وزير التموين: طالبت بزيادة السكر التمويني من 12.6 إلى 18 جنيها    المصيلحي يكشف سبب حذف 20 مليون بطاقة تموينية وعدم إضافة المواليد    وزير الدفاع الصيني: منفتحون على إجراء اتصالات عسكرية مع واشنطن ونعمل بكل قوة لمنع استقلال تايوان    الأونروا تعلق عملها في رفح وتنتقل إلى خان يونس    عمرو السولية: معلول ينتظر تقدير الأهلي وغير قلق بشأن التجديد    الزمالك يدافع عن شيكابالا بسبب الأزمات المستمرة    الأرصاد تحذر من طقس اليوم ثاني أيام الموجة شديدة الحرارة    أول تعليق من كريس إيفانز عن صورة توقيعه على صاروخ إسرائيلي متجه ل غزة (صور)    اعتقال 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بروكلين بنيويورك    11 تصريحا من وزير التعليم بشأن امتحانات الثانوية العامة.. ماذا قال؟    «خبرة كبيرة جدًا».. عمرو السولية: الأهلي يحتاج التعاقد مع هذا اللاعب    أحمد موسى: الدولة تتحمل 105 قروش في الرغيف حتى بعد الزيادة الأخيرة    براتب 50 ألف جنيه شهريا.. الإعلان عن فرص عمل للمصريين في الإمارات    أنشيلوتي: لست مغرورًا.. وحققنا لقب دوري الأبطال هذا الموسم بسهولة    مدحت شلبي يكشف 3 صفقات سوبر على أعتاب الأهلي    عمرو أدهم يكشف آخر تطورات قضايا "بوطيب وساسي وباتشيكو".. وموقف الزمالك من إيقاف القيد    جريحان جراء غارات إسرائيلية عنيفة على عدة بلدات لبنانية    أستاذ اقتصاد: «فيه بوابين دخلهم 30 ألف جنيه» ويجب تحويل الدعم من عيني لنقدي (فيديو)    متغيبة من 3 أيام...العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة في قنا    تشيلي تنضم إلى جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل    الصحة تكشف حقيقة رفع الدعم عن المستشفيات الحكومية    حميميم: القوات الجوية الروسية تقصف قاعدتين للمسلحين في سوريا    عيار 21 بالمصنعية بكام الآن؟.. أسعار الذهب اليوم الأحد 2 يونيو 2024 بالصاغة بعد الانخفاض الجديد    أمير الكويت يصدر أمرا بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح وليا للعهد    17 جمعية عربية تعلن انضمامها لاتحاد القبائل وتأييدها لموقف القيادة السياسية الرافض للتهجير    إجراء جديد من محمد الشيبي بعد عقوبة اتحاد الكرة    حريق في عقار بمصر الجديدة.. والحماية المدنية تُسيطر عليه    رئيس اتحاد الكرة السابق: لجوء الشيبي للقضاء ضد الشحات لا يجوز    بالصور.. البابا تواضروس يشهد احتفالية «أم الدنيا» في عيد دخول المسيح أرض مصر    الشرقية تحتفل بمرور العائلة المقدسة من تل بسطا فى الزقازيق.. فيديو    من شوارع هولندا.. أحمد حلمي يدعم القضية الفلسطينية على طريقته الخاصة (صور)    زاهي حواس يعلق على عرض جماجم مصرية أثرية للبيع في متحف إنجليزي    بعد حديث «حجازي» عن ملامح تطوير الثانوية العامة الجديدة.. المميزات والعيوب؟    