أكد أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا الاقتصادية بمعهد الدراسات الإفريقية في جامعة القاهرة، د. عباس شراقي، أن ما قامت به إثيوبيا هو خرق للأعراف والاتفاقيات الدولية . يأتي ذلك بعد أن وقعت إثيوبيا اتفاقية مع الرئيس السابق حسني مبارك في عام 1993 تتعهد فيه بعدم إقامة أي مشروعات إلا بالاتفاق مع مصر ولكنها ضربت به عرض الحائط في عام 2009 وعام 2010 ولم يكن هناك أي رد فعل مصري مما دفعها لاستغلال الفرصة وأعلنت في فبراير 2011 عن بناء سد النهضة. أضاف أن مواصفات سد النهضة الأثيوبي مبالغ فيها وأصبح يمثل خطراً كبيراً لما يمثله من تهديدات بغرق دولتي مصر والسودان في حالة انهياره ولن يؤثر على إثيوبيا بسبب بنائه على حدودها حيث تم رفع سعة السد التخزينية 7 أضعاف من 11 مليار متر مكعب إلى 74 ملياراً. جاء ذلك خلال ندوة حول " سد النهضة رؤية علمية " بنقابة العلميين بحضور د. حسن بخيت رئيس شعبة الجيولوجيا بالنقابة ونخبة من المتخصصين والمعنيين بملف المياه . وقال إن حوالى 70% من المشروعات المائية في إثيوبيا فشلت بسبب الدراسات الفنية والجيولوجيا مثل سد "تكيزي" الأثيوبي الذي حدث فيه إنهيار وتم وقفة سنة . وقال إن السد يقع في منطقة تغلب عليها الصخور المتحولة لحقبة ماقبل الكمبري، والتي تشبه في تكوينها جبال البحر الأحمر الغنية ببعض المعادن والعناصر المهمة، مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس، بالإضافة إلي محاجر الرخام، وأن هناك عوامل جيولوجية وجغرافية كثيرة تتسبب في فشل كثير من المشروعات المائية في دول منابع نهر النيل بصفة عامة وإثيوبيا بصفة خاصة . أضاف أن من بينها: صعوبة التضاريس، حيث الجبال المرتفعة والأودية الضيقة والعميقة، وما يتبعها من صعوبة نقل المياة من مكان إلي آخر في حالة تخزينها. وانتشار الصخور البركانية البازلتية، خاصة في إثيوبيا، وهي صخور سهلة التعرية بواسطة الأمطار الغزيرة، وأيضا ضعيفة هندسيا لتحمل إقامة سدود عملاقة، بالاضافة إلى تأثير الصخور البازلتية أيضا في نوعية المياه، خاصة في البحيرات، حيث تزيد من ملوحتها كما هو الحال في البحيرات الإثيوبية التي تقع في منطقة الأخدود في كل من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، والتي تشكل عائقا أيضا في تكوين مياه جوفية. والتوزيع غير المتجانس للأمطار، سواء الزمني أو المكاني. أشار إلى زيادة معدلات البخر، التي يصل متوسطها إلي 80% من مياه الأمطار، كما هو الحال في معظم القارة الإفريقية. وزيادة التعرية وانجراف التربة، نتيجة انتشار الصخور الضعيفة، والانحدارات الشديدة لسطح الأرض، وغزارة الأمطار في موسم مطر قصير، بالاضافة إلي زيادة معدل إزالة الغابات مع زيادة عدد السكان. وأوضح أنه يحد حوض النيل في دول المنابع مرتفعات كبيرة تمنع إمكانية نقل مياه النيل إلي الأماكن التي تعاني نقص المياه، خاصة في موسم الجفاف، ويتضح هذا جليا في كل من إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، وعدم ملاءمة الزراعة المروية لدول الحوض، ونظرا لصعوبة التضاريس، وعدم إمكانية نقل المياه سطحيا، وأن وجود الأخدود الإفريقي في جميع دول المنابع، وما يسببه من تشققات وفوالق ضخمة، ونشاط بركاني وزلزالي قد يؤثر في المشروعات المائية خاصة في إثيوبيا. بلاضافة الى التغيرات المناخية