استقال جورج ميتشل مبعوث السلام الأمريكي في الشرق الأوسط .. قبل أيام قليلة من إلقاء الرئيس أوباما خطابه حول الشرق الاوسط أمس الأول والذي تناول فيه جوانب السلام وثورات الربيع العربي والجهود الأمريكية لإحياء العملية السلمية بالإضافة إلي موقف الإدارة الأمريكية من إقامة الدولة الفلسطينية .. تأتي هذه الاستقالة بعد أن فشل ميتشل في إيجاد تقدم ملموس نحو العملية السلمية بعد أكثر من ثلاثة أعوام من الجهود التي بذلها لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين للتوصل إلي اتفاق بشأن إقامة الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان الإسرائيلي ورفع الحصار الجائر عن الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية.. لقد كانت سنوات ميتشل للمفاوضات صعبة للغاية لإقناع إسرائيل بضرورة الدخول إلي المفاوضات الجادة والاستجابة إلي طلبات الأممالمتحدة والولايات المتحدةالأمريكية في شأن تجميد الاستيطان خاصة وأن فكرة هذا التجميد أصرّ عليها الرئيس الأمريكي لكنه فشل بعدها في الضغط علي الإسرائيليين لاستمرار هذا السرطان فضلا عن أن أوباما هدد الفلسطينيين بوقف المساعدات لهم إذا لم يستجيبوا لقرارات أمريكا بالعودة إلي المفاوضات.. والاستقالة تعني أن عملية المفاوضات تشهد جمودا لأكثر من 15 شهرا بسبب استعداد اوباما لحملته الانتخابية الرئاسية المقبلة الأمر الذي قد يكون بإمكانه أن يلعب دورا كبيرا بعيدا عن اللوبي الصهيوني في إمكانية تحريك العملية السلمية ..إذا نجح في الانتخابات المقبلة .. كما فعل بيل كلينتون من قبل.. وهذا يؤكد أن المباحثات التي أجرتها السلطة الفلسطينية منذ بدء اتفاقية أوسلو كانت عبثية ولم تحقق النتائج المرجوة لأن الجانب الإسرائيلي لا يريد السلام في المنطقة ورفض خريطة الطريق وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية وكل الجهود التي من شأنها إحلال الاستقرار والسلام الدائم في المنطقة.. والواقع أن إسرائيل سوف تكون هي الخاسرة في المستقبل بعد ثورة الربيع العربي لأنها كما قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز.. تمتعت بالسلام مع مصر بالجملة.. من خلال سلام مع رجل واحد فقط وهو الرئيس السابق حسني مبارك وأن مرحلة ما بعد مبارك ستجعل إسرائيل مضطرة للبيع بالتجزئة لتحقيق السلام مع 85 مليون مصري.. حيث كانت في الأيام الماضية مكالمة هاتفية واحدة من جانب إسرائيل لمبارك يمكنها إيقاف أية أزمة في العلاقات غير أن هذا الأمر انتهي.. ولعل ما قاله الكاتب فريدمان يشير إلي مدي الهيمنة الإسرائيلية التي كانت علي مصر واستغلالها في مختلف القضايا التي من شأنها دعمها في المحافل الدولية والعربية ومنع اتخاذ أي قرار قد يؤثر علي سياستها.. فاستقالة ميتشل الذي نجح في مفاوضاته لحل الخلافات في أيرلندا عبر مباحثات إستغرقت 700 يوم يؤكد فشل المهمة الأمريكية في الشرق الأوسط ويمثل عزوفا أمريكيا واضحا عن مواكبة السياسات التي أعلنها أوباما حول المنطقة وضرورة التوصل إلي حل للأزمة يقوم علي إقامة الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية ولكن تري هل يحذو توني بلير مسؤل الرباعية الدولية.. حذو ميتشل بالاستقالة قريبا بعد رفض إسرائيل الاستجابة لجميع بياناتها ؟.. لعل وعسي..