دراسة حديثة تحذر.. "الوشم" يعزز الإصابة بهذا النوع من السرطان    باستخدام البلسم.. طريقة سحرية لكي الملابس دون الحاجة «للمكواه»    طبيب مصري أجرى عملية بغزة: سفري للقطاع شبيه بالسفر لأداء الحج    تعليق من رئيس خطة النواب السابق على الشراكات الدولية لحل المشكلات المتواجدة    قصواء الخلالي: التساؤلات لا تنتهى بعد وقف وزارة الإسكان «التخصيص بالدولار من الخارج»    وزير الخارجية السابق ل قصواء الخلالي: أزمة قطاع غزة جزء من الصراع العربي الإسرائيلي وهي ليست الأولى وبدون حل جذري لن تكون الأخيرة    ضبط 4 متهمين بحوزتهم 12 كيلو حشيش وسلاحين ناريين بكفر الشيخ    الفنان أحمد عبد القوي يقدم استئناف على حبسه بقضية مخدرات    السفير نبيل فهمى: حرب أكتوبر كانت ورقة ضغط على إسرائيل أجبرتهم على التفاوض    حظك اليوم برج السرطان الأحد 2-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم مركبتي توك توك بقنا    موازنة النواب: الديون المحلية والأجنبية 16 تريليون جنيه    سعر الموز والعنب والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 2 يونيو 2024    عضو أمناء الحوار الوطني: السياسة الخارجية من أهم مؤشرات نجاح الدولة المصرية    صحة الإسماعيلية: بدء تشغيل حضانات الأطفال بمستشفى التل الكبير    أخبار × 24 ساعة.. أكثر من 6000 ساحة لصلاة عيد الأضحى بالإضافة للمساجد    مجلس حكماء المسلمين: بر الوالدين من أحب الأعمال وأكثرها تقربا إلى الله    مصر تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    تكريم الحاصل على المركز الرابع في مسابقة الأزهر لحفظ القرآن بكفر الشيخ    رئيس جامعة أسيوط يتفقد اختبارات المعهد الفني للتمريض    تعرف على صفة إحرام الرجل والمرأة في الحج    «مفيهاش علمي ولا أدبي».. وزير التعليم يكشف ملامح الثانوية العامة الجديدة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 1-6-2024 في المنيا    شروط ورابط وأوراق التقديم، كل ما تريد معرفته عن مسابقة الأزهر للإيفاد الخارجي 2024    قبل الحج.. تعرف على الطريقة الصحيحة للطواف حول الكعبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة من زوجة خائنة 2 : شاليه المنتزه !!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 09 - 07 - 2013


هل توجد امرأة بلا ماض؟!
امرأة دفتر حياتها ناصع البياض من الغلاف إلي الغلاف.. لم تعرف رجلا في الخفاء.. ولم تجرب همس الليل ولمسات الظلام! يقولون إن هذه المرأة قد تكون موجودة.. لكن في العالم الثالث.. فحسب.. فلا يمكن أن تظهر في أوروبا مثلا حيث يعايرون بنت الأربعة عشر عاما بأنها مازالت عذراء!.. عموما... تمنيت أن يكون لي رأي في هذه القضية الشائكة.. وسنحت لي الفرصة في أيامى الأولي التي عشتها مع المنتج المعروف "حمدي" في شاليه المنتزه بالأسكندرية..
كان حمدي نموذجا مختلفا عن جلال الذي سرق شرفي، وتسترت على جريمته لأسباب قهرية..!!
كان حمدي من أعظم الرجال الذين عرفتهم في حياتي رغم أنه كان أول رجل خدعته وأول رجل ندمت على فراقه!.. كان يشعر بعقدة الذنب لأنه تسبب في خراب بيتي.. وكان مستعدا للتكفير عن هذه الخطيئة بأي ثمن.. وأمسكت بهذه الفرصة بيدي وأسناني!
اشترى لي حمدي أول فستان رائع في حياتي.. وأول زجاجة عطر باريسي.. أرسلني إلى أرقي دور الأزياء والكوافيرات.. اصطحبني إلى أشهر المطاعم والفنادق والقاعات.. جلست إلى جواره في المسرح والأوبرا والسينما.. تعرفت على كبار الشخصيات ونجوم المجتمع دون أن أصدق نفسي وهم ينحنون أمامي أو يمسكون بيدي لطبع قبلة احترام وتقدير لشخصي!.. كنت في البداية أرتجف وأتخيل أنهم سوف يضربونني بالأحذية لو تكشفت حقيقتي أمامهم!
