بداية من التعمق فى أدق تفاصيل المرأة خصوصية..و إنتهاءا بالسخرية من الإختلافات ببينها وبين الرجل وإعتبارها " وهمية ".. جاءت باقة من أفلام مهرجان القاهرة الدولى لسينما المرأة والتى رصدتها الأخبار لأنها وجدت فيها رحلة بين وجهات النظر بخيط واحد يبدأ بالنقيض وينتهى بالنقيض. فى البداية جاء فيلم الإفتتاح " أطفال الماء" والذى عبر عن تجارب نسائية شديدة الحساسية والخصوصية ، فهو فيلم للمرأة .. فما فيه من أحداث وقصص يمكن أن تعيها بسهولة كل إمرأة فى الوقت الذى يصعب فيه على رجل أن يدركها جيدا لأنه من المستحيل أن يعيشها يوما ما .. والمخرجة التى وقفت وراء خروج هذا الفيلم للنور هى المخرجة الهولندية والتى لم تنعم عليها السماء بنعمة إنجاب طفل ففكرت أنها لو قدمت فيلما عن الأطفال وتجارب النساء المختلفة مع الأمومة ربما تنجب طفلا وبدأت بالفعل فى عمل الفيلم ويستعرض الفيلم خلال 75 دقيقة قصص مجموعة كبيرة من النساء منهن من أنجبت طفلا ثم فقدته بعد أن كبر وظلت تتعذب كل يوم لهذا السبب.. ومنهن من أنجبت طفلا وفقدته أثناء رحلة الحمل ومازال يحدوها الأمل فى إنجاب طفل ، ومنهن من فقدت الرحم ومعه الأمل فى أن تنجب طفلا يوما ما .. ويطالعنها مشهد مثير للشجن والأسى فى نهاية الفيلم حيث دمى صغيرة موضوعة على أحد شواطئ اليابان لأطفال الماء ونعرف أنهم الأطفال الذين ماتوا أو لم يولدوا حتى أو الأطفال الذين تحلم المرأة فى خيالها أن تنجبهم يوما ما ، وبينما تتشارك المخرجة الهولندية تجربتها مع سيدة يابانية نكتشف أن تجربة الأنثى واحدة مهما إختلفت الأوطان واللغات. ومن فيلم أطفال الماء وهو فيلم يمكننى أن أصفه بأنه فيلم " شديدة النسائية " إلى فيلم " جمر" وهو إنتاج مشترك بين أرمينيا ولبنان وهو فيلم يتناول حياة السيدة توما وهى جدة مخرجة الفيلم التى قررت لسبب لاتعرفه أن تقوم بعمل فيلم عن تلك الجدة الراحلة ربما لأنها إشتاقت لها وربما لكى تعرف أكثر عن الزمن التى عاشت فيه ،وتقرر المخرجة الشابة أن تقوم بعمل لقاءات مع جميع أصدقاء جدتها العجائز والمائي مازلن على قيد الحياة لتحاول أن تضيف منهن تفاصيل جديدة لصورة جدتها التى في خيالها ، تلك الجدة التى كانت تمارس نشاطا سياسيا أيام كان الإتحاد السوفيتى قوة عظمى .. ونرى من خلال الفيلم أن الجدة قوية الشخصية التى رحلت قد رحلت معها أيام المجد والقوة للإتحاد السوفيتى وكأن قصتها رثاء لأيام كان فيها الوطن أفضل .. ومن عالم المرأة الناضجة التى تكون قد إكتملت خصوصيتها عن الرجل إلى عالم المرأة الطفلة الذى تبدأ فيه ملامح تلك الخصوصية فى التشكل ، وذلك من خلال الفيلم التسجيلى " لعب عيال" والذى عرضت من خلاله المخرجة التسجيلية الكبيرة نبيهة لطفى ألعاب الأطفال بصفة عامة فى إحدى قرى محافظة المنوفية مع التركيز بشكل أكبر على ألعاب البنات الصغيرات وأحلامهن فى سن يبدأن فيه رحلة إنعزالهن فى عالم الطفولة المبكرة فقبلها لم تكن قد تشكلت الإختلافات بينهن وبين الأطفال الذكور ، وبدءا من تلك السن التى يدركن فيها أنهن مختلفات يبدأن فى صنع عرائسهن التى لها شعر طويل من البوص ويلعبن ألعابا خاصة بهن . وفى نظرة مغايرة تماما لكل ماسبق يأتى الفيلم الأسبانى " طيران" وهو الفيلم الذى يسخر من الفروق بين الرجل والمرأة ويعتبرها وهمية، ففى بداية الفيلم تطالعنا صورة لكوكب الأرض إلتقطتها وكالة ناسا مع رسالة صوتية موضحة تقول " هذه الصورة تبدو فيها الأرض وحدة متسقة متناغمة ولاتظهر فيها الخطوط الوهمية التى اخترعناها بين الدول والتى تعبر عن الرغبة المستمرة فى سيطرة الإنسان على أخيه الآخر ".. ثم تبدأ أحداث الفيلم بلحظة دخول مجموعة من الطلاب الأسبان الذكور والإناث الأكاديمية الجوية حيث القواعد الصارمة التى لاتفرق الذكور والإناث والتى لا نلحظ فيها إختلافات بين الرجل والمرأة فالكل سواء فى المواد التى يدرسونها والكل سواء فى الزى والخوذة والكل سواء فى الإرتباك والرهبة فى محاولة الطيران الأولى والكل سواء فى تناول نفس الطعام وينتهى الحال بأن نرى الزملاء فى الأكاديمية بدون أى إختلاف يذكر .. ويسخر الفيلم من الفروق بين الرجل والمرأة من خلال حوار بين إثنتين من الضباط الإناث وهن يتندرن على الأيام التى كانت معلمة الباليه تلف لهن شعرهن كحكة فى ساعتين بينما الآن يقمن هن بلف شعرهن فى أقل من نصف دقيقة وكأن الفروق التى بين الرجل والمرأة مثلها مثل الفروق بين الدول والبلدان السبب الأول لوجودها هو رغبة طرف فى السيطرة على الآخر وأن الإختلافات بين جنس الإنسان بنوعية شكلية .