سنوات طويلة قضتها أجيال إخوانية في ظل أكذوبة أن جماعة الإخوان تنظيم سلمي دعوي، نفس الأجيال وجدت السلاح يرفع في وجه المصريين في أحداث الاتحادية ثم في اعتصامي رابعة والنهضة وبعدها وحتي الآن سلسلة من الإرهاب الممنهج المستبيح لدماء المصريين ولحرمة الدولة. فلول من الإخوان فرت إلي سيناء وانضمت إلي جماعات القتل هناك، وفلول أخري تتلقي تمويلاً وتدريباً إرهابياً في اسطنبول، وثالثة تحالفت مع القاعدة في ماليزيا. دروس ولقاءات الدعوة والتربية توقفت تماما، فقط دروس القتل والدم والإرهاب. أجيال جديدة من أشبال إرهاب الإخوان ترعرعت في كنف الإرهاب الصريح، نشأت في أحضان انكار الدولة المصرية. تغير ديموغرافي حاد في التركيبة السكانية الإخوانية، منذ الآن لن يستطيع التنظيم إنكار صفته الإرهابية فقط يمكنه معاودة خداع قواعده بأن الإرهاب منهج إخواني أصيل يمكن تأجيله وإعادة استخدامه وقت الحاجة إليه. منذ الآن لن يكون هناك تنظيم إخواني بلا إرهاب صريح. الارهاب الآن أصبح مكونا رئيسيا في البنيان التنظيمي للجماعة، أجيال تكتب سيرتها الذاتية الإخوانية وترتقي في مراتب التنظيم بمداد دماء المصريين. في السنوات الماضية حاول التنظيم طمس ملامح إرهابه، أنكر جرائم قتل النقراشي والخازندار، نشأ جيل مشوه الذاكرة بعد أن نجح التنظيم في بناء مظلومية تجاوزت حتي الأجيال الإخوانية وصدقها بعض العامة خاصة من أصحاب الميول الدينية وإن كانت معتدلة، قدرة التنظيم علي الخداع فاقت ذاكرة الدولة وقدرتها علي التوثيق. الآن نحن في مواجهة موجة جديدة من الإرهاب الذي ظل التنظيم الإخواني يخزنه لسنوات في عقل ووجدان كل إخواني من أجل استدعائه وقتما احتاج إليه التنظيم. ليس هناك إخواني ليس إرهابيا بالقول أو بالفعل بل هناك إخواني يمارس الإرهاب أو يؤجله وفقا للتكليف الصادر له وفي التوقيت الذي يراه التنظيم وبالكيفية التي يبتغيها. الان نحن أمام حالة تتيح للجميع ممارسة التوثيق لإرهاب الإخوان، حالة تمنع بناء مظلومية الخداع الجديدة، وبرغم ذلك فإن قدرة التنظيم علي احتلال قواعد الإعلام وشبكات التواصل أمر لا يستهان به. برغم أن أدوات التوثيق أصبحت متاحة للجميع إلا أننا بحاجة إلي تحرك الدولة من أجل رعاية حملة قومية متصلة لأرشفة إرهاب الإخوان في ذاكرة الدولة المصرية. عملية إحياء ذاكرة الإرهاب الإخواني تستهدف وعي المصريين كما تستهدف وعي أجيال إخوانية قادمة ربما تقلل من حدة خضوعهم وإخضاعهم لعمليات الخداع التنظيمي. عملية التوثيق هي نوع من ممارسة الشفافية ليكون الجميع علي بينة من أمره فإذا أردت الانضمام للإخوان فاعلم أنك منذ البداية ارتضيت الانتماء لتنظيم إرهابي صريح. عملية التوثيق حجة علي من يدعي المدنية من مدعي النخبوية وراح في الماضي يسوق للإخوان باعتبارهم تنظيماً سلمياً مدنياً مصرياً، الآن عليه أن يدرك أنه يتحالف مع تنظيم إرهابي ويسوقه للمصريين، عليه أن يدرك أنه شريك في خداع المصريين وتمكين الإرهاب منهم. إذا ما افترضنا أن التنظيم