مصطفى بكري: اتحاد قبائل سيناء سلّم سلاحه بالكامل    بعد ارتفاع عيار 21.. سعر الذهب اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة (تحديث الآن)    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    «بنتفق مع لاعبين».. رد مفاجئ من أحمد سليمان بشأن نجوم يرغب في ضمهم من الأهلي    شريف الشوباشي عن "تكوين": مليش علاقة بهم.. ومش فاهم هما عاوزين إيه؟    افتتاح الدورة الثانية لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بدار الأوبرا المصرية (صور)    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو في محافظات مصر    جهاد جريشة: لا بد من محاسبة من تعاقد مع فيتور بيريرا.. ويجب تدخل وزرارة الرياضة والرابطة    وليد عبدالوهاب: نهائي الكونفدرالية سيكون تاريخيا..وجاهزين بالسعة الكاملة لاستقبال الجماهير    لمدة خمس أيام احذر من هذه الموجة شديدة الحرارة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    مدارس النصيرات بغزة في مرمى نيران الاحتلال ووقوع شهداء    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    انقسام إسرائيلي حول غزة يعقد سيناريوهات إنهاء الحرب    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    برشلونة يعزز وصافة الدوري الإسباني بانتصار على ألميريا    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    حسين الشحات : نحترم تاريخ الترجي ولكننا نلعب على الفوز دائما    بهذه الطريقة.. اضبط تردد قناة كراميش 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    بعد ساعات من انتشار الفيديو، ضبط بلطجي الإسماعيلية والأمن يكشف ملابسات الواقعة    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    للرجال على طريقة «البيت بيتي».. أفضل طرق للتعامل مع الزوجة المادية    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    مصر ترفض مقترح إسرائيلي بشأن معبر رفح    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    «السياحة» تلزم شركات النقل بالسداد الإلكتروني في المنافذ    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



آعجبني هؤلاء
وبعد انتظارها ساعة.. قالت لي مارلين مونرو: » ازيك يا انت«!
نشر في أخبار اليوم يوم 30 - 12 - 2011

لا أعرف كيف أصف لك مارلين مونرو.. رأيتها في أفلامها، ورأيت صورها، والآن استرجع كل ما رأيت وما قلت عن هذه الشقراء التي ذهبت إلي قوات أمريكا في فيتنام، وهبت ريح كشفت عن ساقيها.. ولم تحاول أن ترد الهواء ولا عاصفة الصراخ بين الجنود.. وكانت صورة تذكارية رائعة، يقف الجنود علي الأرض وهي تملأ المكان، ولا أحد يحاول أن يفعل أكثر من ذلك.. فهي جميلة الجميلات.
أما أنها أنثي فلا شك في ذلك.. أنثي في كل شيء.. إنها وليمة.. دعوة.. أبهة جمالية!
قابلت مدير أعمالها وقلت: إنني أريد مقابلتها..
قال: »«لماذا«؟
قلت: صحفي..
- أعرف، لكن لديها أعمالا كثيرة يجب أن تقوم بها اليوم..
- يعني ما أقدرش أشوفها.. إنني قادم من مصر عبر اليابان وجزر هاواي، وعندي تعليمات بإجراء حديث معها وتصويرها..
- هذا هو المستحيل.. لا مقابلة، وممنوع التصوير! أما الحديث معها فهي لا تعرف، اسأل وأنا أجيب نيابة عنها.. والصورة التي تريدها موجودة بكثرة ما فيش مشكلة، وعليك أن تقول فقط نوعية الصورة: وهي تضحك.. وهي تشتم.. وهي فرحانة.. وهي سعيدة لأنها كسبت مليون دولار.. وهي تعيسة لأن هذا المبلغ فقدته قبل أن تكسبه.. كل هذه الصور موجودة..
- لكني أريد أن أقابلها.. أنت تعرف مهنتنا..
