اليوم يكون قد مر علي ثورة 32 يوليو تسعة وخمسون عاما، وهي الثورة التي قام بها مجموعة من شباب ضباط القوات المسلحة وبدأت علي أنها حركة مباركة لتغيير الاوضاع في مصر بالقضاء علي الملكية والفساد واقامة ديمقراطية سليمة وعدالة اجتماعية، دعم الشعب فورا هذه الحركة فتحولت الي ثورة عظيمة كانت هي الملهمة والرائدة لثورات الشعوب في النصف الثاني من القرن الماضي علي الاستعمار العسكري لبلادهم، وعلي الحكام الذين عاثوا فيها فسادا واستغلالا لثرواتها. وقبل 871 يوما تحرك شباب هذا الجيل الي ميدان التحرير ليقوم بالثورة السلمية التي اذهلت العالم باسقاطها نظام وطد أركانه بالقمع وسبح رموزه في مستنقعات الفساد ونهبوا ثروات الوطن تاركين الشعب يعيش في بؤس وحرمان وفقر. وهذه المرة كان الجيش هو الذي احتضن الثورة لحمايتها وضمان نجاحها. في عام 2591 كان الحسم هو عنوان المرحلة لأن مجلس قيادة الثورة كان يتخذ القرارات وينفذها دون تردد. فبعد ثلاثة ايام فقط طرد الملك فاروق ثم الغي الاحزاب السياسية وطبق قانون الاصلاح الزراعي وتصدي لمن حاول افشال الثورة من الاقطاعيين أو المنتمين لتيارات سياسية أو اسلامية وأمم قناة السويس وشيد السد العالي ودعم الاقتصاد الوطني وبدأ في التحول الصناعي وغير ذلك. وعندما اشتغل ضباط الجيش بالسياسة واعتمدوا علي أهل الثقة وأقصوا أهل الخبرة عن مكانهم وبث الخلافات بين الثوار وبدأت ثورتهم في الانحراف عن أهدافها وظهرت السلبيات التي أساءت للوجه المشرق لها. الآن لابد ان يتعلم شبابنا ثوار 52 يناير من التاريخ فيضعوا المستقبل امام أعينهم ويتركوا الماضي وراء ظهورهم. عليهم توحيد كلمتهم والاتفاق علي قادتهم. لابد للعودة إلي الانتاج تاركين السياسة والحكم لحكومة مدنية وطنية تفسح المجال لعودة الجيش الي مهامه. بهذا فقط وليس بغيره تظل هذه الثورة مضيئة لا يلوث ثوبها الأبيض بقع سوداء.