فجأة أصبحت الصحف القومية لافتة هجوم وتهجم يحملها بعض الذين تسلقوا ثورة التغيير.. وصعدوا فوق أكتاف الجماهير التي ساندت حركة الشباب. هؤلاء ادعوا انها صحافة قطاع عام.. ورؤساء تحريرها وصحفيوها موظفون عند الدولة.. وتابعون لنظامها وأوامرها وتعليماتها.. وساندوا تجاوزها وفسادها! الأمر تحول من الكلام إلي إلقاء التهم.. والتهجم المنظم.. والمطالبة بتغيير قيادات تلك الصحف فربما تتاح فرصة لهؤلاء الادعياء لتسلق مناصبها.. .. والخروج من صحف السبنسة إلي صحفنا الكبري صاحبة الريادة الصحفية منذ إنشائها. الجميع يعلمون ان الصحف القومية ومنذ تأميمها في الستينات وضعت الدولة لها نظما من التبعية والرقابة المباشرة.. بدأت بوصاية الاتحاد الاشتراكي الذي كان يعين لها رقباء ورؤساء من صفوفه.. وعندما فشلوا وأهدروا أموالها وميزانياتها.. اضطرت الدولة إلي تعيين رؤساء من أبنائها أصحاب الكفاءات.. واستمرت مسيرتها من خلال منظومة تبعيتها كملكية خاصة لمجلس الشوري.. وإشراف المجلس الأعلي للصحافة الذي يترأسه أيضا رئيس مجلس الشوري! لا يستطيع أحد من المزايدين ان ينكر ان من رحم الصحافة القومية خرج رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية في مصر.. وغيرهم ممن أشرفوا علي إنشاء صحف العالم العربي.. أيضا كان منهم أغلب معدي ومقدمي البرامج التليفزيونية الذين يتبارون الآن في قذفها بالطوب! أيضا فإن رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية السابقين.. ورغم التحفظ علي بعض الممارسات.. وربما التجاوزات لايستطيع أي صاحب ضمير ان ينكر انهم منعوا تدخل مجلس الشوري كمالك في شئون مؤسساتهم الإدارية أو المهنية.. وأنهم بنوا قلاع الصحافة الموجودة الآن.. ومطابعها الحديثة.. وفتحوا أبواب التعيين والتوظيف أمام آلاف من شباب الصحفيين والإداريين الذين وصلوا إلي سن الأربعين وما بعدها الآن.. وذلك بدءا من عملاق الصحافة محمد حسنين هيكل الذي نقل الأهرام من مبني دورين في شارع الساحة بباب اللوق إلي مبانيه الحالية.. وانتهاء بالأساتذة ابراهيم نافع.. وابراهيم سعده وسمير رجب ومكرم محمد احمد الذي حافظ علي أصول وممتلكات دار الهلال التي لا تقدر بثمن. يبقي الكلام عن المزايدات الدائرة الآن حول الزملاء من رؤساء التحرير الحاليين.. وللحق فإنهم جاءوا في أصعب ظروف كانت تمر بها الصحافة.. حيث تولي السيد صفوف الشريف رئاسة مجلس الشوري وبالتبعية له المجلس الأعلي للصحافة.. فتحول إلي ناظر علي شئون الصحف القومية.. وضع أصابع يديه وقدميه في أمورها.. وأرهب رؤساء تحريرها بتعليماته وطلباته. في نفس الوقت واجه رؤساء تحرير الصحف القومية ومجالس اداراتها تدخلات أخري من مكاتب رئاسة الجمهورية ولجنة السياسات ووزير الإعلام وأجهزه أمنيه وغيرهم.. فكانت التوجيهات والتعليمات والتهديدات التي لا تليق بمهنة صاحبة الجلالة وأكبر صحفها القومية! أكثر من ذلك أتوا إلينا بجرائد من مؤسسات صحفية خاسرة وضموها بمحرريها إلي الصحف القومية بالإكراه.. ودون اعتبار لتأثير ذلك علي ميزانياتها ومواردها! لذا أقول حاسبوا ناظر مدرسة الصحافة ونظامه قبل ان تحاسبوا المسئولين عن الصحف القومية.. وتلقوا الطوب عليهم.. في إطار حملة التشويه والتدمير التي يقودها لوبي المنتفعين بأموال ومرتبات الصحف الخاصة وبرامج الفضائيات!
السادة رواد الصحافة وفرسان الديمقراطية الذين تسلقوا علي ثورة التغيير ويلقون بالطوب في وجه الصحف القومية.. وكل الذين تولوا المناصب الصحفية والإعلامية في الفترة السابقة.. لماذا التزمتم الصمت من قبل وتجاهلتم قضية حجب المعلومات عن الصحف سواء من الوزارات.. أو أجهزة الرقابة والمحاسبة بكل أنواعها.. رغم مخالفة ذلك لقانون الصحافة الذي يمنع ويحظر علي أي جهة فرض أي قيود علي حرية تداول المعلومات؟! أيها السادة كيف تكتب الصحافة القومية أو غيرها عن التجاوز والانحراف والمخالفات في ظل سياسة دولة أقامت أسوارا حول المعلومات وأجهزة الرقابة .. وعينت وراء كل وزير ومسئول متحدثا رسميا فاشلا؟!