شهدت عمليات التداول في البورصة بشكل عام تباين واضح في أدائها منذ افتتاح جلساتها عقب 52 يناير، ولكن ربما كان قطاع التشييد والبناء هو الأكثر تأثرا من غيره، نظرا لارتباط كبري الشركات فيه بقضايا فساد أصابت أسهمها بهزة عنيفة، ولم ينقذها سوي مجموعة من القرارات التي كان لها تأثير كبير في عودة الأمل لانتعاش هذا القطاع. ويعلق إيهاب سعيد عضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين قائلا أنه بالنظر إلي أداء مؤشر القطاع العقاري خلال المائة يوم الماضية وتحديدا منذ عودة التداولات في مارس الماضي يتضح تفوق القطاع العقاري الواضح علي أداء مؤشر السوق الرئيسي EGX30. ويعود الفضل في هذا إلي سهم مجموعة طلعت مصطفي القابضة بشكل خاص وبعض الأسهم الصغيرة كالقاهرة للإسكان والمتحدة للإسكان وهو ما دفع المؤشر للاقتراب من مستوي ال816 نقطه وهو الأعلي له منذ يناير الماضي. وأضاف أن القطاع العقاري يعد من أكثر القطاعات تضررا جراء الأحداث الأخيرة لا سيما وهو المتأثر سلبا من قبلها جراء المشاكل العديدة التي تعرض لها خلال الشهور الماضية، وأبرزها القضية التي رفعت ضد هيئة المجتمعات العمرانية بخصوص عقد بيع ارض مدينتي لمجموعة طلعت مصطفي القابضة بالأمر المباشر، ومن المعروف ان هذه الشركة تملك اكبر مخزون عقاري في مصر ومن ثم امتد التأثير السلبي لهذه القضية لأغلب شركات القطاع العقاري. وأوضح أن مثل هذه الأحداث تسببت في نوع من التحفظ لدي البنوك من عملية الإقراض والتمويل العقاري ويتفق معه محمود الشاذلي المحلل المالي في شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية مؤكدا وجود علاقة قوية بين انتعاش القطاع العقاري وغيره من القطاعات سواء في سوق المال أو الاقتصاد بشكل عام. وأوضح أنه لا يوجد أي مجال استثماري لا يعتمد علي العقار، فالمشروعات تقام علي أرض وتحتاج إلي منشآت، وهو ما سيزيد الطلب علي القطاع وبالتالي ترتفع أسهمه في سوق المال. ولا يتوقع الشاذلي حدوث طفرة في القطاع، فالشركات تنتظر ما يحدث خلال الفترة المقبلة وبالتالي أوقفت مشروعاتها، وكل ما تقوم به هوعمليات استحواذ محدودة. وضرب مثلا بالشركة المتحدة للإسكان التي كان لديها أراض في الإسكندرية وعليها عرض شراء واستحواذ ولكنها اضطرت لوقف هذه العملية. وينبه إلي أن نتائج الربع الأول لشركات القطاع العقاري ليست قوية مقارنة بالعام الماضي. نظرا لأن معدل البيع والتسليم انخفض جدا لان معظم الشركات تضم في مجالس إدارتها أما أعضاء في النظام السابق أو متورطين في قضايا فساد بشكل أو بآخر من ضمنها قضايا تخصيص الأراضي. في حين يري توني كمال مدير التسويق لشركة الحرية لتداول الأوراق المالية أن أسهم العقارات المصرية خلال الثورة تراجعت بشكل عنيف لدرجه ان أسعار الأسهم انخفضت عن القيمة الفعلية لأصول الشركات، وهو ما كان يمثل فرصة ممتازة لمن قرر الشراء في ذلك الوقت، لأن المكسب كان مضمونا. من ناحية أخري توقع التقرير العقاري لشركة »كولدويل بانكر« العالمية حدوث نمو كبير في السوق العقاري المصري خلال الربع الأخير من العام الحالي.. ورصد التقرير أوضاع السوق العقارية في مصر بعد ثورة يناير، والتي تشهد حالة من الترقب انتظارا لاستقرار الأوضاع، متوقعاً أن تبدأ موجة تلقي استثمارات جديدة بعد انتخاب رئيس الدولة والانتهاء من وضع الدستور الجديد. وأكد التقرير الذي صدر من فرع الشركة بالكويت، أن السوق العقارية في مصر سوف تشهد خلال الفترة المقبلة تطوراً ايجابياً في "شفافية" التشريعات التي تنهي ظاهرة »الواسطة« والمجاملات في تخصيص الأراضي وإجراء المناقصات خاصة مع حركة التصحيح الشاملة التي تدعم سوق العقارات.. وذكر التقرير وجود قدر كبير من التفاؤل حول المرحلة المقبلة للسوق العقارية المصرية، نتيجة توقع المستثمرين أن تتبني مصر مستوي أعلي للشفافية في منح التراخيص والأراضي وتراجع نسبة المخاطر مما يجعل السوق أكثر جذبا للاستثمارات العقارية ، لذلك تترقب اغلب المؤسسات العقارية العربية وضع السوق العقارية في مصر حالياً، وتدرس التطورات الجارية متوقعه وجود مناخ أفضل للاستثمار العقاري في مصر بعد ثورة 25 يناير. وأشار التقرير الي ان السوق المصرية العقارية لا تزال تعاني نقصاً في المعروض مقابل حجم الطلب الكبير وهو ما يشكل إحدي أهم أدوات الجذب الاستثماري للسوق، وأن تأثير الثورة علي السوق العقارية لا يقارن بالمخاوف التي أصابته في عام 2008 نتيجة الأزمة المالية العالمية، حيث لم تنخفض الأسعار علي مستوي القطاعين العام والخاص، وكذلك علي مستوي فئات الإسكان المختلفة سواء المتميز أو فوق المتوسط أو المتوسط. انتعاش السوق وأكدت »كولدويل بانكر« في تقريرها ان السوق بدأت تتعافي بنسبة 40٪ وهي نسبة جيدة في الوقت الحالي، وفي نفس الوقت توقعت أن ترتفع الأسعار خلال الأشهر الأربعة المقبلة.. وبين التقرير أن التغيرات الجارية في مصر هي لمصلحة المستثمرين الجادين ومصلحة المستهلكين، وان السياسات البنكية المصرية كانت من أهم الأسباب التي ساعدت مصر أخيراً وحالياً علي الوقوف بصلابة في مواجهة الأزمات الاقتصادية سواء الأزمة العالمية او فترة التوقف التي صاحبت الثورة ومكنت مصر بفضل احتياطيات البنك المركزي من مواجهتها بكفاءة.