التي قد تسبب جفافا في بعض الأماكن، وأمطارا في أماكن أخري. وحذر شرقاى من أن السد معرض للانهيار نتيجة العوامل الجيولوجية وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق والتي تصل في بعض الأيام إلي ما يزيد علي نصف مليار متر مكعب يومياً ومن ارتفاع يزيد علي 2000 م نحو مستوي 600م عند السد، وإذا حدث ذلك فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقري والمدن السودانية خاصة الخرطوم التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه السونامي ، وكذلك زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان نظراً لوزن المياه التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة من قبل، والذي قد يصل إلي 74 بليون طن علاوة علي وزن السد الصخري. وأشار إلى أن السودان قد يفقد للطمي الذي يخصب الأراضي الزراعية حول النيل الأزرق والذي يعد المصدر الرئيسي لتغذية النباتات، وعدم تعود السودانيين علي استخدام الأسمدة الزراعي . كما أن مصر سوف تخسر 25 مليار متر مكعب من المياه فى بداية تشغيل وفي السنة الأولي لافتتاح السد نظراً لأن متوسط إيراد النيل الأزرق حوالي 50 مليار م3 سنوياً، وبالتالي لا يحتاج هذا السد سنوات لملء البحيرة، بل عام واحد فقط، ولكن الحكومة الإثيوبية أعلنت أنها سوف تدير الوحدات الكهربائية علي مراحل، وبالتالي فإن مياه سعة التخزين الميت يمكن حجزها علي مدار ثلاث سنوات، وهذا الفقد يستوجب معرفة مصر والسودان به من حيث الكمية وموعد التشغيل لأخذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أزمة نقص المياه في سنوات الملء. كما حذر دكتور شراقى من أن مشروع السد الإثيوبى، مبالغ فيه، ويشكل تهديداً كبيراً على السودان ومصر، فى حال تصدع جدران السد، نتيجة للزلازل المتكررة التى تتعرض لها إثيوبيا، أو عدم التزام الشركة المنفذة للمشروع بالمعايير الهندسية الصحيحة. أشار شرقى إلى أن إثيوبيا نفسها لن تتكبد سوى تكاليف بناء السد، فى حال انهياره، دون التأثير على أى مدن إثيوبية، لأن السد يتم بناؤه على حدود الدولة، لافتاً إلى أن التخوفات من التأثير على نصيب مصر من الماء، يمكن تجاوز مخاطره بالتنسيق بين الحكومة المصرية، والحكومة الإثيوبية، فى مواعيد التخزين. أوضح، أن أى خزان مائى جديد، يقتطع فى البداية كمية من الماء تتراوح ما بين 15 إلى 25 مليار متر مكعب، وتسمى "سعة التخزين الميت"، مشيراً إلى أنه يمكن التنسيق مع الحكومة الإثيوبية لاقتطاع تلك الكمية على عدة سنوات وليس مرة واحدة، وأن تتخذ مصر فى خلال تلك الفترات احتياطاتها لترشيد المياه. وقال إنه من حق مصر وحسب الأعراف الدولية وقف بناء السد وأنه ينبغي على مصر عرض البدائل على الطرف الأثيوبي "إقامة مجموعة من السدود الصغيرة والإنفاق التي يمكنها توليد الطاقة التي تلزم أثيوبيا لتحقيق نهضتها" ولا مانع من مساهمة الجانب المصري في تمويل هذه السدود في صورة منح، بالإضافة لمد الجانب الأثيوبي بالخبرات المصرية في هذا المجال . وأضاف أن الحل يكمن في عودة السد إلى سعته التخزينية الأولى التي تسمح بها الظروف الطبيعية هناك ولكي تكون هناك إمكانية للسيطرة عليه لو حدثت أي مشكلة، أو إقامة سدود صغيرة لتوليد الكهرباء على النيل الأزرق وروافده لخدمة قرى الاثيوبية الصغيرة التى تحتاج الى الكهرباء والتنمية .