أثبتت الباحثه رقية الشبراوي ابراهيم المدرس المساعد بشعبة اللغات الشرقية بالقسم الفارسى بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر أن الفن الشعري من أشهر الفنون الأدبية ، وأوسعها انتشاراً، فهو الصورة التعبيرية الأولى التي ظهرت في حياة الإنسان، وكانت دوماً سلاحاً مهماً في التعبير عن الأهداف العامة للبلاد . وأشارت فى دراستها العلمية عن - شعر الشاعرة الإيرانية طاهرة صفار زاده - لنيل درجة الدكتوراة إلى أن المسرح الشعري في إيران شهد عددٍ من الشاعرات الثائرات اللائي لمع نجمهن على الساحة الأدبية سواء كان قبل الثورة الإسلامية أو بعدها، وأبدعن بعطائهن الوفير، من خلال قوالب مختلفة، وموضوعات شتى . موضحة أن اختيارها للبحث يرجع الى التعرف على فكر ورؤى المرأة الإيرانية، خاصة بعد الثورة الإسلامية وكذلك توضيح دور المرأة الإيرانية في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية ،والذى لا يقل في حمل لواء البسالة والشجاعة والإصلاح عن دور الرجل ، ولكنهما يعملان سوياً للنهوض بالمجتمع وتقدمه. وتوصلت الباحثه فى بحثها أن نشأة طاهرة في أسرة ذات علم ودين كان لها أثر بالغ في تكوينها الثقافي والفكري ، وباعتبارها واحدة من جيل الثورة ، ومن المؤيدين لها فقد ركزت في أعمالها على التغير والإصلاح مستلهمة من الدين قيمه وأفكاره . وكان الشعر إحدى وسائلها لتعميق هذا الاتجاه . وكشفت الدراسة قدرة الشاعرة في تصوير العديد مما كان يموج في عصرها من وقائع وأحداث على كافة المستويات[ السياسية – والاجتماعية – والثقافية والفكرية] وذلك وفقاً لرؤيتها لتلك الأحداث التي التزمت الشاعرة فيها بالمصداقية والواقعية ، الأمر الذي لفت إليها الأنظار و تبين على نطاق المضامين السياسية أنها وفقت – إلى حد بعيد – في تصوير ما تعرض له وطنها من معاناة وبخاصة مما آلت إليه البلاد نتيجة للاستعمار والنتائج الوخيمة التي تترتب على وجوده من دمار وهلاك واستنفاذ للثروات ، لذا كانت صيحات الشاعرة ودعوتها لضرورة مجابهة كل يد تحاول أن تعبث بالوطن ومقدراته ، وتستولي على خيراته حتى لووصل الأمر للتضحية والاستشهاد في سبيله . كما تبين من خلال البحث أن الشاعرة لم تكن بمعزل عن الظواهر الواضحة في شعر الثورة ، التي اعتنق مبادئها الكثيرون، وبخاصة تلك التي ترتكز على معركة كربلاء ، وثقافة عاشوراء واستدعاء روحها . أما ما يتعلق بالموضوعات الاجتماعية فقد بدت براعة الشاعرة في تصوير غربة الإنسان عن نفسه وإن تواجد في مجتمعه من خلال المآسي ، وقسوة الحياة التي يحياها الفرد في ظل سلطان القهر، والجهل ، والظلم ، وعلاوة على هذا فقد كشفت النقاب عما ساد المجتمع الإيراني من رذائل من قبيل [ الرشوة – والمحسوبيات ] ولهذا فقد قامت طاهرة بدور الناصح والكاشف حتى يقوّم الإنسان من مساره ، أيضاً حازت قضية العلم والتعلم على قدرٍ من الاهتمام والعناية لدى طاهرة ، فقد حثت ولفتت الأنظار إلى ضرورته ، موضحة مدى أهمية العلم التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع . إلى غير ذلك من الموضوعات التى أشارت الشاعرة إليها . أيضاً بدا جلياً من خلال النماذج الشعرية هتاف الشاعرة للإصلاح وتحفيز الهمم ، ومقاومة الاستبداد والظلم ، فضلاً عن دعوتها إلى إعمال الفكر والعقل، وخاصة عند تعرضها للموضوعات ذات الطابع المذهبي حيث لمست الباحثة التعصب الشديد لدى الشاعرة طاهرة صفار زاده الذي مآله إلى التشيع الصفوي وبخاصة فيما يخص صورة خيرة الخلق بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وآل بيته، وهم أصحابه رضوان الله عليهم وخلفاء الأمة الراشدين من بعده - صلى الله عليه وسلم– وكان هذا يعد موقفاً مناقضاً للشاعرة، فكيف بها تعنى بهموم وأحزان الشعوب والأوطان المقهورة، وفى بعض المواضع تذكر العرب بأنهم كأي شعب من الشعوب المقهورة ومثلهم مثل الإيرانيين، أليس أبو بكر، وعمر- رضي الله عنهما - هذان بعربيين ومن الجنس العربي فكيف تتحدث عنهم( أى العرب) وتعنى بهمومهم، وتقف كأمثالها ممن ينتهجون التشيع الصفوي إيذاء خيرة العرب، أليس هذا بتناقض ؟؟!! ونحن تعلمنا أن صاحب المبادئ لا يسمح له بتجزئتها ؟!! . هذا من جانب . ومن جانب آخر فقد وردت أحاديث كثيرة عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – تشير إلى فضل قيمة وقامة الصحابة رضوان الله عليهم . ومنها على سبيل المثال لا الحصر قوله صلوات الله وسلامه عليه- " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " .ولا شك أن إثارة مثل هذه المواقف يعد نوعاً من زيادة الشقة والخلاف بين المسلمين من أبناء الوطن الواحد ، مما يؤدى إلى إضعاف المسلمين وبلدانهم التى تزخر بالخيرات التى تكون سبباً دوماً لرسوخ قدم المستعمر الذى يقضى على اليابس والأخضر .ولعل ما نلاحظه في عصرنا من تفرقة بين السني والشيعي فى العديد من البلدان العربية خير دليل على هذا ؟!. وقالت الباحثة أن طاهرة تعد إحدى الشاعرات المخضرمات التي عاصرت فترات ما قبل الثورة وما بعدها، ففى السابع والعشرين من عام 1315ه ش / 1936م في مدينة " سيرجان " بمحافظة كرمان جنوب شرق إيران كان ميلادها، تعلمت قراءة القرآن الكريم وتجويده وهى في السادسة من عمرها ، وقد تعلقت بمجالس الذكر والدعاء ، وكانت مولعة بالقراءة وكتابة الشعر منذ نعومة أظفارها .تخرجت من كلية الآداب فى قسم اللغة الإنجليزية من جامعة طهران ثم استكملت دراستها العليا فذهبت إلى انجلترا ثم إلى أمريكا فى جامعة ( ايوا iwa) وحصلت على شهادةMFA Master of Fine Art)=استاد هنرهاى زيبا أي أستاذ الفنون الجميلة)، وهي شهادة تمنح للكتاب والفنانين الذين ينوون التدريس في الجامعة وتعادل شهادة الدكتوراه، وعملت في تلك الجامعة في مجال النقد العلمي والترجمة في قسم اللغة والأدب.وعقب عودتها إلى إيران كان نشاطها السياسى فى الخارج عائقاً أمامها لعدم تعيينها فى جامعات إيران ولكن نظراً لأنها قد اختارت خلال فترة دراستها في أمريكا - مواد في الشعر الحديث، والنقد الأدبي ونقد الترجمة العلمية، ولعدم وجود أساتذة في تلك التخصصات؛ فقد استطاعت أن تحصل على موافقة بتعيينها في الجامعة الوطنية (الشهيد بهشتى حالياً)، إلا أنه تم فصلها من الجامعة عام 1976م ؛ نظراً لاتهامها بكتابة شعر المقاومة الدينية – الأمرالذي لم يرق للحكومة البهلوية آنذاك - ولكنها عادت مرة ثانية بعد انتصار الثورة الإسلامية . وأوضحت الباحثة أنطاهرة صفار زاده أسست مركزاً اسمه (كانون فرهنگى ونهضت اسلامى أي المركز الثقافي للنهضة الإسلامية بدعمٍ من الكتاب الإسلاميين المعروفين مع بداية الحركة الإسلامية، كما تعهدت العديد من هواة الفن فى مجالات عدة، منها: (الرسم، والتصوير، والخط والشعر، والقصة، والمسرح...وغيرها)، وقد أصبح هؤلاء فيما بعد مسئولين ثقافيين في الجمهورية الإسلامية. واختيرت بعد انتصار الثورة الإسلامية عميدةً لكلية الآداب في جامعة الشهيد بهشتي، ثم رئيسة لنفس الجامعة، وقد قدمت خلال هذه المدة مشروع (طرح باز آموزى دبيران أي خطة تدريب المعلمين). وفي عام 1980م عارضت بعض الأقسام تدريس اللغات الأجنبية في إيران، إلا أنه عقب نشر طاهرة صفار زاده للعديد من المقالات، والتي تنتقد فيها طريقة تعليم اللغات الأجنبية في إيران في الأقسام العلمية دعتها لجنة الثورة الثقافية لتولي مسؤولية (برنامجه ريزى زبانهاى خارجى أي تخطيط برنامج اللغات الأجنبية) في جامعات إيران وعكفت في هذا المشروع اثني عشر عاماً في تنقيح النصوص العلمية والكتب اللغوية، وبلغ عدد ما نقحته ستاً وثلاثين كتاباً من ثمانين كتاباً . وتوفيت الدكتورة طاهرة صفار زاده بعد فترة من المرض، وإثر عملية دماغية يوم السبت الموافق 26من شهر أكتوبر عام 2008م الموافق بالتقويم الإيراني4 آبان لعام 1387ه ش عن عمر يناهز اثنتين وسبعين عاماً في مستشفى ايرانمهر بالعاصمة طهران، وشيعت جنازتها من مسجد جامعة طهران وشارك عدد غفير من كبار المسئولين والمثقفين والمفكرين في الدولة. ومن جانبها قررت لجنة الحكم والمناقشة التى تكونت من الدكتور عبد العزيز مصطفى بقوش أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة والدكتورة آمال على حسن سلامة أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بالكلية والدكتورة زكية الشربينى أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بالكلية والدكتورة آمال حمزة عبدالله أستاذ اللغة الفارسية وآدابها المساعد بالكلية منح الباحثة درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى وقالت ان الرسالة وما بها من محتوى علمى تعتبر إضافة جديدة فى مجال اللغة الفارسية وآدابها حيث تناولت بالبحث والتحليل والترجمة – أعمال شاعرة ثائرة بحق رائدة من رواد الشعر النسائى الإيرانى ، وعلم من الأعلام على طريق الحرية والاستقلال وشاعرة مؤمنة من الطراز الأول ، من الشاعرات المؤمنات العارفة بتعاليم الدين الإسلامى الحنيف ، وقد انتهجت الطالبة المنهج العلمى السليم فى كتابة الرسائل العلمية .