منحني حمدي الثقة بالنفس والجرأة في مواجهة الناس والمجتمعات.. أحاطني بالخبراء الذين دربوني على البروتوكولات.. ونطق الإنجليزية والفرنسية في المناسبات.. بل دعمني بأساتذة اللغة العربية ومدربي الرقص الشرقي والغربي.. ولم ينس تدريبي على ركوب الخيل وقيادة السيارات.. ولا أنسى أبدا يوم أقلعت بي الطائرة وأنا أجلس في المقعد المجاور له أكاد أصرخ خوفا وهلعا وفزعا.. خاصة حينما نظرت من نافذة الطائرة فاكتشفت هذه المسافة الهائلة التي تفصلني عن كوكب الأرض لأول مرة في حياتي.. كنت مبهورة بتلك اللحظة التي تعاليت فيها عن كل سكان الأرض.. هؤلاء الذين امتزج فيهم اللصوص بالشرفاء.. والقتلة بالقتلي.. والظالمون بمن ظلموهم!.. تلك اللحظة التي لم أشعر خلالها بأي وحشة أو اشتياق أو حنين إلى الأرض التي عشت حياتي فوقها حتى الآن بقدر ما كان إحساس جارف ينتابني بأن هذه الأرض لا تستحق مني سوى أن أبصق عليها.. كنوع من التقدير المناسب لكل الجبناء الذين يعيشون فوقها!
كان حمدي يجهزني للنجومية!
يراهن على أني سوف أسحب البساط من تحت أقدام كل النجمات اللاتي سطعن في سماء الفن.. وأدهشني أنه ظل فترة طويلة لا يفكر في أنوثتي.. ولا يحاول الإقتراب من كل الأبواب التي تبدو مواربة، نصف مغلقة .. ونصف مفتوحة!.. كان حمدي مشغولا بالمعسكر الذي أقامه لي بأحد فنادق الخمس نجوم.. وقتى كله كان موزعا بين المدرسين والخبراء الذين استقدمهم لتطويري بأقصى سرعة من بنت البلد إلى بنت ذوات.. أحيانا تحملني سيارة فارهة إلى الكوافير.. وأحيانا أخرى تحملني نفس السيارة إلى بيوت الأزياء.. والعطور.. ومحلات الأحذية التي تباع بأرقام فلكية ولا يشتريها غير أثرياء مصر.. وكنت أجد نفسي في أحيان أخرى شبه مخطوفة داخل سيارة حمدي الحمراء التي تصل بي إلى أحد المطاعم الكبرى فأجده في انتظاري بابتسامة عريضة!.. إلا أن هذا كله أصابني بالقلق، والتوتر، والعصبية، لأنه لم يقترب أبدا من نهري.. ولم يحاول قط أن يرتشف ولو قطرات منه.. أو حتى يتحسس شاطئه وقد صار فوق بركان !
كان يضايقني ويرهق أعصابي أن حمدي يتركني كل ليلة في جناحي داخل الفندق ويمضي حتى أستريح كيلا أستيقظ في الصباح التالي مرهقة الملامح أو متعبة الوجه.. لم تقنعني هذه التبريرات.. لعبت الظنون برأسي.. خاصة هذا الاحتمال الذي توقعت من خلاله أن يكون حمدي رجلا على الأوراق فقط!.. في شهادة الميلاد مثلا.. وأمام الناس.. ربما كان مريضا، أو يعاني من بعض أنواع العجز.. وربما كان يداري بعلاقاته النسائية التي اشتهر بها هذا المرض أو العجز.. لكن هذا الاحتمال لم يقنعني بعد فترة.. فالرجل متزوج.. وله أبناء يشبهونه تماما.. بل سمعت عن هذه الممثلة التي طلقها زوجها بعد أن ضبطها متلبسة بين أحضان حمدي قبل عام واحد من علاقتي معه!
.. ولم تطل دهشتي.. أو حيرتي!
ذات ليلة.. كان حمدي سعيدا لأنني قطعت شوطا رائعا من تدريباتي المرهقة.. أشاد بموهبتي ومهارتي في التجاوب السريع مع ملامح المجتمع الذي يؤهلني له.. أكد لي أنني أذكي امرأة عرفها في حياته.. تحدثنا طويلا عن تاريخ نجمات السينما والرقص اللاتي بدأ معظمهن من تحت الصفر.. بل أقسم لي أني سوف أهزمهن جميعا وانتزع منهن القمة لتكون من نصيبي وحدي.. ثم قال:
أنت يالوسي أعظم وأكبر رهان في حياتي!
بكيت.. واندهش حمدي من دموعي!.. توقف الكلام برهة.. اقترب مني وجذب رأسي إلى أعلى.. كان وجهي مختفيا وراء سحابة كثيفة من الدموع.. وألح حمدي ليعرف سر بكائي.. ووجدت نفسي أهمس له وأنا ألقي برأسي فوق صدره قائلة:
توقعت أن تعتبرني شيئا آخر في حياتك غير الرهان.. وغير التحدي.. تمنيت لو أنك كنت تجهزني لنفسك.. أنا لا أريد مجدا.. لكني أريد رجلا.. لا أريد مالا ولكنى أريد حبا!