- المقابلة صعبة.. لأنها الآن في البيت يدلكونها، وبعد الحمام الساخن تضع العطور.. والآن أظن أنها جلست إلي طبيب نفسي يحلل لها أفعالها أولا بأول.. وبعد ذلك تتكلم في التليفون.. وعندها نظام صارم في الأكل والشرب والنوم والسهر.. وكل هذه المراحل تمر الواحدة بعد الأخري.. يعني أنا أري أنها الآن ترتدي فستانها لتحية الواقفين.. واختيار الفستان هو أصعب ما تقوم به كل يوم.. تلبس وتقلع، وتقلع وتلبس أمام المرآة.. وانتظرت ساعة، وقال سعيدا: »إنها علي وصول.. دقائق وتكون هنا ويبدأ تصوير مشاهد الفيلم الجديد«.
فعلا جاءت مضيئة مشرقة، لكن كانت بيني وبينها مسافة كبيرة، ولفت نظرها مدير أعمالها..
نظرت لي وقالت: »هالو.. إزيك يا انت؟«!!!
بعد ساعة انتظار.. إزيك يا انت!!
ومن المؤكد أنها لا تعرف أن مصر قاطعت أفلامها لأنها تزوجت رجلا يهوديا متعصبا.. ولا ننسي يوم ذهبت إلي الرئيس كيندي تشارك في عيد ميلاده.. قالت والدنيا تابعت معها وهي تقول، في دلع ودلال: »عيد سعيد سيادة الرئيس«!
وكنت أكتب وأقول إن هناك علاقة رقمية بينها وبين الرئيس السادات: هي ولدت سنة 6291 وانتحرت سنة 2691. والرئيس السادات ولد سنة 8191 واغتيل سنة 1891!!
تقبيل إليزابيث تايلور خارج النص
إنها إليزابيث تايلور وإنه ريتشارد بيرتون وهما في الإسكندرية لتصوير فيلم (كليوباترا).
ووقفنا نتفرج علي جيش العاملين في هذا الفيلم. أناس كثيرون جدا يروحون ويجيئون قريبا وبعيدا. ويخيل إليك أنهم لا يعرفون أن هناك كاميرا تصورهم علي شاطئ أبي قير.
والحقيقة أنهم في صميم الفيلم. وجاءت إليزابيث تايلور وحبيب القلب بيرتون، زوجها بعد ذلك وطليقها أيضا. أما هي فكلها ألوان تتألق. ولكن لا نسمع ماذا تقول أو ماذا يقال لها. والريح تهب والموج يتلمظ. ويكاد السمك يقفز ليتفرج. ثم يجيء ريتشارد بيرتون في غاية الحيوية والحيرة والتألق وحولهما عيون الكاميرات في كل مكان. وبعد دقائق يتوقف التصوير. ويعاد المشهد مرة ومرتين وتدخل إليزابيث تايلور ولا تعبأ بما يقول المخرج، إنها إليزابيث تايلور، ولما رأينا الفيلم كان التصوير علي شاطئ أبي قير تحفة فنية.
ولكن رأيت في الفيلم وصول كليوباترا ملكة مصر إلي روما، أروع ما يمكن أن يتخيله عقل. قمة الأبهة والفخامة والروعة، يقف شعر رأسك ويزداد طولك لأنها ملكة مصر تدخل روما رغم كل الخلافات التي بينها وبين عظمائها. وقد حدث أثناء التصوير أن غمزت بعينيها لريتشارد بيرتون. فأعاد المخرج تصوير هذا المشهد، وقد تكلف خمسة ملايين دولار. إنها إليزابيث تايلور دلوعة السينما الأمريكية.
وقد حاول المنتج أن يقنع المخرج بأنه لا داعي لإعادة التصوير. ولكن المخرج أصر علي أن هذه الغمزة ليست موجودة في النص. وأنها تجعل المشاهد يضحك فلا يشعر بالعظمة والأبهة والدخول الجاد الباهر. والمخرج يريد المشاهد ألا يرفع عينيه وألا يغيب عنه المشهد ثانية واحدة. ولكن إذا ضحك فسوف يفوته الكثير من مشاهد الفيلم التي صورها المخرج في موكب إليزابيث تايلور ملكة مصر وهي تجتاح الغرور الروماني بالعظمة المصرية!
وفي المؤتمر الصحفي أجاب بيرتون عن سؤال: هل التزمت بالنص دون أن تضيف إليه؟
فأجاب: فقط عندما قبّلت إليزابيث تايلور، فليس ذلك موجودا في النص.
