رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمر سليمان قال لي: لقد ظلمت كثيرا ..لكن كلماته جاءت بعد أن أصبح لا حول له ولا قوة
مبارك هدد برفع قضية ضدي بتهمة إهانة الملك فهد

محكمة في باريس تتهمني بمعاداة السامية.. وإبراهيم نافع يستغل القضية في الدعاية لنفسه ويمنعني من الكتابة عنها
د. علي الغتيت نجح في إنقاذنا من السجن في باريس بعد إثبات ان نقد الأديان مباح في فرنسا
استمرت قضية المدعي العام الاشتراكي ضدي بعد وفاته والمحامين والشهود أصبحوا متهمين
بعد أن حقق المستشار حامد راشد في بلاغ إبراهيم سليمان قرر إحالته هو للجنايات

نصف الصحافة بأنها » مهنة البحث عن المتاعب »‬ ونفخر بتكرار هذه الجملة بمناسبة أو بدون مناسبة دون أن ندرك أن المتاعب التي تسببها لنا لا نستطيع وقت الجد احتمالها.
إن متاعب الصحافة تأخذ شكل اسماك القرش المفترسة عندما تواجه الكبار الذين يملكون الثروة والسلطة فلا أحد منهم يقاتل غالبا بشرف.
بل يستخدمون أساليب قذرة لنسف وتدمير من يكشف فسادهم.. لا يغريك أناقتهم.. وأسلوبهم الناعم.. وطهر كلامهم.. فتحت الجلد ثعابين وشياطين لا يقدر عليهم في كثير من الأحيان إلا الله وحده سبحانه وتعالي وتحتاج مواجهتم إلي صبر أيوب وقوة داوود وحكمة سليمان وعمر نوح.

في يوم الخميس 16 مايو 2003 ادعي محام لم أعرفه ولم اسمع عنه ولم التق به حتي اليوم أنه جاء إلي مكتبي ليلا بعد الساعة الثانية والنصف صباحا في صحيفة »‬ صوت الأمة »‬ وكنت رئيسا لتحريرها لعرض مشكلة تخص والدته في معهد القلب وأنني لم اتردد في التحرش به وجرح نفسه وادعي إنني ضربته بالموبايل وسارع بتحرير محضر في قسم شرطة العجوزة.
إلي هذا الحد وصلت الحرب القذرة ضدنا.. وصلت إلي أبعد مما يصل إليه خيال مريض في التآمر وتشويه الشخصية التي يئسوا في إسكاتها والنيل منها.
في تلك الليلة خرجت من مكتبي في الساعة التاسعة والنصف بشهادة موظف الأمن في الصحيفة والتابع لشركة »‬ كير سيرفيس» مجدي طلعت عبد الجواد بعد أن تركت مجموعة الديسك التي تمارس عملها عادة حتي وقت متأخر ومنهم المحرران أحمد كمال زكي ومحمد العسيري.
ومررت علي البيت لآخذ زوجتي لتناول العشاء.. وعدنا قبل منتصف الليل بشهادة حراسة وزارة الداخلية التي كانت مكلفة بحمايتي من تهديدات بالقتل كشفت عنها أحراز قضايا إرهابية متعددة وكانوا الرقيب أحمد فؤاد عوض الشرقاوي والعريف محمد السعيد والرقيب إيهاب الفار وأكدوا وجودهم في ورديتي الليل وفي وردية الصباح الرائد سعيد محمود العمري من شرطة الحراسات الخاصة.
تولي التحقيق في القضية المستشار هشام الدرندلي رئيس نيابة استئناف القاهرة في وجود المحامي العام المستشار جميل العيسوي وحضر التحقيقات يحيي قلاش مندوبا عن نقابة الصحفيين وسمع بنفسه تهاوي الاتهام بشهادة كل شهود النفي بلا استثناء وعدم وجود شاهد إثبات واحد.
وفي 17 سبتمبر من نفس العام تم حفظ التحقيق في مذكرة موقعة من الدرندلي والعيسوي استبعدا فيها الجريمة ( المختلقة ) من الأوراق وأمرا بشطب رقم الجنحة من دفتر الشكاوي وحفظها إداريا وإبلاغي بالقرار بصفتي مدعيا بالحق المدني للتصرف.
