المتتبع لشبكة إذاعة القرآن الكريم لابد أن يلاحظ الجهد الكبير الذي طور من برامجها واستحدث بمهارة شديدة فترة صباحية مفتوحة زادت من المتعة الروحية للمستمعين داخل وخارج مصر بجانب تقديم برامج الحديث والسنة والفقه والشريعة واستضافة كبار الأئمة والأساتذة في شتي مجالات الدراسات الإسلامية وهو يعكس الفكر المستنير للقائمين علي ادارة تلك الإذاعة التي يقودها باقتدار الاذاعي ابراهيم مجاهد ويحاول من خلالها التأكيد علي وسطية الإسلام وتطوير مفهوم الخطاب الديني. واذا كان ابراهيم مجاهد قد نجح في النهوض بشكل ومضمون كل ما يذاع ويبث علي موجات شبكة القرآن الكريم فلابد من توجيه الشكر للإعلامية الكبيرة والقديرة انتصار شلبي رئيس الإذاعة التي وفرت له جميع الامكانات المادية والامكانات الفنية في إحداث هذه النقلة الهائلة في خريطة البرامج والسهرات وفي التسجيلات النادرة للتلاوات القرآنية وفي ظهور أجيال جديدة من المتحدثين في أمور الشريعة الاسلامية وفي القضايا الدينية التي تشغل بال الناس وتحتاج إلي فتاوي رجال الدين أصحاب الفكر المستنير خاصة في ظل هوجة السلفيين المنتشرين علي الفضائيات ويسممون أفكارنا ليل نهار بأفكار ليس لها علاقة بصحيح الدين علي الاطلاق وتسعي بكل أسف لتدمير عقول شبابنا بمعلومات مغلوطة تقودهم إلي الهلاك. وكل ما أتمناه خلال المرحلة المقبلة أن تشهد شبكة القرآن الكريم تطويرا في أسلوب وطريقة بعض المذيعين الذين يتولون تقديم البرامج أو الذين يعملون في التنفيذ علي الهواء فهم في حاجة إلي إعادة تقييم علمي يتناسب مع الطفرة غير المسبوقة في الخريطة البرامجية التي تعمل بلا توقف علي مدي 42 ساعة وأتصور أن انتصار شلبي ومعها ابراهيم مجاهد قادران علي تحديث البشر مثلما فعلا من قبل في كل ما نستمع إليه عبر الميكرفون في تلك الشبكة الرائعة التي تلعب دورا مؤثرا في تشكيل وجدان أبناء الأمة الاسلامية.
شاهدت مساء الثلاثاء الماضي حوارا ممتعا أجراه في جوبا عاصمة جنوب السودان الإعلامي الكبير عبداللطيف المناوي مع سيلفا كير رئيس حكومة الجنوب عقب نجاحه في الانتخابات التعددية الأخيرة التي شهدتها السودان لأول مرة منذ 52 عاما وقد تناول الحوار العديد من الحقائق والمعلومات عن الوضع هناك من جميع الوجوه وغاص داخل ملفات كثيرة شائكة ومعقدة حددت بشكل كبير ملامح الصورة خلال الفترة المقبلة مع الشمال لتحقيق الاستقرار والسلام والحفاظ علي وحدة أراضي أهالينا هناك خاصة ونحن مقبلون علي استفتاء يناير 1102 الذي يحسم شأن الجنوب وتقرير مصيره بالانفصال أم البقاء ضمن سودان موحد قوي البنيان. والمتتبع للحوار المثير الذي أجراه المحاور الذكي عبداللطيف المناوي مع سيلفا كير لابد أن يكون قد قرأ من بين السطور أشياء ومعاني كثيرة ترسم صورة المستقبل وانعكاس ذلك علي شعبي وادي النيل في مصر والسودان خلال السنوات المقبلة وهو الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهد والعمل لدعم سبل التعاون الثنائي في جميع المجالات بين البلدين الشقيقين. انني أهنيء المناوي علي هذا الحوار السياسي البارع الذي يؤكد ضرورة أن يكون المحاور علي قدر كبير من الوعي والفهم وملما بكل الملفات والقضايا التي يتصدي لها في عمله خاصة اذا كان الطرف الآخر المواجه له يحمل أفكارا وأجندة سياسية تعكس ملامح استراتيجية دقيقة تضع الكثير من النقاط فوق كل الحروف وتنقلنا لأجواء جديدة تماما تختلف عن أجواء زمن قديم فات بكل حلوه ومره!