وسئل: وهل من الضروري أن تقبل إليزابيث؟
فقال: نعم.. إن من يحبها لا يقوي علي البعد
ريتا هيوارث عليها 52 قرشا.. وقبلة!
كنا نجلس في قاعة الاستقبال بفندق سميراميس القديم عندما تحركت مجموعات بين الناس وبسرعة. لماذا؟ قالوا الأغاخان.. وفي ذراعه ريتا هوارث زوجته.. ظهر الأغاخان لامعا شابا حليوة.. وظهرت الجميلة الرقيقة الدلوعة ريتا هوارث.. وهبطا الدرج.. بحثا عن تاكسي.. والأغاخان ليس معه فلوس. قالوا السيارة تحتاج إلي خمسة وعشرين قرشا.. قدمتها للأغاخان.. شكرني.. وكتبت إليه أن يبعث بها أو بما يعادلها علي أن يوقعها بإمضائه، ولم اكترث بأن يرد، لكن ذلك حدث بالفعل، ووضعت الورقة المالية تحت زجاج مكتبي. وسرقوها!
لي حكاية فلسفية مع ريتا هوارث.. لا أقول معها.. ولكن بسببها.. كنت تفرجت علي فيلم لها اسمه »غراميات كارمن«.. و»غراميات كارمن« عرض علي الشاشة، وهي فتاة غجرية أحبت شابا والشاب تعذب. ولكن ذهب إليها والتقي معها ومع أهلها الغجر، أعجبني الكلام والفيلم والرقص والغناء أي ريتا هوارث. وكتبت وقلت كثيرا. ولأنني مشغول بالفلسفة الوجودية اعتبرت هذا الفيلم وجوديا أيضا. وبقيت في أذني كلمات وجودية أطلقها لساني!
وفكرت بعد عشرين عاما أن أري مرة أخري »غراميات كارمن«.. ولم أجد في الفيلم علي لسان أحد كل الذي كتبته وقلت لا وجودية ولا وجوديون ولكن أنا الذي جعلته كذلك.. واندهشت كيف حدث هذا؟! أي كيف وجدت في الفيلم ما ليس فيه.. إنها غلطة الوهم والإيهام والتلقي.. تلقيت كلاما عاديا فصار غير عادي. فهذه نتيجة العقل الإنساني. أو هي أوهام الفنان. أحسست بما عندي ولا علاقة له بالفيلم وأحداثه.. أي أن العلاقة والأحداث في داخلي أنا!
صوفيا لورين: كلها إيطالية
لأسباب شخصية.. لأسباب فلسفية تابعت أخبار صوفيا لورين.. ثم إنها جميلة وأنا أحب الجمال. وأري أن الجمال الإيطالي هو الجمال: اللون والطول والعينان والسيقان - وكله متوافر عند صوفيا لورين، فكيف لا أراها أجمل ما في دنيانا. ومع ذلك، هناك سبب آخر.. صوفيا لورين ابنة غير شرعية، أبوها لم يتزوج أمها ولا في نيته، ولكن لحاجته إلي فلوس، وهي عندها فلوس كثيرة جدا، فهو يحاول إرضاءها أولا.. اعترف بها وأصر علي عدم الزواج بالأم.. ولكن صوفيا لورين لم تعد في حاجة إلي اسم أبيها أو اسمها فقد غيرت الاسم وانتهي الأمر!
وقابلت صوفيا لورين في مهرجان البندقية. فأنا اةتكلم الإيطالية بطلاقة..
سألتني: أنت سعودي.. قلت: نعم.. قالت: بترول.. قلت لها: دولارات.. قالت: عندك جواري.. قلت لها: سوف يكون عندي.. قالت: كم واحدة؟
- المناسب لي سبع جواري.. من إيطاليا اربع .. وواحدة من إنجلترا، وواحدة من فرنسا، وواحدة من ألمانيا!
- لماذا هكذا؟
- الإنجليزية تربي الأولاد.. والفرنسية تشتري لي ملابسي.. والألمانية تدير البيت والصحة والعلاج.. أما الإيطالية فأنت تعرفين!
