" أنا البحر في أحشائه الدر كامن، فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي"، تلك كلمات شاعر النيل حافظ ابراهيم في وصف اللغة العربية، كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي في مدح اللغة العربية " . إن الذي ملأ اللغات محاسنآ جعل الجمال وسره في الضاد". هذه هي لغتنا العربية الجميلة التي يمتد تاريخها إلي آلاف السنين، وهي واحدة من أغني اللغات من ناحية الجذور، فلها 16 ألف جذر،وينطق بها أكثر من نصف مليار نسمة، وهي لغة فضفاضة واسعة المدي والخيال، لديها ثراء في التعبير عن المشاعر، وهي غنية في المفردات والقدرة علي التعبير بأقل الكلمات، كما يمكن تطويع الكلمة الواحدة إلي عدة معان، واللغة العربية لها تفردها وتميزها منذ نزل بها الذكر الحكيم علي خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. هي لغة التراث بما يحتاجه من مراجعة ومساءلة وحوار وجدل ونقد وتحليل، وهي لغة المعاصرة بما تنطوي عليه من تأصيل وتعميق بعيدآ عن الابتذال والتدني والسوقية، وهي لغة التميز حال تفوق أبنائها في إنتاج العلوم والمعارف، والقدرة علي الابتكار والتجديد، وهي حصن الأمة ضد محاولات التلاعب بتاريخها العريق وتراثها الخصب، وهي لغة التطور والحداثة التي سجلتها من داخل معاجمها ومفرداتها ومصطلحاتها ليظل لها كيانها وثراؤها وقدرتها علي التواصل والبقاء بمنطق التجديد والانفتاح علي الآخر. إن اللغة تشبه الكائن الحي، قابلة للتطور والتغير والنمو، كما هي عرضة للضمور والانزواء إذا لم يتفاعل الناطقون بها مع المجتمع ومجريات الزمن من بشر ولغات، وبالطبع لا يعيب لغة القرآن الكريم أن تتخللها بعض الألفاظ غير العربية الأصل، أو كانت مشاعآ بين لغات عديدة كالآرامية والفارسية والحبشية والعبرية. واعترافآ بفضل هذه اللغة علي المستوي العالمي، وبعد الانتصار العربي العظيم في حرب أكتوبر المجيدة، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 أن تكون اللغة العربية هي اللغة السادسة ضمن اللغات الرسمية المعترف بها في هذا المحفل العالمي، كذلك يحتفل العالم أجمع باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام، وللأسف مر هذا اليوم دون أن يشهد ما يليق به من احتفالات في المؤسسات العلمية والأدبية والجامعات فيما عدا بعض المقالات المتفرقةلبعض كبار الكتاب والصحفيين، فضلآ عن الندوة التي عقدها مجمع اللغة العربية احتفاء بهذه المناسبة، وعلي خلاف ذلك، اهتمت العديد من المؤسسات الثقافية في الدول الأوربية بهذا اليوم اعترافآ بفضل اللغة العربية علي الحضارة الإنسانية. إن اللغة العربية إحدي المقومات الرئيسة للشخصية العربية، وإذا انطمست لغة قوم ضاعت هويتهم، والملاحظ في المجتمع المصري شيوع استخدام الكثير من الكلمات والعبارات بلغات أجنبية، فضلآ عن استخدام كلمات غريبة علي الألسنة تحفل بها الحوارات الشخصية والجمعية ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والالكترونية، ولافتات المتاجر التي تحمل أسماء أجنبية بحروف عربية أو بحروف لغتها الأصلية، وابتكار بعض الشباب للغة ثالثة تجمع بين الحروف العربية والأجنبية. إن اللغة العربية تئن من ناطقيها.. وللحديث بقية..