اكدت أمانه الفتوي بدار الافتاء المصرية علي ان الاسلام قد سبق المواثيق الدولية الحديثة في اقراره حقوق الانسان، مشيرة الي انها في الاسلام اكثر عمقا واشد الزاما. وان للاسلام ميزة لم تتوافر لغيره في اقرار تلك الحقوق، وهي انه لا يرفض أي شيي فيه مصلحة للبشر ويحقق لهم السعادة، بل علي العكس يسارع الي الاشتراك فيها.واستشهدت أمانة الفتوي بأن المجتمع الدولي حينما سعي الي تحرير العبيد والغاء الرق كان المسلمون اول الموقعين علي هذه الاتفاقات. ونبهت الي ان احوال المسلمين اليوم ليست حجة علي الاسلام، مؤكدة ان احكام الاسلام لا يتم التعرف عليها من السلوك العملي لبعض المسلمين، وبخاصة في عصور الجهل والضعف والتفرق والتأثر والانفعال بمعاملة اعدائهم ومحاربتهم حربا تخرجهم عن صوابهم وآداب دينهم.. حسب تعبير الفتوي. جاء ذلك في معرض رد امانة الفتوي بدار الافتاء المصرية علي سؤال يقول: هل هناك مفهوم لحقوق الانسان في الاسلام؟ وما سنده الفلسفي ان وجد، وما العلاقة بينه وبين الاعلان العالمي لحقوق الانسان وما تبعه من اعلانات ومواثيق؟.. وهل حال المسلمين اليوم حجة علي الاسلام في هذا المجال؟ وفي اطار التأصيل لفلسفة اسلامية لحقوق الانسان اكدت الفتوي علي ان الاسلام هو الحضارة الوحيدة التي قدمت مفهوما متكاملا لحقوق الانسان، مشيرة الي نظرة الاسلام للانسان والتي تمثل مكونا اساسيا لعقل المسلم وهي نظرة منبثقة اساسا من نظرة المسلم للكون فهو يري الكون يسبح لله »وان من شيء إلا يسبح بحمده« (الاسراء: 44)، لذا يري المؤمن الانسان سيدا في هذا الكون متمتعا بالعقل والعلم وحمل الامانة قال تعالي: »ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا«، ليس هذا فحسب بل سخر له ما في السماوات والارض »ألم تروا ان الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض« (لقمان: 02).وتوضح الفتوي ان نظرية التسخير هذه كونت عقل المسلم بأنه سيد في هذا الكون وانه عبد لله فيه »وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون« (الذاريات: 65) ، كما ان الاسلام لا ينظر للانسان علي انه جزء من الكون كبقية الكائنات، اذ كونه مكرما ما جعله فريدا وحيدا سيدا علي قمة الهرم الخلقي من كائنات حية ونبات وجماد، وهذا جعل الإنسان لا تصلح معه المناهج الاحصائية والتطبيقية التي تتعامل معه كمادة فقط، لانه مكون من عقل ووجدان وروح ونفس.. فهذه فلسفة الاسلام في بناء الانسان والتأكيد علي منظومة حقوقه التي يجب ان يتمتع بها.. والاسلام لم يجعل تلك الحقوق الانسانية والحفاظ عليها مجرد حق للانسان بل هو واجب عليه ايضا يأثم هو في ذاته - فردا أو جماعة- اذا هو فرط فيه، فضلا عن الاثم الذي يلحق كل من يحول بين الانسان وبين تحقيق هذه الضرورات. وأوضحت الفتوي ان تتبع المصادر الاسلامية يؤكد ان الاسلام قد اعطي الانسان عموما - كإنسان دون تفرقة بين لون وجنس ودين - مجموعة من الحقوق تحفظ عليه نظرة الاسلام اليه بوصفه سيدا في هذا الكون، وهذه الحقوق كثيرة جدا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وهي تنوع بين حقوق الاسرة وحقوق