صمت حمدي برهة.. ثم تسللت أنامله بين شعري الطويل كأنما تطلب إذنا بموجات أخرى من العبور!.. وأسقط في يدي!.. فالرجل لم يكن يستحق مني هذه المناورة.. أو هذا الخداع.. أو تلك التمثيلية.. لكني لم أجد في طريقي غيره.. هو الصيد الوحيد في البحر الذي قذفتني الحياة بين أمواجه.. إما أن ألتهمه أو أموت.. فالسينما غير مضمونة.. والشهرة غير مؤكدة.. والمال لا يصنع السعادة وحده.. ربما يكون حمدي هو بر الأمان.. لكن ما العمل إذا لم أصل إلى هذا البر قبل أن أغرق؟!.. ليس أقل من أن أعتبره الآن طوق النجاة.. أتشبت به وأدعه يتشبث بي.. لهذا تماديت في ضعفي وهو يضمني إلى صدره.. تواجهت عيوننا.. لكني لم أستطع التركيز في عينيه الواسعتين غير برهة سريعة.. أحاط رأسي بكفي يديه.. هبط بوجهه نحو وجهي في رقة متناهية.. كاد الصمت أن ينطق بيننا..
واختلطت رائحة عطري بعطره حينما تلامست شفتانا في قبلة أعتقد أنها أطول قبلة توحد رجل وامرأة!.. قبلة تمردت علينا وراحت تبوح بأسراري وأسراره فوق شفاه مسلوبة الإرادة.. قبلة كانت تروي كل الأماكن العطشي دون أن تتحرك شفانا من مكانها.. قبلة ثرثارة لا تكاد تنهي حديثا حتى تبدأ آخر.. قبلة تختصر كل المسافات وتنطق بكل اللغات.. تغلي معها الدماء في العروق حتى تفور.. ويلتهب منها الجسد حتى يهدأ..!!
فرضت الحراسة على كياني المضطرب قبل أن يشهر العصيان الجسدي!.. ودون أن يشعر حمدي بما يدور في أعماقي.. سألته في دلال الأنثي المهزومة:
ألا تكفيك هذه القبلة؟
تلون وجهه.. كاد يغضب.. تنهد في حرقة.. نظر نحوي متوجسا.. لكني قاطعته.. قلت ودموعي تسبق كلامي:
الحرام يسمم جسدى .. ربما لا استطيع ان أمنعك لأنى اسيرة لديك .. لكن أرجو أن تسمعني أولا .. أنا أتمناك بكياني كله.. لكن في الحلال.. ربما أبالغ.. وربما أستحق منك أن ترجمني على هذه الجرأة.. لكن هذا ما يدور في أعماقي.. لن أمانعك لو أنك أخذت ما تريد في تلك اللحظة.. لكني سوف أنهار من أعماقي.. سوف أندم على اليوم الذي رأيتك فيه واعتبرته حتى الآن يوم عيدي إلى أن أموت.. انا امرأة تكره السقوط.. ولا أريد أن أجربه على يد الرجل الذي أحببته رغم كل المسافات والحواجز بيننا.. حبي لك طاهر..
تمنيت أن يظل على طهره.. دعه يعيش ولا تقتله بالرغبة .. صدقني يا حمدي إن المرأة قد تحب رجلا وتحلم به يشاركها فراشها.. لكن سرعان ما يتحول هذا الفراش إلى كفن يواري حبها له إلى الأبد.. شيئان يا حمدى لا يجتمعان معا إلا بالزواج.. الجسد والقلب!.. لا يوجد أبدا حب مشترك بين رجل وامرأة في علاقة غير مشروعة.. لكنها الرغبة المحمومة التي تنتحل اسم الحب كما يرتدي مجرم عتيد بدلة ضابط الشرطة ليهرب من مطاردة العدالة!
لا أعرف كيف انسابت الكلمات فوق نفس الشفاه التي كانت تحترق قبل لحظات.. لا أدري كيف نطق بها نفس اللسان الذي كنت أبحث عنه خلال القبلة الطويلة دون أن أحدد مكانه إن كان في فمي أم في فمه!