- ها ها .. شكرا جزيلا.
- وأعجبك ماذا؟
- كل الأفلام التي كتبها لك ألبرتو مورافيا - الأديب الإيطالي صديقي.
- آه كده..
- والجميلات الإيطاليات؟
- سيلفانا مانجاتو - سيلفانا بجانبي..
- بجانبي.. أي فيلم لها؟
- عريس أمازكيو..
- أوه.. أنت تفهم تماما في المزاج الإيطالي! أنت إيطالي أكثر منك سعوديا.
- وتحب لولو بريجيدا؟
- لا.. أعجبت بها فقط..
- أنت مثلي..
- ولكن، لماذا؟
- هي سيدة أعمال من الدرجة الأولي تحب الفلوس..
- أنت تعرفينها جيدا؟
- وأنت؟
- هي لا تحبني وأنا لا أحبها!
- شكرا.
تسعي إليه دور النشر لما فيه من فهم وتحليل وحرفية أدبية. ولكن لا استطيع أن أعيد نشرها.
لأول مرة: تحية كاريوكا
مثل كل أصحاب المواهب الفقراء. اختلفت الناس علي أصولهم. من أين جاءوا ولماذا؟ وكيف صاروا وصرن من الحضيض إلي السماء. هناك اختلافات واجتهادات. وأحقاد وأغراض.
وكانت هي سيدة الرقص الشرقي.. وكان نصيبها في الدنيا هي المساحة الضيقة التي ترقص فيها علي المسرح ثم في السينما وبعد ذلك في التليفزيون. المسرح يرهق أي فنان لأنه يعيد ويكرر كل يوم نفس الكلام والحركات ومهما كان التصفيق حادا، فإن التصفيق هو الشيء الوحيد الذي يحسه الفنان.. يكره الكلام المكرر. أما التصفيق مهما تكرر وطال فهو المكافأة الفورية التي يتقاضاها الفنان ولا تهمه الفلوس.
كانت تحية كاريوكا نموذجا للذين يكرهون الفلوس وتكرهها الفلوس، فالذي في يدها ليس لها انما لكثيرين من الفنانين الفقراء. لماذا؟ انها طيبة وقد ذاقت الفقر وعرفت الجوع والهوان.
أحبها كل الفنانين واختاروها نقيبة لهم. وأمالوا رأسها علي اليسار وإن كانت لا تعرف اليمين أو اليسار الماركسي. ولكن أقنعوها. فقامت بدور المنقذ. فراحت تتحدث عن عذاب الإنسان وشقائه في الحكومات اليمينية. وهي لم تقرأ كتابا في حياتها. وإن كانت راحت كالببغاء تكرر أنها قرأت رواية قصة »الأم« لماكسيم جوركي.. وكانت تنطق الجيم معطشة وتصر علي ذلك مع أنها لا قرأت القصة ولا عرفت العنوان ولا المؤلف. وتضايقت واقتصدت في ذكر المفكرين الشيوعيين.
شيء غريب.. هل هناك رقصة رأسمالية ورقصة شيوعية. وكيف تكون؟! وانفردت كاريوكا بالرقص في الأفلام والحفلات. ولكن كانت ذكية عندما اتجهت إلي التمثيل. فالراقصة كلاعب الكرة قصير العمر. لان عمره هو لياقته البدنية. ولكن عمر الجسد فان. فأطالت عمرها بالفن.. ولم تعد ترقص إلا برجاء خاص من أصدقائها. وقد رقصت عندنا ثلاث مرات في مناسبات عائلية. واسعدها وأسعدني ذلك!
وراحت تمثل فيلما وراء فيلم علي أنها الفنانة كاريوكا وليست الراقصة.. وكذلك فعل المطربون والمطربات.. فالحنجرة عمرها قصير.. فاتجهوا إلي التمثيل كثيرا والغناء قليلا، محمد عبدالوهاب نفسه قد تواري بحنجرته في التلحين. ولم يعد يغني في الأفلام ولكن في قليل من المناسبات. وهذا من الأدلة القليلة علي ذكاء كاريوكا وخفة دمها أيضا!