المرأة وحقوق الطفل وغيرها. كما لفتت الفتوي الي ان الاسلام في نظرته لهذه الحقوق لم يعتبرها مجرد حقوق يجوز للفرد أو الجماعة ان يتنازل عنها أو عن بعضها، وانما هي ضرورات انسانية فردية كانت أو جماعية، ولا سبيل الي حياة الانسان بدونها حياة تستحق معني الحياة. وعددت الفتوي مجموعة من الحقوق الاساسية كحق الحياة وحق الحرية وحق المساواة، موضحة الفروق بين اقرار تلك الحقوق علي المستوي الاسلامي، واقرارها علي مستوي مواثيق الأممالمتحدة، والتي تظهر الفارق الكبير لصالح المنهج الاسلامي. وعليه فإن الفتوي قررت ان مفاهيم حقوق الانسان في الإسلام كانت واضحة وضوح النهار، كما انها تميزت عن الاعلانات والعهود والمواثيق الدولية بعدة مزايا. أولها: من حيث الاسبقية والالزامية حيث مر عليها اكثر من اربعة عشر قرنا، والوثائق الدولية وليدة العصر الحديث، كما ان حقوق الانسان في المواثيق الدولية عبارة عن توصيات أو أحكام أدبية اما في الاسلام فهي فريضة تتمتع بضمانات جزائية حيث ان للسلطة العامة حق الاجبار علي تنفيذ هذه الفريضة. ثانيها: من حيث العمق والشمول لأن مصدرها هو كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم اما مصدر الحقوق في القوانين والمواثيق فهو الفكر البشري والبشر يخطئون ويصيبون، ويتأثرون بطبيعتهم البشرية بما فيها من ضعف وقصور وعجز عن ادارك الامور، بل وتتحيز في كثير من الاحيان، اما من ناحية الشمول فانها في الاسلام تشمل جميع الحقوق. ثالثها: من حيث الحماية والضمانات حيث انها في الاسلام جزء من الدين جاءت في احكام إلهية تكليفية لها قدسية تحد من العبث بها، وتجعلها امانة في عنق كل المؤمنين، فكون حقوق الانسان تمثل عقيدة وسلوكا طبيعيا للانسان هو الضمان الوحيد لاحترامها.. علي حد تعبير الفتوي. === تضم خمسة مجلدات »قراءة عصرية للأحاديث النبوية«.. موسوعة جديدة للنبراوي صدر مؤخرا للباحثة الاسلامية خديجة النبراوي موسوعة جديدة تحمل عنوان »قراءة عصرية للاحاديث النبوية من وحي الآيات القرآنية« تضم خمسة مجلدات، الأول عن كيف يواجه الاسلام غربته في صدور المؤمنين، والثاني عن فلسفة الذكر والدعاء في الاسلام، والثالث عن فضائل القرآن وعظمة معانيه، والرابع عن أصول علم الاخلاق الاسلامي، والخامس عن التخطيط الاسلامي للتنمية الاقتصادية. وأكدت الباحثة خديجة النبراوي ان الموسوعة تهدف الي شرح الأحاديث النبوية بروح العصر من وحي القرآن الكريم حتي لا يجنح الشرح الي الزيغ عن مصدر التشريع الأول والمتمثل في القرآن الكريم، مشيرة الي ان الموسوعة تأتي ردا علي دعوي من ينادون بالاقتصار علي القرآن الكريم ويسمون انفسهم زورا »القرآنيون« حيث تؤكد الموسوعة بالدليل القطعي ان القرآن والسنة توأمان لا ينفصلان، لأن السنة من نبع القرآن الكريم، وهي المذكرة التفصيلية والخطوات التطبيقية لدستور القرآن العظيم. يذكر ان الباحثة الاسلامية خديجة النبراوي قد صدر لها منذ ما يقرب من خمسة اعوام موسوعة بعنوان »اصول الفكر السياسي والاجتماعي والاقتصادي من نبع السنة وهدي الخلفاء« وقد حصلت عليها علي جائزة الدولة التشجيعية.