كان حمدي شاردا.. صدره كان مفعما بالخير.. تحرك ضميره.. أشعل سيجارة وهو يرمقني بنظرة متفحصة.. وسألني كيف أحمل كل هذه الأفكار عن الحرام والحلال وأفكر في حياة المجد والشهرة؟!.. لماذا هربت من زوجي وخربت بيتي ثم جئت أبحث عن الشرف في غرفة نوم يدفع إيجارها رجل آخر؟!
أحسست كأن صاعقة أصابتني.. أحرجتني أسئلة حمدي.. هذا الخجل أفقدني القدرة على النطق.. لكن حمدي شجعني بنظرة حانية وتعليق صغير:
أريد أن أفهمك.. أنا لا أعايرك.. ولا أشك في نواياك.. فقط أريد أن أفهمك!
استجمعت قواي.. وقلت له:
سأقولها لك بصراحة حتى لو خسرت كل شيء.. لقد هربت من حياتي السابقة كلها لأني وثقت فيك.. نعم كنت أحلم بالمجد والشهرة ولا أصدق أني انتقلت بالفعل من حياة السفح إلى القمة.. لكن أحلامي تمادت.. وقلبي طمع فيك.. أحببتك.. وأنت لا تريد أن تصدق أن المرأة التي تحب لو طالت أن تخلع قلبها من صدرها وتهديه لمن تحبه فلن تتردد.. لكنها تخجل أن تخلع أمامه قطعة واحدة من ملابسها.. فما تفعله امرأة مع عشيق لا يليق أبدا بمقام الحبيب!
سرح حمدي.. واسترخى فوق فراشه.. ثم همس لي وكأنه يحدث نفسه:
هذا الجمال الذي أشعر به بين كلماتك ومعانيها أروع ملايين المرات من تلك المتعة التي يمكن لجسد امرأة أن يقدمها لرجل مثلي!.. لكن ماذا ستفعلين أمام عناق وقبلات الأفلام التي ستلعبين بطولتها.. وما خفي ربما يكون أعظم؟!
قلت له:
هل تحررني يا حمدي من أي قيد؟! من كل القيود والأشياء.. استخلصني لنفسك إن شئت.. أو دعني أعيش خادمة شريفة في أي مكان تختاره لي!
وفجر حمدى أكبر مفاجأة من العيار الثقيل هزت كيانى كله حينما همس لى :
تجوزينى ؟!
أكون مدينة لك بعمري كله.!
فرحة طاغية كانت تطل من وجهي ووجهه.. ووجدت نفسي أستطرد قائلة: سوف أكون زوجتك وجاريتك معا.. رسالتي الوحيدة أن أسعدك.. سوف أجمع لك كل نساء العالم فوق فراش الزوجية.. سأكون مطربتك في الصباح.. وراقصتك في الليل.. ونديمتك في النهار.. سوفأكون كتابا يشدك دون أن تجد فيه صفحة تشبه الأخرى.. أو سطرا يسبق آخر .. أو يتأخر عنه.. لن تمل قراءتي أبدا.. ولن تنتهي الفصول إلا بمغادرة روحي لهذا الجسد الذي حررته!
وراح حمدي يحتويني بين ذراعيه في عناق رومانسي منزوع الرغبة.. عناق بالذخيرة غير الحية!.. عناق هدأت معه العاصفة.. واستراحت الأعصاب بعده.. وراح كلانا يروي للآخر كل تفاصيل وأسرار حياته حتى أشرق الصباح.. واعترف أنه كان أكثر مني صراحة.. ووضوحا.. وصدقا.. بل أعترف أنها كانت ليلة تاريخية في حياتي ركبت فيها سفينة الحظ دون أن أبتل!.. ودون حتى أن أدفع ثمن التذكرة!
تزوجنا في حفل محدود.. لكن فرحتي كانت بلا حدود ! ..
كان حمدي كتابا مفتوحا بعد زواجنا.. حكى لي عن زوجته الريفية التي لم تخرج من بيت الزوجية أبدا.. وكيف بدأ تجارته ومشروعاته بالميراث الكبير الذي منحته له زوجته عن طيب خاطر.. صارحني بحبه لها وإن تحول مع الوقت إلى اعتياد صارت معه كل لقاءاته بزوجته بلا طعم على حد تعبيره.. لكنه كان حريصا على تأكيد أنه لم يظلمها قط.. لقد طارده الرزق واتسعت أمواله وتدفقت عليه الأرباح من كل جهة حتى أعاد إليها ميراثها.. ورغم المبلغ الهائل الذي رده لزوجته ظل مليونيرا لا يعرف على وجه التحديد حجم أمواله في البنوك.. ولا مكاسبه التي تتحقق ساعة بعد ساعة!
