فجأة انتشرت وراجت شائعة عن إسلام الكاتب الصحفي الكبير موسي صبري في الايام الاخيرة من حياته! وجاء في تفاصيل الشائعة المثيرة : إن موسي صبري أثناء علاجه في باريس طلب أن يزوره العالم الإسلامي الدكتور أحمد عمر هاشم.. وعندما تمت المقابلة، شهد الدكتور عمر هاشم إسلام موسي صبري.. إلا أن الكاتب الكبير طلب إليه ألا يبوح بهذا السر الخطير لاعتبارات كثيرة! وانتقلت الشائعات هنا.. وهناك! فلم تكن تلك المرة الأولى التي تكثر فيها الشائعات عن اعتناق موسي صبري الإسلام.. أثير الأمر مرات عديدة.. ثلاث مرات في حياته.. والرابعة عند وفاته!.. بل ألمح بعض الكتاب ومراسلي الصحف بإيحاءات لها معنى ومغزى.. فالحكايات كثيرة.. والشائعات مثيرة.. والحقائق أكثر إثارة! لابد أن للحكاية.. بداية.. والبداية انطلقت شرارتها الأولى من الولاياتالمتحدةالأمريكية في منتصف الخمسينات (!).. عندما رشحت الشائعات الصحفي موسي صبري للزواج من راقصة معروفة!.. وبدأت الأخبار تتواتر عن غرام ملتهب شب في قلب الصحفي الموهوب والراقصة المشهورة منذ أن كانا في القاهرة.. وكانت الراقصة في أوج شهرتها ونضرة شبابها يتسابق نجوم المجتمع لخطب ودها.. ونيل رضاها.. والفوز بقلبها.. وزاد من ولع كبار الشخصيات بغرامها أنها لم تجعل عواطفها حكرا على رجل بعينه.. ولم تبع جمالها ولم تتجر في سحر جسدها.. كانت كالسيف الحاد في حياتها الخاصة.. وكالتيار الكهربائي الصاعق فوق خشبة المسرح.. حياتها غريبة.. سلوكها أغرب.. لا تلوك الألسنة بسيرتها.. ولا تعبث الشائعات بسمعتها.. رغم مهنتها الحساسة في المجتمعات الشرقية إلا أن أخلاقها لم تكن تتلوى كجسدها المبهر.. لم يكن غريبا أن يطلبها نجوم المجتمع للزواج علنا.. كل واحد منهم جعل من غرامه بها برنامج عمل كمرشحي الانتخابات.. كل واحد من عشاقها ناله منها صدمة أو أزمة أو صفعة جعلتهم يشعرون جميعا أنها في غني عنهم، وعن مناصبهم، وشهرتهم، وثروتهم.. فزادوا إصرارا علي غرامها وطمعا في يدها!.. وقيل إنها تعاملت معهم بطريقة تصفيات كأس العالم.. فلم تسمح من بين كوكبة النجوم والشخصيات العامة إلا بصاحب منصب ومقام رفيع، وموسي صبري الصحفي اللامع ليقتربا منها.. وتفاصل بينهما.. وتختار أحدهما شريكا لحياتها.. وعندما سافرت إلى أمريكا.. تواجد الاثنان هناك.. موسي صبري وصاحب المنصب الرفيع.. ربما تواجدا صدفة.. وربما عن عمد مع سبق الإصرار! كان الاثنان يعرفان أنهما غريمان في حبها.. وأنهما وصلا معا إلى نهائى قلبها.. وأن أحدهما لابد أن يفوز وحده بها.. ويمتلكها لنفسه، ويتوج نفسه ملكا عليها!.. وكانت هي الأخرى تعلم بأنها في موقف لا تحسد عليه.. فهي امرأة واحدة لكنها تفكر بعقلين، ويتصارع في صدرها قلبان!.. امرأة مقسمة إلى شطرين.. احدهما يري صاحب المنصب الرفيع جديرا بالارتباط بها، فهي تحبه بقلبها.. والمرأة تميل إلى حسابات القلب مهما أخطأت.. والثاني يري أن الارتباط بصحفي لامع مثل موسي صبري متعة لا تعادلها متع الدنيا.. فهي تحبه بعقلها.. وعقل المرأة كثيرا ما ينشط، وكثيرا ما يتكاسل ويغيب عن الوعي! وأخيرا وجدت الراقصة المعروفة فرصة عمرها في الاختيار! شب خلاف كبير بينها وبين صاحب المقام الرفيع الذي أصر على اعتزالها الرقص قبل أن تضع في