تختلف العادات والتقاليد حسب البيئة والمكان والأسرة، وأحيانا باختلاف اعتقادات الأشخاص أنفسهم، ونتيجة ذلك تختلف النظرة إلي سلوكيات معينة. وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : "الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان"، كما سمع الرسول "ص" رجلا من الأنصار يعاتب أخا له على حيائه، فقال له "ص" : دعه فإن الحياء من الإيمان". ويعرف الحياء بأنه انقباض النفس من شيء وتركه حذرا عن اللوم فيه، وهو نوعان: نفساني، وهو الذي خلقه الله في النفوس كلها كالحياء من كشف العورة، والجماع بين الناس، وإيماني، وهو أن يمنع المؤمن من فعل المعاصي خوفا من الله تعالى. ويفهم الكثيرون الحياء بشكل خاطيء، فقد تحزن بعض الأمهات نتيجة خجل طفلها من التعامل مع الآخرين، أو احمرار وجهه عندما يخطيء، أو عندما يثني عليه أحد، وكأن هذا الأمر عيبا فيه، وليس ميزة، وتفعل كل ما في وسعها لتجعله يتجرأ ويتعامل مع الناس، ولو حتى بأسلوب فيه نوع من "قلة الأدب". كما يعمل الأب جاهدا على أن يرى ابنه "كبر وبقى راجل" بكسر حاجز الحياء داخله،فقد يأخذه معه على القهوة، أو يعلمه طريقة معاكسة الفتيات ويشعر بالفخر كونه علم ابنه كيف يعاكس فتاة، وكأنه قد حقق انجازا. ولا يقتصر هذا الأمر على الأولاد فقط، وإنما أيضا على الفتيات فقد تجدها الأم خجولة فتبدأ تلفت نظرها إلى بعض الأمور ظنا منها أن هذا سيكسر حاجز الخجل مما يجعلها جريئة بشكل يراه الآخرون "بجاحة". ويختلف الانطواء عن الخجل، وقد لا يميز بينهما الآباء، وبدلا من خلق جيل مهذب وفي الوقت نفسه اجتماعي، يقومون بتنشئة جيل لا يعرف عن الأخلاق شيئا، ويتحجج هذا الجيل بأنه يتصرف بتلقائية وعلى سجيته، والتي قد رباها الأهل فيهم دون دراية بما سينتج عنها. ويندهش الأب عندما يرى ابنه شابا ويجلس على القهوة ويدخن ويشرب الشيشة دون أي خجل، ويعاكس الفتيات، ويواعد هذه، ويقابل أخرى، ولا يعلم أن ما فعله هو ما أدى إلى هذه النتيجة.. و ترى الفتاة أن الخجل في الشاب عيبا، فعندما تجد وجههه يحمر تقول عنه "ده زي البنات ولسة خام"، وكأن المفترض كون الرجل بلا حياء. و يؤثر الإعلام أيضا في تكوين هذه النظرة، حيث يسلط الأضواء على أن الفتاة وحدها هي التي لابد أن تتميز بالحياء، أما الرجال فلا لأن هذا عيبا وليس سوى للأطفال والمرأة فقط، إلا أن الإعلام يعطى منظورا مختلفا لهذا الأمر يجعل المرأة فيه كالرجال "بتاخد حقها بإيدها" ولا تخاف من أي شيء. فعندما نسير في الشارع نسمع "ياض، يا عم إنت، يا برنس، قشطة يا مان" فيراودنا شعور أن هذا الحديث بين شباب لا يعلم عن اللباقة، ويكون المذهل أن هذا حوار بين عدد من الآنسات الجميلات. وقامت بوابة أخبار اليوم بعمل جولة لمعرفة آراء لفئات مختلفة من الجنسين، وكانت الردود كالتالي : قال "طه" 22 عاما، الخجل يكاد يكون معدوم في الوقت الحالي، وحتى إن وجد حاليا يكون على استحياء، وقد أصبحت الفتاة أقل خجلا من الشباب، و من وجهة نظري أحيانا يكون الخجل عيبا في الشخص. أما "مي" 25 عاما، فترى أن الخجل طبيعة في الانسان، وفي الوقت الحالي قد تجرأنا قليلا، وما يفعله بعض الآباء في أبنائهم فهو سوء تربية، و نحن في مصر لدينا مشكلة في التربية، ولابد من احترام طبيعة الرجل إذا كان خجولا أما اذا زاد الأمر عن حده فمن الممكن استشارة طبيب دون احساسه بالأمر واشعاره بالخجل. و اختلف معهم في الرأي، "محمد" 29 عاما، حيث قال مازال الخجل موجودا، وهو بالطبع من الأمور الجميلة، و من الجميل الخجل في الرجال فحتى الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخجل، وبالنسبة لفقد البنات الحياء فيرجع إلى التربية.. وأجاب "عيسى" 23 عاما، لازال الخجل موجودا، إلا أن الولد لا يجوز أن يكن خجولا، أما بالنسبة للبنات التي تفتقد الحياء فيرجع هذا إلى التربية، والحياء قد يكون ميزة وقد يكون عيبا حسب ما يصل إليه الأمر. وترى "أروى" 30 عاما، أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، ولا يقتصر على الإناث دون الذكور، وإنما علينا جميعا، فالحياء من مميزات الشخص، وفقد الحياء هو العيب، و يجب التفريق بين العزلة والإنطواء وبين الحياء، فكلنا قد يحتاج أحيانا للعزلة ولكن إن وصل الأمر لما يشبه التوحد فهنا تكون المشكلة والتي تحتاج إلى استشاري، وبالنسبة لفقد البعض من البنات الخجل فليس هذا الأمر من الأهل فقط وإنما قد يكون تقليدا للآخريات ممن حولها، كما توغلت السينما إلى العقول بالشكل الذي يغير المعتقدات لدى الأشخاص، والذي قد يدفهم لتغيير السلوك الخاص بهم.