سألتني: ومن تعجبك من الراقصات.. أي مَنْ مِن هؤلاء الراقصات غيري، التي أعجبت بها.. فقلت دون تردد: زينات علوي.
وتظاهرت بعدم الاكتراث. وقالت: ليه يا حبيبي؟!
بسخرية طبعا. فقلت: رقصها محترم.. وهو رقص الهوانم. أو الراقصات الهوانم. علي خلاف رقص الغوازي ورقص الفلاحين.. ولم يكن جوابي مقنعا وتريد أن أوضح لها ذلك وفي نفس الوقت لا تريدني أن أعظم أحدا سواها.
ولا تعجبني سامية جمال.. إنها ترقص وهي تجري أو تجري وهي ترقص.. كأنها مهرة تحتاج إلي مساحة كبيرة لتستعرض فنها. وتعجبني شجاعة وصراحة وصدق سامية جمال. سألتها يوما إن كانت لها علاقة جنسية بالملك فاروق.. فدست يدها في ملابسها واستخرجت مصحفا. ووضعته علي عينيها وقالت: وحياة كلام ربنا. لم يمسسني وإن كنت أتمني ذلك!
وعادت كاريوكا تسألني: بس رقص زينات هو الذي يعجبك؟
فقلت: هي بنت بلد وست جدعة كما نقول نحن المصريين. أي عندها شهامة أولاد البلد..
ولم أكمل لها ماذا فعلت زينات علوي عندما علمت أن صديقنا الشاعر كامل الشناوي قد فصله الرئيس عبدالناصر.. وهو رجل فقير فطلبت إلي أن أرافقها إلي بيت كامل الشناوي. ذهبت في التاسعة صباحا وهي تعلم أن كامل الشناوي ينام حتي الظهيرة، لانه يسهر كل يوم حتي طلوع الشمس لأنه يخاف أن ينام في الظلام.. ذهبت إلي غرفته إلي سريره وجلست إلي جواره وأيقظته.
وكانت مفاجأة. اعتدل كامل الشناوي ونظر إليها ونظر لي. وبذكائه الخارق فهم لماذا جاءت.. وقبل أن ينطق بكلمة اخرجت زينات علوي من حقيبتها لفافة من الفلوس لا أعرف كم.. وقالت: والله العظيم يا كامل إذا ترددت في قبول هذا فسوف ألقي بنفسي من النافذة. والله العظيم.
ولم يقل كامل الشناوي أي شيء.. قبلته زينات علوي.. وشددت عليه أن نلتقي مساء والتقينا.
وكانت كاريوكا أكثر سفاهة.
فقد أضاعت ما عندها علي الناس. اقترضت وتصدقت حتي لم يبق في يدها شيء.. ولا في البنوك!
فكيف لا نعجب بها خلقا!
لا أعرف كيف استولي عليها الشيوعيون وأضافوها إلي المعسكر الرافض ثم إلي المعسكر الشيوعي. ونصحها بعض الأصدقاء أن تكف فهي مخدوعة. ولكن جاء التحذير متأخرا. وتحول وجهها الجميل. المصري الصميم.. إلي وجه مكشر غاضب حزين علي حال الفقراء. وصدقت أن الشيوعيين غاضبون من أجل مصر. وإنما هم يؤدون أدوارا يتقاضون عليها أجرا. وهي لا تتقاضي.
وتحدثت عن الرقص بشيء من القرف. أي أنه انحدر. ولم تقل لنا كيف كان وكيف لم يعد.. هي التي كانت وهي التي لم تعد ترقص. ولم تحب أن يقال لها: الراقصة وإنما الفنانة. أي التي تمثل إلي جانب الرقص.. فأصبح الرقص ماضيا لا يعود.. والفن هو الذي يكون، ويعود ويطيل العمر.
ولأنها لم تعد ترقص، خاصمتها الفلوس والشاشة. هم يريدونها راقصة. وهي تريدهم ولكن بلا رقص. تماما كما فعلت الفنانة الظريفة الجميلة شادية. ممثلة في المقام الأول ومطربة بعد ذلك.
