الجانب الثالث بالرواية فهو نظرة الكاتب نفسه للمجتمع نفسه الذي نعيشه واعتمد فيها الكاتب على إظهار عورات وفساد وتناقض هذا المجتمع وعواره بمنتهي اليسر والبساطة والحرفية الشديدة حتى أننا فى كثير من الأحيان نبتسم لهذه الدقة والربط وأحيانا أخري نجدنا نلهث وراء الشخصيات التي نحاول أن نستشف منها ما يريد الكاتب أن يقوله ، فالمؤلف لم ينسي مهنته الرئيسية وعمله فى مجال الصحافة فجريدة " المستقبل " فى الرواية التي يعمل بها ذلك الصحفي الشهير هي بمثابة ضوء أحمر يقدمه لنا الكاتب يوضح لنا فيه كيف سيكون المستقبل مع انتشار الصحف الصفراء التي تعيش فقط على الإعلانات وأخبار المجتمع والفضائح والكذب والبيزنس وكأن الصحافة لم تعد هي تلك المهنة النبيلة التي تقدم الأخبار بمصداقية ولكنها فقط عرض لعورات الناس وكشفهم والصفقات التي تدار فى الخفاء لصعود أو هبوط أشخاص أو انتقام من أشخاص لتضارب المصالح .
الفساد فى نهب ثروات هذا البلد وتاريخه وتراثه بمختلف الطرق بعثات أجنبية للحفائر والمصريون يتفرجون على تاريخهم ينهب ويوزع فى الميادين العامة فى الخارج وفى متاحفهم ، مخازن تسرق من اللصوص الكبار !! والذين نعرفهم تمام المعرفة ، مافيا أخطبوطية واسعة كبيرة لنهب الآثار ولا أحد يحرك ساكنا ، ترميم مشوه بدون علم والطريف يوجد قسم للترميم فى مصلحة الآثار ، ، مخازن تسرق سرقة ممنهجة وتعد عقاب لم يفتح فمه بأن ينقل إليها ليموت طموحه وأمله فى الإصلاح .
جاءت فقرة هامة فى الرواية يوضح لنا فيها الكاتب جزء من الفساد الكبير الذي نعيشه وهي عن حصر القطع الآثرية بأنه " لم ولن يتم لأنه من مصلحة كثيرين ألا يتم ومن مصلحتهم أن نظل منهوبين ومستباحين وأن نقاتل لاسترجاع عشرات القطع المعروضة فى بعض متاحف أوروبا، فى الوقت الذى يتم فيه اليوم وغدا وبعد غد سرقة مئات بل وآلاف القطع الأثرية النادرة من المتاحف، وتستمر فيه عمليات التنقيب غير المشروعة عن الآثار فى مناطق ومحافظات كثيرة " ، فاستخدم المؤلف جملتين غاية في الدقة في الفقرة السابقة من الرواية الأولي وهي " منهوبين ومستباحين " وهذه الكلمة تطلق على العرض والشرف وكأن تاريخنا هو عرضنا وشرفنا ، والجملة الثانية " أن نقاتل لاسترجاع عشرات القطع ... " عبارة تهكمية على قتال بلا معني فاسد .
كبار المسئولين " عملوا ودن من طين وودن من عجين " كما يقول المثل الشعبي لم يقابلوا فخري الريس لبحث شكواه .. شيء طبيعي لأنها موافقة ضمنية على أن ما يحدث من سرقة ممنهجة معروفة للجميع ومشترك فيها جميع المسئولين .
تناول الكاتب أيضا الفساد المستشري في المجتمع من خلال مراد الصحفي والجرايحي المحامي والذي ظهر الفساد من حوارهم فالهدف الأخلاقي الذي يدعيه الصحفي من خلال حملة صحفية لكشف المستور عن المبيدات المروية بمياه الصرف الصحي ما هي إلا حملة وهمية تجر ورائها المصالح من ضرب المنتجات المحلية وتوجيه ضربة انتقامية من أحد رجال الأعمال وكأن مصلحة هذا الشعب لا تهم ولا صحته ولكن كل ما يهم هو المال والمصالح الشخصية قمة الفساد الذي استشري في العقود الأخيرة في مصر .
