استدعت ألمانيا السفير الأمريكي، الخميس 25 أكتوبر، - في واقعة نادرة يصعب تذكر مثيل لها. وكان الاستدعاء بخصوص الشكوك المثارة بأن واشنطن راقبت هاتف المستشارة انجيلا ميركل في أسوأ خلاف بين الحليفين الوثيقين منذ عشر سنوات. وقالت ميركل التي كانت تحضر قمة للزعماء الأوروبيين في بروكسل إن الحادث بدد ثقة ألمانيا في الولاياتالمتحدة. وقالت "الأمر لا يتعلق بي فحسب وإنما بكل مواطن ألماني"، وأضافت "التجسس بين الأصدقاء غير مقبول علي الإطلاق." ولم ينكر البيت الأبيض المراقبة قائلا إن ذلك لن يحدث في المستقبل، وتحدث الرئيس باراك أوباما مع ميركل لطمأنتها بأنها لا تخضع في الوقت الحالي للمراقبة. وأشار وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيلة إلي أن واشنطن ربما خدعت برلين فيما يتعلق بنطاق برنامج التجسس السري الذي كشفه في وقت سابق هذا العام المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي الأمريكية إدوارد سنودن الهارب الآن. وقال الوزير الألماني "في الصيف تلقينا تفسيرات وتطمينات"، وقال "ومسألة هل يمكننا تصديق هذه التفسيرات والتطمينات يجب تمحيصها مرة أخري" وأقدم فسترفيلة علي خطوة غير مألوفة بأن جعل جزءا من تصريحه باللغة الإنجليزية كي تكون الرسالة الموجهة لواشنطن "واضحة تماما". وأشار بعض المسؤولين إلي أن الخلاف قد يعطل مفاوضات الاتحاد الأوروبي مع الولاياتالمتحدة بشأن اتفاقية للتجارة الحرة لكن آخرين قللوا من شأن ذلك الاحتمال، ومراقبة الدولة قضية شديدة الحساسية في بلد مسكون بذكريات عن تنصت جهاز الشرطة السرية في ألمانياالشرقية حيث نشأت ميركل. وأصاب الخبر كثيرا من الألمان بصدمة لاسيما أنه جاء بعد أربعة أشهر من زيارة أوباما لميركل في برلين في ذكري مرور 50 عاما علي كلمة جون كنيدي الشهيرة. وأشاد أوباما آنذاك بألمانيا كواحدة من أقرب شركاء واشنطن. وقال بعض الألمان إنهم يعتبرون هذا التنصت خيانة للبلد الذي تحمل النصيب الأكبر في الدفاع عن ألمانياالغربية الديمقراطية من الشيوعية المدعومة من السوفيت إبان الحرب الباردة. وجاء الكشف عن التجسس من خلال مجلة دير شبيجل الألمانية الأسبوعية التي حصلت وفقا لما ذكره مسؤولون علي وثيقة لوكالة الأمن القومي الأمريكية عليها رقم الهاتف المحمول الخاص بميركل وعرضت على مكتبها الذي فحصها من خلال المخابرات الألمانية. وخلص المسؤولون إلى أن الوثيقة صحيحة الأمر الذي دفع ميركل لمواجهة أوباما بخصوصها في مكالمة تليفونية يوم الأربعاء. ولم يكن الرد مطمئنا للألمان، وكل ما قاله البيت الأبيض إن الولاياتالمتحدة "لا تراقب اتصالات المستشارة ولن تفعل ذلك" لكنه لم ينكر أنه ربما جرى التجسس على المستشارة في الماضي. وقال متحدث باسم البيت الأبيض "لن نعلق علنا على كل نشاط مزعوم للمخابرات." وقالت ميركل "نحتاج إلى أن نثق في حلفائنا وشركائنا وهذه الثقة يجب أن يعاد بناؤها مرة أخرى." وقال رونالد بوفالا رئيس مكتب ميركل إن ألمانيا ستطلب التوصل إلى "اتفاق لحظر التجسس" يحدد قواعد التعاون بين أجهزة المخابرات. ومن المقرر أن تبدأ المحادثات في وقت لاحق من هذا الشهر. وقال وزير الدفاع الألماني توماس دي مايتسيره للتلفزيون الألماني إن الأمريكيين لا يزالون أفضل أصدقاء لألمانيا لكنه وصف مراقبة التليفون بأنها "لا تمر" ، والحادث اختبار لسفير الولاياتالمتحدة لدى ألمانيا جون بي.ايمرسون الذي وصل إلى برلين قبل شهرين. وذكرت تقارير إعلامية ألمانية إن مصادر أمنية ألمانية تعتقد أن السفارة لعبت دورا في مراقبة هاتف ميركل. ولم يتسن الاتصال بأحد في السفارة للتعليق. ولم يكن في وسع وزارة الخارجية الألمانية أن تذكر لرويترز آخر مرة استدعي فيها السفير الأمريكي للتشاور مع وزير الخارجية الألماني وهو أقوى إجراء للتعبير عن عدم الرضا عن الأداء الدبلوماسي وهي خطوة تسبق مطالبة السفير بمغادرة البلاد مباشرة.