كان لعابي يسيل وأنا أسمع.. وكان عقلي يخطط وأنا أسرح للحظات خاطفة.. بينما كان حمدي قد صار أسيرا في مملكة حبي التي جعلته يشعر أنه الإمبراطور الوحيد عليها!
اصبح حمدى هو كل دنياى.. فهو الرجل الذي اخترعني واكتشفني وجذبني من القاع.. كل يوم يمر كان قصة حب منفصلة متصلة .. .. ومضى بنا الربيع مع لياليه الرائعة إلى بداية فصل جديد ! .. .. في الصيف انتقلنا إلى شاليه المنتزه!.. وهناك بدأ فصل جديد من حياتي!
داخل شاليه المنتزه عشت جانبا من أحلى أيامي.. كان أصدقاء حمدي من النجوم والشخصيات المعروفة يترددون على الشاليه منذ غروب الشمس وحتى الفجر.. صارحهم حمدي منذ البداية بأنه تزوجني.. بل تعمد أن يصل الخبر إلى زوجته التي لا تحرك ساكنا في أي مناسبة.. ولسوء حظي أنها تذكرت أخيرا أنها أنثى حينما علمت بزواج حمدي مني.. طار صوابها حينما وصفوني لها.. اتهمتني بأنني لطشت ثروة زوجها.. ووصفتني بأننى صائدة الرجال.. وأشاعت عني حكايات تنتهي دائما بأن مباحث الآداب تترصدني وسجن النساء يحفظني..
وكان عزائي الوحيد أن حمدي كان يهدئ من روعي بالمكافآت المالية والهدايا التي يغدق بها علىّ من مصوغات الذهب والسولتير والألماظ.. بل كثيرا ما كان يدعم رصيدي في البنك كلما تعرضت لموجة جديدة من غارات زوجته وشائعاتها.. كنا نهرب سويا أنا وحمدي بين أصدقائه النجوم وسهرات الفرفشة التي لا تخلو من أحاديث الثقافة والسياسة والفنون.. ورغم أن حمدي كان منبهرا بحبي ونهمي للقراءة في كل المجالات.. ورغم أنه اشترى لي مكتبة ضخمة ملأتها بآلاف الكتب المتنوعة.. رغم هذا كله لم يتعرف على مستواى الحقيقي في المناقشات الثقافية إلا في الليلة العاشرة من ليالي شاليه المنتزه!
ضيوفنا في تلك الليلة كانوا نخبة لا يربط بينهم سوى حب حمدي والمكان.. ملحن كبير وصحفي يساري.. مخرج سينمائى معروف وصحفي شاب قليل الكلام.. وإحدى الكاتبات اللاتي لهن إنتاج درامي متميز.. تحدث الصحفي اليساري عن المجتمع، فإذا به ناقم على شتى الأوضاع.. مشكك في كل الإنجازات.. رافض لكل الحلول.. يصف السلطة بالطاغوت ويصف الشعب بالسلبية.. ووجدت نفسي أقاطعه ببيت شعر للشاعر الفرنسي الكبير بول فاليري يقول فيه الشاعر: "عندما ترى الأشياء بوضوح فإنك تراهاسوداء"..
وقلت إن صديقنا الصحفي اليسارى يرى الأشياء بوضوح.. لكنه لا يري سوى السلبيات، لهذا جاء حديثه كله عنوانا للسواد الذي أصابنا جميعا بالاكتئاب.. وكانت مفاجأة للحاضرين أن أحاور صديقنا الصحفي اليساري في الشيوعية وحركات التحرر واستغلال الشعوب والمتاجرة بالأديان والاستيلاء على أموال الفقراء لصالح الطبقات المستغلة والطفيلية!.. نطقت الدهشة في كل العيون التي كانت تراني مجرد أنثى جميلة ورقيقة.. بل أدهشهم أكثر وصفي للشيوعية في تاريخ العالم بأنها فترة الدورة الشهرية.. طالما أن تاريخ العالم لم يصل بعد لسن اليأس!