فساد أخر في المجتمع وهو استخدام الأجانب في الوظائف العليا بدلا من المصريين فسارة فخري الابنة الرابعة لطليق شاهيناز جاءت مصر لتعمل في أحد الفنادق الكبيرة مع شركة متعددة الجنسيات !!! على الرغم من سنها الصغيرة فهي لم تتجاوز الثالثة والعشرين وحداثة تعيينها ومع ذلك تبوأت هذه الوظيفة المميزة وبالطبع السبب هو أنها خليط بين كونها مصرية وأجنبية ، مع أن هناك من المصريين ذوي خبرة كبيرة ، ونتساءل تري أي وفد سياحي هام هو الذي يحظي برفقة شرطة السياحة والآثار وهذا الاهتمام من الشرطة ؟؟ لا يجيبنا المؤلف ولكنه يترك لمخيلتنا معرفة هذا الوفد الهام .
فساد المسئول بوزارة الاسكان الكبير ألا نعرفه جميعنا ؟؟ ألم يبيع ويشتري في تراب مصر بسهولة ويسر ألم تباع العقارات لأجانب وعرب ألم يكن محصنا ضد أي مسائلة في نظام بائد فاسد ساعده ببساطة ؟؟ ألم يخرج براءة حاليا ؟؟
ذلك المسئول الكبير الذي وصفه المؤلف بقوله " وقال إن هذه التجاوزات غير المسبوقة في الوزارة دفعت بعض الأجهزة الرقابية للتفتيش وراء المسؤول الكبير الذى أصبح يمتلك أكثر من قصر فى الساحل الشمالى والقاهرة الجديدة، وأضاع على الدولة مليارات الجنيهات فى بيع أراضى المدن الجديدة لأبنائه وأصحابه وأقربائه وبعض المسئولين الكبار، وأعضاء مجلس الشعب حتى يضمن سكوتهم عن ممارساته، ويحمونه من الاستجوابات الكثيرة التى بدأت تقدم ضده، والتحقيقات الصحفية المنشورة عن تلاعبه بأموال الشعب" .
برلمان فاسد بنواب مرتشين ، وحكومة ومسئولين فاسدين أموال بالمليارات تضيع من هذا الشعب الذي يدفع ضرائب ويعيش على الكفاف لتصرف على قصور وفلل وعقارات وملاعب الجولف لمسئولين فاسدين وحكام أكثر فاسدا وأميرات وأمراء عرب يشترون أراضي مصر بالبخس بالوسائط طالما كان الجمال الباهر !! والمال الجاهز دائما موجودين .
ونتساءل بدورنا مع الكاتب تري ماذا فعلت الأجهزة الرقابية التي فتشت على المسئول ؟؟ هل تمت محاسبته حقا على ما اقترفه في حق هذا الوطن وهذا الشعب ؟ أم أن هذه الأجهزة ظهرت فقط عندما فاحت رائحة المسئول أكثر من اللازم ؟؟؟ وطوي التحقيق في الأدراج لأن الموضوع ببساطة كما أثير في الصحافة سينسي في الصحافة وفى عقول الناس المشغولة بلقمة العيش وأولادها ؟؟
استخدام عرض الفلاش باك وإلقاء الضوء على تكوين كل شخصية أعطانا خلفية عن تكوينها وحياتها ، واستطاع مؤلف الرواية أن يمسك بخيوط كل شخصية دون إخلال بأحداث القصة مع العودة السريعة لواقع الشخصية والرواية فكان من السرعة حتى أننا لا نحس معها بأننا تائهين بل بالعكس أعطي لنا بوضوح الجانب النفسي لكل شخصية من شخصيات الرواية وترك لنا حرية الحكم على كل شخص دون تدخل من المؤلف .
تناول الكاتب أيضا سريعا بعض القضايا الهامة فى المجتمع مثل التحرش الجنسي للنساء من خلال فيلم مثلته أمنية التي أرادت أن تكون مخرجة ، الصحفي على مراد الذي ساق بقلمه الرشيق السبق الصحفي للصحفية المعجزة لداليا فخري وتنازلها الفساد فى وزارة الإسكان !! تحت عنوان "مسؤول الإسكان الكبير يمنح شركة محظوظة أعمالا حكومية بسبعة مليارات جنيه" وهي سلسلة المقالات التي فتحت أبواب جهنم على المسئول الكبير وصهره صاحب الشركة المنافسة لشركات النعيمي.