كان الهدف قتلي معنويا وكسر قلمي فعليا وانحناء رقبتي واقعيا.. لكن.. ذلك لم يحدث.. فلم يصدق أحد التهمة.. وحسب ما سمعت من أحد رجال الرئيس مبارك : إنه عندما عرف أن وراء المؤامرة قيادة حزبية مؤثرة انزعج قائلا : »‬ إلي هذا الحد وصلت الأمور ؟ »‬.. نعم يا سيادة الرئيس إلي هذا الحد وأبعد وصلت الأمور في البلد الذي تحكمه.
وفيما بعد دفع المسئول الحزبي الذي حرض علي الجريمة الثمن بإقالته من منصبه المميز في الحزب الحاكم وهو منصب جعله من أقوي مراكز القوي في النظام وفيما بعد أيضا اصيب بالسرطان وسافر شهورا للعلاج في الخارج لكن الأطباء هناك نصحوه بالعودة إلي مصر ليقضي أيامه الأخيرة فيها بعد أن تحول جسده العملاق إلي كومة من الجلد علي عظم وانحشر صوته الجهوري وصعب عليه إخراجه من الحنجرة.
كنت قد اتهمته بأخذ عطايا من أمين وحدة صغيرة في الحزب قبض عليه متلبسا بالاتجار في الآثار بعد ان هرب قطعا كبيرة منها إلي سويسرا نجحت الجهات المختصة في إعادتها.
أما الذين قاموا بالتمويل فكان رجل أعمال نشرت مستندات تزوير في شركاته و فيما بعد صفي استثماراته في مصر بجانب زوجة أمير عربي كانت لا تدفع ثمن مشترياتها واشتبه أنها ماتت مسمومة بعد أن خانت زوجها.
لقد لقي كل الذين شاركوا في الجريمة مصيرا غير متوقع.. السجن.. الهروب.. الموت بالسم أو بالسرطان.. إن الله يتجلي للمظلوم عندما يشهده بعينه ما ينال الظالم في الدنيا قبل عقاب الآخرة.
ولا ينفي ذلك ما سمعت من عمر سليمان في آخر حوار جري بيني وبينه قبيل رحيله عن الدنيا في 19 يوليو 2012.
قال أمام شاهد يمت إليه بصلة مصاهرة : »‬لقد ظلمت كثيرا » !.
لكني لم أشأ أن أساله : »‬ ولم لم ترفع الظلم عني وكنت بحكم منصبك مديرا للمخابرات العامة قادرا علي ذلك بسهولة »‬ فالوقت قد فات والرجل كان يعاني من متاعب صحية ضاعف من تأثيرها ما تعرض إليه من متاعب نفسية وسياسية بعد أن بدا واضحا أن الإخوان في طريقهم إلي حكم مصر.
وفي سنة حكم الإخوان قدمت ضدي بلاغات بمعدل بلاغ كل أسبوع بعد صدور كل عدد من الفجر..
لكن.. ما توقفت عنده في سجلي القضائي كان تهديدا من مبارك برفع قضية ضدي.
كنت قد فجرت القضية التي اشتهرت ب »‬فضيحة علي النيل» .. القضية التي نالت من ممدوح الليثي.. وجرت معها عبد العزيز الإبراهيمي صهر الملك فهد الذي جند من يطاردني قضائيا بعشرات الدعاوي بجانب إهانات ليلية لعائلتي تليفونيا وتهديدات لها بماء النار وهي قصة سأكشف عن تفاصيلها فيما بعد.
وأمام كل ما تعرضت إليه نشرت كتابا يحمل العنوان نفسه »‬ فضيحة علي النيل » تعرضت فيه للملك فهد شخصيا حتي أجبر الكبار علي التدخل لحمايتي وجماية عائلتي بعد أن فشلت في إقناعهم بذلك.