ودخلت كاريوكا في مسلسل الزواج. لا أحد يعرف بالضبط كم رجلا تزوجها وكم صادقت وكم خذلت وكم بطشت. ولكنها اكتفت بأنها تزوجت شرعا عشر مرات.. ولا تري من المهم أو من المناسب ذكر اسماء أزواجها. الذين يسجلون خطوات الفشل إلي فشل. وصدمة أخلاقية وصدمة مالية. وكلهم طامعون في الشهرة علي كتفيها، وفلوسها أيضا. فكل أزواجها أفاقون ونصابون وهواة الشهرة ومثلها هواة الزواج!
وكانت الصحافة تعاكسها فتقول: وصلت من باريس كاريكوكا ومعها 71 شنطة وفايز حلاوة! هو آخر أزواجها!
ونشرت أنا مقالا قصيرا عنها. وجعلت عنوان المقالة: سهرت كاريوكا ومعها زوجها فايز الثاني عشر أي فايز حلاوة الممثل العادي جدا. وبفلوسها جعل لها مسرحا. وهو أسوأ أزواجها!!
ومن أجل خاطرها جعلت له بابا في الصفحة الأخيرة من مجلة أكتوبر بعنوان »حلاويات« وقد كان يشرشح كل الناس. وكان بذيئا نابيا. وكنت أحذف الكثير مما يكتبه. وراح يكتب في صحيفة »مايو« وهي صحيفة الحزب. ولا يصح أن يكون هذا أسلوب الصحيفة الناطقة بلسان الحزب. وهاجمني وشكوته إلي الرئيس حسني مبارك. فقال لي: قل لرئيس التحرير أن يمنعه من الكتابة. ولم أفعل. حتي لا يقال إن حسني مبارك قد قصف قلما وأطاح برأس منحرف.
وقبل مطلع الفجر تعالي الدق علي بابنا والمفاجأة كاريوكا بملابس النوم وعلامات حمراء هنا وهناك ودموع. إنه طردها زوجها المخمور المخدر نموذجا للعقوق فقد رفعته طبقة وراء طبقة. هي وليس هو. فمن أجلها كتب ومن أجلها زاد مرتبه ومن أجلها كان لابد أن يتوقف عن العمل المحترم الذي أقحمته عليه: الكتابة!
ثم هذه الأكذوبة التاريخية. كان لكاريوكا أصدقاء كثيرون. ومن الضباط الأحرار. وكانت في التليفون تقول: يا حسن والله العظيم سوف أجيء إليكم في المعسكر الليلة. أنا مش مجنونة: أنا دماغي زي الجزمة. وقررت ولن أعود عن قراري.
أما حسن هذا فهو حسن إبراهيم الذي كان نائبا لرئيس الجمهورية.. وفي ملابس عسكرية دخلت المعسكر ليلا. وكانت التعليمات قد سبقتها. ودخلت. وقالوا لها إذا الجنود أو الضباط رفعوا أيديهم بالتحية.
فلا تردي عليهم. وإنما يظهر عليها القرف ولا ترد. وأكبر غلطة أن ترد التحية فكيف والضباط عادة لا يفعلون.. وفي المعسكر تخلع البالطو لتظهر الراقصة تحية كاريوكا.. صديقة عدد كبير من الضباط الأحرار وفي قلب المعسكر تشرب ويشربون.
قال لي قريبي الوزير توفيق عبدالفتاح ما لم أكن أصدقه. وحكي لي حسن إبراهيم. وسمعت من الرئيس السادات. وكان يضحك كلما جاءت سيرة كاريوكا. فعنده حكايات عن شجاعتها وعن حب الناس.
وكانت لديها هذه المقدرة الفذة علي أن تصادق كثيرين في وقت واحد. إن الموقف يحتاج إلي تنظيم وإلي شهية مفتوحة.
وأعرف علي سبيل اليقين أن أكبر خصومة سياسية بين اثنين من كبار الصحفيين المصريين، واستمر العداء بينهما مدي الحياة. ولم يكن السبب سياسيا ولا اقتصاديا.. إنما كان السبب جنسيا.
فقد كانت لكل واحد منهما أيام معدودة في كل أسبوع.. ويظهر أن أحدهما أخطأ فذهب إليها في موعد الآخر. ولم يكن يعلم أنه الصديق الخفي. وتعالت وانهالت الضربات.. ولكي يكونا علي راحتهما تماما تسللت كاريوكا إلي خارج البيت.