عن الصحافة وعالم بلاط صاحبة الجلالة يقدم لنا الكاتب نموذجا فجا من الشهرة الوهمية التي يتخللها صفقات واختباء خلف نجوم يتم صنعهم لأهداف خبيثة وخفية فيقول عن نجومية داليا في الصحافة : " وهكذا تحولت الصحفية الشابة إلى نجمة صعدت بسرعة الصاروخ فى عالم الشهرة والمكانة المميزة، فى بلاط صاحبة الجلالة رغم أنها لم تبذل جهدا فى الحصول على الوثائق والمستندات الأخيرة التى سربها لها ولرئيس تحريرها زوج أمها امبراطور العقارات صاحب المليارات، ولم تخط حرفا واحدا مما كتب باسمها بقلمها الخاص، وإنما صاغ الحملة الصحفية كلها كاتب الفضائح والإثارة المعروف علاء مراد"
ليتخفي علاء مراد خلف اسم هذه الصحفية الشابة ليكون بعيدا عن الشبهات ، فساد ما بعده فساد ، حتى عضو البرلمان الموقر تناول هذه التحقيقات وأخذ يتولوها على زملائه بالمجلس نقلا عن الصحيفة ، فأي فبركة وأي برلمان هذا ؟ قمة البراعة من الكاتب فى الحقيقة .
لتصدق الصحفية الشابة هذه الكذبة السريعة الانتشار وتأتي لها عروض من دور نشر كبري لتحويل تحقيقاتها إلى كتب مضمونة التوزيع وبالتالي الإيرادات تحولت معها داليا فخري إلى : " قديسة وأيقونة أخري من أيقونات النضال والمعارضة " تعبير رائع من كاتب مبدع يوضح لنا طريقة صناعة الأوهام والنجوم المصطنعة من الكذب والغش ، فأي كذب ووهم نعيشه فى هذا المجتمع بجملة الجمهور عاوز كده وكأنها سينما ترسو ؟ وسريعا أصبحت مديرة إدارة قناة فضائية يملكها زوج أمها !! ليسلط لنا المؤلف الأضواء عن الكذب الإعلامي والفرقعات الفضائية الجوفاء .
أظهر لنا الكاتب براعته ليست فقط فى كتابة الرواية أو القصة ولكن أيضا فى الشعر ، فالقصيدتين اللتين استخدمهما فى الرواية كانتا ممتعتين الأولي القصيدة الأولي كتبها الضابط سامح وهي " البنت الحلم البنوتة " قصيدة غزلية ناعمة هادئة مزج فيها المؤلف بين القديم والجديد بين تيتي الفرعونية وستوتة الفلاحة المصرية الأصيلة هي بهية هي ناعسة هي الحلم لكل باحث عن الحلم ، فى هدوء وتناغم قصيدة مصرية خالصة ترجع بنا لصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم والأبنودي وكأننا فى مركب وقت الآصال فى الثلاثينيات من القرن الماضي وقت أن كان الزمن جميلا .
القصيدة الثانية فكانت عرضا لحال المجتمع فى زمنه كتبها فخري الريس عندما كان يعمل فى مصلحة الآثار يشكو فيها زمن الفساد فى شبابه وغلبة الدولار اسمها " ثلاثية الفقر والمرض والجوع " وعلي الرغم من استخدام اللغة العامية بها إلا إن إيقاعها كان رائعا ويتناسب مع روح العصر ، حتى أننا نجدها كأغنية بلا لحن مسموع على إيقاع موسيقي الراب ، تطور جديد للشعر العامي يوضح لنا براعة المؤلف ، ويجعلنا المؤلف نتساءل أيضا تري هل انتهي عهد هذه الثلاثية أم لا يزال قائما ؟؟
قدم لنا الكاتب نموذجا فجا فى الفن وهو كيف سيطر البلطجية والقتلة وأرباب السوابق والجزارين الذين يعرضون اللحم على الناس على السينما والفن فى مصر فلم يعد الفن هادفا ولكنه تجارة وقحة لمن يملك المال يؤلفون ويخرجون وينتجون ويتحكمون فى عنصر كان فى يوم من الأيام شيئا عظيما لم يعد هناك هؤلاء الذين بنوا استديو مصر ولا أنتجوا وأحبوا ما يقدمون واعتبروه رسالة هادفة .