وكما توقعت اتصل بي الدكتور أسامة الباز في اليوم التالي لنشر الكتاب وطلب حضوري إلي مكتبه في الرئاسة وهناك قال لي : إن الرئيس مبارك سيرفع ضدك قضية بتهمة إهانة رئيس دولة صديقة هو الملك فهد »‬ وبدأت المفاوضات بيني وبين المستشار السياسي للرئيس : حماية عائلتي مقابل سحب الكتاب فقد كان هذا هو الهدف من نشره حسب التفاصيل التي سأنشرها في الوقت المناسب.
أما أطول قضية استمرت في المحاكم فكانت دعوي رفعها الدكتور مصطفي أبو زيد فهمي (أول مدع عام اشتراكي عينه السادات ) بعد أن تناولت وقائع فساد شقيق زوجته يوسف عبد الرحمن في وزارة الزراعة ( زمن الدكتور يوسف والي ) واتهم فيها بإستيراد مبيدات وصفت بأنها مسرطنة هو وشريكته راندا الشامي وانتهت محاكمتهما بهروبهما إلي الخارج بعد الحكم بإدانتهما.
رفعت القضية في محكمة جنح الإسكندرية فحسرها أبو زيد لكنه استأنف الحكم دون أن ينجح في تغييره فلجأ إلي محكمة التعويضات المدنية بدرجاتها المتصاعدة دون أن يحصل علي شيء فاتجه إلي محكمة النقض مطالبا بإعادة القضايا للتداول ومن جديد وسجل رقما قياسيا في التقاضي يزيد علي 15 سنة.
وأغرب ما حدث أن أبو زيد أدخلا محاميي (المستشار فتحي رجب وزوجته علية عبد العزيز) في القضايا وتحولا إلي متهمين مثلي.
وفي مرحلة من مراحل القضايا أفصحت السياسة عن نفسها فما أن شهد سامي شرف (الوزير برئاسة عبد الناصر وكاتم أسراره) معي حتي وجدنا أنفسنا نفتح ملفات 15 مايو 1971.. اليوم الذي اطاح فيه السادات برجال سلفه الذين أسماهم مراكز القوي بعد اتهامهم بالتآمر عليه.. لكن النيابة العامة برآتهم مما نسب إليهم.. إلا أن المدعي الاشتراكي مصطفي أبو زيد أدانهم وأدخلهم السجن.

ولم يتوقف مسلسل قضايا أبو زيد بعد وفاته فقد واصلت السيدة زوجته المشوار.
وفي بعض البلاغات التي قدمت ضدي لم يكن محقق النيابة يكتفي بحفظ الشكوي وإنما كان يطالب بالتحقيق مع الشاكي حتي لو كان وزيرا.
لقد قدم إبراهيم سليمان بلاغا يتهمني فيه بالسب والقذف والتشهير به ونشر ما يطعن في ذمته المالية.. ولكن.. بعد تحقيقات استمرت 16 ساعة تولاها المستشار حامد راشد قدمت فيها مستندات تثبت صحة ما كتبت لم يجد المحقق مبررا لتحريك الدعوي الجنائية ضدي وإنما قرر تحريكها ضد الوزير كما طلبت.. لكن النائب العام وقتها المستشار ماهر عبد الواحد وضع الملف في درج مكتبه.. وما أن خرج سليمان من الوزارة حتي حفظ البلاغ الذي تقدم به ضدي وإن لم يحقق معه فيما نسبت إليه.
وفيما بعد أدين سليمان في أكثر من قضية فساد تصالح في واحدة منها مقابل 450 مليون جنيه دفعتها للإفراج عنه زوجته الدكتورة مني المنيري التي صرحت علنا بأن ثروة زوجها لا تزيد علي مليار جنيه وكان الرقم في حد ذاته صادما أن يمتلكه وزير ينتمي إلي جذور عائلية غير ثرية في باب الشعرية.
لو كان نظام مبارك صدق ما ننشره عن فساد رجاله لما جري له ولهم بعد ثورة يناير 2011.. إن المشكلة المزمنة أن النظام السياسي في مصر يري في الصحافة صداعا لابد منه.. ولا يري فيها كشافات تنير له الطريق للحقيقة.. يري في الصحافة ثرثرة فارغة يمارسها مجانين شهرة.. ولا يري فيها صديقا متواضعا يساعده بالتفكير في حل المشاكل المتراكمة التي يعاني منها ويعجز عن التصدي لها في كثير من الأحيان.