وحنيما تحدث الملحن الكبير عن أصالة الموسيقار محمد عبدالوهاب ودوره الرائد في الموسيقي المعاصرة.. قاطعت هذا الملحن الكبير وأنا أقدم الدليل تلو الآخر على أن ألحان عبدالوهاب كانت ترتبط بعلاقة نسب واضحة بألحان سيد درويش.. بل أثرت قضية "من قتل سيد درويش؟!".. هل هي موهبته أم المخدرات أم محمد عبدالوهاب..؟!.. ويبدو أن حواراتى لفتت الأنظار هذه الليلة وكانت ثقافتى مثار دهشة الجميع .. لكنى فوجئت بحمدى يجذبنى إلى حجرة داخلية ويثور فى وجهى ويمنعنى من الجلوس مع أصدقائه .. كنت أسعد امراة فى الدنيا فقد اكتشفت غيرة حمدى وحبه الذى فاق كل توقعاتى !
عشنا معا اجمل ايام عمرنا.. وبقدر ما منحني من نعم بقدر ما وهبته من نعيم.. كل ليلة لا يراني فيها حمدي غير امرأة جديدة.. ثوب جديد.. صوت جديد.. أنوثة جديدة.. ونهاية مختلفة!.. الشيء الوحيد الذي لم يتغير مع "امرأة كل ليلة".. هو اسمي! ويبدو أن الدنيا استكثرت هذه السعادة !!
بعد عام واحد مات حمدي مقتولا .. عثروا على جثته فى مكتبه فى أول عودة له الى مكتبه.. كانت صدمة العمر ..وتوالت المصائب .. المباحث اعتبرتنى متهمة .. وكشفت قسيمة زواجى من حمدى عن علاقتى به .. وأثار زواجنا الشكوك حولى .. ونشرت الصحف صورتي لأول مرة.. في البداية كانت الشبهات تحاصرني ضمن آخرين من المشتبه فيهم.. قضيت ساعات عصيبة في التحقيقات.. سمح الضباط لأنفسهم باقتحام حياتي الخاصة بزعم أن معلومة واحدة قد تقودهم إلى القاتل الحقيقي..!!
تناولوا حياتي البائسة قبل معرفتي بحمدي.. وأفاضوا بلا مناسبة في المكاسب التي سيحققها لي موته.. ميراث هائل.. ثلاثة ملايين جنيه وشاليه المنتزه وشقة الهرم والسيارة المرسيدس أحدث موديل.. كنت أبكي وأحترق وأنا أجد نفسي مضطرة للدفاع عن نفسي.. ونفي التهم الظالمة التي كان أقلها أن معي شريكا خطط للجريمة!..
بل كانت أسئلة بعض ضباط المباحث تدور حول إن كان لي عشيق أو حبيب آخر خاصة بعد أن تطوع جلال بالشهادة ضدى !!!..بعدها أحالتنى النيابة إلى المحكمة .. وفى سجن النساء كانت أسود أيام العمر حتى تدخلت عدالة السماء وأثبتت التحريات والمعاينة والادلة الجنائية برائتى .. توصلت المباحث للقاتل الحقيقى وكان مفاجأة ! مسجل خطر اعترف بعد القبض عليه أن زوجة حمدي الأولى استأجرته من بلدتها بالصعيد لقتلى أنا .. لكن الرصاصة خذلته واتجهت نحو رأس حمدى فى نفس اللحظة التى كان يطبع قبلة فوق رأسى!!!
لم أفرح ببراءتي.. ظللت أبكي حمدي حتى تورمت عيناي واسودت الدنيا في عيني!.. لم تسعدني الملايين التي ورثتها عن حمدي ولا الشاليه والشقة والسيارة.. لم يبق لي من حياتي السابقة سوى ذكريات تمضى أحيانا مثل الكابوس القاتل .. وأحيانا أخرى مثل حلم ليلة حب فى منام طائر الكناريا !!
الآن لا أغادر شقتى فى أرقى أحياء القاهرة .. وقتى كله موزع بين الصلاة وقراءة القرأن والبكاء ندما على خطايا عندى امل كبير أن يغفرها الله لى .. !!
وفى سطورها الاخيرة من رسالتها لى كتبت :
** أرجو مرة اخرى ألا تكون قد غضبت لأنى اعتذرت عن عدم لقائى بك .. وأرجو أن تكون هذه السطور من مذكراتى تعويضا عن اللقاء .. ويكفى أن كل كلمة فيها هى جزء من جسد يتطهر .. وروح امرأة تبحث عن مكان فوق جبل التوبة !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.