يقدم لنا الكاتب أمنية فخري وهي تتجه إلى مكتب المنتج " تامر الشوبكي " فى شارع التوفيقية المملوء بمحلات قطع غيار السيارات وإكسسوراتها ومحلات البيزنس الجديد فى التجارة من كل شيء تقريبا القريب من منطقة الفجالة التي أصبحت بدلا من شارع للكتب والثقافة لعالم الحمامات والسيراميك وتندهش من الديكور الغريب .
يقول الكاتب على لسان بطلته : " ولفت نظرها الديكور الغريب للمكتب المكون من وحدات تشكيلية من قواقع البحر وأصدافه ، وتذكرت على الفور ما سمعته من أنه بدأ حياته تاجرا ً للأسماك ، ولا يزال يمتلك محلا ً لبيعها فى سوق التوفيقية " تاجر الأسماك وغيره تاجر اللحوم أصبحا المتحكمين في صناعة الفن والمواهب الشابة التي تجلس منتظرة في البهو من أجل الشهرة !!! استخدم المؤلف اسم الشوبكي السماك بدلا من الاسم الحقيقي المعروف للجميع للتاجر الأخر الذي يتحكم في سوق الفن في مصر ومن تاجر أسماك لتاجر لحوم ولا عزاء للفن في مصر فى إسقاط واضح على من يدير خطوط الإنتاج الآن فى مصر ويقدمون كل ما هو بذيء وفج وهابط وبلا أخلاق .
ولتكتمل الفجيعة نجد المؤلف والكاتب " المعلم شحاتة " تري هل جاء اسم المعلم " شحاتة " اعتباطا من مؤلف الرواية ؟؟ شحاتة الذي يرتدي ساعة رولكس ذهبية سويسرية فاخرة وموبايل حديث جدا وولاعة ذهبية ؟؟ شحاتة الذي يخرج لنا كراسة مثل تلك التي يستخدمها التلاميذ في المدارس ليكتب فيها قصته الغير قابلة للنقاش ليأتي الحوار الفج من شحاتة بقوله :
" هى دى ، ولامؤاخذة ، قصة الفيلم .. كتبتها بالتفصيل ، والباقى ، لامؤاخذة ، إنك تقريها وتتوكلى على الله ونصورها على طول "..
الحوار يدل على صاحبه وعلى مأساة الفن في مصر وكيف تكون كتابة القصص من هؤلاء الذين يظنون أنفسهم مؤلفين حقا ويجدون من ينتج لهم ويخرج لهم ببساطة ، شحاتة ذلك " الرجل الضامر الجسد العنيف الطباع كان فى الماضى واحدا ً من أشهر المسجلين خطر ، قبل أن يقضى بالسجن ربع قرن كامل " .
وعندما اعتقدت أمنية أنه تاجر مخدرات يجيبها بوقاحة " تأبيدة المخدرات موضة جديدة " ليضيف بنوع من الزهو الغريب : محسوبك –لامؤاخذة – طول عمره يكره المخدرات ، لاعمرى تعاطيتها ، ولا قعدت فى غرزة ، واحتقر اللى بيتاجروا فيها " ليجيب ببساطة أنه دخل السجن لأنه قتل خمس مرات .. هكذا ببساطة .
لينتهي المطاف بأمنية بأن تتجه للتمويل الأجنبي من خلال منحة من منظمة أجنبية ما زالت تؤمن أن للفن هدف ورسالة سامية ، ليؤكد لنا الكاتب أنه لا يزال هناك من لم يضعف أمام إغراءات الشهرة الوهمية مثل أمنية التي لم تتنازل عن طموحاتها الحقيقية وتضعف أمام اغراءات الشوبكي وشحاتة لتنتظر منحة تخرج فيها قصتها المقتبسة عن سارة أختها .