ولم تتوقف القضايا التي رفعت ضدي عند حدود القضاء المصري وإنما امتدت إلي الخارج لتصل إلي منصات القضاء الفرنسي.
وفي منتصف فبراير عام 2002 كتبت في »‬الأهرام » مقالة بعنوان »‬ فطيرة من دم العرب »‬.. استندت فيها إلي كتاب فرنسي قديم نشره المستشرق الفرنسي شارل لوران بعنوان »‬ في حادث الأب توما وخادمه إبراهيم عمارة ».. وترجمه إلي اللغة العربية عام 1898 الدكتور يوسف نصر الله.. ويروي قصة شكوي تقدم بها القنصل الفرنسي في دمشق إلي ديوان الوالي ( عام 1840 ) عن اختفاء الأب توما المسيحي عقب دخوله حارة اليهود وثبت من التحقيقات وشهادة الشهود أن حاخاما اليهود قتلوا الأب توما وصفوا دمه وعجنوه بدقيق صنعوا منه فطيرة عيد الفصح.. وتساءلت عن تصفية دماء الفلسطينيين التي تسفك الآن ولما لم تستخدم في صنع فطائر مقدسة.
وفوجئت بقضية رفعتها منظمة يهودية في باريس تتهمني بمعاداة السامية وتطالب بأن القي نفس مصير المفكر الفرنسي روجيه جارودي الذي اشهر إسلامه في 2 يوليو 1982 وسمي نفسه رجا جارودي بعد أن نشر كتابه »‬وعود الإسلام ».
وفي عام 1989 أدانته محكمة فرنسية بتهمة التشكيك في محرقة اليهود ( هولكوست ) بعد نشر كتابه »‬ الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل» .. حيث شكك في الأرقام الشائعة حول إبادة اليهود في غرف الغاز النازية.. وصدر حكم ضده بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ.. وقد التقيته في القاهرة بدعوة من إبراهيم المعلم ( دار الشروق ) احتفالا بترجمة الكتاب.. كما أجريت حوارا مع زوجته نشرته في روز اليوسف.
كان المطلوب أن القي نفس مصيره وأجد نفسي محكوما عليه بالسجن في فرنسا ولكن ربما مع التنفيذ فلست في شهرة جارودي.
تولي القضية نيابة عني وعن إبراهيم نافع ( بصفته رئيس تحرير الأهرام ) الدكتور علي الغتيت وهو محام دولي مشهود بكفاءته وكان واحدا من هيئة الدفاع عن جارودي والتقينا أول مرة في كافتيريا الأهرم وتناولنا الغداء معا وقدمت إليه ما تحت يدي من مستندات.
طالب الدكتور علي الغتيت باستخدام اتفاقية التعاون القضائي بين مصر وفرنسا ليكون التحقيق معي في القاهرة وليس في باريس.
وخلال خمس جلسات استمرت شهرا أثبت الدكتور علي الغتيت أمام المحكمة الفرنسية التي تنظر الدعوي أن موضوع مقالي متداول في الفلكلور اليهودي وانه لو كان المقال يمس الديانة اليهودية فإنه لا لا يقترب من السامية.
وكان بين حضور جلسات المحاكمة القاضي »‬ لوفور »‬ الذي نظر قضية جارودي الذي زود دفاعنا بصورة من الحكم الذي أصدره.
وحسب ما سمعت من الدكتور علي الغتيت فإن مهمته الصعبة كانت إنعاش ضمير المحكمة لتقبل بنقد الأديان وهو نقد غير مجرم في الغرب.
لكن.. أغرب ما حدث.. أن إبراهيم نافع استغل القضية لتحقيق شهرة لم يصل اليها من قبل في كتاباته بسبب جنوحه الدائم نحو النظام مبررا تصرفاته.. بل.. اكثر من ذلك منعني دون مبرر من نشر ما كتبت عن القضية.
إن تلخيص معاناة مئات القضايا والبلاغات أمر مستحيل في سطور قليلة لكن التعرض إليها يهدف إلي أن يشعر القارئ أن الوصول إليه صدقا وحقا أمر صعب جدا.. فالطريق إلي القارئ مفروش بقطع زجاج تضع الكاتب أمام خيارين : إما أن يمشي عليها أو يبتلعها.