وظلت الخناقة بين الصحفيين سياسية وأخلاقية. ولكن السبب الحقيقي غير ذلك. فصاحب البيجاما الزرقاء في موعد صاحب البيجاما الحمراء.
ولما ماتت لم يمش أحدهما في جنازتها مع أن أمثالهما كثيرون كانوا وراء نعشها يبكون!
ومن عجائب أخلاقيات مهنة الصحافة ان احدهم قبل أن يجف دمها انتهز فرصة الكلام الكثير عنها وهاجمها مع أنها والله علي ما أقول شهيد هي التي اشترت له البدلة ونصف السيارة والقلم الذهبي الذي يكتب به!
في رشاقة سامية جمال!
الجوع والنوم وراحة البال هي عناصر الصحة والجمال.. أما كيف يجتمع الجوع والنوم أو الجوع وراحة البال، فهذه مشكلتك أنت إذا أردت أن تكون رشيقا لك بشرة ناعمة طرية وخفيف الوزن والدم.. وهي نصائح يطالبك بها أطباء الصحة والجمال.
ولكن هناكم نظرية أخري تقول: تناول أي شيء.. ولكن قليلا.. أو تناول كل هذه الأشياء لا في وجبة واحدة وإنما في عدة وجبات.. ثلاثا أربعا.. المهم أن تكون الكميات قليلة.. ولكن لن تشعر بالامتلاء أبدا!
وحياة عارضات الأزياء هي أحسن نموذج لذلك. فقد يمضي اليوم كاملا ولا تأكل فيه عارضة الأزياء إلا عودا واحدا من الخس أو نصف تفاحة وفنجانا واحدا من القهوة وضعف هذه الكمية من الماء.. وهكذا لا يزيد وزنها جراما في أي يوم!
وفي حديث لنجمة السينما الفرنسية كاترين دينيف انها استطاعت بعد مجاهدات نفسية وعقلية وجسمية أن تهتدي إلي الحل السعيد.. أو التركيبة الجميلة أو الوصفة الذكية ليظل جمالها ورشاقتها أطول فترة ممكنة.. والوصفة الذكية ليست فوق قدرة الإنسان.. وإنما ممكنة لكل إنسان، هي التي تقول إنها ممكنة!
ففي الصباح فنجان قهوة بلبن.. وبسكوتة واحدة.. وربع تفاحة هذا هو الإفطار. أما الغداء فقطعة لحم صغيرة وخضار مسلوق وقطعة صغيرة من الجبن وربع تفاحة.
ولا ملح ولا سكر في الطعام
وفي الليل هذا إن شعرت بالجوع فنجان من شوربة الخضار وقطعة جبن وبسكوتة وفنجان من القهوة باللبن.
يضاف إلي ذلك بعض التمارين الرياضية والمشي والمشي والمشي.. ثم النوم خفيفا!! وأنا أجد هذه الوصفات مستحيلة وخاصة ما يتعلق بالنوم.. كيف يجيء هذا النوم؟! كيف آتي به؟! كيف يأوي النوم إلي جسم جائع ومعدة خاوية.. وهموم ثقيلة؟!
ولقد سألت الراقصة المصرية سامية جمال التي احتفظت برشاقتها حتي السبعين من عمرها، كيف؟ هي تقول بعد أن تحمد ربنا وتشكر فضله علي الراحة والنوم والصلاة والصوم يومي الاثنين والخميس من كل اسبوع ومنذ سنوات، إنها استطاعت أن تتخذ لنفسها أسلوبا في الأكل والشرب والنوم والرياضة اليومية.
شيء واحد اتفقت معها فيه، فأنا لا اكل طعاما به ملح.. ولا به سكر.. فأنا استعيض بالليمون عن الملح وبعسل النحل عن السكر.. ويمكنني أن أقول إنني لم أذق طعم السكر في حياتي والملح معظم حياتي. مع فارق آخر هو أنني لا أعرف كيف كنت أنام زمان، ولا اعرف كيف لا أنام الآن!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.