كثير من البشر يعتقد في الحياة أنها المكان أو الزمان الذي يُحقَّق فيه الفوز، وهم يتنافسون بعضهم مع بعض؛ حتي أضحت كل الحياة فقط نوعًا من المنافسة فيما بينهم لا بد أن يتولد عنها فائز وخاسر، بل أمْست لديهم صراعًا لا ينتهي!! وفي ظل الصراعات، تتساقط القيم والمبادئ وتُفقد معالم الإنسانية!! هنا يتوقف القائد الزعيم الهنديّ “ألمهاتما غاندي” حائرًا أمام هٰذا النوع من البشر، فيقول: “شعور الإنسان بالفخر حين يُذل إخوانهم في الإنسانية لغز لا أستطيع إدراكه!!”. إن كان للإنسان أن ينافس، فعليه أن يتعلم فن المنافسة مع النفس أولاً ويُتقنه حتي يحقق في كل مرة تفوقًا جديدًا عليها. إن نفس الإنسان هي الكِيان الوحيد الذي كلما تدرب ونما اكتسب القدرة علي التقدم إلي النجاح والتميز، في حين تراجعه أو جموده يسبب عرقلة جميع أحلامه وأمانيه. يقول أحدهم: “مُهمتنا في الحياة، ليست أن نسبق غيرنا، بل أن نسبق أنفسنا.”. وحينما ينطلق البشر في سباق مع ما حققوه سابقًا، فحتمًا هم في طريقهم نحو الانطلاق إلي مزيد من الإنجازات؛ وفي الطريق، يكتسبون خبرات عظيمة ويتعلمون دُروسًا أعمق في فَهم معني الحياة كما فهِمها العظماء من قبل. عندما تحدث عالم الفيزياء “آلبرت أينشتاين” عن النجاح، قال: “لا تحاول أن تكون الشخص الناجح، ولٰكن حاول أن تكون شخصًا ذا قيمة.”، في الوقت الذي ذكرت المعجزة الإنسانية متحدية الإعاقة “هيلين كيلر”: “الحق أنه مما يُكسب هٰذه الحياة كرامة ووجاهة أن نعتقد أننا وُلدنا لكي نؤدي أغراضًا سامية، وأن لنا حظًا يتجاوز الحياة المادية.”. ويقدم “نيلسون مانديلا” أحد عظماء العالم هدف الحياة قائلاً: “ما يقدَّر في الحياة: لا أننا عشناها، بل ما أحدثناه من فرق في حياة الآخرين؛ وهو ما يحدد مغزي الحياة التي نعيشها.”. إن معني العظمة الحقيقيّ يكمن في قدرة الإنسان علي العطاء، وأن يساعد الذين حوله علي أن يصيروا عظماء، لا في التصغير من شأنهم كي ما يصبح هو الأعظم بينهم! لذٰلك، إن الإنسان العظيم هو ذٰلك الذي له الفكر والرؤية اللذان يتخطي بهما ذاته وحاجاتها إلي الآخرين ومصالحهم وحاجاتهم؛ إذ تصير حياته نبعًا فياضًا علي من حوله فيحركهم إلي التقدم؛ وبينما هم يرتقون ويرتفعون، يحملونه في قلوبهم وأفكارهم فيرتفع معهم. إن المقياس الحقيقيّ لعظمة العظماء هو قدرتهم علي إدراك معني الحياة وقيمتها الحقيقية بالاستجابة لأنواع احتياجات البشر، وكذا قدرتهم علي تأدية رسالاتهم نحو الإنسانية. وتذكّر: “العظيم هو من يجعلك تشعر أنك أيضًا يمكن أن تصبح عظيمًا.”.