تلف ماكينات الدخول والخروج.. انتشار الباعة الجائلين.. تعطل القطارات وتوقفها.. عدم انتظام زمن التقاطر.. سير الركاب عبر القضبان.. تكدس الركاب على الأرصفة.. زحام على شباك التذاكر.. تدني مستوي النظافة.. تلك هي المشكلات التي يعاني منها مترو الأنفاق حاليًا. وعندما كانت إدارة الشركة الفرنسية تتولى إدارة المترو كان هناك إنتظام وإلتزام ونظافة ودقة في المواعيد، ولكن عندما تولت الشركة المصرية المسئولية ظهرت تلك المشكلات، مما أدى إلى التردى الحضاري للخدمات لدرجة يمكن القول معها بأن المترو أصيب بالشيخوخة المبكرة كأهم وسيلة مواصلات فى مصر. إذا كنت أحد ركاب مترو الأنفاق فأنت على موعد يومي مع المتاعب تصاحبك أثناء رحلتك منذ دخولك محطة المترو وحتى خروجك منه خاصة اذا طالت مسافة الرحلة.. فتشاهد الباعة الجائلين ينتشرون على أبواب المترو وعلى سلالم المحطات.. وتلاحظ عدم نظافة الأرضيات والسلالم والعربات.. وستجد الملصقات الإعلانية تشوه عربات المترو والمحطات. وستجد أمامك طفلًا يرمي على رجليك لبان أو مناديل أو يعطيك ورقة مكتوبا عليها بعض الجمل الإستعطافية مثلا "الي أهل الخير..ربي أعلم بحالي.. محتاج مساعدة"، أو تصعد سيدة تحمل روشتة علاج وبعض الأدوية وتعلن إصابتها بأحد الامراض وتتمكن من الحصول علي اي مساعدة من راكبي المترو... . وماكينات الدخول والخروج لا تعمل بشكل جيد، مما أدى لظهور ظاهر "براميل المترو"، وهو برميل صاج يوضع بجوار بوابات الدخول والخروج حتى يضع الركاب التذاكر المنتهية لتعطل البوابات الإلكترونية. وأدت تلك الظاهر في تسرب العديد من الدخول والخروج بدون تذاكر، وبالطبع خسارة مادية لدخل المترو تقدر بالملايين. وهناك أيضا ظاهرة لم تكن موجودة قبل ذلك وهي قيام السائقين بإيقاف القطارات والتحدث مع العاملين في المحطة مما يتسبب في تعطيل حركة القطارات لعدة دقائق في كل مرة. ستعاني أيضًا عزيزي الراكب من عدم التهوية الكافية داخل القطارات، وسوف تتصبب عرقًا وتضيق نفسًا ولا تجد موطيء قدم تقف فيه وتشم روائح العرق بمختلف أنواعها.. لتعاني من حالة مزاجية سيئة وتشعر بأنك مثل "الفرخة الدايخة" تريد أن تخرج من العشة بأسرع وقت ممكن حتى تسترد آدميتك التي فقدتها منذ ركوبك المترو وحتى تشعر بالحياة مرة أخرى. وإذا كنت "سعيد الحظ أكثر" فقد يتوقف القطار فجأة ليعلن المذيع الداخلي عن عطل فني قد يستمر لأكثر من نصف ساعة. وبين الحين والآخر.. تنشب المشادات الكلامية الساخنة بين الركاب بسبب التدافع نحو أبواب المترو والتزاحم داخل العربات، وعدم التزام الركاب بأبواب الصعود والخروج، وقد تتطور المشادات في بعض الأحيان إلى اشتباكات بالأيدي. ونشبت حرائق عديدة بالمترو في الآونة الأخيرة، آخرها في محطتي حلمية الزيتون ودار السلام، وشب حريق في وحدة المولدات الكهربية بالمرج أسفر عن تدمير غرفة التحكم وأثر علي حركة القطارات يوما كاملاً، وأيضا الهبوط الأرضى الذي حدث بمحطة المعادي. كما شهدت عدة محطات وخاصة بعد الثورة، سرقة الكابلات المغذية للشبكة الكهربائية المسئولة عن تسيير حركة القطارات بها، وخروج المترو أكثر من مرة عن القضبان في نهاية الخط الاول. ويقتحم الرجال العربات المخصصة للسيدات بأعداد كبيرة بشكل يومي، ولم تتمكن الراكبات من التصدي لهم بسبب تكدسهم الغير عادي. وتتعالى هتافات السيدات المتواجدات داخل العربات المخصصة لهم ممتزجة بالصرخات "اخرجوا من هنا"، ولكن دون جدوى.. فالكثير من الرجال الراكبين معهن مضطرين للركوب داخل عرباتهن بسبب إكتظاظ العربات الأخرى.. وآخرين يقتنصون الفرصة للتحرش بهن. نعم تلك هي الحقيقة التي يعانيها ركاب المترو يوميًا، في ظل إنفلات أمني واضح بالمحطات، حيث لا نجد راقبة من أمن المترو على الأرصفة أو عند أبواب المحطة. وإذا لم يتحرك أحد من المسئولين سوف تزداد معاناة الركاب أكثر وأكثر.. حتى نجد أنفسنا نرتدي بدلة غوص لنسبح في زحام المترو، أو ربما نجد أكشاك ومحلات داخل عربة المترو وبالمحطات. وقالت مروه إنها تعرضت للسرقة داخل مترو الانفاق نظرا للزحام الشديد داخل عربات السيدات وتحديدا في الفترة الصباحية وهي الفترة الاكثر ازدحاما نظرا لمواعيد العمل والمدارس والجامعات. وأضاف أحمد غريب أن المسئولية مشتركة بين المواطنين والمسئولين فالمواطنون أيضا نادرا ما يلتزمون بالتعليمات داخل المترو فمثلا أبواب الصعود والنزول لا يلتزم بها سوي القليل وهذا يؤدي في كثير من الاحيان الي كثرة الزحام وبالتالي كثرة المشاجرات وأحيانا قد يتم إيذاء البعض اذا ما تم غلق الباب علي أحدهم. وقال نور محمد " الخط الثالث يعد من أفضل الخطوط في التكييف والنضافة يمكن علشان لسه جديد، بس انا بحب اركبه، وياريت الخطوط كلها تبقى كده، انا لما بيغير في محطة العتبة عشان أركب الخط الثالث بحس اني كنت في نار وبعدين روحت على الجنة". هذا استعراض سريع لهموم راكبي المترو، هذا الجهاز الذي كان نقلة في الحركة داخل القاهرة، ومثالا للانضباط، حتى أصبح متردياً في خدماته، وأصبح وسيلة لتعذيب ملايين المواطنين، كل هذا يدعو إلى التساؤل هل وصل مترو الانفاق لمرحلة الشيخوخة المبركة؟؟.