بعد 73 عاما من انشاء الجماعة الاسلامية، اصبح عصام دربالة اول أمير منتخب للجماعة وليتولي بذلك رئاسة مجلس شوري الجماعة، .. واكد دربالة في حواره مع »أخبار اليوم« ان الجماعة الاسلامية الآن لم تعد جماعة العمل السري التي شاركت في احداث 1891 واغتيال الرئيس انور السادات، ولكن الجماعة الآن ترتدي عباءة جديدة وتفتح ذراعيها للمجتمع، وتشارك بقوة في العمل الحزبي والسياسي من خلال الحزب المزمع انشاؤه. وقال دربالة ان الجماعة الاسلامية لن تعود الي العنف مرة اخري وستشارك القوي الاسلامية الاخري في وضع تصور لمستقبل مصر.. وفسر اسباب الاحداث الارهابية التي ارتكبتها الجماعة في التسعينيات.. واكد ان اعداد المنضمين للجماعة في تزايد بسبب عدم وجود ضغوط امنية.. واضاف ان البرلمان القادم سيشهد لاول مرة وجود نواب ينتمون للجماعة.. وهذا نص الحوار: هل تم شطب كلمة العنف تماما من قاموس الجماعة الاسلامية التي ارتبط اسمها في الماضي بحوادث قتل السائحين، واغتيال افراد الشرطة؟ الاجابة فورا بكلمة »نعم« ولكنني احب في البداية ان اشرح للجميع اسباب ارتكاب اعضاء الجماعة في التسعينيات للحوادث التي اطلقوا عليها كلمة »ارهابية« لانها كانت رد فعل لما ارتكبه النظام السابق من جرائم ضد افراد واسر الجماعة الاسلامية بداية من منعها من اي نشاط عام، ومرورا باعتقال افرادها وكوادرها، وتعذيبهم بشكل وحشي، ونهاية باغتيال بعض قادتها بدم بارد.. لم تكن الحكومة ترغب في سماع اي اصوات للتيار الاسلامي، ولهذا لم يكن امام افراد الجماعة مفر من اللجوء للعنف، كوسيلة للضغط علي الدولة لتخفيف قبضتها عن اعضاء الجماعة الاسلامية. والتاريخ السلمي للجماعة يشهد انها كانت تسعي لاقامة الدين في حياة المجتمع من خلال التعبير السلمي، ولكن مساحة الحرية التي منحها الرئيس الراحل انور السادات بدأت تضيق، فخرجت من عباءة الجماعة الاسلامية مجموعات انضمت الي الاخوان المسلمين، ومنهم د. عصام العريان ود. عبدالمنعم ابوالفتوح ومجموعات اخري اصبحت هي نواة المدرسة السلفية في الاسكندرية، ومجموعة اخري فضلت الاستمرار في العمل تحت لواء الجماعة الاسلامية واتخذت من جامعتي اسيوطوالمنيا منبرا لها. لكن الاتجاه نحو العنف ارتبط بمنهج الجماعة الاسلامية منذ بداية تكوينها.. فما ردك علي ذلك؟ نظرنا الي الواقع القائم الذي نعيشه، فوجدنا ان السادات بدأ يظهر ابتعاده عن وعوده بتطبيق الشريعة الاسلامية، واتجه لتضييق مساحة الحرية الممنوحة لشباب الجامعات، ومن هنا تولدت فكرة تغيير نظام السادات من خلال القيام بثورة شعبية، وتكون هذه الثورة لها غطاء عسكري يستطيع ان يواجه بطش القوة الامنية التي كانت ستتلقي اوامر من رئيس الدولة بضرب الثورة. مستقبل الجماعة قبل ان نتحدث عن مستقبل الجماعة.. ما اسرار العمليات الارهابية التي ارتكبها افرادها في التسعينيات ضد افراد الشرطة والسائحين؟ باديء ذي بدء اوضح اننا تراجعنا تماما عن القيام مستقبلا باي عمل غير سلمي من خلال مجموعة كتب المراجعات التي تبنتها الجماعة الاسلامية في نهاية التسعينيات.. ولكن بداية العمليات كانت بسبب السياسة العدائية التي تبناها النظام، فالجماعة كانت تحاول توصيل رسالتها الدعوية الي جميع ابناء مصر، وكانت تنتهج سياسة العمل الدعوي والاجتماعي، وفي المقابل اعلن النظام السابق ان سياسته تجاه الجماعة الاسلامية تتمثل في الضرب في سويداء القلب.. وهذا ما حدث للدكتور