فتحى الابىارى في يوم الاثنين، في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، الموافق 175 ميلادي اشرق علي الدنيا نور محمد صلي الله عليه وسلم.. وضعته أشرف عقيلة في قريش، آمنة بنت وهب. ولقد توفي أبوه عبدالله بن عبدالمطلب وهو جنين في بطن أمه.. ذلك ان عبدالله قد خرج الي بلاد الشام، الي غزة، في قافلة قريش.. ففرغوا من تجاراتهم، ثم انصرفوا عائدين، فمروا بالمدينة وعبدالله بن عبدالمطلب يومئذ مريض.. فقال: أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار.. فأقام عندهم مريضا شهرا، ومضي أصحابه، فقدموا مكة، فسألهم عبدالمطلب عن بنه عبدالله.. فقالوا: خلفناه عند أخواله بني النجار، وهو مريض. فبعث إليه عبدالمطلب أكبر ولده، الحارث، فوجده قد توفي ودفن في دار النابغة، فرجع إلي أبيه فأخبره.. فحزن عليه عبدالمطلب وإخوته وإخوانه حزنا شديدا، ورسول الله [ يومئذ جنين، وكان عمر عبدالله بن عبدالمطلب حين توفي خمسا وعشرين سنة.. وكان ذلك أول بلاء يواجه الطفل الوليد، وإن كان لا يدري شيئا عن تلك المعاني، الا ان المقادير كانت تدري، وكانت تؤهله لأمر عظيم.. وألهمهم الله عز وجل ان سموه محمدا ليلتقي الاسم والفعل، ويتطابق الاسم والمسمي، في الصورة والمعني. والسيرة النبوية الشريفة، مليئة بمواقف الحب الذي نفتقده هذه الايام.. ونالت حليمة السعدية رضي الله عنها من رحمته [ ما أبدل حالها الي خير حال. قدمت حليمة الي مكةالمكرمة، مع صاحباتها يلتمسن الرضعاء من ذوي الغني والجاه، فأخذت كل منهن رضيعا، الا حليمة، وتركن محمدا لأنه يتيم.. وعندما رأت حليمة الرضيع محمدا اليتيم، أصابها شعاع الحب إلهي الذي يشع من محمد اليتيم. فقالت لزوجها: سآخذ هذا اليتيم.. فرد عليها زوجها: عسي أن تكون فيه بركة.. وحملت حليمة محمدا اليتيم في حجرها، ولم تدر أن الخير والبركة قد حلت بها، لأنها حملت الحب الصافي في هذا الوجود.. وأبدلها الله بعسرها يسرا، وبضيق العيش سعة وفرحا. وقد عبرت عن الرحمة والحب فقالت: »فلما أخذته، رجعت به الي رحلي، فلما وضعته في حجري، أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن، فشرب حتي روي، وقام زوجي الي الشاة، فوجدها مليئة باللبن، وكانت عجفاء، فحلب منها، ما شرب وشربنا معه حتي انتهينا ريا، وشبعنا.. وقال زوجي.. تعلمين يا حليمة.. لقد أخذت نسمة مباركة. وفي ديار سعد، تنزلت الرحمات لما قدم اليها محمد نبي الرحمة، والحب. ونزل الغيث، واهتزت الارض وربت، وأنبتت الكلأ والعشب، وكانت من قبل جدباء، لا تري العين للحياة فيها اثرا. وبدأت الرضاعة من حليمة بنت ذؤيب من بني سعد في البادية. لقد رعاك الله يا حبيب الرحمن يتيما.. ونشر الحب والخير علي كل من حولك.. وأنت مازلت رضيعا.