كان استخدام اللغة من المؤلف مميزا استخدم الكاتب اللغة العربية الفصحي فى تأليف الرواية ما عدا بعض المواقف التي يتطلب فيها استخدام اللغة العامية دون إخلال بنسيج الرواية ، فحوار شاهيناز مع بناتها استخدم فيه المؤلف اللغة العامية لأنه حوار بين أم وبناتها لا يحتاج للغة العربية الفصحي ليعبر عن مشاعر دفينة سواء بالسلب أو الإيجاب ، كما استخدم أيضا الحوار العامي فى حوار المنتج الشوبكي وشحاتة خريج السجون مع أمنية ، ليوضح لنا المؤلف كيف أن أمثال هؤلاء لا فائدة منهم ولا طائل فهم لا يتغيرون مهما كان معهم من المال .
وقف المؤلف أيضا أمام الإعلام فى مصر الذي لن يكون بمنأى عن سلسلة الفساد المستمرة منذ عقود ، هو إعلام المال أيضا من يملك المال يفتح محطة فضائية ويجلب من يشاء من المذيعين والمذيعات سيطرة برامج التوك شو على الإعلام بلا مهنية واضحة وإنما هو حديث المال والتجارة المتحدث فيها الإعلانات .
أظهر لنا المؤلف أيضا نظرته الشخصية للمرأة فهي ليست سلعة يتحدث عنها بلا هوية لا تصلح إلا فقط لمتعة الرجل بل هي ند للرجال فى الرواية فبطلات الرواية لم يستسلمن للظروف التي يمر بها المجتمع بل كن صلبات الشكيمة لم يستسلمن ببساطة لقهر المجتمع لم تستسلم أمنية للمنتج الشوبكي تاجر الأسماك ولا لشحاتة ربيب السجون ولكنها بحثت عن ممول أخر بمنحة لتنتج قصتها المأخوذة عن قصة حياة أختها سارة وظهورها ويعقد المؤلف مقارنة بين مخرجات من أجيال ماضية وأجيال معاصرة ، لم تستلم داليا للقناة الفضائية والشامتين فيها ، استمرت هناء فى حلمها وتزوجت من سامح وأثثت شقتها التي أبدع المؤلف فى وصف قطع الأثاث والديكور بها ليبتعد بنا عن العشوائيات والفوضي المنتشرة فى عالم الديكور، شاهيناز كانت من القوة لتقف بدلا عن زوجها سريعا سواء مع فخري الريس زوجها الأول الذي أصبحت بدلا عنه فى تربية بناتها أو مع مقتل زوجها الثاني الذي أصبحت بدلا عنه في عالم التجارة والمال والبيزنس لتقول داخل نفسها فى حديثها عن النعيمي زوجها قبل أن يقتل عندما عرفت بلياليه الحمراء وغرامياته وشهوته للنساء وأخرهن الأميرة العربية إذ يقول الكاتب عن الحوار الداخلي فى عقل شاهيناز " فكفاها إحساسا بالذل والمهانة وكفاه كذبا عليها ولعبا بمشاعرها.. وليذهب ماله ونفوذه وسلطانه إلى الجحيم ، ولتحتفظ ابنة الأصول بكرامتها وعزتها ..ولتظل دائما المرأة المصونة التى لم يجرؤ أحد على النيل من شرفها أو شراءها أو إذلالها مهما كان الثمن " .
حتى سارة فعلى الرغم من أن المؤلف قدم لنا حياتها النصف أجنبية فى تصرفاتها الحرة إلا أن جذورها الشرقية غلبت عليها فى التمسك بالعائلة والوقوف بجانب أختها وزوجة أبيها .
وختاما هذا جزء يسير فى تحليل هذه الرواية الممتعة التي أجدني استمتعت بقراءتها وتحليلها وإن كان هناك لا يزال الكثير بها يحتاج إلى تحليل ونقد ، فهي ليست فقط رواية وإنما هي بمثابة تأريخ هام لحقبة من تاريخ مصر معاصر بكل صوره من فساد فى كل شيء تحدث فيها المؤلف الأستاذ محمد رفعت بعمق عن أحداث كثيرة جدا فى المجتمع ببساطة ويسر فى بعض المواقف وبغموض يحسد عليه فى بعض المواقف الأخري ليترك لنا التساؤل والتفكير فى أحداث هذه الرواية المهمة ، ولا يسعني إلا تقديم التحية للمؤلف على هذه السلاسة فى الكتابة والعمق الكبير فى آن واحد لرواية قوية ملهمة تمتع من يقرأها بأحداثها وشخصياتها وتحليلها للمجتمع ولما يحدث فى مصر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.