قرر التوقف عن الإرهاب فإن توقفه لن يكون عن توبة أو ندم حقيقي بل للأسباب التالية: - نضوب التمويل - صلابة الدولة المصرية - حالة غضب بصفوف الجماعة بسبب المحبوسين أو من تم إعدامه أو قتل في المواجهات الأمنية. نقول إذا ما افترضنا أن الجماعة أوقفت إرهابها بعد أن فشل في تحقيق أهدافها، ساعتها ستحاول إعادة الصف التنظيمي لكنها ستجد أن الكادر الإخواني الذي مارس الدم وألفه لم يعد كسابق عهده بل تحول إلي قاتل محترف، سيفاجأ التنظيم أنه أمام تحول ديموغرافي حاد في تركيبته البشرية بعد أن تحول من تنظيم مركزي إلي تنظيم مورد لقواعد الإرهاب لكل التنظيمات الإرهابية. نحن أمام تنظيم تحول من مرحلة استخدام الإرهاب إلي مرحلة صيرورة الإرهاب مكونا حتميا في تركيبة كوادره. كيف سيعيد التنظيم إقناع قواعده بالعمل الدعوي والتربوي.؟!. نحن أمام مرحلة تاريخية جديدة لتركيبة سكانية إخوانية تحترف الإرهاب وتجاهر به بل تبرره وتسوغه أخلاقيا ودينيا. فإذا ما افترضنا أن الجماعة رضخت تكتيكيا لعملية مصالحة مع الدولة، فمع من ستتصالح الدولة، هل يجوز أن تتفاوض أساسا مع تنظيم إرهابي؟!. واقع الأمر يقول إننا سنكون أمام محاولة لهدنة تنظيمية تحاول الجماعة من خلالها التقاط الأنفاس، فإذا ما افترضنا أن التنظيم يستطيع مؤقتا تعطيل صفته الإرهابية من أجل خداع الدولة فإن الدولة لا يمكن لها أن تتخلي عن صفتها كدولة وإلا فقدت مصداقيتها إلي الأبد. تخيل أن إرهابيي التنظيم استمعوا إلي دعوات قيادتهم بالكف عن ممارسة الإرهاب مؤقتا.. فإننا سنكون بصدد احتمالين لا ثالث لهما: - استجابة للتكليف والتوقف عن الإرهاب مؤقتا وبالتالي الاحتفاظ بكل أدواته ومصادر تمويله تحسبا لعودة مرتقبة، وفي هذه الحالة نكون أمام تنظيم يعاني مرضا نفسيا جماعيا وحالة من الفصام التنظيمي الجمعي التي يعتقد انها يمكن أن تخضع لقواعد العقل والمنطق أو لقواعد الدولة. - أن تعلن الكوادر رفضها للتكليف التنظيمي وإصرارها علي الإرهاب كخيار استراتيجي كأول خروج جماعي عن مبدأ السمع والطاعة، وبالتالي سنكون أمام تنظيم إرهابي معلن يري أن الجماعة لا وجود لها بدون إرهاب. في الحالتين نحن أمام تركيبة بشرية إخوانية فقدت إنسانيتها ولم تعد قابلة للاندماج في المجتمع المصري. أمام التحول العنيف لديموغرافيا الإخوان الذي ينبئ عن حتمية تصدع التنظيم بسبب أجيال احترفت الإرهاب ولم يعد بإمكانها الإقلاع عنه في مواجهة قيادات ما زالت تظن أن بإمكانها استخدام الأشخاص استخداما محكما وفق تكليف ملزم، أمام هذه الحالة تقف الدولة التي يجب ألا تنخدع بقدرة التنظيم علي المهادنة أو بإعلانه عن إيقاف العنف، هو أساسا لم يعد يملك فعل ذلك، بل بإمكانه استخدام تنظيم مسلح بالكامل ضد الدولة والادعاء بتنصله منه في الوقت الذي يموله ويسلحه. تماهي التنظيم مع الإرهاب وكوادره وتشكيلاته يفوق قدرته علي الانضواء تحت لواء الدولة. الان الدولة فقط يجب أن تكون صاحبة حق تقرير مصير هذا التنظيم، فإما التنظيم وإما الدولة.