ويخوض الشيخ رفاعة الطهطاوي معركة الدفاع عن حقوق المرأة .. فهو مثلاً يناقش قضية الحجاب بحجة قوية فيقول "إن وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء لا يأتي من كشفهن أو سترهن بل ينشأ ذلك من التربية الجيدة أو الخسيسة والتعود علي محبة واحد دون غيره" »تخليص الإبريز - ص305». وحق العمل مسألة أساسية عند حديثه عن المرأة "فكل ما تطيقه النساء من العمل يباشرنه بأنفسهن وهذا من شأنه أن يشغل النساء عن البطالة، فإن فراغ أيديهن من العمل يشغل ألسنتهن بالأباطيل وقلوبهن بالأهواء وافتعال الأقاويل، ثم يقول إن العمل يصون المرأة عما لا يليق بها ويقربها من الفضيلة" ورفاعة لا يكتفي بالكلمات لكنه يطبق الأمر علي زوجته ونقرأ في وثيقة محفوظة في دار المحفوظات بالقلعة كتبها رفاعة بخطه ووقعها بإمضائه "التزم كاتب هذه الأحرف رفاعة بدوي رافع لابنة خاله المصونة الحاجة كريمة بنت الشيخ محمد الفرغلي الأنصاري، أنه يبقي معها وحدها علي الزوجية دون غيرها من زوجة أخري ولا جارية أياً كانت، وعلق عصمتها علي أخذ غيرها من النساء أوالتمتع بجارية فإن فعل كانت بنت خاله بمجرد ذلك طالقة بالثلاثة، وقد وعدها وعداً صحيحاً ولا ينتقض ولا يحل، أنها مادامت معه علي المحبة المعهودة، مقيمة علي الأمانة لبيتها ولأولادها ولخدمتهم، ساكنة في محل سكناه لا يتزوج بغيرها أصلاً ولا يتمتع بجارية أصلاً ولا يخرجها من عصمته حتي يقضي الله لأحدهما بقضاه" ويمضي رفاعة رافعاً راية الحرية والديمقراطية فيترجم نشيد المارسيلييز نشيد الثورة الفرنسية ويختار ألفاظ الترجمة ليسقطها علي أوضاع مصر .. وكيف يسوغ أن نرضي رعاعاً من الإغراب يبغون ارتفاعا إلهي كيف يحكمنا ملوك بسبل العدل ليس لهم سلوك وترتفع موجة الغضب ضد رفاعة ويشير الخديوي عباس إلي كتابه تخليص الإبريز قائلاً "إنه يهيج الرعية ويحضها علي التمرد ويأمر بنقل رفاعة بصفة خوجه »مدرس» إلي السودان بمدرسة كل عدد طلابها 38 تلميذاً . ويذهب الطغاة وطغاة غيرهم ويطوي التاريخ أسماءهم، ولكن يبقي الشيخ رفاعة بدوي رافع الطهطاوي إماماً ورائداً وأباً لكل الأجيال التي ناضلت وضحت وكتبت وسجنت وتركت آثاراً مجيدة .. وهي تتباهي بأنها من تلاميذ رفاعة .