علي أن السؤال الذي أراح صدري كان : »‬ وهل كان أمامنا طريق آخر لنمشي فيه ؟ »‬.
وكان السؤال الذي ضاعف من مساحة الراحة : »‬ ألم يكن الله معنا وهو القائل سبحانه وتعالي إن كلا ميسر لما خلق له ؟ »‬.
أما السؤال الذي وجهته إلي نفسي دون أن احظي بإجابة شافية فكان : »‬ هل تستحق الصحافة كل هذه المعاناة ؟.. إن الجسد لم يعد فيه مكان لطعنات جديدة فلم تستمر في مهنة لا يأتي من ورائها سوي الأرق والتوتر والتشهير وربما الاغتيال المعنوي قبل التهديد بالاغتيال الجسدي ؟ »‬.
ولم افكر في إجابة إلا بعد أن اخذت مني معارك الصحافة راقات وبعد أن عشت نصف القرن من عمري في صراعات انتهت إلي ما يمكن وصفه بقبض الريح أو طحن الماء.. فكل تغيير طالبنا به جاء بأسوأ منه.. وكل خطوة تقدمنا بها الي الأمام دفعتنا إلي الخلف عشر خطوات.. وكأنه كتب علينا ما كتب عن سيزيف.
حكمت الآلهة علي سيزيف أن يحمل صخرة فوق ظهره ليصعد بها قمة الجبل فإذا ما وصل إلي القمة تدحرجت الصخرة إلي السفح ليعود ويحملها ويصعد من جديد قبل أن تتدحرج الصخرة مرة أخري وهكذا تكررت المأساة.. لا استقرار في السماء ولا بقاء علي الأرض.
لذلك كان السؤال : ما جدوي ما فعلت ؟.
لقد تحملنا ألعاب السيرك السياسي الذي عشنا فيه منذ تفتح وعينا.. آمنا باليسار فتغلب اليمين.. صفقنا للروس فجاء الأمريكان.. حاربنا إسرائيل فاصبح لها سفارة في القاهرة.. تحمسنا للوحدة العربية فتمزقت الدول العربية.. انحزنا إلي العلم فسيطرت الخرافة.. دعونا إلي الديمقراطية فتربعت السلطة المركزية.. دافعنا عن الوحدة الوطنية فتفجرت الطائفية.. تبنينا المواهب فتقلد الفاشلون أعلي المناصب.. روجنا للعدالة الاجتماعية فتكونت الثروات الطفيلية.. وقفنا إلي جانب كل الثورات التي قامت فلم ننجو من أنيابها.. وأكلت هذه الثورات أبناءها دون أن تدرك أنها أكلت نفسها.
كل ما حلمنا به اصبح كابوسا.. وكل ما قاتلنا من أجله انقلب علينا.. وكل ما كدنا نموت في سبيله لم يتحقق.. وبدأ كل نظام جديد حكمه من الصفر.. متجاهلا أخطاء من سبقوه.. فكررها بحماس.. ليثبت حقيقة مؤلمة مزمنة : إن مصر أقدم حضارة واضعف ذاكرة.
هل كان علي الانسحاب مبكرا بحثا عن مهنة أخري تشعرني بالإنجاز المفقود ؟.
هل كان علي الاعتزال مثل شكسبير أو الانتحار مثل هيمنجواي إذا ما شعرت بجدوي الكتابة ؟.
أسئلة حائرة.. تهاجمني علي عتبة الغروب.. لم أجد مفرا للإجابة عنها إلا بالعودة إلي ما كان وسرد ما عشت.. ربما اعفي نفسي من اللوم.. ربما يستفيد غيري مما رصدت.. ربما استريح مما شقيت.
أو ربما تجد فيما تقرأ قصة مسلية تستمتع بها أو ربما كانت قصة مملة تقضي عليها بمشاهدة فيلم أبيض واسود.. لكنها في النهاية قصة إنسانية.. واقعية.. بلا رتوش غالبا.. كتبت كل كلمة فيها بحبر الدم علي صفحات القلب تحت سيطرة الضمير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.