صراع خفى بين تركيا وإسرائيل حول حقول الغاز فى المتوسط يتوقع المراقبون أن تشهد منطقة الشرق الاوسط صراعا من نوع خاص لاسيما بعد إكتشاف كميات هائلة من الغاز في البحر المتوسط في أواخر عام 0102 هو الأمر الذي سيكون له تداعياته السياسية والاقتصادية والعسكرية ايضا. واذا كانت العلاقات بين كل من تركيا وقبرص تعاني من تدهور تاريخي منذ السبعينات وتحديدا في اعقاب تقسيم الاخيرة الي نصفين احدهما يتبع اليونان والاخر ينتمي الي تركيا, فثمة توتر من نوع جديد بين الطرفين بعد إكتشاف قبرص كميات هائلة من النفط داخل مياهها الاقليمية علي المتوسط وتحديدا حقل "افردويت" الذي تقدر احتياطاته بنحو 8 تريليونات قدم مكعب. كان التوتر بين تركيا وقبرص قد بدأ عام 2008 عندما إتهم الشطر اليوناني من قبرص سفينة تركية بمضايقة إحدي السفن التي كانت تنقب عن الغاز والنفط بالقرب من سواحله وحدوده الاقليمية، وأجبرتها علي إيقاف عمليات التنقيب. وتعول قبرص اليونانية علي اكتشافات الغاز لتحقيق طفرة إقتصادية, غير أن تركيا تقف كحجر عثرة أمامها، حيث ترفض انقرة الإتفاقيات الحدودية التي وقعتها قبرص اليونانية مع إسرائيل لترسيم حدودها البحرية. وتقول الحكومة التركية إن أية إتفاقية وقعتها قبرص باطلة حتي يتم توحيد الجزيرة بشطريها اليوناني والتركي. وتري انقرة أن عمليات التنقيب القبرصية والإسرائيلية في منطقة شرق البحر المتوسط ما هي الا إختراق للقانون الدولي. وقد وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان عمليات التنقيب التي تقوم بها قبرص واسرائيل بأنها "جنون", مشيرا إلي أن السفن الحربية التركية جاهزة في المنطقة. وفي 21 ديسمبر الماضي بدأت البحرية التركية في قصف مناطق تنقيب النفط لإسرائيل وقبرص، مما جعل رئيس قبرص يحذر تركيا من أن بلاده ستقوم بإجراءات إنتقامية إذا ما تمادت تركيا في افعالها. الولاياتالمتحدة دخلت هي الاخري علي خط الازمة، وخرجت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لتحث قبرص علي الاستمرار في عمليات الحفر وتجاهل التهديدات التركية! والحقيقة ان الصراع بين تركيا وقبرص اذا كان سيحقق للقبارصة اثار ايجابية عديدة وعلي رأسها تحسين الوضع الاقتصادي والهروب من شبح الازمة الاقتصادية اليونانية، فسيكون له اثاره السلبية علي تركيا، حيث يتوقع ان يقلل من فرصة إنضمام تركيا الي الإتحاد الأوروبي، وخاصة أنه من المفترض أن ترأس قبرص اليونانية الإتحاد الأوروبي هذا العام. كما أن التهديدات التركية لقبرص ستؤدي الي تفاقم حدة التوتر بين تركيا واسرائيل حيث يتوقع أن يكون للحقول التي تسعي إسرائيل لإستغلالها امتدادات في المياه الإقليمية القبرصية ، بالإضافة الي أن حجم الإكتشافات الهائلة لإسرائيل وقبرص للنفط واحتمالية تصديرهم الغاز لأوروبا يمثل عقبة أمام طموحات تركيا والتي كانت المصدر الأكبر في تصدير الغاز لأوروبا.