عاطف البنا - محمود الخضيرى شهدت الساحة السياسية خلال الايام الماضية جدلاً حول صلاحيات البرلمان القادم. بعد أن جاء البيان الدستوري مقتضبا وخاليا من كيفية ممارسة البرلمان لدوره الرقابي علي الحكومة، وكان هذا الدور قد ورد مفصلا في دستور »17« حيث نص علي حق البرلمان في توجيه الاسئلة والاستجوابات للحكومة وسحب الثقة منها وتشكيل لجان للتحقيق.. إلا أن الاعلان الدستوري اختصر كل ذلك في كلمة الرقابة فقط دون أي تفصيل. يؤكد علاء عبدالمنعم عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب السابق ان سلطات الدولة الثلاث الرئيسية القضائية والتشريعية والتنفيذية تستمد صلاحياتها من الدستور الذي يحدد ايضاً كيفية ممارسة هذه الصلاحيات.. وما حدث في الإعلان الدستوري الاخير من عدم النص علي صلاحيات البرلمان بالتفصيل خاصة فيما يتعلق بجزئية الرقابة علي الحكومة يعد امراً غريباً ويوجد حوله الكثير من علامات الاستفهام.. خاصة ان ذات الاعلان الدستوري نص علي صلاحيات المجلس العسكري بصفته حاكما للبلاد بالتفصيل. ويري ان البرلمان القادم يعد منزوع الصلاحية وقال علي الرغم من ان العرف السائد يعطي الحق للبرلمان في استجواب الحكومة وسحب الثقة منها الا انه اذا حاول البرلمان استخدام هذا الحق فستظهر العديد من الاصوات التي تؤكد عدم دستورية ذلك لعدم النص عليه في الاعلان الدستوري.. ويضع عبدالمنعم الحل في نقطة واحدة وهي ان يصدر المجلس العسكري اعلاناً دستوريا الان، وقبل انتهاء الانتخابات البرلمانية يحدد فيه صلاحيات البرلمان بالتفصيل وكذلك كيفية ممارسة هذه الصلاحيات. ويقول د. ابراهيم درويش استاذ القانون الدستوري والرقابة الدستورية ان اجراء الانتخابات البرلمانية كان خطأ في حد ذاته لانه كان يجب وضع الدستور اولاً فهو بمثابة التصميم الهندسي للنظام السياسي.. ولكن بعد ان اصبح وجود البرلمان امراً واقعاً قبل وضع الدستور.. ومع عدم نص الاعلان الدستوري بشكل كامل علي الشق الرقابي واكتفائه بعبارة ممارسة الرقابة علي الحكومة دون تفصيل.. فانه في هذه الحالة يتم الرجوع إلي اللائحة التنفيذية للبرلمان التي تشمل تفصيلا واضحا لأوجه الرقابة التي تمارسها السلطة التشريعية ممثلة في البرلمان علي السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة. وانتقد د. درويش الدعوة لانعقاد مجلس الشعب قبل الانتهاء من انتخابات مجلس الشوري مؤكدا انه لا يجوز انعقاد السلطة التشريعية الا بوجود شقيها معاً وهما مجلسا الشعب والشوري. وتتفق د. فوزية عبدالستار استاذ القانون العام بجامعة القاهرة مع د. ابراهيم درويش .. وتري انه كان يجب وضع الدستور اولاً قبل اجراء اي انتخابات لان الدستور هو الذي ينشئ البرلمان ويعطيه صلاحياته وليس العكس. وتؤكد ان البرلمان القادم لن يستطيع ممارسة حقه في الرقابة علي الحكومة لانه لن يستطيع سحب الثقة منها لعدم ورود ذلك في الاعلان الدستوري.. مشيرة إلي ان رقابة البرلمان علي الحكومة ستنحصر فقط في طلبات الاحاطة وهذا يعد اهداراً لحق اصيل للبرلمان. وتطرح د. فوزية مبادرة للخروج من هذا المأزق بأن يصدر المجلس العسكري اعلانا دستوريا لتعديل مسار الديمقراطية إلي الطريق الصحيح ويتضمن الاعلان تشكيل لجنة لوضع الدستور تضم في عضويتها جميع اطياف المجتمع ويحدد لها موعد اقصاه اسبوعان للانتهاء من مهمتها وهذا ليس امراً صعباً لأن اللجنة لن تبدأ من فراغ بل سيكون امامها دستور 17 وكذلك دستور 32 ودساتير الدول الاخري ويتم طرح الدستور للاستفتاء فور الانتهاء منه وبذلك سيكون هناك دستور دائم لمصر قبل انتهاء شهر يناير 2102 اذا تمت الموافقة عليه من الشعب.. وهنا تكون جميع اختصاصات السلطات المختلفة قد تم توضيحها دون لبس ويبدأ البرلمان ممارسة دوره دون اية عراقيل. ويري د. عاطف البنا استاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ان الجدل الثائر حول صلاحيات البرلمان القادم خاصة الرقابية منها جاء نتيجة الاعلان الدستوري المقتضب فيما يخص صلاحيات البرلمان وهذا امر طبيعي بالنسبة للاعلان الدستوري الذي يكون مختصراً دائماً ويتم تفسير نصوصه في اطار العرف الدستوري السائد.. وبما ان الاعلان اشتمل علي حق البرلمان في الرقابة علي الحكومة فإن هذه الرقابة لها مظاهر مستقرة في جميع انظمة الحكم البرلمانية والمختلطة وتتضمن الرقابة من خلال تقديم الاسئلة والاستجوابات وطلبات الاحاطة وتشكيل لجان تحقيق برلمانية.. كما ان لائحة البرلمان تنظم اجراءات ممارسة الرقابة البرلمانية. ويتفق معه المستشار محمود الخضيري الفائز بمقعد البرلمان في الانتخابات الجارية حيث يؤكدان اشكال الرقابة البرلمانية معروفة دوليا ومنصوص عليها في كتب الفقه والعرف الدستوري.. والرقابة حق اصيل للبرلمان حتي ولو لم يأت ذكرها بالتفصيل في الاعلان الدستوري الذي من الطبيعي ان يكون مختصراً لانه اعلان مؤقت وليس دستوراً دائما.