علاء محيي الدين المتحدث الاعلامي باسم الجماعة، والذي تم اغتياله في الشارع.. وتم اقصاء التيار الاسلامي من منظومة قوانين لتشكيل الاحزاب، وتنوعت الوسائل القمعية التي استخدمها نظام مبارك تجاه الجماعة من استمرار اعتقال اكثر من 51 ألف عضو من الجماعة، رغم صدور احكام قضائية بالافراج عنهم، واغتيال خطباء المساجد وانتهاك حرمات النساء والتعذيب الوحشي لافراد الجماعة، بالاضافة لوقائع اخري للتنكيل بأعضاء الجماعة مما دفعنا لاصدار كتاب في عام 0991 بعنوان »حتي متي؟« سردنا فيه ما يحدث لنا، وتم ارسال هذا الكتاب لجميع الجهات ومنها رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء ووزراء العدل والداخلية والاوقاف، ورؤساء تحرير الصحف ونادي القضاة. وامام هذه السياسات او مع عدم تحرك اي شخص لانقاذ ابنائنا من القمع، تحرك افراد من الجماعة في المحافظات للقيام بعمليات عسكرية ضد السائحين، والشرطة لتخفيف ضغط النظام.. وكان هدفنا ايلام النظام اقتصاديا بضرب السياحة، ورغم ذلك كانت الجماعة الاسلامية تتقبل اي وساطة لانهاء الصدام بينها وبين النظام المصري. وقبلت الجماعة الاسلامية وساطة لجنة الحكماء التي تشكلت في التسعينيات بعضوية الشيخين الراحلين محمد متولي الشعراوي ومحمد الغزالي ونخبة من الكتاب، وكادت المشكلة تصل الي حلول لكن النظام الحاكم أقال وزير الداخلية آنذاك عبدالحليم موسي لاستقباله الغزالي والشعراوي بمكتبه، وتصاعدت حدة المواجهة بين الجماعة الاسلامية والداخلية في عهدي زكي بدر وحبيب العادلي. ولماذا لم يسع مبارك لحل مشكلة الدولة مع الجماعة الاسلامية؟ بالعكس، مبارك كان يسعي لتضخيم المشكلة، وتصعيد المواجهة مع الاسلاميين لتدعيم حكمه، حيث كان يقدم نفسه امام الغرب وكأنه يحمي مصر من السقوط في ايدي الاسلاميين، ويدعي انه يحمي الاقباط من التيار الاسلامي، وهذا غير حقيقي. حزب سياسي رفضتم من قبل الاشتراك في الحياة السياسية، وصدرت كتب لك شخصيا بعنوان »الحركة الاسلامية والعمل الحزبي« تطالب الاسلاميين بعدم الاندماج في الحياة السياسية وتكوين حزب.. فما الذي تغير الآن؟ رفضنا من قبل انشاء حزب بسبب عدم جدوي هذا الامر، ولكن الاستفتاء الاخير كشف عن تغيير الموازين، فهناك حرية وضمانات لانتخابات نزيهة تضمن جدية المشاركة فيها، فالواقع اختلف عن فترة حكم مبارك، واختلف ايضا القانون المنظم لتأسيس الاحزاب، فالاحزاب التي كانت موجودة في الثمانينيات والتسعينيات كانت ضيقة النظام، والاحزاب الحقيقية مثل »الوفد« لم تتمكن من اداء دورها، ولهذا رأينا وقتها ان العمل السياسي مجرد عملية ديكورية ليس لها جدوي في ظل سياسة تزوير الانتخابات وكان قانون الاحزاب يلزم الراغبين في تأسيس اي حزب بالاعتراف بأشياء غير جائزة شرعا مثل الاشتراكية وثورة 51 مايو وهذا لا يجوز الالتزام به والآن يجوز تكوين احزاب لها مرجعية دينية، وهذا ما نبغيه في ظل الشفافية التي تتميز بها الدولة الآن.. واعود واكرر مؤكدا ان تجربة الاستفتاء الاخير اثارت اعجاب حتي المناهضين لنتائجه. الاخوان المسلمون قاموا بتكوين حزب »الحرية والعدالة«.. فما الفارق بينكما؟ خلال ايام سنقوم بتسمية حزبنا ونشر مبادئه التي ستختلف عن الآخرين، وهناك فارق بين برنامج الحزب والبرنامج الانتخابي، والاخير سيتحدث عن حلول لمشكلات المجتمع، وبرنامج الحزب سيكون مميزا. وهل ستطرحون حلولا لمشكلات المجتمع المزمنة؟ نعم، وسنكون اقرب للشارع المصري، وسنطرح حلولا واقعية في جميع مجالات المجتمع، ولنا أمل في الله ان نحظي بثقة الشعب المصري ليكون للجماعة الاسلامية اكثر من نائب في البرلمان القادم. هناك من يقول ان اجراء الانتخابات في موعدها سيأتي بأغلبية في البرلمان من الاخوان المسلمين.. هل تري ذلك؟ من يقول هذا يضع سّبة في جبين الشعب المصري، ويؤكد ان الشعب لا يميز في اختياره، والصحيح ان الشعب اذا اختار الاخوان المسلمين فهو حق اصيل له، واذا قيل ان الاخوان قاموا بدغدغة عواطف الشعب فالاجابة لماذا لم يقم الآخرون بهذا الشيء.. والبعض ينصبون من انفسهم اوصياء علي الشعب المصري ولكنهم هم انفسهم يعترفون بفشلهم لانهم كانوا موجودين في ظل النظام السابق، مثل الاخوان الذين عانوا من شراسة المواجهة من مبارك واعوانه.. واصحاب هذه المعركة يحتاجون لمراجعة افكارهم حتي لا يتشابهون مع نظام مبارك الذي كان يصادر آراء الشعب، تارة بالتزوير وتارة بالقمع وتارة اخري بان الشعب غير مؤهل للديمقراطية. وما رأيك في الذين يطالبون بالدستور اولا؟ من الغريب ان يأتي هذا القول من الذين يدعون انهم سدنة الديمقراطية والامناء عليها، فهم يطالبون بالدستور اولا رغم ان الشعب عبر الاستفتاء اختار مسارا محددا لاعادة بناء مؤسسات الدولة، يبدأ من انتخابات تشريعية ثم صياغة الدستور، والقول بعكس هذا يعني ان الديمقراطية سارت في مهب الريح.. ولا ادري لماذا يقتصر الحق لهم هم فقط بالغاء نتائج الاستفتاء، فإن كان الامر كذلك فإن كل فئة ستتذرع مستقبلا بان من حقها الغاء نتائج الانتخابات او الاستفتاءات التي لا تروق لها او تصطدم بمصالحها، وهذا السلوك سيصبح سنة بعد ذلك لاي جماعة.. ومن يرددون ذلك يعصفون بقولهم الاثير ان الشعب مصدر السلطات، وكأنهم يقولون نحن مصدر السلطات، ويحاولون اعادتنا لحكم الغابة، ويريدون تعليم الشعب كيف يختار. ظلم وصدام وما دوركم في ثورة 52 يناير العظيمة؟ شاركنا فيها بقوة منذ بدايتها حيث دافع شبابنا عن المتظاهرين في موقعة الجمل، واصيب أحد ابناء د. عمر عبدالرحمن الزعيم الروحي للجماعة الاسلامية، وقال لنا شباب الثورة انتم من بدأتم مواجهة نظام حسني مبارك واكتشفتم مبكرا فساد هذا النظام ونحن الآن نتواصل مع جميع فئات المجتمع ومنهم شباب الثورة. بعد ثورة 52 يناير اكتشف الجميع مدي الظلم الذي وقع في الماضي علي الجماعة الاسلامية وتم تفسير اسباب الصدام الدامي الذي وقع بين الجماعة ونظام الحكم السابق في ظل اعلام ساهم في تشويه صورة الجماعة ونحن الآن نعتمد علي سياسة تفاعلية بعد المراجعات التي اصدرناها لنبذ العنف نهائيا، لاننا جماعة وسطية سلمية ستعمل بشكل سلمي الي الابد انطلاقا من قواعد الدين السمح، وسنعمل لنهضة مصر انطلاقا من قوله تعالي: »وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان«. ولماذا تراجعتم عن مبدأ التغيير العنيف لاي مبدأ يناقض افكاركم؟ طرحت الجماعة الاسلامية هذه المراجعات واكدت انه تم تطبيق احكام شرعية بشكل خاطيء، وقمنا بتغيير استراتيجيات الجماعة وقررنا الانتقال من حالة المعارضة الكلية التي تستهدف تغيير النظام والاسس التي يقوم عليها الي المعارضة الجزئية التي ترتكز علي تغيير ما يكون مؤثرا علي مصالح البلاد او مناقضا لأحكام الشريعة الاسلامية التي اتفق عليها العلماء. الفتن الطائفية من الملفات الساخنة التي يجب ان يكون للتيارات الاسلامية دور في مواجهتها.. فما تصوركم لهذه المواجهة؟ المواجهة تعتمد علي التوصيف الحقيقي للمشكلة، واظهار مفاهيم الاسلام الصحيحة التي لا تحث علي الفتن الطائفية، ومن خلال خطة عمل دعوية سنوضح للجميع احكام الاسلام، وقد كان لنا دور كبير في مواجهة بذور الفتنة الطائفية في المنياواسيوط بعد الثورة، فالاقباط لهم حقوق مثلنا، ونحن علينا واجبات تتمثل في توصيل الفهم الصحيح للدين للعوام من المسلمين، والاقباط عليهم دور يتمثل في السيطرة علي بعض التصريحات من القساوسة التي تثير اللغط.. ونري ايضا سرعة تشكيل لجنة يشارك فيها جميع ممثلي التيارات الدينية، والاجهزة الامنية هدفها سرعة التدخل وحل المشكلات الطائفية قبل تفاقمها.. والاعلام في النهاية يؤكد ان الاقباط والمسلمين سواسية امام القانون. وكيف ترون تقييم تجربة المجلس العسكري في حكم البلاد؟ نحن نقدر بشدة دور المجلس العسكري في لم شمل البلاد والحفاظ علي مكتسبات ثورة يناير، ونحذر بشدة من محاولات البعض لادخال القوات المسلحة في صدام مع الشعب لان الانتقاص من قدر المؤسسة العسكرية سيؤدي لأحد أمرين، الاول هو الاتجاه نحو الفوضي، والثاني هو الاخلال بموازين الفترة العسكرية لصالح اسرائيل خاصة في ضوء ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا. ونطالب المجلس العسكري بتحقيق رغبة الشعب في الاستقرار والبناء وتطبيق القانون بحزم وعدل علي كل من يحاول الاخلال به، وعليهم طي صفحة مبارك بكل سلبياتها مع الاسراع بمحاكمات رموز الفساد بتخصيص دوائر خاصة لها، مع حل المجالس المحلية، وبناء نظام قضائي مستقل، والافراج عن ضحايا النظام الذين تم سجنهم في عهد مبارك في ظل احكام استثنائية، مع استثناء جرائم البلطجة في المحاكمات العسكرية.. ونهيب بالمجلس العسكري ارسال طلب لامريكا لتسلم العالم د.عمر عبدالرحمن ليقضي باقي فترة العقوبة في مصر لكونه عالما أزهريا، لان انهاء ازمة عمر عبدالرحمن تصب في مصلحة جميع الاطراف بما فيهم امريكا. كاريكاتير! كانت ردود فعل التيارات الاسلامية عنيفة حول كاريكاتير الفنان مصطفي حسين وكلمات الكاتب الصحفي احمد رجب الساخرة حول السلفيين فما السبب؟ لا اظن مطلقا ان غرض مصطفي حسين واحمد رجب هو السخرية من الاسلام كما فهم البعض، ولكنني اناشدهما الحرص اثناء تناول ما يخص الرموز الدينية، لان تصوير السلفيين الحقيقيين بشكل لا يتناسب مع حقيقتهم شيء غير مقبول.. ونحن نتوقع من احمد رجب ومصطفي حسين المزيد من النقد البناء بشكل لا يمس هذه الامور حتي لا يفهمهم الجميع بشكل خاطيء. نعود الي حزب الجماعة الاسلامية المزمع انشاؤه.. فماذا عن تفاصيل تشكيله؟ خلال ايام سنقوم باعلان اسمه.. ووكيل المؤسسين واهداف وبرنامج الحزب، ولكنه سيظل في عباءة الجماعة الاسلامية ولن يستقل عنها وسنضع في الاعتبار قصر الفترة الزمنية المتاحة لنا لتشكيل حزب في ظل حالة الغياب القسري عن الساحة السياسية بأمر النظام السابق، ونحن لنا تصورات لحلول لكل مشكلات مصر، وسنكون منافسا شريفا لجميع الاحزاب، كما اننا سنشارك بقوة في انتخابات المحليات. وهل سيكون بينكم وبين جماعة الاخوان المسلمين ثمة تنسيق؟ قررت الجمعية العمومية للجماعة تكليف مجلس شوري الجماعة بالتنسيق مع جميع التيارات الاسلامية بما فيها الاخوان، وسنتصل ايضا بالقوي الاخري في اي قضية تصب في صالح الوطن لان الازمة التي تمر بها مصر تحتاج لتضافر جميع الجهود، ولن تنفرد جهة او جماعة بحلها.