يدها دبلة زواجها منه.. فلا يليق باسمه.. ولا مكانته.. ولا أسرته، أن يرتبط براقصة رباطا أبديا.. كونها راقصة سابقة قد يخفف من الأمر ويهون من المصيبة ويخرس بعض الألسنة!.. أصر صاحب المقام الرفيع على موقفه.. ركب رأسه.. فلم ترضخ المحبوبة.. هددها فلم تستجيب.. أخبرها أنه عائد إلى القاهرة.. فردت عليه دون تردد: "مع ألف سلامة يا من كنت حبيبي!".. عاندها وسافر.. تركها وحدها وخرج من المنافسة مع غريمه الصحفي اللامع!.. ووجدتها هي فرصة عمرها.. لقد حل لها الزمن مشكلتها.. الزمن هو الاخصائي الوحيد في علاج المشكلات المزمنة.. والعواطف المتوترة.. والغراميات المعقدة!.. اقتربت أكثر من موسي صبري.. صارحته بأنها كانت تكبح أحاسيسها نحوه.. وتعتقل مشاعرها.. وتؤدب عواطفها كيلا تغرق في حبها لشوشتها(!).. سألها لماذا ترفض حبه بينما هي في الواقع تحبه؟!.. أجابته بوضوح أنها مسلمة.. وأنه ليس من ديانتها ولا يصلح للزواج منها!.. تهلل وجهه.. أخبرها أنها ستسمع عنه خيرا في اليوم التالي.. انصرف عنها وهو يسابق فرحته.. اختفي عنها حتي تأكدت من صدق وعده.. وطهارة حبه. وشهامة مواقفه.. علمت أنه ذهب إلى السفارة المصرية في واشنطن وطلب ان يشهر اسلامه للزواج منها.. والفوز بأمنية عمره! لكن الرياح لا تأتي دائما بما تشتهي السفن! علم صاحب المنصف الرفيع بما حدث في أمريكا بعد سفره.. جن جنونه.. أحس أن مظاهرة في صدره يقودها قلبه تطالب بمحاكمته وإعدامه والحكم عليه بالسفه والغفلة.. أيقن أنه أضاع حبيبة قلبه وفارسة أحلامه من بين يديه.. تحركت الدموع في عينيه.. كيف يفوز بها غريمه، وهو الذي بات الليالي ساهرا لا يبوح طيفها خياله.. كيف يمتلكها الصحفي اللامع مدي الحياة، وهو أسير هواها الذي لم يترك مكانا ترقص فيه إلا وحجز لنفسه مقعدا فيه. صعب على الرجل أن يخطف صديقه حبيبته من بين ذراعيه!.. أبرق صاحب المقام الرفيع إليها يعتذر ويتأسف ويندم.. توسل إليها أن تقابله قبل أن تتزوج موسي صبري.. ولو لقاء واحدا.. بعده تأخذ قرارها!.. وصلتها البرقية.. ولأنها تحبه فرحت بها.. وتأسفت على موسي صبري.. أحست أن زواجها من موسي لن يسعد به غير موسي صبري.. أما هي وصاحب المقام الرفيع فسوف يشقيان ما بقي لهما من عمر.. اتخذت قرارا صعبا.. ذهبت إلى موسي صبري.. وقفت أمامه وهي تتمني لو انشقت الأرض وابتلعتها.. صارحته بأن الطائر المربوط من أحد جناحيه لا يستطيع أن يحلق بعيدا.. ولأنها تحب صاحب المقام الرفيع لم تستطع أن تمضي مع موسي صبري إلى نهاية المطاف.. أخرجت البرقية من حقيبتها وسلمتها للصحفي الموهوب.. كل حرف في البرقية كان يجذب دمعة من عيون موسي صبري.. همس لها في نبرات متوهجة أن غدرها به أرحم من خيانتها له.. وأن جرح الفراق أهون من زواج لا تحترمه المرأة.. آلام الحبيب قد يتحملها.. أما خيانة الزوجة فقد لا تحتمل! وعاد موسي صبري إلى القاهرة بعد أيام من عودة الراقصة المعروفة.. وفوجيء الوسط الفني والمجتمع المصري بزواجها من صاحب المقام الرفيع واعتزالها الرقص!.. أما موسي صبري فوجد الحكايات في انتظاره.. غرامه الضائع.. إسلامه في السفارة المصرية.. غدر الراقصة وطردها له من جنة غرامها.. إلا أن موسي صبري وصف كل ما سمعه بأنه شائعات لا أساس لها من الصحة!